التغير المناخيتقارير التغير المناخيرئيسية

مزارعو أوروبا يكسرون قيود الصفقة الخضراء.. مؤقتًا وجزئيًا

أسماء السعداوي

استجابت المفوضية الأوروبية لمطالب المزارعين المتضررين من قيود الصفقة الخضراء وارتفاع أسعار الديزل التي تهدد بإيقاع خسائر ضخمة على الدخل.

وتُلزم الصفقة الخضراء، التي كشف الاتحاد الأوروبي النقاب عنها في عام 2019، الدول الأعضاء بالتحول البيئي، وتضع أهدافًا للحدّ من استعمال المبيدات الحشرية، وتطوير الزراعة العضوية، وحماية التنوع البيولوجي، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

واقترحت المفوضية يوم الأربعاء (31 يناير/كانون الثاني 2024) تخفيف متطلبات السياسة الزراعية المشتركة التي تُلزم المزارعين بإبقاء بعض المناطق الزراعية بورًا دون إنتاج، مع استمرار تقديم مدفوعات كاملة للمزارعين.

ومنذ عام 2023، كان يُطلب من المزارعين تخصيص 4% من أراضيهم لأهداف التنوع البيولوجي وحماية المناظر الطبيعية، مقابل الحصول على الإعانات الزراعية التي يقدّمها الاتحاد الأوروبي.

وبموجب الاقتراح، سيُسمح لمزارعي دول الاتحاد الأوروبي بالاستفادة من استثناءات تسمح بعدم التقيد بقواعد السياسة الزراعية المشتركة خلال العام الجاري (2024).

وشهدت العواصم الأوروبية المختلفة احتجاجات واسعة النطاق وصلت إلى أبواب البرلمان؛ اعتراضًا على الالتزامات البيئية الصارمة؛ وهو ما دفع رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين إلى فتح حوار مع المحتجّين الغاضبين.

والآن، أُرسِل الاقتراح إلى الدول الأعضاء الـ27، ثم سيُصَوَّت عليه، وفور الموافقة عليه سيُطَبَّق بأثر رجعي، بدءًا من يناير/كانون الثاني الجاري.

قيود الصفقة الخضراء

في بيان صحفي نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، قالت المفوضية الأوروبية، إن اقتراح السماح بتخفيف متطلبات السياسة الزراعية المشتركة (CAP) يأتي استجابة لتخفيف مخاوف المزارعين بشأن الدخل، كما يأتي بناءً على طلبات العديد من الدول الأعضاء خلال اجتماعات المجلس الزراعي.

وفي 2023، قررت المفوضية التعليق الكامل لتنفيذ متطلبات تخصيص 4% من الأراضي الزراعية للتنوع البيولوجي، في أعقاب اضطرابات السوق الناتجة عن الحرب الروسية الأوكرانية.

لكن الإعفاء الجديد سيكون مقتصرًا على العام الجاري (2024)، وبصورة جزئية؛ لأنه سيسمح بزراعة المحاصيل المثبّتة للنيتروجين -مثل العدس والبازلاء- في المساحات التي كان ينبغي أن تظل دون زراعة، وفي هذه الحالة سيحصلون على مدفوعات مباشرة.

كما يمكن للمزارعين أن يقرروا بشأن زراعة محاصيل أخرى أسرع نموًا بين الزراعات المتعاقبة والمعروفة باسم المحاصيل الوسيطة، ما دامت تُزرع دون استعمال المبيدات الحشرية، في محاولة للحفاظ على الأهداف البيئية للسياسات الزراعية المشتركة.

مرونة وتضامن

تقول رئيس المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، إن المزارعين هم العمود الفقري للأمن الغذائي في الاتحاد الأوروبي، وهم القلب النابض للمناطق الريفية.

رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين
رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين - الصورة من "esa"

وأكدت دير لاين الالتزام الدائم تجاه المزارعين الذي يجري من خلال ميزانية السياسة الزراعية المشتركة بقيمة 386.7 مليار يورو (419.4 مليار دولار)، ما يساعد في استقرار دخل المزارعين الأوروبيين، وأيضًا مكافأتهم على جهودهم تجاه المناخ والاستدامة.

