تقارير منوعةرئيسيةمنوعات

هل تتحول أحلام التحول الأخضر في أوروبا إلى كابوس؟

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • يواجه البرلمان الأوروبي الجديد قرارات حاسمة عدة بشأن سياسات المناخ
  • التيارات اليمينية تُظهر موقفًا عدائيًا إزاء تحول الطاقة في أوروبا
  • الصفقة الخضراء هي حزمة قوانين أوروبية لتنظيم انبعاثات غازات الدفيئة
  • قد يشهد الاتحاد الأوروبي تحولًا نحو نهج أكثر حيادية من الناحية التقنية للتحول الأخضر
  • تدفع الصفقة الخضراء التكتل إلى رفع أهداف كفاءة الطاقة المتجددة

أضحت مستهدفات التحول الأخضر في أوروبا على المحك في أعقاب المكاسب التي حققتها التيارات الشعبوية والأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة.

وتُظهِر تلك التكتلات السياسية موقفًا عدائيًا إزاء قوانين وسياسات المناخ التي تبلورت خلال الأعوام الـ5 الماضية، وتطالب بتسريع وتيرة تحول الطاقة في دول القارة.

وتأتي الصفقة الخضراء (Green Deal) على رأس تلك السياسات والقوانين المناخية، وهي حزمة معقدة من القوانين التي أقرّها الاتحاد الأوروبي، لتنظم انبعاثات غازات الدفيئة من كل قطاعات الاقتصاد -تقريبًا-.

وبناءً عليه، سيتمثّل التحدي الرئيس في كيفية تفادي تفكيك الأطر العامة المحددة بوساطة القوانين الخضراء التي أقرّها التكتل خلال السنوات الأخيرة، عبر تجاوز الانقسامات داخل البرلمان الأوروبي، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

قرارات حاسمة

يواجه البرلمان الأوروبي الجديد قرارات حاسمة بشأن قضايا عدة، أبرزها تغير المناخ، من شأنها أن تشكّل توجهات المجتمعات الأوروبية العالمية لسنوات مقبلة، وفق ما ورد في مقال للباحث في برنامج الطاقة والمناخ والموارد بمعهد الشؤون الدولية (The Istituto Affari Internazionali) الإيطالي بيير باولو رايموندي، نشرها موقع ذا ماندارين (The Mandarin).

وأشار رايموندي إلى مخاوف كانت سائدة قبل انتخابات يونيو/حزيران (2024) بشأن صعود الأحزاب المحافظة واليمينية المتطرفة، التي بمقدورها أن تنحرف عن أهداف المناخ المُحددة من قبل الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاقية الصفقة الخضراء.

لكن مع ظهور نتائج الانتخابات يحوّل المحللون تركيزهم إلى تداعياتها المحتملة على الأجندة البيئية للاتحاد الأوروبي، بحسب رايموندي.

وفي عام 2019 مهّد نجاح الأحزاب الخضراء، لا سيما في ألمانيا، و-كذا- التيار الليبرالي المنتمي إلى كتلة تجديد أوروبا (Renew Europe) الطريق أمام ظهور مساعي الاستدامة وإزالة الكربون.

وأطلقت رئيسة المفوضية الأوروبية -الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي- أورسولا فون دير لاين مبادرة الصفقة الخضراء التي تستهدف تحويل أوروبا إلى القارة الأولى عالميًا من حيث الحياد الكربوني بحلول عام 2050.

وعلى مدار 5 سنوات تحفّز الصفقة الخضراء التكتل على رفع أهداف كفاءة الطاقة المتجددة وتفعيل أهداف خفض الانبعاثات لعامي 2030 و2050.

الكاتب بيير باولو رايموندي
الكاتب بيير باولو رايموندي - الصورة من صفحته على لينكد إن

واقع التحول الأخضر

قال الكاتب بيير باولو رايموندي: "إنه ورغم استمرار الحماس، فإن نشوب الأزمات وتنامي المخاوف بشأن التأثير الاقتصادي للتحول الأخضر على أوروبا أجبرنا على اتباع إستراتيجية أكثر واقعية".

وأوضح رايموندي أنه من الصدمة الأولى لجائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19" في 2020 إلى الزيادات في أسعار الطاقة التي فاقمتها الحرب الروسية الأوكرانية في عام 2022، أصبح التحول الأخضر في أوروبا على المحك.

