التقاريرتقارير منوعةرئيسيةمنوعات

صناعة البتروكيماويات في أوروبا على شفا الانهيار.. ما الأسباب؟

هبة مصطفى

تعاني صناعة البتروكيماويات في أوروبا من عدّة عوامل ضعف، وشهد العامان الماضيان تحولًا جذريًا في حجم إنتاج كبريات المجموعات والشركات العاملة بهذا المجال.

ويمكن القول بأن اندلاع الحرب الأوكرانية وتداعياتها كان حجر زاوية هذا التحول في القارة العجوز، مقابل انتعاش الصناعة في مناطق أخرى.

ووفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، باتت مجموعات وشركات عملاقة واقعة تحت ضغط تراجع الإنتاج وتزايد عوامل "انهيار" الصناعة، ما يشير إلى احتمالات تغير خريطة إنتاج البتروكيماويات عالميًا.

وبالفعل، حجمّت شركات من طموحات تطوير بعض مشروعات البتروكيماويات في أوروبا منذ عام 2022، خاصة في ألمانيا وفرنسا وبريطانيا.

عوامل "خنق" الصناعة

لم تنعكس بوادر انهيار صناعة البتروكيماويات في أوروبا على حجم الإنتاج فقط، بل طالت أرباح شركات عملاقة أيضًا، ما سبَّب تراجعًا كبيرًا لها.

وهناك عاملان رئيسان عزّزا هذا الانهيار بصورة مباشرة؛ أسعار الطاقة المرتفعة وزيادة تكلفتها، بالإضافة إلى ما تطلقه الصناعة من كربون، يهدد الالتزامات المناخية.

ومع تسجيل أسعار الطاقة ارتفاعًا كبيرًا في عدد من بلدان القارة، عقب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، أصبحت الصناعة في موقف أكثر ضعفًا ضمن حلبة المنافسة العالمية.

يرى مؤسس ورئيس مجموعة إنيوس (Ineos) العملاقة، جيم راتكليف، أن الصناعة تواجه وضعًا متدهورًا للمرة الأولى منذ سنوات، إذ يهجرها عدد كبير من المنتجين، ما سبَّب حالة من الفوضى وورطة حقيقية.

محطة إنيوس في إسكتلندا
محطة إنيوس في إسكتلندا - الصورة من The Scotsman

وشارك راتكليف ما يزيد عن 70 من رواد الأعمال والصناعة في دعوة الاتحاد الأوروبي إلى خفض أسعار وتكلفة الطاقة، رغم امتلاكه ثروة تفوق 15 مليار دولار، وتصنيفه ثاني أغنى بريطاني.

وطالبوا أيضًا بتقليص الالتزامات الخضراء لضمان استمرار قدرة صناعة البتروكيماويات في أوروبا على المنافسة، وتحديد موقف الصناعة من آلية تعديل حدود الكربون لدول الاتحاد.

تغير خريطة المنافسة

قال جيم راتكليف رئيس رابع أكبر شركات البتروكيماويات العالمية -التي تتخذ من لندن مقرًا لها-، إن مصادر أرباح "إنيوس" اختلفت حاليًا، وبعد أن كانت أوروبا مصدرًا لغالبيتها، أصبحت أميركا صاحبة هذا الدور.

وأرجع ذلك إلى انخفاض أسعار وتكلفة الطاقة في أميركا، بالإضافة إلى عدم فرضها ضرائب على الكربون، حسب تصريحات له أدلى بها خلال مقابلة مع تلفاز بلومبرغ.

ودفع ارتفاع أسعار الطاقة الأوروبية خلال مرحلة ما بعد اندلاع الحرب الأوكرانية إلى إغلاق مشروعات بطاقة إنتاجية كبيرة، مع تصاعد وتيرة الإنتاج بتكلفة أقل في آسيا وأميركا.

ووصف "راتكليف" إنتاج البتروكيماويات في أوروبا بأنه غير مُجدِ اقتصاديًا، بعد أن قدَّر تكلفة الطاقة في القارة العجوز بأنها تفوق نظيرتها في أميركا الشمالية بنحو 5 أضعاف.

ولم تكن المعاناة منذ عام 2022 من نصيب مجموعة "إنيوس" وحدها، إذ خفضت شركة باسف (BASF) الألمانية -أكبر منتج كيماويات في العالم- من إنتاج أكبر مواقعها.

وبالإضافة لذلك، طالت تخفيضات الإنتاج أيضًا محطة لمعالجة النفط تابعة لشركة إكسون موبيل (Exxon Mobile) الأميركية في فرنسا، وأقدمت شركة الصناعات الكيماوية لويندل باسيل (LyondellBasell) الهولندية على إعلان عزمها إجراء مراجعة لأنشطتها.

مرافق تابعة لباسف الألمانية
مرافق تابعة لباسف الألمانية - الصورة من The Epoch Times

مستقبل الصناعة

عند الحديث عمّا أصاب صناعة البتروكيماويات في أوروبا، تجدر الإشارة إلى أن الانهيار لا يهدد دول الاتحاد الأوروبي فقط، بل يمتد أيضًا إلى المملكة المتحدة.

ويشهد إنتاج الكيماويات في بريطانيا تراجعًا، ما دفع جيم راتكليف لتأكيد أن الصناعة "انهارت"، وأن مستقبلها في المملكة المتحدة لم يعد له آفاق واضحة، رغم امتلاك شركته محطة في إسكتلندا.

ورغم عوامل الانهيار المحيطة بالصناعة فإن هناك مساعي لإنقاذها، تكافح مجموعة "إنيوس" لضمان استمرار إنتاجها، إذ تستثمر في محطة لتكسير الإيثان تستعمل بصناعة البلاستيك في مدينة أنتويرب البلجيكية، والمتوقع جاهزيتها للعمل بحلول عام 2026.

وتوقّع محلل أبحاث النفط والكيماويات لدى وود ماكنزي "محمد تشيلميران" تشغيل مواقع جديدة لصناعة البتروكيماويات في أوروبا خلال السنوات المقبلة، لكنه أحاط هذا برؤية غير متفائلة لمستقبل صناعة البتروكيماويات في أوروبا، مع تفوق معدل الإغلاقات على الإضافات المتوقعة من الوحدات الجديدة.

ومقابل ذلك، رجّحت جمعية صناعة الكيماويات الألمانية (VCI) عدم عودة الصناعة إلى مستويات ما قبل اندلاع الحرب الأوكرانية، في ظل تراجع الإنتاج على مدار العامين الماضيين.

وبصورة عامة، تعدّ الكيماويات عنصرًا رئيسًا في صناعة البلاستيك وصناعات أخرى، مثل: (النسيج، والإلكترونيات، والبناء)، وتمثّل الصناعة 10% من الصناعات الأوروبية، بعوائد مبيعات بلغت 597 مليار يورو (ما يزيد عن 640 مليار دولار)، قبل موجة التراجع الأخيرة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق