التقاريرتقارير الطاقة المتجددةتقارير دوريةسلايدر الرئيسيةطاقة متجددةوحدة أبحاث الطاقة

قصة الألواح الشمسية على سطح البيت الأبيض وعلاقتها بـ"النفط العربي"

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

اقرأ في هذا المقال

  • جيمي كارتر أول من قرر تغطية أسطح البيت الأبيض بالألواح الشمسية عام 1979
  • رونالد ريغان يزيل ألواح كارتر الشمسية من البيت الأبيض عام 1986
  • مدير كلية صغيرة في ولاية مين يقرر شراء ألواح كارتر بعد إحالتها إلى المخازن
  • 6 ألواح شمسية شقت طريقها إلى المتاحف في أميركا وأحدها وصل للصين

تبدو قصة الألواح الشمسية في الولايات المتحدة أقدم مما يُتصور، إذ كان الرئيس الأميركي الراحل جيمي كارتر من أوائل من فكّروا في دعم نشرها على مستوى البلاد في سبعينيات القرن الماضي.

وحكم كارتر الولايات المتحدة لولاية واحدة (1977-1980)، لكنه ظل نشطًا في الحياة السياسية بعدها، إلى أن أُعلنت وفاته في 29 ديسمبر/كانون الأول 2024 عن عمر يناهز 100 عام، مع تحديد موعد جنازته الرسمية الخميس 9 يناير/كانون الثاني 2025.

ورغم إخفاق جيمي كارتر في المرور لولاية ثانية بسبب أزمات سياسية حادة واجهته، أبرزها أزمة الرهائن الأميركيين في إيران، لكن إسهامه في نشر الألواح الشمسية ما زال محفورًا في ذاكرة الأجيال التي عاصرته.

ففي عام 1979، أمر كارتر بتركيب 32 لوحًا شمسيًا على سطح البيت الأبيض، وذلك بعد سنوات قليلة من أزمة حظر النفط العربي في أثناء حرب أكتوبر 1973 بين مصر وسوريا وإسرائيل، بحسب تقرير وثائقي اطلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن).

وأسهم هذا الحظر في إحداث صدمة كبيرة للاقتصاد الأميركي والاقتصادات الغربية؛ ما أدى إلى صعود قضية استقلال الطاقة على رأس أولويات الرئيس الأميركي آنذاك.

قصة الألواح الشمسية في عهد كارتر

كان من اللافت للنظر أن يعبّر جيمي كارتر عن مخاوف استقلال الطاقة، في أثناء افتتاحه مشروع الألواح الشمسية على سطح الجناح الغربي للبيت الأبيض عام 1979.

وقال كارتر آنذاك: "إن الاعتماد على المصادر الأجنبية للنفط يشكّل مصدر قلق كبيرًا لنا جميعًا.. لكن لا أحد يستطيع أن يحظر الشمس أو يقطع وصولها إلينا".

كلمة للرئيس الأميركي الراحل جيمي كاتر وفي خلفيته ألواح شمسية مثبتة على أسطح البيت الأبيض 1979
الرئيس الأميركي جيمي كاتر وفي الخلفية ألواح شمسية على أسطح البيت الأبيض- الصورة من News week

وكان من الممكن للولايات المتحدة أن تصبح رائدة عالميًا في نشر الألواح الشمسية حال سيرها على نهج جيمي كارتر منذ السبعينيات وحتى الآن، لكن الرؤساء اللاحقين لم يهتموا بمخاوفه، ولم يعيروا الطاقة الشمسية اهتمامًا كبيرًا.

كما لم تمر على الألواح الشمسية التي وضعها كارتر سوى 7 سنوات، حتى قررت إدارة الرئيس رونالد ريغان إزالتها عام 1986، في أثناء العمل على تجديد سقف البيت الأبيض.

ولم يُعَد تركيب تلك الألواح بعد ذلك، بل جرى بيعها بثمن زهيد إلى كلية صغيرة في ولاية مين، حيث استمرت في توليد الكهرباء لسنوات قبل أن تتناثر عبر الولايات المتحدة والصين، بحسب التقرير المنشور على موقع صحيفة نيويورك تايمز الأميركية.

أين ذهبت ألواح كارتر؟

حاول التقرير تتبع مصير تلك الألواح الشمسية منذ شحنها من البيت الأبيض إلى ضواحي واشنطن، حيث ظلّت راكدة في أحد المستودعات في فرجينيا لسنوات، إلى أن قرر مدير كلية يونيتي بولاية مين بيتر مارباخ عام 1991، إعادة هذه الألواح إلى الحياة بعد أن رأى صورها في إحدى المجلات.

وكتب مارباخ رسالة إلى الرئيس جيمي كارتر يطلب فيها مباركته خطوة إعادة تشغيل ألواحه الشمسية التي أزالها سلفه ريغان، ليتلقى ردًا مكتوبًا بخط اليد من كارتر يعرب فيه عن سعادته البالغة لرؤية هذه الألواح تُستعمل من جديد.

ولم يفوّت مارباخ الفرصة لإعادة إحياء تراث كارتر، ففي غضون 6 أسابيع أزال مدير كلية يونيتي المقاعد من حافلة زرقاء كان يستعملها فريق كرة القدم في الجامعة، ليعيد استعمالها في نقل الألواح المنبوذة التي وجدها مكدسة بصورة عشوائية بين كومة من الصناديق والأثاث القديم.

وكان بعض هذه الألواح مكسورًا، فنقلها مارباخ إلى منزله في ولاية مين تقديرًا لقيمتها التراثية، ودفعت كلية يونيتي للحكومة الأميركية رسومًا إدارية قدرها 500 دولار مقابل الألواح الشمسية التي صارت في حكم الخردة، لكنها ظلت تابعة للحكومة.

وكانت تكلفة هذه الألواح تقترب من 28 ألف دولار عند تركيبها في البيت الأبيض أول مرة في عهد جيمي كارتر عام 1979، وهو مبلغ كبير حال تقييمه الآن مع أخذ التضخم في الحسبان.

ونجح مدير كلية يونيتي في استعمال نصف الألواح الشمسية على سطح مقهى خاص بالكلية، لاستعمالها في أغراض تسخين المياه، في حين جرى تخزين النصف الآخر لاستعمالها في صورة قطع غيار.

ورغم أن هدف مارباخ من الحصول على الألواح الشمسية كان رمزيًا في المقام الأول، فإنها ساعدت الكلية على توفير المال، إذ ظلت الألواح تعمل حتى وصولها إلى العمر الافتراضي في عام 2010.

كيف وصلت إحدى ألواح كارتر للصين؟

منذ ذلك الحين، استمرت 6 ألواح شمسية على الأقل في رحلتها إلى ما بعد ولاية مين، ففي عام 2007، جرى نقل لوح أو لوحين من كلية يونيتي إلى مكتبة كارتر في أتلانتا بواسطة فريق من صناع الأفلام الوثائقية كانوا يعدون فيلمًا عن إرث الرئيس في مجال الطاقة الشمسية تحت عنوان "طريق لم يُسلَك".

وفي عام 2009، جرى التبرع بلوح آخر إلى المتحف الوطني للتاريخ الأميركي في واشنطن، وما زال هذا اللوح الشمسي معروضًا أمام الزائرين حتى الآن، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.

كما حصل متحف العلوم والتقنية الشمسية في الصين على لوح شمسي آخر عام 2010، وفي العام نفسه جرى التبرع بلوح آخر إلى رابطة صناعات الطاقة الشمسية الأميركية.

كما تحتفظ شركة إن آر جي سيستمز (NRG Systems)، وهي شركة مصنعة للطاقة النظيفة في ولاية فيرمونت، بألواح أخرى حصلت عليها من وزارة الطاقة الأميركية، في حين ما تزال باقي الألواح في حوزة كلية يونيتي التي غيّرت اسمها بعد ذلك إلى جامعة يونيتي البيئية.

الرئيس الأميركي الراحل جيمي كارتر في صورة تذكارية مع مشروع ألواح شمسية
الرئيس الأميركي الراحل جيمي كارتر في صورة تذكارية مع مشروع ألواح شمسية - الصورة من the national

لقد رحل الرئيس جيمي كارتر، وما زال الجميع يتذكر كلماته في افتتاح مشروع الألواح الشمسية بالبيت الأبيض عام 1979، قائلًا: "بعد جيل من الآن، يمكن لهذا السخان الشمسي أن يتحول إلى قطعة متحفية تحكي قصة طريق نهوض لم يُسلَك من بعدي، أو يتحول إلى جزء صغير من إحدى أعظم المغامرات التي خاضها الشعب الأميركي على الإطلاق".

ورغم أن ألواحه لم تدم طويلًا في البيت الأبيض، فإن قراره بدعم الطاقة المتجددة ساعد في استمرار تسليط الضوء عليها فيما بعد، وربما كان سببًا في الطفرة الحالية الحاصلة في البلاد.

ملخص:

الرئيس الأميركي جيمي كارتر أول من وضع الألواح الشمسية على سطح البيت الأبيض عام 1979، لكن الرئيس رونالد ريغان أزالها بعد 7 سنوات، لتنتهي إلى مخازن الخردة، قبل أن تفكر كلية يونيتي بولاية مين في شرائها وتشغيلها حتى نهاية عمرها الافتراضي عام 2010.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق