5 محاور لإستراتيجية الطاقة في الجزائر.. أبرزها صفقات التصدير والكهرباء
هبة مصطفى
يتقدم قطاع الطاقة في الجزائر خطوات واضحة المعالم على جميع الأصعدة، يتصدّر ذلك تحقيق نمو في 5 مجالات رئيسة؛ ما يعكس الإستراتيجية الطموحة التي يسير القطاع على أسسها.
ويبدو أن الجزائر تستهدف حزمة خطط طموحة لتعزيز دورها أفريقيًّا وعالميًا، خاصة أن مؤهلات وموارد الدولة الأفريقية تتيح لها تنفيذ ذلك.
ووفق متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتطورات قطاع الطاقة الجزائري، تستثمر الدولة الأفريقية في قطاع النفط والغاز جنبًا إلى جنب مع الطاقة المتجددة والنظيفة والهيدروجين.
وتخطط الجزائر لتلبية الطلب المحلي بالكامل والتوسع في الصادرات في آن واحد؛ ما يتطلب العمل على تنويع الموارد وتطوير المجالات بالتوازي.
خطط داعمة
تلقّى قطاع الطاقة في الجزائر دعمًا من مستويات مختلفة، بدءًا من إعلان شركة "سوناطراك" الحكومية إستراتيجية تطوير على مدار 5 سنوات، مرورًا بتخصيص استثمارات لتنفيذ الخطط الطموحة، وانتهاءً بتعزيز ذلك باتفاقيات ومذكرات تفاهم دولية.
ومن بين مجالات الطاقة المختلفة، يكتسب قطاعا الغاز والهيدروجين أولوية لدى الدولة الأفريقية؛ نظرًا لتعطش السوق الأوروبية إلى المزيد من إمداداتهما، ويرسّخ دورًا أكبر للجزائر بين كبار المصدّرين.
وبرهنت بيانات النصف الأول من العام الجاري 2024 على ذلك، وفق ما رصدته وحدة أبحاث منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، في تقريرها النصف سنوي بعنوان "مستجدات أسواق الغاز المسال العربية والعالمية في النصف الأول من 2024".
ويرصد الرسم أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- تدرُّج صادرات الغاز الجزائري من 2022 حتى منتصف العام الجاري:
ووفق التقرير، حلّت الجزائر في المرتبة الثالثة ضمن أكبر مورّدي الغاز المسال للسوق الأوروبية خلال الأشهر الـ6 (من يناير/كانون الثاني، حتى نهاية يونيو/حزيران)، بعد أميركا وروسيا.
وبالتوازي مع ذلك، يتلقى قطاع الطاقة في الجزائر دعمًا من الاكتشافات الجديدة، التي حظيت باستثمار ودعم اتفاقيات ومذكرات تفاهم سوناطراك مع عدد من كبريات شركات الطاقة.
نمو مجالات الطاقة
يعدّ تنويع مجالات الطاقة في الجزائر عنوان المرحلة الأبرز الآونة المقبلة، وهو المظلة التي تنطلق منها المبادرات والاتفاقيات.
وفي الوقت الذي يطور خلاله القطاع المزيد من الاكتشافات، لم يُغفل توسعات الطاقة النظيفة لخفض الانبعاثات، أو حتى الربط الكهربائي مع دول أوروبية.
وفيما يلي، نستعرض تطورات 5 مجالات رئيسة لقطاع الطاقة في الجزائر، تعكس بوضوح إستراتيجية شركة سوناطراك المستقبلية، وفق معلومات تناولها موقع إنرجي كابيتال أند باور (Energy Capital & Power).
1) الوقود الأحفوري
يعدّ الوقود الأحفوري أحد الأركان الرئيسة لقطاع الطاقة في الجزائر، إذ أنعش القطاع باحتياطيات تصل إلى 12.2 مليار برميل نفط و159 تريليون قدم مكعبة من الغاز.
ودعمت سوناطراك إنتاج النفط والغاز بـ8 اكتشافات جديدة منذ مطلع العام الجاري حتى الآن، وتتواصل برامج الحفر للوصول إلى مزيد من الموارد.
وزادت موارد النفط والغاز والاكتشافات المتواصلة من أهمية الجزائر بالنسبة لسوق الطاقة العالمية، وعلى مدار الأشهر الـ6 الماضية وقّعت سوناطراك اتفاقيات ومذكرات تفاهم مع عدد من شركات الطاقة.
وشمل التعاون والاتفاقيات الجديدة شركات: توتال إنرجي الفرنسية لتطوير حقلي "تين فوي تبنكورت 2" و"تين فوي تبنكورت"، وأصول في حوضي تيميمون وبركين، وإيني الإيطالية لتطوير إمكانات مناطق: (الزمول، ورورد اللوح، ورورد مسعود).
واتفقت الشركة الجزائرية مع إكسون موبيل الأميركية على استكشاف أصول غاز وتطويرها في حوضَي أحنت وقورارة، وامتدّ التعاون إلى شركة سينوبك الصينية، إذ اتفقت الشركتان على إطار عامّ للاستكشاف وتطوير الخزانات والمكامن والبتروكيماويات.
وخلال النصف الأول من العام الجاري، وقّعت شيفرون وسوناطراك مذكرة تفاهم، للتركيز على موارد حوضَي أحنت وبركين.
2) عقود تصدير
دعم قطاع الطاقة في الجزائر الاستكشافات ومذكرات التفاهم المعنية بزيادة الموارد والإنتاج المحلي، باتفاقيات للتصدير وفتح منافذ جديدة في السوق الأوروبية.
وخلال شهر مايو/أيّار الماضي، فتحت الجزائر منافذ جديدة مع سلوفينيا، ووقّعت سوناطراك اتفاقًا مع مورّد الغاز المعتمد للدولة الأوروبية تقضي بزيادة صادرات الغاز وفتح المجال للتعاون الطاقي بين البلدين.
وتهدف هذه الخطوة -مثل اتفاقيات تصدير الغاز الأخرى- إلى ترسيخ دور الجزائر مورّدًا عالميًا للغاز، ولأوروبا بصورة خاصة.
وقبل ذلك بـ3 أشهر (في فبراير/شباط 2024)، اتفقت سوناطراك مع مورّد الغاز الألماني "في إن جي" على توريد الغاز إلى برلين عبر خطوط الأنابيب.
وتتصدر الجزائر قائمة أكبر مصدّري الغاز الطبيعي والمسال إلى إسبانيا، خلال السنوات من 2022 إلى 2024، ويوضّح ذلك رسم بياني، أعدتّه منصة الطاقة المتخصصة:
3) الربط الكهربائي
تعتمد الجزائر -بصورة كبيرة- على الغاز في توليد الكهرباء، وتشير زيادة إنتاج الهيدروكربونات إلى فائض في الإمدادات بالقدر الكافي لتلبية الطلب المحلي، والتوسع في الصادرات أيضًا.
وفطن قطاع الطاقة في الجزائر لهذه المعادلة، وبالتوازي مع تنويع المصادر (سواء عبر الوقود الأحفوري أو المصادر المتجددة) تركّز الدولة الأفريقية على بدء توجه جديد واقتحام سوق الكهرباء الأوروبية بالربط مع إيطاليا.
ووقّعت شركتا سوناطراك وسونلغاز الجزائريتان مذكرة تفاهم مع شركة إيني الإيطالية شهر يوليو/تموز الماضي، لبدء إعداد دراسات الجدوى التمهيدية للربط، ومدّ خط بحري لتوريد الكهرباء الفائضة.
ويتطلب ذلك دعم قطاع الطاقة في الجزائر باستكشافات غاز جديدة ومشروعات متجددة، لتوليد المزيد من الكهرباء.
4) الهيدروجين الأخضر
تتضمن خطط قطاع الطاقة في الجزائر الاستفادة من الفجوة التي خلّفها غياب الغاز الروسي في السوق الأوروبية، إذ يمكن للدولة الأفريقية زيادة صادراتها بانتهاز فرصة مستهدفات القارة العجوز تجاه الطاقة النظيفة.
ومع تركيز اقتصادات أوروبا على زيادة إنتاج الهيدروجين الأخضر محليًا، واستيراد كميات أخرى، تنوي الجزائر تلبية 10% من طلب السوق الأوروبية على الهيدروجين الأخضر بحلول 2040.
وفتحت ألمانيا -أكبر الاقتصادات الأوروبية- مجالًا للتعاون مع الدولة الأفريقية في هذا الشأن، بتوقيع خطاب نوايا -في فبراير/شباط الماضي- لبحث تطوير الهيدروجين الأخضر وزيادة إنتاجه وصادراته.
وتعتزم سوناطراك بدء مرحلة جديدة تجاه الهيدروجين الأخضر شهر سبتمبر/أيلول المقبل، بتوقيع اتفاقيات مع 4 شركات أوروبية تنظّم تطوير ممر الهيدروجين الجنوبي "إتش 2 ساوث" للربط بين شمال أفريقيا وأوروبا.
وبموجب الاتفاق المرتقب، تُجري الأطراف المتعاونة تقييمًا للبنية التحتية القائمة بالفعل، لتحديد قدرتها على نقل 4 ملايين طن هيدروجين أخضر سنويًا من الجزائر إلى دول أوروبية.
والشركات الـ4 هي: مجموعة في إن جي (VNG) الألمانية، و"سنام" الإيطالية، و"سي كوريدور" المسؤولة عن تشغيل الممر، وفيربوند (Verbund) النمساوية.
ويكشف الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- مسار ممر الهيدروجين من شمال أفريقيا إلى أوروبا:
5) الطاقة المتجددة
يقترن الحديث عن تطوير قطاع الطاقة في الجزائر للهيدروجين الأخضر بخطط تطوير الطاقة المتجددة، ورغم اعتماد الدولة الأفريقية على الغاز في توليد الكهرباء، فإنها تخطط لحصة متجددة لا بأس بها في مزيج الكهرباء.
وتستهدف الجزائر أن تشغل المصادر المتجددة حصة قدرها 27% من مزيج الكهرباء بحلول 2035، بقدرة تعادل 15 ألف ميغاواط.
ويعدّ ذلك طموحًا واسع النطاق، خاصة أن إنتاج البلاد المتجدد الحالي يشكّل فقط 3% من مزيج الكهرباء، بما يعادل 686 ميغاواط مقسمة كالآتي: (448 من الطاقة الشمسية، و228 ميغاواط من الطاقة الكهرومائية، و10% من الرياح).
ويستعد مقدّمو عطاءات مناقصة طرحتها شركة سونلغاز قبل عام بقدرة 2 غيغاواط، لتطوير 11 مشروع طاقة شمسية في الجزائر، بقدرة تتراوح بين 80 و220 ميغاواط.
موضوعات متعلقة..
- دعم الطاقة في الجزائر يقترب من 56 مليار دولار
- اكتشافات النفط والغاز في الجزائر تترقب طفرة بدعم من 6 صفقات
- إمكانات الطاقة في الجزائر تفتح شهية أوروبا.. الهيدروجين والربط الكهربائي بالمقدمة
اقرأ أيضًا..
- أرامكو السعودية تؤمن إمدادات كاملة من النفط لعملائها في آسيا
- وكالة الطاقة الدولية تخفض توقعات الطلب على النفط خلال 2025
- صادرات الغاز المسال العربية في يوليو.. 3 دول تشهد زيادة