تقارير الطاقة النوويةرئيسيةطاقة نووية

صناعة الطاقة النووية في أوروبا مهددة بسبب نقص العمالة

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • صناعة الطاقة النووية في أوروبا تواجه أزمة نقص عمالة حادة
  • يُراهَن على مشروعات الطاقة النووية في تسريع التحول الأخضر في أوروبا
  • تتسبّب أزمة نقص العمالة في تأخير تنفيذ المشروعات النووية في أوروبا
  • السويد رقم مهم في معادلة نهضة صناعة الطاقة النووية في أوروبا
  • يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى أكثر من 30 مفاعلًا جديدًا سعة 50 غيغاواط بحلول عام 2050

قد تذهب الجهود المضنية المبذولة لتحقيق نهضة جديدة في صناعة الطاقة النووية في أوروبا أدراج الرياح، بسبب التحديات العديدة التي تعرقل بناء المفاعلات الجديدة في القارة العجوز.

ولعل أبرز تلك التحديات هو أزمة نقص العمالة، التي يَنتُج عنها إرجاء الجداول الزمنية المقررة لتنفيذ المشروعات النووية في الدول الأوروبية، وتهديد مستهدفات تحول الطاقة بها.

ويأتي هذا في وقت كانت تتهيّأ فيه صناعة الطاقة النووية في أوروبا لأداء دورها في خطة التحول عن مصادر الوقود الأحفوري، بهدف تقليص الانبعاثات الكربونية الملوثة للبيئة.

ويحتاج الاتحاد الأوروبي إلى بناء ما يزيد على 30 مفاعلًا جديدًا سعة 50 غيغاواط بحلول عام 2050، لتحقيق مستهدفات التحول الأخضر، وفق متابعات لمنصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

تحول الطاقة في خطر

تواجه خطط صناعة الطاقة النووية في أوروبا الرامية إلى دعم تحول الطاقة تهديدات جراء الافتقار إلى المقومات الرئيسة المتمثّلة في العمالة الماهرة، بحسب ما أوردته شبكة بلومبرغ.

ويواجه منتجو الطاقة النووية في أوروبا، وتحديدًا في فرنسا والمملكة المتحدة والسويد، معضلة إيجاد مئات الآلاف من اللحامين والمهندسين والمخططين، الذين لا غنى عنهم للعمل في المفاعلات التي تُبنى حاليًا، أو تلك المخطط بناؤها في أواسط القرن الحالي (2050).

ولهذا الغرض اجتمع ممثلون من شركة كهرباء فرنسا إي دي إف (EDF)، المشغلة لمحطات الطاقة النووية في فرنسا، و3 مقاولين من الباطن مؤخرًا في بلدة روسيلون الفرنسية الواقعة بالقرب من محطة سانت ألبان النووية في وادي الرون.

وفي مبادرة توظيف جديدة، قدم المجتمعون فرص تدريب وعمل لقرابة 12 طالبًا في المدارس الثانوية، يتلقون خلالها دورات في الصيانة الصناعية.

وقالت مسؤولة التوظيف في شركة دالكيا إي إن (Dalkia EN)، وحدة صيانة تابعة لشركة "إي دي إف"، مورغاني روبين: "كل شركة تعيّن أشخاصًا، لا سيما في صناعة الطاقة النووية، بل إنها تعين عددًا أكبر في ظل مشروعات المفاعلات الجديدة قيد التنفيذ".

إحدى محطات الطاقة النووية في فرنسا
إحدى محطات الطاقة النووية في فرنسا - الصورة من منصة "يوراكتيف"

نهضة متوقعة.. ولكن

تقف صناعة الطاقة النووية الأوروبية والعالمية على شفا نهضة بعدما حددت 25 دولة -12 دولة منها في قارة أوروبا- هدفًا لمساعدتها على مضاعفة السعة عالميًا بواقع 3 أضعاف.

غير أن مساعي تلك الدول تعرقلت بفعل النقص الحاد في العمالة، إلى الحد الذي دفع بعض الشركات الفرنسية إلى الاستعانة -مجددًا- بالأشخاص المتقاعدين، في حين تعلن الحكومة البريطانية وظائف شاغرة في الصناعة النووية في محطات مترو لندن.

وقال رئيس الصناعة والطاقة في اتحاد الأعمال الفرنسي سينتيك إنجينيري (Syntec-Ingenierie) فيليب لانوار: "إن صناعة الطاقة النووية في أوروبا تخرج من شتاء طويل. وسوف نحتاج إلى موارد بشرية مدربة لبدء المشروعات ذات الصلة، وليس لدينا الكثير من الوقت لنضيعه".

غياب المواهب في فرنسا

تفتقر فرنسا إلى المواهب في صناعة الطاقة النووية بعدما أنهت شركة "إي دي إف" سلسلة من بناء المفاعلات التي استغرقت عقودًا في أوائل العقد الأول من الألفية الحالية، ليُسدَل الستار على عمليات التوظيف في ذلك القطاع الإستراتيجي.

ومن ضمن العاملين في صناعة الطاقة النووية الفرنسية هناك قرابة 220 ألف عامل يتقدّمون في السن، في حين يبحث آخرون عن فرص عمل في أماكن أخرى.

وكشفت الصناعة النقاب عن خُطة لزيادة التدريب المهني للعمال والفنيين والمهندسين، في حين تستهدف تعيين 100 ألف عامل خلال العقد المقبل.

وأطلقت سينتيك إنجينيري، التي تمثّل نحو 400 شركة هندسية في فرنسا، حملة ترويجية تركز على الشباب، كما تدفع باتجاه تعزيز برامج التدريب لطلاب الكليات الجامعية.

ويرغب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بأن تبني شركة "إي دي إف" 6 مفاعلات نووية نظير ما قيمته 67.4 مليار يورو (72 مليار دولار)، ثم التخطيط لإنشاء 8 مفاعلات أخرى.

*(اليورو = 1.07 دولارًا أميركيًا)

ومن المحتمل أن تظل رُبع الوظائف المتاحة في الخطط النووية التي تتبناها "إي دي إف"، شاغرة، وفق معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت شركة "إي دي إف"، التي استغرقت 17 عامًا في بناء أحدث مفاعلاتها النووية، قد حددت "نقص العمالة" سببًا رئيسًا في عرقلة نهضة الصناعة النووية التي كان يتطلع ماكرون لتحقيقها في عام 2022.

وخلال عام 2024 استعانت الشركة بعمال من أميركا الشمالية، لتنفيذ أعمال الإصلاح والصيانة بشأن عشرات المفاعلات.

محطة نووية في بريطانيا
محطة نووية في بريطانيا - الصورة من shutterstock/Drone Motion Stock

سيناريو مشابه في بريطانيا

يتجلّى تأخر نهضة صناعة الطاقة النووية في أوروبا -كذلك- في المملكة المتحدة التي تتطلع فيها الشركات والسلطات إلى إقناع مستثمري القطاع الخاص بالمساعدة على تمويل بناء مفاعلين في موقع سايزويل (Sizewell) النووي في مقاطعة سوفولك شرق إنجلترا.

ويأتي هذان المشروعان في إطار خطط بريطانية بمضاعفة سعة الطاقة النووية محليًا 4 مرات بحلول أواسط عام 2050.

ووفق توقعات الحكومة يستلزم تحقيق هذا الهدف توظيف 123 ألف شخص خلال العقد الحالي، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.

السويد رقم مهم

تبرُز السويد رقمًا مهمًا في معادلة نهضة صناعة الطاقة النووية في أوروبا، إذ يدير البلد الإسكندنافي 6 مفاعلات عاملة حاليًا.

وتحتاج الحكومة إلى ما لا يقل عن 10 مفاعلات أخرى بحلول عام 2045، لسد الطلب المحلي المتنامي على كهربة قطاعات النقل وصناعات أخرى حيوية.

وقال منسق الطاقة النووية في السويد كارل بيرغلوف، إن بناء المفاعلات الجديدة يستلزم تعيين عشرات الآلاف من العمال.

وتتعاون شركة فاتنفول (Vattenfall) المملوكة للحكومة السويدية التي تشغّل 5 مفاعلات، مع المدارس والجامعات لرفع الوعي بأهمية الطاقة النووية، إلى جانب عقد دورات تدريبية لتثقيف الطلاب في هذا المجال.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق