أزمة الكهرباء في لبنان تتصاعد.. ومحاولات مع العراق لإنقاذ الموقف
الطاقة
تصاعدت أزمة انقطاع الكهرباء في لبنان، وسط توقعات بدخول البلاد في "عتمة شاملة" حال عدم التوصل إلى حلول لتأمين شحنات الوقود خلال 3 أيام.
ووفق بيانات اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سيدخل لبنان في ظلام شامل بحلول نهاية الأسبوع الجاري، في حالة عدم نجاح الجهود الحكومية والبرلمانية نحو التوصل إلى حلول لتمويل شحنات الوقود من العراق.
وقال وزير الطاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال اللبنانية وليد فياض: "إن لم تعالَج مشكلة تمويل شحنات الفيول العراقي (الديزل الأحمر) سريعًا، فسيدخل لبنان في عتمة شاملة بعد 3 أيام".
وشدد فياض على أن أزمة الكهرباء في لبنان معروفة للجميع، وهناك حاجة إلى دفع قيمة الوقود للعراق، موضحًا أن الرهان على أن بغداد ستعفي بيروت من دفع قيمة النفط ليس في محلّه.
محطات الكهرباء في لبنان
قال وليد فياض، إنه من أصل 6 معامل حرارية (محطات كهرباء حرارية)، فإن معمل الزهراني وحده ينتج الكهرباء بقدرة لا تتجاوز 200 ميغاواط، من أصل قدرة إجمالية تبلغ 465 ميغاواط، حسبما ذكرت صحيفة الأخبار.
وأوضح أن السبب هو ترشيد الاستهلاك في كمية الوقود المتبقية، حتى لا يحرق أكثر من 3 آلاف طن يوميًا"، لافتًا إلى أن الطاقة المنتَجة يوجَّه قسم منها لتشغيل المرافق الأساسية، مثل مطار بيروت، والمرفأ، ومضخات المياه الرئيسة.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان يوم الإثنين 8 يوليو/تموز أنها عمدت احترازيًا إلى إبقاء أولوية تغذية التيار الكهربائي للمرافق الحيوية الأساسية، جراء تدنّي مخزون الوقود لديها بشكل حادّ.
ويواجه لبنان أزمة إمدادات للوقود اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، بسبب مشكلات لوجستية مرتبطة بفحص شحنات الوقود، ومشكلات مالية بين المورّد والمستورد.
وأوضحت المؤسسة: "إزاء الوضع الخارج عن إرادة ومسؤولية مؤسسة كهرباء لبنان بالكامل، تفيد المؤسسة أنها عمدت احترازيًا إلى إبقاء أولوية التغذية بالتيار الكهربائي للمرافق الحيوية الأساسية".
مستحقات العراق لدى لبنان
شدد فياض على أن وضع الكهرباء في لبنان قد يصبح أسوأ في الأيام المقبلة، إذ إنه للشهر الخامس على التوالي لم يحوّل مصرف لبنان ثمن شحنات "الفيول" إلى حساب الحكومة العراقية لديه، وهو ما دفع شركة تسويق النفط العراقية "سومو" إلى إيقاف تفريغ بواخر الوقود.
وردًا على تساؤل حول تطورات المفاوضات بين لبنان والعراق بخصوص سداد جزء من المستحقات المتأخرة، مقابل استئناف تحميل الشحنات قريبًا، قال المتحدث باسم شركة سومو، في تصريحات إلى منصة الطاقة: "حتى الآن لم نُبلَّغ بالتطورات.. وسيجري إعلامكم حال حصول مستجدات".
وقال وليد فياض: "لبنان قد يصبح مكشوفًا ماليًّا أمام العراق، إذ إن الأموال المستحقة لشحنات الوقود العراقي لم تحوَّل للسنة الثانية على التوالي".
وأوضح أن هناك اتصالات تُجرى بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، مع العراقيين لحلحلة أزمة انقطاع الكهرباء في لبنان.
وعلمت منصة الطاقة أن القرار الآن بات بيد رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي قد يعلن خلال ساعات تطورات جديدة بخصوص تلك الأزمة.
تفاصيل الأزمة
تَجدُّد أزمة الكهرباء في لبنان يعود لأسباب إجرائية بين المصرف المركزي والبرلمان، إذ يعود تأخُّر بيروت في إجراء التحويلات المالية لشركات الوقود العراقية لحاجة مصرف لبنان إلى غطاء قانوني من البرلمان لإجراء التحويلات المالية المطلوبة.
وأعلنت مؤسسة كهرباء لبنان في بيان الأثنين 8 يوليو/تموز، أن الكهرباء تُنتَج في الوقت الحالي من محطتي التوليد في الزهراني ودير عمار فقط، من بين 7 محطات تعمل بالمحروقات وتعتمد على الوقود الذي يُوَرَّد بموجب اتفاقية بين العراق ولبنان.
وتأخَّر لبنان في سداد مستحقات شركة تسويق النفط العراقية (سومو)، مما دفع الشركة إلى تأخير تسليم الوقود الذي وصلت شحنات منه إلى بيروت.
وقال فياض: "هذا موضوع إجرائي قانوني، فنحن لدينا اتفاقيات مع العراق لإمدادنا بالوقود، والاتفاقيات تُوَقَّع من الحكومة اللبنانية، ثم تُبرَم بقانون في مجلس النواب، وبموجب الاتفاقية تُحَوَّل المبالغ المستحقة مقابل شحنات الوقود من حساب المالية العامة اللبنانية إلى حساب العراقيين في مصرف لبنان".
وأضاف: "الآن مرّت عدّة أشهر لا يحوّل فيها مصرف لبنان المستحقات للعراقيين، بذريعة أنه طلبَ ضرورة وجود غطاء قانوني من مجلس النواب لهذا الموضوع"، حسبما ذكرت وكالة أنباء العالم العربي.
وأشار إلى أن الغطاء القانوني موجود للاتفاقية الأولى، ومشروع القانون أُعِدَّ بالفعل، وأرسلته الحكومة اللبنانية إلى مجلس النواب في موضوع السنة الثانية من العقد، والسنة الثالثة من العقد.
وأضاف: "عندما عُقِد مجلس النواب مؤخرًا.. لم يُبرم الاتفاقيتين، ومن ثم يطالب مصرف لبنان بهذا القانون حتى يكون لديه الغطاء القانوني لإجراء التحويلات، رغم أن مجلس الوزراء طلب منه تنفيذ التحويلات".
وأكد وزير الطاقة أنه بعد تخطّي الأزمة الإجرائية "نستطيع أن نحقق زيادة بعدد ساعات تغذية الكهرباء في لبنان، وليس فقط إرجاعها إلى ما كانت عليه".
وتعود أزمة الكهرباء في لبنان إلى أكثر من 3 عقود، لكنها استفحلت إثر الانهيار المالي قبل 4 سنوات، وعجزت الحكومات المتعاقبة عن توفيرها بشكل يمكن الاعتماد عليه.
تفاصيل المستحقات المالية
تطالب وزارة الطاقة والمياه مصرف لبنان بتمويل الشحنة الجديدة من الوقود العراقي إلى كهرباء لبنان، بمبلغ قيمته 164 مليون دولار على حساب المصرف المركزي العراقي لدى مصرف لبنان.
وبلغت القيم المستحقة في حساب المصرف المركزي العراقي في مصرف لبنان لتغطية قيمة الوقود العراقي بتاريخ 26 يونيو/حزيران 2024 نحو 531 مليون دولار.
وبحسب المراسلات الرسمية بين الإدارات اللبنانية (الطاقة، المال)، لم يحوّل مصرف لبنان سوى 118 مليون دولار إلى حساب المصرف العراقي تنفيذًا للقرار الحكومي الرقم 18، الصادر عام 2023، وبعدها توقّف عن تحويل الأموال المستحقة لـ4 شحنات وقود، قيمتها 132 مليون دولار عن عام 2023، واشترط لتنفيذ التحويلات صدور قانون عن مجلس النواب لتغطيتها، وإدراج الاعتمادات في موازنة عام 2024.
وبلغ عدد الشحنات المُسلَّمة والمستحقة للدفع لعام 2023 نحو 8، وهناك 12 شحنة أخرى خاصة بعام 2024، وصل منها 2، إلّا أن ثمنها لم يُستحق بعد.
وتبلغ قيمة الأموال المتوفرة بحسابات الطاقة في مصرف لبنان 168 مليون دولار، وهي كافية للخروج من المشكلة الحالية، ولحلّ الأزمة هناك حاجة إلى جلسة تشريعية لإصدار القوانين التي تتيح لمصرف لبنان الدفع.
ورفعت وزارة الطاقة إلى مجلس النواب، بوساطة الحكومة، مرسومين يتعلقان بمشروعَي قانون يرميان إلى تجديد اتفاق بيع الوقود بين لبنان والعراق، على أن تبلغ تكلفة المشروع كاملًا 1.17 مليار دولار مقسّمة على 460 مليون دولار للعقد الأول الخاص بعام 2023 المسلّم بموجبه مليون طن من الوقود لمؤسسة كهرباء لبنان، و700 مليون دولار للعقد الثاني الخاص بعام 2024 الذي سيصل بموجبه 1.5 طن من الوقود إلى لبنان تباعًا خلال العام الجاري.
وتمّت تغطية المبالغ المستحقة للعقد الأول، وقدرها 460 مليون دولار، بالقرارين الحكوميين 2 و18 الصادرين عام 2023، ما أتاح إدخال الوقود العراقي خلال عام 2023، ويرفض مصرف لبنان تحويل مبلغ 118 مليون دولار من الجزء الأول من المستحقات إلى الجهات العراقية، أمّا الجزء الثاني من المبلغ، أو ما يُعرف بالعقد المجدّد للمرة الثانية، وتبلغ قيمته 700 مليون دولار، وهو عن المدة الممتدة من نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023 إلى أكتوبر/تشرين الأول من عام 2024، فوضع مصرف بيروت عراقيل أمام تنفيذ الاتفاق، رافضًا إصدار اعتماد مستندي لتطمين الجهات العراقية أن الأموال ستأتي، حتى لو تأخرت.
في يوليو/تموز 2021، وقّع العراق اتفاقية مع لبنان تقضي بمدّ بيروت بمليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت اللازم لتشغيل محطات توليد الكهرباء، على أن يوفر لبنان، بما يعادل قيمة الصفقة، احتياجات بغداد من الخدمات والسلع المتوافرة في بيروت، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة.
الاتفاقية التي مُدِّدَت مرّتين خلال 2022 و2023 تنصّ على استيراد لبنان مليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت لمدة سنة، ويُستَبدَل عبر مناقصات شهرية (بين 75 ألفًا و85 ألف طن) لصالح مؤسسة كهرباء لبنان.
وكان مجلس الوزراء العراقي قد وافق على تجديد اتفاقية التزويد بالوقود مع لبنان بشروطها الحالية لسنة ثالثة بداية من أكتوبر/تشرين الأول 2023، مع زيادة الكميات لتتضمن تزويد لبنان بمليوني طن من النفط الخام، و1.5 مليون طن من زيت الوقود عالي الكبريت، لمدة عام.
وبموجب اتفاقية الوقود، فتح العراق حسابًا في "مصرف لبنان" مقابل المحروقات، يُدار من قبل وزارة المالية العراقية، لشراء خدمات داخل لبنان بالليرة اللبنانية.
موضوعات متعلقة..
- فاتورة الكهرباء في لبنان.. أزمة مزدوجة تفاقم معاناة المواطنين
- البنك الدولي يضع 3 شروط لتمويل قطاع الكهرباء في لبنان
- توليد الكهرباء في لبنان.. أزمة متواصلة تبحث عن "مخرج" متجدد
اقرأ أيضًا..
- إيني الإيطالية ترهن استكمال برنامج الحفر في مصر بإنهاء أزمة المستحقات
- المغرب يكشف عن مفاجأة بخصوص الربط الكهربائي مع الجزائر (خاص)
- 230 مليون برميل ورافعة عملاقة.. قصة تطوير حقل نفط لاستمراره 40 عامًا (صور وفيديو)