خريطة واردات تركيا من الغاز المسال.. دولتان عربيتان تؤمّنان صفقات أنقرة
هبة مصطفى
يبدو أن واردات تركيا من الغاز المسال ستزداد في الآونة المقبلة، محاولةً لتلبية الطلب المحلي والتوسع في الصادرات، بما يواكب طموحات أنقرة للتحول إلى مركز تصدير إلى أوروبا.
وتعدّ فرص عدد من الدول العربية سانحة لمثل هذه الإستراتيجية، مع توقيع بعضها اتفاقيات توريد طويلة الأجل مع أنقرة، وفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) عددًا منها.
وحاولت تركيا تنويع مصادر وارداتها ما بين دول وشركات، لكن القاسم المشترك كان الاتجاه لتأمين إمدادات بعقود طويلة، جنبًا إلى جنب مع خطّتها لزيادة الإنتاج المحلي ومواصلة التنقيب والاستكشاف.
وكانت أحدث خطوات أنقرة في هذا الشأن، توقيع اتفاق مع شركة شل العالمية (يوم الإثنين 2 سبتمبر/أيلول 2024)، لتلحق بالاتفاقية الموقّعة مع شركة إكسون موبيل الأميركية قبل أشهر.
وفيما يلي، تستعرض منصة الطاقة المتخصصة أبرز مصادر واردات تركيا من الغاز المسال وفرصها عربيًا، والمصادر الأخرى المحتملة لتلبية الإمدادات الفائضة طموحات التصدير إلى أوروبا.
صفقات الغاز العربية إلى تركيا
تلقّت واردات تركيا من الغاز المسال دعمًا قويًا مؤخرًا، فيما يبدو أنه اتجاه من أنقرة لإثراء مواردها، وبرزت دولتان عربيتان على الساحة باتفاقيات طويلة الأجل، هما: الجزائر وسلطنة عمان.
الجزائر
يعود تاريخ التعاون بين الجزائر وتركيا في مجال الغاز المسال إلى عام 1988، مع توقيع أول اتفاقية تصدير لأنقرة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي 2023، مددت شركة سوناطراك الجزائرية الحكومية وشركة "بوتاش" التركية اتفاقية تصدير الغاز المسال إلى أنقرة 3 سنوات إضافية، لتنتهي عام 2027، بعد أن كان مقررًا انتهاؤها العام الجاري.
ومن شأن هذا التمديد أن يشكّل بوابة لاستمرار ضخ الغاز المسال الجزائري إلى دول شرق أوروبا.
وبموجب هذا التمديد، تستمر تركيا في تلقّي 4.4 مليار متر مكعب سنويًا من الغاز المسال الجزائري.
وتصدرت تركيا موقع أكبر مستوردي الغاز المسال الجزائري خلال النصف الأول من العام الجاري، وفق بيانات تقرير "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2024"، الصادر عن وحدة أبحاث الطاقة، ومقرّها واشنطن.
ويوضح الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات الغاز المسال الجزائري إلى تركيا، خلال النصف الأول من 2024:
وبلغت واردات أنقرة من الجزائر على مدار الأشهر الـ6 الأولى من 2024 (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية يونيو/حزيران) 2.17 مليون طن، حسب بيانات التقرير النصف سنوي لوحدة أبحاث الطاقة.
وبالعودة إلى الوراء قليلًا، كان لإمدادات الجزائر نصيب وافر أيضًا ضمن واردات تركيا من الغاز المسال العام الماضي، بمعدل 4.3 مليون طن على مدار 2023.
ووفق هذه البيانات، فاقت الواردات التركية الكميات المتعاقَد عليها مع الجزائر، والمحددة بنحو 3.2 مليون طن سنويًا، حسب تقرير خبير الهيدروجين والغاز لدى منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول أوابك، المهندس وائل حامد عبدالمعطي.
وخلال العام الماضي، شكّلت أنقرة سوقًا خصبة لما يعادل "ثُلث" صادرات الغاز المسال الجزائري، بالتزامن مع تجديد الاتفاق طويل الأجل بين "بوتاش" و"سوناطراك" نهاية العام.
وكان الاتفاق محل الذكر مقررًا أن ينتهي عام 2014، وجُدد آنذاك لنحو 10 سنوات إضافية تنتهي العام الجاري، إلّا أن التمديد سمح باستمرار التوريد حتى عام 2027، ولم يتضح حتى الآن إذا ما كانت سيجدَّد التعاقد لمدة أخرى أم لا.
سلطنة عمان
شهد شهر أبريل/نيسان 2024 توقيع اتفاقية تصدير طويلة الأجل بين الشركة العمانية للغاز المسال وشركة "بوتاش".
ويتضمن الاتفاق تصدير مليون طن متري سنويًا للشركة التركية لمدة 10 أعوام، تبدأ العام المقبل 2025 وتنتهي في 2035.
ويعدّ هذا الاتفاق تكميليًا لاتفاق وُقِّعَ بين الشركتين، في يناير/كانون الثاني 2023، ضمن إطار محاولات تعزيز واردات تركيا من الغاز المسال.
وتوفر الشركة العمانية تدفقات الغاز المسال من مجمع ولاية صور الصناعي، حسب المعلومات التي تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وإضافة لاتفاقية التوريد طويلة الأجل المرتقبة، زوّدت سلطنة عمان تركيا بحصّة -لم تحددها البيانات- من إجمالي صادراتها البالغة 11.4 مليون طن العام الماضي.
واردات أخرى
لم تكن مساعي زيادة واردات تركيا من الغاز المسال حديثة العهد، ولم تقتصر فقط على الشحنات طويلة الأجل، بل امتدت لأخرى متوسطة الأجل، وغيرها من الشحنات الفورية.
والتزمت شركة قطر للطاقة عام 2017 باتفاقية تصدير -متوسطة الأجل- مع شركة بوتاش التركية، التزمت خلالها الشركة القطرية بتصدير 1.5 مليون طن سنويًا لأنقرة لمدة 3 سنوات فقط، ويبدو أن هذا الاتفاق لم يُجدد.
وخلال العام الماضي، استحوذت تركيا على أكبر حصة من صادرات الغاز المسال المصري، بمعدل مليون طن أو 28% من إجمالي صادرات القاهرة.
وأبدت تركيا رغبتها في توقيع اتفاقية توريد طويلة الأجل مع مصر، في مارس/آذار 2023، بعدما انتعشت الشحنات الفورية بين البلدين، غير أنه لم تُعلَن -رسميًا- تطورات المشاورات بين البلدين حول هذه الصفقة.
ويرصد الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- واردات تركيا من الغاز المسال، خلال الربع الأول من عام 2021 حتى 2024:
وتزامن الحديث حول هذه الصفقة مع تكرار إعلان مصر وتركيا عزمهما إنشاء مركز دولي للغاز، مع تأكيد أن هذه الخطوة لا تمثّل منافسة بين البلدين، حسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة.
وبجانب ذلك، أمّنت موزمبيق واردات تركيا من الغاز المسال خلال العام الماضي، بنحو 2.9 مليون طن، أو ما يعادل 3% من صادرات الدولة الأفريقية.
اتفاقيات مع شركات
تضمنت الخطة المستقبلية لتأمين واردات تركيا من الغاز المسال الاتفاق مع عدد من كبريات شركات الطاقة العالمية، وحتى الآن وقّعت أنقرة مع شركتي إكسون موبيل الأميركية، وشل العالمية.
وشهد شهر مايو/أيّار الماضي توقيع اتفاق تصدير غاز مسال طويل الأجل بين شركة "بوتاش" التركية و"إكسون موبيل" الأميركية، ولم تفصح أطراف الصفقة عن موعد بدء التوريد.
ويركّز الاتفاق على تصدير الشركة الأميركية ما مقداره 2.5 مليون طن سنويًا لمدة 10 سنوات إلى أنقرة، بما يلبي 8% من الطلب التركي على الغاز، وفق صحيفة أذر نيوز (Azer News) الأذربيجانية.
وفي خطوة هي الأحدث من نوعها، تضيف شركة شل العالمية لواردات تركيا من الغاز المسال ما مقداره 3 ملايين طن متري (4 مليارات متر مكعب) سنويًا، تبدأ من عام 2027، وتستمر لمدة 10 أعوام.
ومن خلال الصفقات العربية طويلة الأجل (مثل الموقّعة مع الجزائر أو سلطنة عمان)، أو شراء الشحنات الفورية، والاتفاقيات طويلة الأجل مع الشركات، تحظى واردات تركيا من الغاز المسال بالمزيد من الإمدادات اللازمة لتلبية الطلب المحلي والتوسع في الصادرات.
وتأتي هذه المساعي في إطار محاولات تأمين بدائل وتنويع لمصادر الإمدادات، خاصة أن الاتفاقيات طويلة الأجل بين روسيا وتركيا -التي كانت تعتمد عليها أنقرة سابقًا- من المقرر أن تنتهي العام المقبل 2025.
موضوعات متعلقة..
- تركيا توقع صفقة غاز مسال ضخمة لمدة 10 سنوات
- سلطنة عمان توقع صفقة غاز مسال لمد تركيا بمليون طن سنويًا
- تركيا قد تتحول لبوابة عبور الغاز الجزائري إلى أوروبا الشرقية
اقرأ أيضًا..
- السعودية تمول 3 شحنات غاز مسال إلى مصر.. وليبيا تسهم بـ50 مليون دولار
- أكبر الدول المستوردة للغاز في 2023.. ومفاجأة عربية غير متوقعة
- منصة حفر عملاقة تغادر حقل تندرارة المغربي