وتابعت: "يوفر إجراء اليوم مرونة إضافية للمزارعين في الوقت الذي يواجهون فيه تحديات متعددة.. سنواصل العمل مع مزارعينا لضمان تحقيق السياسة الزراعية المشتركة للتوازن الصحيح بين الاستجابة لاحتياجاتهم ومواصلة تقديم المنافع العامة لمواطنينا".

بدوره، يقول نائب الرئيس التنفيذي للصفقة الخضراء الأوروبية والعلاقات بين المؤسسات والاستشراف في المفوضية الأوروبية، ماروس سيفتشوفيتش: "عبر اتخاذ إجراءات توفّر الاستقرار، يمكننا المساعدة في تخفيف الضغوط التي نعلم أن مزارعينا يشعرون بها، من أجل ضمان استمرار قدرتهم على تحقيق الجدوى الاقتصادية خلال الأوقات التي تزيد فيها حالة عدم اليقين".

ويقول المفوض الأوروبي لشؤون الزراعة، يانوش فويتشيكوفسكي، إنه باقتراح هذا الاستثناء المؤقت، تُبدي المفوضية مرونة وتضامنًا مع المزارعين الأوروبيين في مواجهة الصعوبات الاستثنائية.

وعبر تمكينهم من إنتاج المحاصيل المثبّتة للنيتروجين والمحاصيل الوسيطة دون استعمال منتجات حماية النباتات (المبيدات)، يحقق الاقتراح التوازن المطلوب بين الضرورة قصيرة الأمد لدعم المزارعين والحاجة طويلة الأمد حماية المناخ وصحة التربة والتنوع البيولوجي، حسبما يقول فويتشيكوفسكي.

صعوبات وإجراءات استثنائية

يواجه المزارعون مجموعة استثنائية من الصعوبات والشكوك، وفق ما جاء في بيان المفوضية الأوروبية.

وعلى نحو خاص، شهد العام الماضي (2023) مجموعة كبيرة من الظواهر المناخية المتطرفة، ومنها الجفاف وحرائق الغابات والفيضانات، في مناطق مختلفة من الاتحاد الأوروبي، وأثّرت تلك الأحداث في حجم الإنتاج والعائدات، وكذلك تنفيذ الجدول الزمني للممارسات الزراعية الطبيعية، وهو ما فرض ضغوطًا هائلة على المزارعين للتكيف معها.

كما أدى ارتفاع أسعار الطاقة ومدخلات الإنتاج بعد الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع تكاليف المعيشة والتضخم وتغير مسارات التدفقات التجارة العالمية والحاجة لدعم أوكرانيا، إلى ظهور مزيد من الشكوك والضغوط على الأسواق.

تزامن ذلك مع انخفاض حادّ في أسعار الحبوب، لتنخفض قيمة إنتاج الحبوب في دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 30% تقريبًا من 80.6 مليارات يورو في 2022 إلى 58.8 مليار يورو في 2023.

احتجاجات المزارعين في فرنسا ضد الصفقة الخضراء
احتجاجات المزارعين في فرنسا - الصورة من "france24"

وفي ضوء تلك الظروف، "قد يكون الالتزام بتخصيص أراضٍ صالح للزراعة تأثير سلبي كبير على المدى القصير في إيرادات بعض المزارعين"، حسبما يقول البيان.

ولأن دعم المفوضية للقطاع الزراعي من ثوابت الاتحاد الأوروبي، ستشهد المدة بين عامي 2023 و2027 توزيع 300 مليار يورو على المزارعين الأوروبيين، في إطار الخطط الإستراتيجية للسياسة الزراعية المشتركة.

يُضاف ذلك إلى 2.5 مليار يورو وافقت المفوضية على صرفها بوصفها إجراءات استثنائية لدعم قطاع الزراعة في مواجهة الأزمات العديدة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق