تغير المناخ يكبد اقتصاد الهند خسائر بـ400 مليار دولار.. ما صلة الطماطم؟
محمد عبد السند

- الزراعة في الهند من أكثر القطاعات المتضررة جراء تغير المناخ
- رفع البنك الدولي في الشهور الأخيرة توقعاته لنمو الاقتصاد الهندي
- ما تزال الهند تواجه رياحًا اقتصادية معاكسة
- تستثمر الهند في إستراتيجيات لمواجهة تغير المناخ
- آسيا تستأثر بنصيب الأسد من آثار تغير المناخ
كبدت الكوارث الناجمة عن تغير المناخ الهند خسائر اقتصادية فادحة خلال العقود الأخيرة، وفق نتائج تقرير حديث طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرها واشنطن).
وربما تواصل الهند الاحتفاظ بلقبها "أسرع اقتصاد نموًا في العالم" خلال العقد المقبل، غير أن هذا يتوقف على مدى قدرتها على التكيف مع الآثار المناخية، وكذلك إذا أصبح هذا الهدف أولويةً بخطّة الحكومات والشركات والمستثمرين في البلد الآسيوي.
وفي العام الماضي، رفع البنك الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد الهندي من 6.6% إلى 7% في العام المالي الممتد إلى 31 مارس/آذار (2025).
ومع ذلك ما تزال الهند تواجه رياحًا اقتصادية معاكسة كبرى مثل الإصلاحات الهيكلية البطيئة، والحواجز التجارية، واللوائح التنظيمية المفرطة للقطاع المصرفي، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب، إلى جانب تغير المناخ.
ومن المفارقات العجيبة أنه خلال انعقاد مؤتمر المناخ "كوب 29" في العاصمة الأذربيجانية باكو في نوفمبر/تشرين الأول (2024)، لامست معدلات التلوث الهوائي في الهند مستويات قياسية تسببت بغلق المدارس وتعليق الرحلات الجوية.
خسائر مليارية
كانت الزراعة والبناء أشد القطاعات الاقتصادية المتضررة في الهند جراء تغير المناخ، وفق ما أوردته إذاعة صوت ألمانيا "دويتشه فيله".
وسجلت الهند ما يزيد على 400 حادث مرتبط بالطقس المتطرف في الأعوام الـ30 الماضية، بما في ذلك الفيضانات وموجات الحرارة والعواصف الثلجية.
وتسببت الحوادث في خسائر اقتصادية للهند قُدِّرت بما يتراوح بين 300 و 400 مليار دولار أميركي، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وقال الخبير الاقتصادي من جامعة دلهي الهندية بورناميتا داسغوبتا، إن مظاهر تغير المناخ المذكورة قد حصدت كذلك أرواح 80 ألف شخص.
وربطت دراسات علمية أحداثًا مثل فيضانات أوتاراخند التي ضربت الهند في عام 2013 والانهيارات الأرضية الأخيرة الحاصلة في ولاية كيرالا، بظاهرة تغير المناخ؛ ما يوضح ارتفاع منسوب مياه الأمطار على المعدلات الطبيعية التاريخية بنسبة 12%.
وتهدد موجات الجفاف المتكررة بشكل متزايد في الهند الإنتاج الزراعي، كما تؤثّر موجات الحرارة الشديدة في شبكة الكهرباء.
الطماطم ضحية
عانى القطاع الزراعي في الهند أشد المعاناة جراء التغيرات المناخية التي أثّرت سلبًا في الإنتاج الزراعي، وأدت إلى شُح المعروض من محاصيل عديدة مهمة، مثل الطماطم.
ففي يوليو/تموز (2023)، قفزت أسعار الطماطم بأعلى من 400%؛ إذ بلغ متوسط التكلفة لكل كيلوغرام 107.18 روبية هندية (1.31 دولارًا أميركيًا)، صعودًا من 32.58 روبية هندية (0.40 دولارًا أميركيًا) في الشهر السابق من العام ذاته، وفق الأرقام الصادرة حينها عن وزارة شؤون المستهلكين والأغذية والتوزيع العام بالهند.
*(الروبية الهندية = 0.011 دولارًا أميركيًا).
وعزا مزارعون أسباب ارتفاع أسعار الطماطم آنذاك إلى أنماط الطقس غير المنتظمة في الأشهر الـ6 الأولى من عام 2023، ووصول موجات الحرارة في وقت مبكر مع استمرارها لمُدد زمنية أطول، إلى جانب الأمطار الغزيرة التي دمّرت المحاصيل.

التكيف مع تغير المناخ
تستثمر الهند في إستراتيجيات طويلة الأمد تساعدها في التكيف مع التغيرات المناخية، بما في ذلك توسيع المساحات الخضراء في المناطق الحضرية، وتطوير أنظمة تبريد مستدامة تعمل بمصادر الطاقة المتجددة.
وفي المناطق العُرضة لمخاطر الفيضانات، تحتاج السواحل وضفاف الأنهار إلى الحماية، كما يتعين تكييف أساليب البناء.
وتقود ولايات مثل ماهاراشترا وغوجارات مبادرات التكيف مع تغير المناخ، غير أن هناك ولايات أخرى مثل أوريسا تخطو كذلك خطوات واعدة في هذا الخصوص.
ويؤكد خبراء المناخ أنه في الوقت الذي لا تُعد فيه مسألة القضاء على الاحترار العالمي سهلة على الإطلاق، فإن خفض الانبعاثات الكربونية والاستعداد لمواجهة مخاطر جديدة لا غنى عنهما لمواجهة التغيرات المناخية.

الانبعاثات الكربونية في آسيا
تستأثر آسيا عمومًا، وجنوب القارة خصوصًا، بنصيب الأسد من التقلبات الناتجة عن تغير المناخ العالمي، وفق تفاصيل طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتمثّل آسيا حاليًا أكثر من نصف انبعاثات غازات الدفيئة، التي أدت بدورها إلى موجات حرارية وجفاف وفيضانات وأعاصير شديدة إلى جانب ارتفاع منسوب مياه البحر.
ويعيش ما يزيد على 80% من الناس في الهند بمناطق وأحياء عُرضة للكوارث المناخية، وفق تقديرات البنك الدولي.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول (2024)، حذّر بنك التنمية الآسيوي من أنّ تغيُّر المناخ من الممكن أن يؤثّر سلبًا في الناتج المحلي الإجمالي للهند بنسبة 25% بحلول عام 2070.
ويرتبط ثُلث الناتج المحلي الإجمالي للهند بقطاعات مرتبطة بالطبيعة.
ووجدت دراسة مسحية اقتصادية رسمية أن الهند تنفق ما يزيد على 5% من الناتج المحلي الإجمالي على سُبل التكيف مع تغير المناخ.
إلى جانب ذلك، تؤدي كوارث المناخ إلى تسريع ظاهرة "هجرة العقول" في الهند إلى البلدان التي تتّسم بظروف مناخية معتدلة ونقص العمالة.
موضوعات متعلقة..
- التغيرات المناخية تُضعف بنية الأشجار العملاقة في المناطق الباردة (دراسة)
- أفريقيا قبل كوب 27.. القارة السمراء ضحية التغيرات المناخية والتعقيدات التمويلية
- تحول الطاقة.. أزمة بسبب معايير مواجهة التغيرات المناخية في المباني
اقرأ أيضًا..
- إنتاج مصر من الغاز ينتعش بـ25 مليون قدم مكعبة يوميًا جديدة
- أديس السعودية تستحوذ على شركة حفر نرويجية في صفقة بـ380 مليون دولار
- نتائج أعمال بي بي في الربع الثاني 2025 تتجاوز توقعات المحللين
المصادر:
1.آثار تغير المناخ في اقتصاد الهند، من دويتشه فيله
2.الانبعاثات الكربونية في آسيا، من فايننشال تايمز
3.أسعار الطماطم في الهند في يوليو/تموز (2023)، من مجلة تايم الأميركية