تقارير الغازالتقاريرتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

هل يستطيع الغاز الطبيعي في أفريقيا سد فجوة الوصول إلى الطاقة؟ (تقرير)

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • استهلاك الفرد للطاقة في أفريقيا ما زال أقل من ثلث المتوسط العالمي
  • مليار شخص في أفريقيا يعيشون على مصادر الطهي غير النظيف
  • 600 مليون شخص جنوب الصحراء الكبرى يعيشون دون كهرباء
  • عدد سكان القارة السمراء قد يزيد مليار نسمة بحلول عام 2050
  • الغاز يؤدي دورًا في الكهرباء والطهي والتصنيع والأسمدة والأمن الغذائي
  • الطلب الأفريقي على الغاز قد يتضاعف إلى 400 مليار متر مكعب بحلول 2050

تتزايد الرهانات على الغاز الطبيعي في أفريقيا لسدّ فجوة الحرمان من الطاقة في القارة السمراء التي يعيش مئات الملايين من سكانها دون كهرباء، فضلًا عن استعمالهم مصادر الطهي غير النظيف.

ورغم زيادة الطلب الأفريقي على الطاقة الأولية بمقدار 3 مرات منذ عام 1982، فإن استهلاك الفرد من الطاقة فيها ما زال متدنيًا جدًا مقارنة ببقية المناطق حول العالم، بحسب دراسة تحليلية حديثة اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

ويرجع السبب في ذلك إلى تسارع النمو السكاني بمعدلات أكبر بكثير من نمو إمدادات الطاقة بالقارة، التي زاد عدد سكانها بنحو مليار نسمة منذ عام 1982، ما أدى إلى اتّساع الفجوة بين الطاقة المتاحة والطلب الفعلي.

وحتى الآن، لا يتجاوز متوسط استهلاك الفرد من الطاقة في أفريقيا ثلث المتوسط العالمي، ما يشير إلى التفاوت المتزايد في عدالة توزيع الطاقة عالميًا.

وفضلًا عن ذلك، ما زال هناك 600 مليون شخص في القارة يعيشون دون كهرباء، بينما يعيش مليار نسمة على مصادر الطهي غير النظيف التي تتسبب بدورها في وفاة مليون أفريقي سنويًا، أغلبهم من النساء والأطفال، بسبب التلوث المصاحب.

أمّا بالنسبة لمعدلات الفقر، فما زال 41% من سكان القارة الأفريقية تحت خط الفقر المحدد من البنك الدولي عند 2.15 دولارًا أميركيًا يوميًا للفرد.

توقعات فقر الطاقة بحلول 2050

من المتوقع أن تشهد أفريقيا واحدًا من أسرع التحولات الديموغرافية على مستوى العالم خلال العقود المقبلة، وسط توقعات بنمو عدد سكانها بما يقرب من مليار شخص بحلول عام 2050، ليصل الإجمالي إلى 2.5 مليار نسمة تقريبًا.

وبالنظر إلى السياسات الحالية في مجال الطاقة، فمن غير المرجّح أن يكون نمو إمدادات الطاقة كافيًا للتوسع السكاني، ما قد يعني أن متوسط استهلاك الفرد الأفريقي من الطاقة لن يشهد زيادة ملموسة بحلول منتصف القرن.

كما قد يرتفع العدد المطلق للأشخاص الذين يعيشون في فقر الطاقة بصورة أكبر، ما قد يؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف الاجتماعية والاقتصادية في القارة، بحسب الدراسة الصادرة عن منتدى الدول المصدرة للغاز -مؤخرًا-.

أطفال أفارقة يذاكرون دورسهم على ضوء خافت بسبب نقص الكهرباء
أطفال أفارقة يذاكرون دروسهم على ضوء خافت بسبب نقص الكهرباء - الصورة من Africa business insider

وتتفق دراسات التنمية الحديثة على أن الحدّ الأدنى لنصيب الفرد من الطاقة لا يمكن أن يقلّ عن 50 غيغاجول سنويًا، بينما يمكن أن يصل إلى 100 غيغاجول سنويًا في بعض المناطق، والمعيار في ذلك هو كفايته لتلبية الاحتياجات الأساسية، مثل التغذية والسكن والتنقل والتعليم والصحة.

وإذا طُبِّق هذا المعيار على عدد سكان أفريقيا المتوقع بحلول عام 2050، فمن الضروري زيادة إمدادات الطاقة بأكثر من 4 مرات مقارنة بالمستويات الحالية، أي لتلبية الحد الأدنى من معايير التنمية الحديثة، بحسب الدراسة.

تجربة الصين منذ الثمانينيات

ترتبط مؤشرات تحسين الوصول إلى الطاقة تلقائيًا بمعدلات التحسن في التعليم والصحة والإنتاج الصناعي والتوظيف، بل والحدّ من الفقر ذاته، كما تشير إلى ذلك تجربة الصين منذ الثمانينيات حتى عام 2020 الذي أعلنت فيه البلاد القضاء على الفقر المدقع نهائيًا.

