التغير المناخيالتقاريرتقارير التغير المناخيرئيسية

سياسات الحياد الكربوني في أوروبا.. عقبة أمام نهضة الطاقة الأميركية (تقرير)

نوار صبح

قد تؤدي سياسات الحياد الكربوني في أوروبا إلى عرقلة نهضة الطاقة الأميركية، وذلك بسبب اللوائح التنظيمية الأوربية المتعلقة بالإفصاح عن الانبعاثات.

وعلى الرغم من أن أوروبا تتحمل تداعيات حملتها لتحقيق هذا الهدف -أسعار الطاقة المُرتفعة، وتراجع التصنيع، والضعف الإستراتيجي- تسلك أميركا مسارًا مختلفًا، وفق مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

في عهد دونالد ترمب، تدخل أميركا عصرًا ذهبيًا من الهيمنة على قطاع الطاقة.

وتُوفر هذه الإستراتيجية مرونة اقتصادية، وتُشكّل ثقلًا مُوازنًا قويًا للتجاوزات التنظيمية الصادرة عن بروكسل، وبشكل متزايد، عن الحكومة البريطانية (وستمنستر).

فرض الامتثال لمعايير الحياد الكربوني في أوروبا

تسعى مجموعة من لوائح الاتحاد الأوروبي الآن إلى فرض الامتثال لمعايير الحياد الكربوني في أوروبا على الشركات التي تتجاوز إيراداتها مبلغًا مُعينًا، ما يُلزمها بإعادة هيكلة عملياتها والإفصاح عن الانبعاثات، ليس فقط من أنشطتها الخاصة، بل من المقاولين والمقاولين من الباطن.

في مقال لها، نشرته صحيفة "ذا تيليغراف"، مؤخرًا، قالت مديرة مركز الطاقة والمناخ والبيئة لدى مؤسسة "هيريتيج فاونديشن"، ديانا فورشتغوت-روث: "إن هذا يؤثّر في الشركات الأوروبية، ومن المرجّح أن يؤثّر في الشركات الأميركية ذات العمليات الأوروبية، ودعت "الولايات المتحدة إلى مقاومة هذا التدخل".

وأضافت: "يجب أن تكون الطاقة قضيةً جامعة، لا ينبغي لأيّ دولة أن ترغب في أن تُشبه شبكتها الكهربائية شبكة جنوب أفريقيا، أو أن تُحاكي قاعدتها الصناعية ركود ألمانيا".

وأكدت فورشتغوت-روث أن السياسات الخاطئة أوروبا تُرِكت عُرضةً للخطر، مشيرةً إلى أن "اعتماد ألمانيا على الغاز الروسي، وما تلاه من عودة إلى الفحم، يُعدّ قصةٌ تحذيرية".

وأوضحت أن "انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا بوقتٍ سابق من هذا العام -الذي يُلقي بعضهم باللوم فيه على الاعتماد المفرط على الطاقة الشمسية- يُعدّ قصةٌ أخرى".

مزرعة توربينات الرياح البحرية (تارانتو) في جنوب إيطاليا
مزرعة توربينات الرياح البحرية (تارانتو) في جنوب إيطاليا – الصورة من وكالة الصحافة الفرنسية

الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة

أعرب وزير الطاقة الأميركي، كريس رايت، متحدثًا في بروكسل يوم 11 سبتمبر/أيلول الجاري، عن أسفه، قائلًا: "إن مثال المملكة المتحدة، بالنسبة لي، مفجع: أن نرى مهد الثورة الصناعية يُصدّر كل صناعاته كثيفة الطاقة تقريبًا، صناعة الصلب، وصناعة البتروكيماويات، وتصنيع الألومنيوم".

وقالت مديرة مركز الطاقة والمناخ والبيئة لدى مؤسسة "هيريتيج فاونديشن"، ديانا فورشتغوت-روث: "كادت الولايات المتحدة أن تحذو حذوها".

وأردفت: "كانت محاولة إدارة بايدن لمواءمة سياسة الطاقة الأميركية مع التوجهات الأوروبية -إعطاء الأولوية لمصادر الطاقة المتجددة وتقييد الوقود الأحفوري- متهورة اقتصاديًا وساذجة جيوسياسيًا، وخاطرت بتورُّط أميركا في فقر الطاقة نفسه الذي تعاني منه أوروبا الآن".

مديرة مركز الطاقة والمناخ والبيئة لدى مؤسسة هيريتيج فاونديشن، ديانا فورشتغوت-روث
مديرة مركز الطاقة والمناخ والبيئة لدى مؤسسة هيريتيج فاونديشن، ديانا فورشتغوت-روث – الصورة من بلومبرغ

وأضافت فورشتغوت-روث: "بحلول نهاية ولاية جو بايدن، حذّرت شركة موثوقية الكهرباء في أميركا الشمالية من مخاطر انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع بسبب ضعف الشبكة".

وأكدت أن "هذه الشركة تقوضت بسبب التقاعد المبكر لمحطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري، وافتقار استثمارات طاقة الرياح والطاقة الشمسية إلى احتياطي كافٍ من الوقود الأحفوري".

سياسة الطاقة لدى إدارة ترمب

قالت مديرة مركز الطاقة والمناخ والبيئة لدى مؤسسة "هيريتيج فاونديشن"، ديانا فورشتغوت-روث: "كان تراجع الرئيس ترمب سريعًا وحاسمًا، حيث أعلن حالة طوارئ طاقة وطنية، ورفع القيود المفروضة على الإنتاج المحلي، وألغى تفويضات السيارات الكهربائية".

وأضافت: "سمح ترمب باستمرار عمل محطات الكهرباء العاملة بالفحم، والتزم بالسماح بمزيد من صادرات الغاز الطبيعي".

وساعدت هذه الإجراءات على استعادة نفوذ أميركا في مجال الطاقة، وجعلتها موردًا موثوقًا به لحلفائها والمناطق التي تعاني من شحّ الطاقة، حسب مصادر تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وأوضحت فورشتغوت-روث أن "أوروبا تحاول جرّ أميركا مجددًا إلى مستنقع الالتزام التنظيمي بتحقيق الحياد الكربوني، والسببان الرئيسان هما توجيهان من الاتحاد الأوروبي يسعيان إلى منح بروكسل سلطةً تتجاوز حدودها الإقليمية على الشركات الأميركية".

أولهما هو توجيه إعداد تقارير الاستدامة للشركات، الذي يُلزم مجموعة واسعة من الشركات بالإفصاحات البيئية والاجتماعية والحوكمة الشاملة، بما في ذلك الشركات غير الأعضاء في الاتحاد الأوروبي ذات العمليات الأوروبية المهمة.

ويذهب توجيه العناية الواجبة بالاستدامة للشركات إلى أبعد من ذلك، إذ يُلزم الشركات بإصلاح نماذج أعمالها لمعالجة ما يُسمى "الآثار البيئية".

ويُطالب الشركات باعتماد خطط انتقالية للتخفيف من آثار تغير المناخ، ومواءمة إستراتيجياتها مع هدف اتفاق باريس للمناخ المتمثل في خفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية.

في المقابل، يُحمّل عدم الامتثال مسؤوليات قانونية، وستُطبَّق هذه المتطلبات الشاملة على العمليات العالمية للشركات الكبرى -بما في ذلك تلك الموجودة في أميركا والمملكة المتحدة- بدءًا من عام 2029.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق