السيارات الكهربائية تهدد بانهيار شركات تأجير المركبات في أوروبا.. لماذا؟

أصبحت السيارات الكهربائية تشكّل عبئًا على شركات تأجير المركبات في أوروبا، التي تضطر إلى رفع أسعارها لمستويات غير مسبوقة، لتعويض الهبوط في قيم إعادة بيع المركبات منخفضة الانبعاثات.

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحدّ، إذ قد تضطر بعض شركات تأجير السيارات إلى وقف عملياتها بالكلية إذا وجدت نفسها مُلزمَةً بكهربة أسطولها في إطار خطط أوروبية طموحة تستهدف إزالة الانبعاثات من قطاع النقل، ضمن مَساعٍ أوسع لتحقيق الحياد الكربوني.

وارتفعت مبيعات السيارات الكهربائية بالكامل في الاتحاد الأوروبي إلى 14.6% من إجمالي مبيعات السيارات الجديدة في عام 2023، من 6.1% في عام 2020.

لكن تلك المبيعات سجلت هبوطًا طفيفًا إلى 14.4% خلال النصف الأول من عام 2024، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

أسعار إعادة البيع منخفضة

دفع الانخفاض في قيم إعادة بيع السيارات الكهربائية شركات تأجير المركبات الرائدة في السوق الأوروبية إلى مضاعفة الأسعار خلال السنوات الـ3 الماضية، بل إنه يهدد بعض تلك الشركات بوقف عملياتها كلّيًا، إذا أجبرتها السلطات التنظيمية في القارة على التحول إلى المركبات النظيفة بسرعة، بحسب ما نشرته رويترز.

وتأتي القفزة بأسعار تأجير السيارات الكهربائية في الوقت الذي تؤثّر فيه تراجعات دعم المركبات الكهربائية الجديدة بأسواق رئيسة -مثل ألمانيا- في المبيعات، وتهدد بوقف التحول إلى تلك المركبات منخفضة الانبعاثات في أوروبا.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة آيفينز (Ayvens)، إحدى أكبر شركات تأجير السيارات في أوروبا، تيم ألبرتسن: "إذا دُفِعنا دفْعًا إلى كهربة أسطولنا من السيارات، سيقول المساهمون لدينا: لا نرغب في أن نخوض تلك المخاطرة، وسنخرج من السوق".

وتساءل ألبرتسن متعجبًا: "دعونا نكن أمناء، إذا لم نخُضْ نحن المخاطر، فمن سيخوضها إذن؟".

وتدير شركة آيفينز التي يمتلك بنك سوسيتيه جنرال الفرنسي حصة الأغلبية فيها، أسطولًا يتألف من 3.4 مليون سيارة، من بينها قرابة 10% سيارات كهربائية.

وتؤدي شركات التأجير دورًا حيويًا في أوروبا، حيث تُستَأْجَر 60% من السيارات الجديدة العاملة بجميع أنواع الوقود، وفق تقديرات مجموعة النقل والبيئة (Transport & Environment)، التي استندت إلى بيانات من شركة أبحاث السوق داتا فورس (Dataforce).

وبخصوص السيارات الكهربائية، تصل نسبة التأجير إلى 80%، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وفي الأسواق الأوروبية الـ16 التي تشهد تسجيلات للسيارات، من بينها ألمانيا وبريطانيا وفرنسا وإسبانيا، يُخصص 60% من السيارات الكهربائية الجديدة للأساطيل الخاصة بالشركات والمشترين التجاريين، بحسب أرقام داتا فورس.

وفي الأسواق التي لا تمنح دعمًا لمشتريي السيارات الكهربائية من القطاع الخاص، فإن هيمنة الشركات على تلك المركبات تكون ملحوظة.

ففي بريطانيا وبلجيكا -على سبيل المثال- مثّلَ الأفراد 23% و8% من مبيعات المركبات الكهربائية الجديدة على الترتيب في العام الماضي (2023)، وفق داتا فورس.

سعر الاستئجار

يُحدد سعر الإيجار ليشمل استهلاك السيارة خلال مدة الإيجار التي تصل -عادةً- إلى 3 سنوات، بناءً على أسعار إعادة البيع المقدّرة أو القيم المتبقية، غير أنه إذا صارت أسعار السيارات المستعمَلة أقل من المتوقع عند انتهاء عقد الإيجار، تكون شركات التأجير عُرضةً لتداعيات مالية سلبية عند استعادة السيارة.

ويشير مصطلح القيمة المتبقية إلى المبلغ المقدَّر الذي يمكن بيع الأصل به في نهاية عمره الإنتاجي.

ولأسباب مختلفة تتدرج من جولات خفض الأسعار من قبل تيسلا الأميركية، إلى المخاوف بشأن نقص محطات الشحن، والعمر الوظيفي للبطارية، إلى تدفّق أعداد أكبر من السيارات الكهربائية الصينية منخفضة الأسعار، تهبط أسعار المركبات الكهربائية المستعمَلة في أوروبا منذ أن وصلت إلى ذروتها في أكتوبر/تشرين الأول (2022).

ووفق أرقام شركة أوتوفيستا (Autovista)، تراجعت أسعار إعادة بيع المركبات الكهربائية في ألمانيا في أوائل يوليو/تموز (2024) بواقع 24% عن مستوياتها قبل تفشّي جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، بينما هبطت بنسبة 30% في بريطانيا.

ويتناقض هذا مع أنواع السيارات المستعمَلة العاملة بالبنزين التي ما تزال أسعارها أعلى بنحو 15% في كلتا السوقين الأوروبيتين المذكورتين.

خسائر مادية

رفضت شركات تأجير السيارات كشف تفاصيل محددة حول أيّ خسائر بشأن عقود السيارات الكهربائية جراء الهبوط في القيم المتبقية، لكن هناك مؤشرات على معاناة بعض تلك الشركاء بسبب المركبات منخفضة الانبعاثات.

فقد أعلنت شركة هيرتز (Hertz) خسائر بنحو 150 مليون دولار من مبيعات 20 ألف مركبة كهربائية بأسعار مخفّضة جدًا، بينما قالت شركة سيكست (Sixt)، إن القيم المتبقية المنخفضة للمركبات الكهربائية قد قللت عائداتها لعام 2023 بواقع 40 مليون يورو (44 مليون دولار).

*(اليورو= 1.09 دولارًا أميركيًا).

وقال نائب الرئيس التنفيذي لشركة أرفال (Arval) لتأجير السيارات والمملوكة لبنك "بي إن بي باريبا" الفرنسي بارت بيكرز، إن الخسائر التي تكبدتها شركته جراء القيم المنخفضة لإعادة بيع السيارات الكهربائية كانت محدودة في الوقت الراهن، بالنظر إلى أن تلك السيارات لا تمثّل سوى جزء صغير من محفظتها الإجمالية.

وأضاف بيكرز: "لكن العائدات المتحققة ليست كبيرة، ومثل الشركات الرائدة الأخرى في السوق، اضطرت أرفال إلى رفع أسعارها بسبب القيم المتبقية المنخفضة"، بتصريحات أدلى بها إلى رويترز، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ومثل أيفينز، تشكّل السيارات الكهربائية قرابة 10% من أسطول أرفال الذي يتألف من 1.7 مليون مركبة.

تعويض نقدي

أتاحت بعض شركات السيارات تعويضًا نقديًا لشركات التأجير على قيم المركبات الكهربائية المتباطئة، من بينها تيسلا التي قدمت تخفيضات وآليات تعويضية أخرى لتقليل الخسائر التي تكبدتها شركات التأجير، وكذلك أيفينز، وفق تصريحات الرئيس التنفيذي للشركة تيم ألبرتسن.

لكن شركات تأجير السيارات ما زالت تتحمل مخاطر انخفاض قيم إعادة بيع السيارات الكهربائية، وهو ما يُعدّ سببًا في ارتفاع الأسعار.

ففي ألمانيا -أكبر سوق سيارات في أوروبا- قفزت أسعار تأجير المركبات الكهربائية في السنوات الـ3 الماضية، وفق أرقام مركز أبحاث السيارات الألماني، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ففي أغسطس/آب (2021)، وصلت تكلفة استئجار سيارة كهربائية ثمنها 45 ألف يورو (49 ألف دولار أميركي) إلى 284 يورو (310 دولارات أميركية) شهريًا، ما يقل عن سعر استئجار سيارة وقود أحفوري، البالغ 473 يورو (517 دولارًا أميركيًا).

لكن كلفة استئجار سيارة كهربائية قفزت -الآن- بأعلى من الضعف، لتصل إلى 621 يورو (679 دولارًا أميركيًا)، بينما هبط سعر استئجار سيارة وقود أحفوري إلى 468 يورو (512 دولارًا أميركيًا).

موضوعات متعلقة..

• حريق مرسيدس يغير إستراتيجية شركات السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية
• هيونداي تؤسس مصنعًا جديدًا لإنتاج السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية
• السيارات الكهربائية في كوريا الجنوبية تنتعش بشراكة صينية جديدة

اقرأ أيضًا..

• 10 تريليونات قدم مكعبة غاز في مصر.. بئر أوريون تنتظر حسم مصيرها
• أرامكو السعودية تؤمن إمدادات كاملة من النفط لعملائها في آسيا
• تقنية فريدة عالميًا لاستخراج 440 مليون برميل نفط مكافئ