خيّبت أسعار إيجار ناقلات الغاز المسال آمال العديد من التجّار والسماسرة الذين راهنوا على برودة الطقس لزيادة معدل التشغيل وتحقيق أرباح، بالتزامن مع زيادة الاستهلاك لأغراض توليد الكهرباء والتدفئة.
وحسب تحديثات قطاع الغاز لدى منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سجلت آخر التعاملات بالسوق العالمية تراجعًا قياسيًا للأسعار في أدنى مستوى لها منذ عام 2019.
وارتفع الطلب على بناء ناقلات الغاز المسال وأسعارها بعد غزو أوكرانيا خلال فبراير/شباط (2022)؛ إذ سعت أوروبا لإيجاد بدائل عاجلة للغاز الروسي (المصدر الرئيس سابقًا) بعد انقطاع أواصر خطَّي أنابيب نورد ستريم وتراجع الإمدادات.
ويتوقع مراقبون تسليم ما يصل إلى 251 ناقلة جديدة بين عامي 2025 و2027، وهو ما يفوق الطاقة الإنتاجية للمحطات الجديدة.
إيجار ناقلات الغاز المسال 2024
بلغ متوسط أسعار إيجار ناقلات الغاز المسال الحديثة (أكثر الأنواع شيوعًا) لمدة قصيرة في المحيط الأطلنطي 19 ألفًا و700 دولار يوميًا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني (2024)، وهو أدنى مستوى للأسعار منذ عام 2019.
ومقارنة بأشهر الصيف المنقضي، تراجعت الأسعار بنسبة تقترب من 80%، وفق حسابات وسطاء ومحللون وتجّار بالقطاع.
كما تراجعت أسعار إيجار الناقلات الأقدم والأقل كفاءة؛ إذ سجل إيجار ناقلة غاز مسال تعمل بتوربينات بخارية (أقل الناقلات كفاءة) أسعارًا سلبية، أو عدم تحقيق أرباح على الإطلاق، في معظم الحالات، بعد خصم عناصر مثل تكاليف التشغيل.
وفي حالة الأسعار السلبية، يدفع مالكو السفن مقابل تشغيل ناقلاتهم بدلًا من تحقيق أرباح؛ إذ يكونون أكثر ميلًا إلى الإنفاق.
طلبات بناء ناقلات الغاز المسال
أرجع مراقبون الهبوط في أسعار الإيجار إلى العدد الكبير من طلبات بناء ناقلات الغاز المسال بعد أزمة الطاقة التي أشعلت نيرانها الحرب الروسية الأوكرانية.
وتشير بيانات الاتحاد الدولي للغاز إلى وجود قرابة 650 ألف ناقلة قيد التشغيل حتى نهاية العام الماضي (2023)، وحتى هذا الوقت من العام الجاري (2024) أُضيفَت 68 ناقلة أخرى، ومن المتوقع إضافة 88 أخرى في العام المقبل (2025).
كما تتوقع شركة شحن الغاز المسال "فلكس" (Flex LNG) إضافة أكثر من 80 ناقلة جديدة سنويًا حتى عام 2027.
ويقول نائب مدير أسعار الغاز المسال في وكالة أرغوس ميديا (Argus Media) مارتين سنيور، إنه من المقرر تسليم 251 ناقلة جديدة بين عامي 2025 و2027، لكن محطات التصدير الجديدة بحلول ذلك الموعد لن تتطلب سوى 171 ناقلة فقط.
وفسّر سنيور تراجع أسعار التأجير إلى فائض المعروض، كما توقّع أن تقلّ أسعار عقود العام المقبل (2025) كثيرًا عن الأعوام السابقة.
ويتفق معه محللون آخرون يتوقعون استمرار انخفاض أسعار الإيجارات على المدى القصير، رغم ارتفاع الطلب على الغاز المسال، ولكن خلال العقود المقبلة، وخاصة من آسيا.
الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب
كانت طلبات بناء ناقلات الغاز المسال مدعومة بتوقعات نمو الصادرات المنقولة بحرًا بعد الحرب، في ظل حاجة أوروبا الماسّة لتعويض غياب الغاز الروسي المنقول عبر الأنابيب.
وما لم يكن في الحسبان هو تأخير تطوير محطات تصدير الغاز المسال في الولايات المتحدة التي تحتلّ رأس قائمة أكبر مصدّري الغاز المسال في العالم وإلى أوروبا، وهو ما يوضحه الرسم البياني التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة:
تزامن ذلك مع هبوط نمو صادرات الغاز المسال الذي يرتفع عادة بنسبة تتراوح بين 6% و8% سنويًا، لكنها ارتفعت بنسبة 1% فقط في نوفمبر/تشرين الثاني (2024).
ومقارنة بالسنوات السابقة، لم تستورد أوروبا الكثير من الغاز المسال بسبب ارتفاع مخزونات الغاز، وهو ما حدَّ من الحاجة إلى ناقلات الغاز المسال.
وتشير بيانات الاتحاد الأوروبي إلى أن مرافق تخزين الغاز كانت مملوءة بنسبة 95% في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني بما يعادل قرابة 100 مليار متر مكعب من الغاز، وهو ثُلث استهلاك الغاز السنوي.
لكن خبير الطاقة جون كيمب قال، إن مستويات تخزين الغاز في الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة سجلت أسرع وتيرة تراجع منذ 6 سنوات مع برودة الطقس وتراجع إنتاج الطاقة المتجددة، وفاقت معدل السحب الإضافات اليومية، وبلغت نسبة امتلاء مرافق التخزين 85.7% في 30 نوفمبر/تشرين الثاني.
ومن بين الأسباب أيضًا لتراجع أسعار الإيجار هو وجود الكثير من ناقلات الغاز المسال بالسوق، نتيجة انتفاء الحاجة إلى استعمال سفن التخزين العائمة بغرض رفع الأسعار قبل حلول الشتاء، بسبب عدم وجود فارق سعري كبير بين الأسعار صيفًا وشتاءً.
وما أضاف إلى "تخمة" ناقلات الغاز المسال هو انتهاء العقود طويلة الأمد لبعض الناقلات القديمة.
مصير ناقلات الغاز المسال
يندر تسجيل أسعار سلبية في تأجير ناقلات الغاز المسال، لكن السوق شهدت ذلك الموقف قبل اندلاع شرارة الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط من عام 2022.
وفي الوقت الحاضر، ربما يهدد تراجع أسعار إيجار الناقلات بانعدام قدرة مالكي السفن على تغطية تكاليف التشغيل، وهو ما من المحتمل أن يؤدي إلى مدة تصحيحية قد تشهد إجراءات مثل تخريد الناقلات القديمة.
وإلى الآن، لم يرصد وسطاء ومحللون إبرام عقود بأسعار سلبية، وفيما بعد، ربما يسعى مالكو السفن القديمة إلى تأجيرها بالأسعار الحالية لإبقاء صهاريج التخزين باردة، مقابل تكاليف إخراجها من الخدمة أو تخريدها.
وفي هذا الصدد، تقول الخبيرة في شحن الغاز المسال كلير بينينغتون، إن الأمر يعتمد أيضًا على مدة الانتظار حتى تخريد السفينة، وحساب تكلفة ما يكلّفهم أكثر.
موضوعات متعلقة..
- عدد ناقلات الغاز المسال يرتفع عالميًا بالتزامن مع زيادة حجم الإنتاج (تقرير)
- ناقلات الغاز المسال تتحول من آسيا إلى أوروبا.. والأسعار تواصل الارتفاع
- قطر للطاقة تعزز أسطول ناقلات الغاز المسال.. صفقات بـ20 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- حقل الرار.. عملاق غاز جزائري احتياطياته 4.6 تريليون قدم مكعبة قرب حدود ليبيا
- أكبر 10 مشروعات هيدروجين أخضر يترقّبها العالم.. نصفها عربية
- أنس الحجي: خطط سوريا لخطوط أنابيب النفط والغاز انتهت.. وهذا وضع الطاقة المتجددة
- مبيعات النفط والغاز الروسيين.. موسكو تعزز إيراداتها لمواجهة التحديات الجيوسياسية (مقال)
المصادر:
1- أسعار إيجار ناقلات الغاز المسال من صحيفة فايننشال تايمز