ولم يكن استهلاك الفرد للطاقة في الصين يتجاوز 9 غيغاجول سنويًا في أوائل ثمانينيات القرن الماضي، وهو مستوى قريب من المعدل الحالي للاستهلاك في أفريقيا.

ورغم ذلك، نجحت الصين في معالجة الفقر بصورة منهجية عبر تسريع وتيرة التصنيع، ما أدى إلى زيادة استهلاك الفرد للطاقة فيها 4 مرّات، ليصل إلى 41 غيغاجول سنويًا.

وإذا أرادت القارة الأفريقية المضي على مسار تنمية مماثل للقضاء على الفقر، فستحتاج إلى زيادة إجمالي استهلاك الطاقة فيها إلى 103 إكساجول بحلول عام 2050.

ويعكس هذا الرقم -على ضخامته- حجم الجهود المطلوبة لتسريع معدلات الوصول إلى الطاقة وتوسيع البنية التحتية اللازمة لتوصيل الكهرباء إلى 600 مليون شخص محروم، وتوصيل الطهي النظيف إلى مليار نسمة.

دور الغاز الطبيعي في أفريقيا

يراهن الخبراء في منتدى الدول المصدرة للغاز على أن الغاز الطبيعي في أفريقيا يمكنه أن يؤدي دورًا استراتيجيًا في توسيع الوصول إلى الطاقة.

وبحسب بيانات دراسة المنتدى -اطّلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة-، تمتلك القارة السمراء قرابة 8% من إجمالي احتياطيات الغاز الطبيعي العالمية، و60% من موارد الطاقة الشمسية، و30% من المعادن الأساسية مثل الكوبالت، والليثيوم، والعناصر الأرضية النادرة اللازمة لتصنيع تقنيات الطاقة النظيفة.

ورغم أن هذه الأرقام تعكس ثراء القارة، فإن الموارد وحدها لا تكفي، بل المهم تحويل هذه الموارد إلى طاقة موثوقة قابلة للتوسع، ما يتطلب سياسات متكاملة وفعالة، وإلّا ستظل القارة تخاطر بالبقاء في وضع المصدر للمواد الخام فقط مع استمرار معاناتها من فقر الطاقة.

من هذه الزاوية، تنصح الدراسة بضرورة إعطاء الأولوية لمصادر الطاقة الوفيرة والمستقرة وذات الأسعار المعقولة، وعلى رأسها الغاز الطبيعي في أفريقيا، إلى جانب مصادر الطاقة المتجددة والطاقة الكهرومائية.

محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي في موزمبيق
محطة كهرباء تعمل بالغاز الطبيعي في موزمبيق - الصورة من The Africa Energy Portal (AEP)

ويوفر الغاز بطبيعة الحال خيارات مرنة وقابلة للتوسع بسرعة؛ ما قد يسهم في تلبية احتياجات القارة الفورية من الطاقة، فضلًا عن دعم التصنيع والتحضر ومسارات تحول الطاقة الناشئة؛ إذ لا يقتصر دور الغاز الطبيعي في أفريقيا على توليد الكهرباء فحسب، بل يمكن دمجه في أنظمة الطاقة المتجددة ذات التوليد المتقطع لدعم الشبكة وقت الذروة، وحمايتها من التقلبات الحادّة.

كما يوفر الغاز فرصة للأسر للابتعاد عن مصادر الطهي غير النظيف، فضلًا عن دخوله ضمن المواد الخام الأساسية لإنتاج الأسمدة، وهو أمر ضروري لضمان الأمن الغذائي لسكان القارة المتزايدين بمعدلات سريعة.

توقعات الطلب على الغاز الطبيعي في أفريقيا

بدأت عدّة دول أفريقية تبنّي إستراتيجيات طاقة شاملة تعتمد على الغاز بصورة كبيرة ضمن أهداف التنمية طويلة المدى، ما سيؤدي إلى زيادة الطلب على الغاز الطبيعي في أفريقيا خلال العقود المقبلة.

ويتوقع تقرير آفاق الغاز العالمية، الصادر عن المنتدى عام 2025، تضاعُف الطلب على الغاز في القارة إلى 400 مليار متر مكعب بحلول عام 2050.

وستشكّل منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وحدها قرابة 90% من نمو الطلب، ما يؤكد الدور المحوري للمنطقة بتشكيل مستقبل الطاقة في القارة السمراء.

ومن المتوقع تضاعُف قدرة توليد الكهرباء بالغاز في أفريقيا إلى 275 غيغاواط بحلول منتصف القرن، لتصل حصّته إلى 42% في مزيج الكهرباء.

على الجانب الآخر، يُتوقَّع ارتفاع إنتاج الغاز في القارة بمقدار 250 مليار متر مكعب، وهو أعلى معدل نمو سنوي في الإنتاج على مستوى المناطق بحلول عام 2050، ما سيرفع حصة أفريقيا من إجمالي الإنتاج العالمي من 6% عام 2023 إلى 9% منتصف القرن.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصدر:

تحليل دور الغاز الطبيعي في أفريقيا، من منتدي الدول المصدرة للغاز

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق