سلايدر الرئيسيةالنشرة الاسبوعيةتقارير منوعةمنوعات

تحويل النفايات إلى كهرباء.. خبراء يرشحون 4 دول عربية للريادة (تقرير)

داليا الهمشري

أصبح تحويل النفايات إلى كهرباء في الدول العربية خيارًا إستراتيجيًا يتخطى كونه مشروعًا بيئيًا إلى كونه استثمارًا طويل الأمد في مستقبل الطاقة والاقتصاد، ولا سيما في ظل ارتفاع الطلب على الكهرباء.

وتشهد المنطقة العربية نماذج ناجحة لمشروعات تحويل النفايات إلى كهرباء، حيث يبرز هذا التوجه بصفته أحد أهم حلول المستقبل لتحقيق الأمن الطاقي وتعزيز الاستدامة، لا سيما في الدول ذات الكثافة السكانية العالية والمخزون الكبير من المخلّفات.

واتفق عدد من الخبراء -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)- على أن الدول العربية -لا سيما الإمارات والسعودية ومصر والمغرب- تمتلك كل المقومات الفنية والتمويلية والتشريعية لتتبوّأ مكانة ريادية عالميًا في هذا القطاع.

ومن جانبها، أشارت الخبيرة والباحثة في السياسات البيئية، الدكتورة منال سخري، إلى أن مشروع وارسـان في دبي يُعدّ من أضخم مشروعات تحويل النفايات إلى كهرباء في العالم، إذ يعالج أكثر من 5600 طن من النفايات لتوليد كهرباء تكفي أكثر من 130 ألف منزل.

كما أطلقت إمارة الشارقة مشروعًا متطورًا يعتمد على تقنية الحرق المتحكَّم فيه، بقدرة إنتاجية تفوق 30 ميغاواط، في إطار شراكة ناجحة بين القطاعين العام والخاص.

تطوير البنية التحتية للمشروعات

أكد الصحفي المتخصص في شؤون الطاقة، أحمد بدر، أن الإمارات تقود مسار التحول في هذا المجال، مشيرًا إلى أن محطة دبي الجديدة ستصل قدرتها الإنتاجية إلى 200 ميغاواط، ما يجعلها من أكبر محطات تحويل النفايات إلى كهرباء في العالم.

بدورها، أشارت الدكتورة منال سخري -في تصريحات إلى منصة الطاقة المتخصصة- إلى أن السعودية تعمل على تطوير بنية تحتية متقدمة لدمج إدارة النفايات بالطاقة النظيفة ضمن رؤية 2030، مستفيدة من قدراتها التمويلية والتنظيمية.

الخبيرة والباحثة في السياسات البيئية الدكتورة منال سخري

وفي مصر، تتوسع الدولة في مشروعات الهضم اللاهوائي للمخلّفات العضوية، إلى جانب مشروعات في الإسكندرية وأبو رواش تهدف إلى توليد الكهرباء من النفايات البلدية.

أمّا المغرب، فتمضي قُدمًا نحو تعزيز الحلول المدمجة بين التدوير والتحويل الحراري، ضمن إستراتيجيتها لتقليص الانبعاثات الكربونية وتوسيع قاعدة الاقتصاد الأخضر.

وسلّط خبير الطاقة المتجددة المهندس أحمد الشناوي الضوء على أبرز مشروعات تحويل المخلّفات إلى كهرباء في الدول العربية وهي:

  • مصنع أبو رواش في مصر، الذي يحوّل 1200 طن من النفايات يوميًا إلى 30 ميغاواط من الكهرباء.
  • مشروع في ولاية بركاء بسلطنة عُمان، يعالج 3 آلاف طن يوميًا لتوليد 100 ميغاواط من الكهرباء.
  • مشروع بمدينة الشارقة بالإمارات، يعالج 300 ألف طن سنويًا لتوليد 30 ميغاواط.

وأوضح الشناوي أن الدول العربية تملك فرصًا قوية للريادة في هذا المجال، بفضل الكثافة السكانية التي تُنتج كميات ضخمة من النفايات، إلى جانب التسهيلات التي تقدّمها الحكومات للمستثمرين، وارتفاع مستوى الوعي البيئي.

وأكد أن فرص التوسع في هذه المشروعات كبيرة، خاصة مع تزايد الوعي بفوائدها البيئية والاقتصادية، مما يشجع على إنشاء مصانع جديدة وزيادة الطاقة الإنتاجية للمصانع القائمة.

خبير الطاقة المتجددة المهندس أحمد الشناوي

وشدد المهندس الشناوي على أن هذه المشروعات ذات جدوى عالية، فهي تتيح التخلص الآمن من النفايات، وتسهم في إنتاج الكهرباء، وتوفير فرص عمل، والاطّلاع على تكنولوجيا حديثة، وتعزيز قدرات الشبكة الكهربائية.

فرصة ذهبية للريادة العربية

قال الرئيس التنفيذي لمعهد الاستدامة والبصمة الكربونية السفير الدكتور مصطفى الشربيني، إن تحويل النفايات إلى كهرباء يمثّل فرصة ذهبية للريادة العربية في الاقتصاد الدائري والطاقة النظيفة، مشيرًا إلى أن هذه المشروعات تقدّم حلًا اقتصاديًا وبيئيًا مزدوجًا لمعالجة النفايات المتزايدة وتوليد طاقة مستدامة.

وأكد الشربيني -خلال تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة- أن الدول العربية تمتلك كل المقومات، من وفرة النفايات والتقدم التقني، إلى التمويل الأخضر والدعم الدولي، لتأسيس قطاع طاقة جديد يمكن أن يسهم بنسبة معقولة في مزيج الطاقة الوطني.

الخبير الدولي واستشاري الاستدامة والمناخ بالأمم المتحدة، السفير الدكتور مصطفى الشربيني

تقنيات تحويل النفايات إلى كهرباء

تتعدد تقنيات تحويل النفايات إلى كهرباء بحسب طبيعة المخلّفات المتوفرة، وتشمل:

  • الاحتراق الكلي (Mass Burn): كما في دبي، وهي تقنية مناسبة للنفايات المختلطة.
  • الغازيفيكيشن (Gasification): لإنتاج غاز اصطناعي نظيف.
  • الهضم اللاهوائي (Anaerobic Digestion): للمخلّفات العضوية، خاصة الغذائية.
  • استرداد غاز المطامر (Landfill Gas Recovery): كونه حلًا انتقاليًا منخفض التكلفة.
  • تقنية البلازما: للمخلّفات الخطرة والصناعية.

وأوضح الشربيني أن الحل الأمثل في المنطقة العربية يكمن في المزج بين الهضم اللاهوائي للنفايات العضوية والاحتراق، مع تطوير منظومات جمع وفرز فاعلة.

التحديات والفرص الاستثمارية

أكدت الدكتورة منال سخري أنه على الرغم من ارتفاع التكلفة الأولية لمشروعات التحويل الحراري، فإن العوائد البيئية والطاقية تجعلها مجدية على المدى الطويل، خاصة إذا وُضعت تعرفة شراء للطاقة (Feed-in Tariff) وضمانات استثمارية.

أمّا مشروعات الهضم اللاهوائي واسترداد غاز المطامر فهي أقل تكلفة وتوفر نتائج سريعة في تقليل انبعاثات الميثان وتوليد طاقة محلية.

بينما لفت الصحفي أحمد بدر إلى أن هذه المشروعات تسهم في توفير ملايين الدولارات التي تُنفق سنويًا على الوقود الأحفوري، بالإضافة إلى تقليل العبء على المدافن، وتوفير فرص استثمارية جديدة ومصادر دخل مستدامة للبلديات.

نائب مدير تحرير منصة الطاقة المتخصصة أحمد بدر

وقال الشربيني: "إن تحويل النفايات إلى كهرباء لم يعد خيارًا تجريبيًا، بل ضرورة إستراتيجية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة وأمن الطاقة".

من جهتها، أكدت الدكتورة منال سخري أن تحويل النفايات إلى كهرباء يمثّل أحد الحلول الذكية لتحقيق التكامل بين أمن الطاقة وأمن البيئة في العالم العربي.

وأضافت أن المسألة لا تتعلق فقط بإنتاج الكهرباء، بل بإعادة صياغة مفهوم إدارة الموارد والنفايات في إطار الاقتصاد الدائري، لافتةً إلى أنه مع توافر الإرادة السياسية والتمويل الأخضر، يمكن للمنطقة أن تتحول من مستهلك للتقنيات إلى مركز إقليمي للابتكار البيئي يعزز أمنها الطاقي ويقلّل بصمتها الكربونية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

 

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق