أول مدينة نفطية في العالم.. حائرة بين إرث القطاع ومستقبل الطاقة المتجددة
نوار صبح
- أذربيجان واحدة من أكبر 10 اقتصادات تعتمد على النفط والغاز في العالم
- أذربيجان بدأت في إحداث تحول، حيث يمثّل النفط الآن حصة متناقصة من صادراتها
- أذربيجان تخطط لزيادة إنتاجها من الغاز بمقدار الثلث في العقد المقبل
- التقدم في معالجة أزمة المناخ سيكون مستحيلًا دون إشراك دول النفط والغاز
تستضيف أذربيجان قمة المناخ كوب 29 المقبلة بالعاصمة باكو، أول مدينة نفطية في العالم، التي شهدت حفر الآبار الرائدة، وهي حائرة بين ميراث الوقود الأحفوري ومستقبل الطاقة المتجددة.
وعلى بعد كيلومترات قليلة من موقع مؤتمر قمة المناخ كوب 29 التابعة للأمم المتحدة في عاصمة أذربيجان، توجد منطقة كانت تُعرف لأكثر من قرن بالمدينة السوداء، وفقًا لمقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
واتّشحت منازل أول مدينة نفطية في العالم ومصانعها بطبقة كثيفة من السخام الناتج عن النفط الذي تمّ استخراجه وتكريره، على شواطئ بحر قزوين.
شهدت باكو، أول مدينة نفطية في العالم، حفر الآبار الرائدة في أربعينيات القرن الـ19، تلاها مصافي التكرير من عام 1859.
وتعدّ أذربيجان أول دولة اكتُشف فيها النفط بكميات تجارية بالمفهوم الحديث، وذلك قبل اكتشافه في كندا بـ10 سنوات، وقبل اكتشافه في الولايات المتحدة بـ11 عامًا.
الطاقة في أذربيجان
يشكّل الوقود الأحفوري، حاليًا، 90% من صادرات أذربيجان، التي تُعدّ واحدة من أكبر 10 اقتصادات تعتمد على النفط والغاز في العالم.
وتأمل باكو بإحداث تحول في قطاع الطاقة في أذربيجان، أولًا على مستوى البلاد، ثم على بقية اقتصادات العالم التي تعتمد على النفط، حسب مقال لمحررة شؤون البيئة في صحيفة الغارديان البريطانية (theguardian)، فيونا هارفي.
ويشكّل إنتاج النفط والغاز في أذربيجان وتصديرهما ركيزة أساسية في اقتصاد أذربيجان والعوائد الحكومية، إلّا أن إنتاج النفط بدأ في التراجع السنوات الأخيرة.
وأعلن الرئيس الأذربيجاني، إلهام علييف، أن بلاده "في المرحلة النشطة من التحول الأخضر"، وتهدف لتوليد 30% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2030، ارتفاعًا من نحو 7%، حاليًا.
وقالت فيونا هارفي، إن الحكومة تبني مزارع طاقة شمسية ضخمة في السهول القريبة من باكو، ولديها خطط طموحة لإنشاء محطة ربط لتصدير الكهرباء منخفضة الكربون إلى جورجيا، ثم تحت البحر الأسود إلى رومانيا والمجر.
صناعة الوقود الأحفوري
قال كبير المفاوضين الأذربيجانيين في قمة المناخ كوب 29، يالتشين رافييف، لصحيفة الغارديان: "لا يمكننا أن ننكر وجود صناعة الوقود الأحفوري، لأنها مصدر رئيس للدخل للعديد من البلدان، وهي ليست شيئًا يمكن التخلّي عنه بين عشية وضحاها".
وأوضح: "الأمر الأكثر أهمية هو كيف تنظر البلدان والشركات التي تنتج الوقود الأحفوري إلى التحدي الحقيقي المتعلق بالمناخ، وكيف تتصرف بطريقة مسؤولة".
وأشارت فيونا هارفي إلى أن أذربيجان بدأت في إحداث تحول، حيث يمثّل النفط الآن حصة متناقصة من صادراتها.
رغم ذلك، فإن صادرات الغاز قد عوّضت عن النقص، والاستثمارات الضخمة تحوّل أول مدينة نفطية في العالم إلى عملاق غازي، إذ تخطط أذربيجان لزيادة إنتاجها من الغاز بمقدار الثلث في العقد المقبل.
الدبلوماسية المناخية
قالت مسؤولة التمويل العام في مجموعة حملة "أويل تشينج إنتراناشونال" البيئية، لوري فان دن بورج، إن هناك "تنافرًا معرفيًا في الدبلوماسية المناخية الدولية"، وتجسَّدَ في الدولة المضيفة.
وأضافت: "من ناحية، التعهد بتقديم خطط مناخية وطنية تتماشى مع حدّ 1.5 درجة مئوية، وفي الوقت نفسه زيادة إنتاج الوقود الأحفوري".
بالنسبة لحكومة أذربيجان، لا يوجد تناقض في كونها دولة مصدّرة للنفط والغاز، بينما تسعى جاهدة للحدّ من درجات الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة، وفقًا لما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
قالت نيغار أرباداراي، التي تشغل منصبًا مهمًا في فريق قمة المناخ كوب 29 بصفتها بطلة رفيعة المستوى للأمم المتحدة: "لا أعتقد أن التشهير بالنفط أمر جيد، نعم، نحن دولة نفط وغاز، ولدينا أول مدينة نفطية في العالم، هذا هو تاريخنا، هذا هو المكان الذي ننحدر منه، ونحن ملتزمون، ولدينا دافع قوي نحو نموذج جديد".
وأضافت أرباداراي أن التقدم في معالجة أزمة المناخ سيكون مستحيلًا دون إشراك دول النفط والغاز.
صندوق للدول المتضررة من تغير المناخ
في الشهر الماضي، اقترحت أذربيجان إنشاء صندوق للدول النامية المتضررة من تغير المناخ على أمل أن تسهم دول أخرى فيه.
وأوضحت محررة شؤون البيئة في صحيفة الغارديان البريطانية، فيونا هارفي، أن المشكلة تمكن في أن هذا الصندوق سيكون طوعيًا وليس ضريبة على الوقود الأحفوري التي دعا إليها العديد من خبراء الاقتصاد.
وأضافت: "ستكون القضية الرئيسة في قمة المناخ كوب 29 هي جمع التمويل اللازم للدول الأكثر فقرًا لخفض انبعاثاتها والتعامل مع آثار الطقس المتطرف".
وسوف يتطلب هذا تريليونات الدولارات سنويًا، وحتى الآن لم يفِ العالم المتقدم الغني بالتزامه طويل الأمد بتوفير 100 مليار دولار سنويًا.
وأشارت إلى أن الدول النفطية الأخرى سعت إلى تنويع اقتصادها من خلال استكشاف ثروات معدنية إضافية، وتوسيع السياحة، والعمل بصفة مركز للسفر مثل مدينة دبي بالإمارات العربية المتحدة، أو استعمال ثرواتها النفطية لشراء أصول مربحة في الخارج، مثل المملكة العربية السعودية وقطر.
بالنسبة لتحول الطاقة في أذربيجان، فإن مضاعفة إنتاج الطاقة المتجددة من قاعدة صغيرة لا يمكن أن تكون سوى البداية، وسوف يحتاج اقتصاد هذه الدولة النفطية بالكامل، مثل اقتصاد العالم، إلى إعادة البناء.
اقرأ أيضًا..
- واردات مصر من الغاز المسال تشهد قفزة قياسية في 2024.. رصد بالأرقام تاريخيًا
- اكتشاف غاز طبيعي يبشّر بإنتاج 20 مليون قدم مكعبة يوميًا
- علاقة الجزائر بفرنسا تشتعل.. هل تقطع إمدادات النفط والغاز؟