وعلى الصعيد الداخلي، انتقل التحول الأخضر من مجرد كونه فكرة مثالية صعبة التحقيق إلى واقع ملموس يؤثر في حياة الناس اليومية.

وأشار كاتب المقال إلى أن تشديد اللوائح التنظيمية عبر قطاعات النقل والتدفئة أثر في شريحة عريضة من المواطنين، ما ظهر في احتجاجات من قبل فئات معينة مثل المزارعين الذين يشعرون بالقلق على سُبل عيشهم.

وأضاف أن الأحزاب اليمينية المتطرفة والمحافظة سرعان ما استغلت تلك الاحتجاجات لتحقيق مآربها السياسية.

وبالمقارنة -والكلام ما يزال للكاتب- فإنه إذا كان المشاركون في انتخابات عام 2019 قد طالبوا باستحداث سياسات مناخية جريئة، فقد اتسمت انتخابات هذا العام بانتقادات جهود إزالة الكربون وآثارها غير المتكافئة في الأسر والصناعات الأوروبية، ما أدى إلى المطالبة بمراجعة بنود الصفقة الخضراء.

مكاسب كبيرة.. ولكن

في الوقت الذي تراجع فيه دعم الأحزاب الخضراء وتكتل "تجديد أوروبا"، حققت الأحزاب اليمينية المتطرفة مكاسب كبيرة في عدد من البلدان الرئيسة الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل فرنسا.

غير أن تلك المكاسب لم يكن لها تأثير كامل على الأرض في مستوى التكتل، إذ إن الأحزاب القوية -مثل حزب الشعب الأوروبي إي بي بي (EPP)- نجحت في استعادة السيطرة على البرلمان الأوروبي، ومن ثم حماية الصفقة الخضراء من تغيير سياسي شامل، بحسب المقال.

وعلى مدار السنوات الـ5 الماضية، سن الاتحاد الأوروبي قوانين عدة لتسريع وتيرة التحول الأخضر في أوروبا عبر تعزيز الطاقة المتجددة وخفض الانبعاثات، التي يَصعُب تغييرها.

ويأتي هدف الحياد الكربوني متضمنًا في قانون المناخ الأوروبي، ما يعكس درجةً من الاستمرارية في جهود التحول الأخضر في أوروبا، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وسيكون تنفيذ السياسات الخضراء إحدى المهام الحاسمة للدورة التشريعية الجديدة، إذ حان الوقت -الآن- لتحقيق الأهداف التي حُددت في دورة 2019-2024، بحسب الكاتب.

انبعاثات كربونية
انبعاثات كربونية - الصورة من phys.org

نهج جديد

يرى كاتب المقال أن المرحلة التالية من التحول الأخضر في أوروبا ستتأثر ليس بالتحولات الأيديولوجية من اليسار إلى اليمين فحسب، وإنما بالتطورات الجيوسياسية وزيادة الوعي بإدارة الآثار الصناعية والاجتماعية لهذا التحول كذلك.

وقد يشهد الاتحاد الأوروبي تحولًا نحو نهج أكثر حيادية من الناحية التقنية للتحول الأخضر، وإعادة النظر في حلول مثل الطاقة النووية، والغاز الطبيعي، واحتجاز الكربون وتخزينه.

ويوضح الكاتب أن تلك الحيادية التقنية تستهدف استعمال مزيج مرن من التقنيات المتاحة وليس حلًا واحدًا فقط.

ويشير مبدأ الحياد التقني إلى استيعاب ما يطرأ من تطوّرات في المستقبل دون استحداث مزيد من التشريعات ذات الصلة.

ووفق المقال، فإن مراجعة تلك السياسات لن تكون مهمة سهلة، إذ من المرجح أن تكون الاتفاقات السياسية القائمة والحاجة إلى الحفاظ على الأغلبية داخل البرلمان الأوروبي بمثابة حائط صد ضد أي تغييرات جذرية.

وسيعتمد نجاح التحول الأخضر في أوروبا -كذلك- على مدى فاعلية تنفيذ بنود الصفقة الخضراء على المستوى الوطني، وفق ما قاله الكاتب، وتابعته منصة الطاقة المتخصصة.

واستطرد بقوله، إن صعود حكومات اليمين المتطرف عبر دول الاتحاد الأوروبي من الممكن أن يَنتُج عنه تشرذم، بل وقد يعوق تطبيق الحلول المشتركة للتكتل، لا سيما القضية الحاسمة الخاصة بتمويل تحوّل الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق