أكبر منجم زنك في أفريقيا يستأنف التشغيل بعد توقفه 30 عامًا
ويستعد للتصدير إلى أوروبا
هبة مصطفى
استؤنف تشغيل أكبر منجم زنك في أفريقيا تزامنًا مع مرور 100 عام على الإنتاج الأول منه؛ ما يشكّل إضافة نوعية لخطط انتقال الطاقة العالمية ومتطلبات التحول النظيف عبر المعادن المستخرجة.
وتتطلع شركة آيفنهو ماينز (Ivanhoe Mines) الكندية المطورة وشركاؤها إلى دور حيوي لمنجم "كيبوشي"، إذ تؤهّله موارده ليصبح رابع أكبر منجم من نوعه عالميًا، والأضخم في القارة السمراء.
وبحسب معلومات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، لا تقتصر موارد المنجم على الزنك فقط، إذ إن خطط التشغيل تشمل التنقيب عن معادن أخرى مهمة مثل: النحاس، والرصاص، والغيرمانيوم، وغيرها.
ويقع المنجم في جمهورية الكونغو الديمقراطية، ويُطور من خلال مشروع مشترك يُطلق عليه "كيبوشي كوربوريشن"، المملوك بنسبة 68% لصالح شركة "كيبوشي هولدينغ" المملوكة بالكامل للشركة الكندية، في حين تؤول نسبة الـ32% المتبقية لشركة جيكاماينز (Gecamines) الكونغولية.
خطة التشغيل
تشير خطط تشغيل أكبر منجم زنك في أفريقيا والرابع عالميًا إلى إنتاج مستهدف يصل إلى 278 ألف طن سنويًا من المعدن، خلال السنوات الـ5 الأولى من عمر تشغيل المنجم، ليصل في مراحل لاحقة إلى إنتاج إجمالي قدره 800 ألف طن سنويًا.
وجاءت الإمكانات الهائلة المتوقعة بعد مرور 100 عام منذ تشغيل المنجم للمرة الأولى، وتعرَّض بعدها إلى التوقّف لمدة 31 عامًا قبل أن يستأنف تشغيله بعد خضوعه للصيانة والتطوير.
وذكرت شركة "آيفنهو ماينز" أنّ ضخ الخام بدأ نهاية مايو/أيار 2024، لكن الإنتاج بدأ رسميًا منتصف يونيو/حزيران الماضي، طبقًا لبيان صدر عن الشركة أمس الثلاثاء 2 يوليو/تموز.
ويبدو أن أكبر منجم زنك في أفريقيا والرابع عالميًا ذاع صيته مبكرًا، إذ وُقِّعت بالفعل اتفاقيات شراء للزنك عالي الجودة المنجم منه، مع شركتي سيتيك ميتال (CITIC Metal) ومقرّها هونغ كونغ، وشركة ترافيغورا (Trafigura Asia) لتجارة السلع ومقرّها سنغافورة.
وتعتزم الشركتان الكندية والكونغولية توقيع اتفاقيات شراء أخرى خلال الأشهر المقبلة، خاصة أن الانطلاق القوي والموارد الطموحة المأمولة كان لها دور في تسهيل تمويل بقيمة تصل إلى 170 مليون دولار، وتلقّت الشركتان 50 مليون دولار منها.
وتضمن شراكة التشغيل في مرحلة ما بعد تجديد منجم "كيبوشي" حصة رأس مال متزايدة تراكميًا لشركة "جيكاماينز" الكونغولية، بالإضافة إلى امتيازات إدارية أخرى.
التصدير لأوروبا
منذ التشغيل الرسمي لأكبر منجم زنك في أفريقيا والرابع عالميًا نهاية يونيو/حزيران 2024، خزّنت الشركتان كميات من الزنك الخام تصل إلى 336 ألف طن، تتضمن 80 ألف طن زنك قابل للتداول في الأسواق بسعر 3 آلاف دولار للطن.
جدير بالذكر أن الإنتاج بدأ من المنجم مع مطلع العام الجاري بصورة غير رسمية، وخلال هذه المدة أنتج منجم "كيبوشي"، مع التخطيط لرفع معدلات الإنتاج خلال النصف الثاني من العام الجاري.
وأُلحق بأكبر منجم زنك في أفريقيا مركزًا للمعالجة، وشركة تسويق تتولى الخدمات اللوجستية لنقل الإمدادات من أكبر منجم زنك في أفريقيا تمهيدًا لتسليمها.
ويبدو أن أنظار مصاهر أوروبا معلّقة بإمكانات منجم "كيبوشي"، إذ تستقبل 50% من مركزات الزنك المنتجة عبر ميناء "ولفيس باي" في ناميبيا، في حين تنقل الشركة كميات مماثلة إلى ميناء ديربان في جنوب أفريقيا، خاصة أن اتفاقيات الشراء استحوذت حتى الآن على ما يقارب "ثلثي" الزنك المنتج لمدة 5 سنوات.
الانبعاثات والاستعمالات النظيفة
يلتزم أكبر منجم زنك في أفريقيا بأهداف خفض الانبعاثات خاصة النطاقين 1و 2، إذ صُنِّفت وحدات المنجم بوصفها الأقل إطلاقًا للانبعاثات في العالم.
ويشمل ذلك الترويج لكل طن زنك مُنتَج من المنجم بأنه يحمل أقلّ قدر من الانبعاثات، نظرًا لأن إنتاج الخام يعدّ عالي الجودة بنسبة استرداد تفوق 36% خلال السنوات الـ5 الأولى للتشغيل.
وبخلاف جودة الخام، يتمتع إنتاج منجم كيبوشي بكثافة كربونية منخفضة، نظرًا إلى اعتماد شبكة الكهرباء الكونغولية على الطاقة الكهرومائية بنسبة 99%، ما يجعلها ضمن أكثر شبكات الكهرباء العالمية نظافة.
وتشير التوقعات إلى أن حجم انبعاثات أكبر منجم زنك في أفريقيا على النطاقين 1 و2 يُقدَّر بنحو 0.019 طنًا مكافئًا لثاني أكسيد الكربون، بحلول عام 2025.
ويمثّل معدن الزنك أهمية كبرى لدعم مسيرة انتقال الطاقة، إذ يدخل في صناعات كثيفة الاستهلاك بنسبة كبيرة مثل الصلب، ويشكّل 60% منه، ما يعزز حماية الصلب من التآكل.
وبجانب ذلك، يُستعمل الزنك في البنية التحتية لتوليد الكهرباء والنقل وتقنيات البطاريات، فضلًا عن استعماله في تركيبات الطاقة الشمسية، إذ تحتاج التركيبات ذات القدرة 100 ميغاواط/ساعة إلى 230 طنًا من الزنك، ويدخل 40 طنًا من المعدن في تركيبات توربينات الرياح البحرية بقدرة 100 ميغاواط/ساعة أيضًا.
كما يسهم الزنك في بطاريات التخزين، بخطط لتوسعة استعماله في عمليات التخزين بمعدل 10 أضعاف حتى عام 2030، بما يتجاوز 130 ألف طن سنويًا.
إنجاز بعد 100 عام
أوضح المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك لشركة "آيفنهو ماينز" الكندية، روبرت فريدلاند، أن تشغيل أكبر منجم زنك في أفريقيا، والرابع عالميًا، بعد 100 عام على التشغيل الأول، و30 عامًا من التوقف، يشكّل "إعادة إحياء للمنجم".
وأضاف أن منجم "كيبوشي" اشتهر تاريخيًا بإنتاج معادن: الزنك والنحاس والرصاص والغيرمانيوم والغاليوم، ومن المتوقع استئناف إنتاج هذه المعادن عالية الجودة منه بوتيرة كبيرة، خاصة أن أعمال الصيانة التي انتهت مبكرًا عن الموعد المحدد لها كانت تبشّر بذلك.
وقال فريدلاند، إن إمكانات أكبر منجم زنك في أفريقيا تعكس دور جمهورية الكونغو الديمقراطية تجاه السوق العالمية بصفتها مصدرًا للمعادن الإستراتيجية ذات الجودة العالية، مشيرًا إلى أن موقع المنجم وإمكاناته يبرهن على أن منطقة "حزام النحاس" في وسط أفريقيا أفضل موقع للمعدن على الصعيد العالمي.
من جانب آخر، أكد رئيس شركة جيكاماينز الكونغولية "غاي روبروت لوكاما نكونزي" أن منجم كيبوشي يُظهر إمكانات جيدة لمعادن حيوية للطلب العالمي والاستهلاك المحلي، بما يضمن دور الدولة الأفريقية بوصفها لاعبًا رئيسًا في ثورة التحول الأخضر.
وتركّز الشركتان الكندية والكونغولية على رفع مستوى الإنتاج لمرحلة الاستقرار خلال الربع الثالث من العام الجاري، مع خطط لرفع قدرة المعالجة بنسبة 20% إضافية إلى 960 ألف طن سنويًا، عبر برنامج يستغرق 9 أشهر، أو حسب توافر المعدّات اللازمة.
موضوعات متعلقة..
- المعادن النادرة في 3 دول أفريقية قد تنقذ أميركا.. المغرب في المقدمة
- استخدامات متعددة.. كيف يؤدي معدن الزنك دورًا مهمًا في تحول الطاقة؟
- طفرة في تطوير بطاريات الزنك أيون المائية القابلة لإعادة الشحن
اقرأ أيضًا..
- وزير البترول المصري الجديد.. حقل ظهر يتصدر أبرز 5 ملفات
- اكتشافات الغاز في الأردن تقترب من 500 مليار قدم مكعبة (خاص)
- هل تضغط أزمة الكهرباء في مصر والكويت على أسواق الغاز المسال؟.. 3 خبراء يتحدثون