فوز ترمب يهدد رئاسة بيرول لوكالة الطاقة الدولية.. هل يستفيد النفط والغاز؟
من المتوقع أن يكتب فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية الأميركية نهاية العام الجاري (2024) فصل النهاية في رئاسة فاتح بيرول لوكالة الطاقة الدولية، في خطوة قد تعيد الوكالة إلى مسارها الفني، والبعد عن القضايا السياسية.
ووفق تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، سيسعى المرشح الجمهوري إلى استبدال فاتح بيرول حال فوزه في الانتخابات الرئاسية الأميركية، لإعادة تركيز وكالة الطاقة مرة أخرى على زيادة إنتاج النفط والغاز إلى الحدّ الأقصى، بدلًا من مكافحة تغير المناخ.
وقدّمت وكالة الطاقة الدولية -ومقرّها باريس- الأبحاث والبيانات للحكومات الصناعية لأكثر من نصف قرن للمساعدة في توجيه السياسات حول أمن الطاقة وإمداداتها والاستثمار فيها، وتقدّم الولايات المتحدة نحو ربع التمويل للوكالة.
وفي السنوات الأخيرة، وسّعت المنظمة تركيزها إلى ما هو أبعد من إمدادات النفط والغاز لتشمل الطاقة النظيفة، إذ تسعى الحكومات الأعضاء إلى الحصول على مدخلات لتحقيق أهدافها بموجب اتفاق باريس للمناخ وتسريع التحول بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.
وتسارع التحول خلال مدة ولاية الرئيس جو بايدن، إذ أصدرت الوكالة تقارير حول سياسة الطاقةـ أثارت غضب منتجي النفط العالميين، بما في ذلك المملكة العربية السعودية، وتتعارض مع خطة ترمب للطاقة التي تهدف إلى تعزيز إنتاج النفط والغاز التقليديين.
مستقبل باول
من المرجّح أن يضغط ترمب على وكالة الطاقة الدولية لجعلها تتماشى مع سياساته المؤيدة للوقود الأحفوري إذا أعيد انتخابه، حسبما ذكرت وكالة رويترز، نقلًا عن مقرّبين من حملة المرشح الجمهوري.
وقال زملاء في هيريتاغ فونديشن (Heritage Foundation) -وهي المنظمة التي صاغت مخططًا سياسيًا لإدارة جمهورية جديدة وعلى اتصال منتظم مع حملة ترمب-، إنهم يقترحون أن تستعمل الولايات المتحدة نفوذها داخل الوكالة للضغط من أجل استبدال مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول.
وقال باحث كبير في هيريتاغ، ماريو لويولا: "يجب على الولايات المتحدة أن تتوصل إلى إستراتيجية لاستبدال القيادة في وكالة الطاقة الدولية"، مهاجمًا ما وصفه بتركيز بيرول على "القصص الخيالية لصافي الصفر" مع استمرار "تزايد الطلب على الوقود الأحفوري".
يُنتَخَب مدير وكالة الطاقة الدولية من قبل الدول الأعضاء، لكن الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ كبير في المجموعة، بسبب تمويلها ونفوذها الجيوسياسي.
أمّا الأعضاء الـ30 الآخرين في وكالة الطاقة الدولية، فهم في الغالب أوروبيون، ولكنهم يشملون أيضًا اليابان وأستراليا ونيوزيلندا وكندا والمكسيك وكوريا الجنوبية.
ويتعارض دفع ترمب لوكالة الطاقة الدولية للرجوع نحو التركيز على الوقود الأحفوري في مزيج الطاقة العالمي مع الموقف المعلن وسياسات الطاقة للاتحاد الأوروبي والأعضاء الرؤساء الآخرين في وكالة الطاقة الدولية.
خطط المرشح الجمهوري
قال زميل سابق في إدارة ترمب لشؤون الطاقة، مايك ماكينا، إن إدارة ترمب الجديدة ستعطي الأولوية لتحركات سياسة الطاقة الأخرى أولًا، مثل التراجع عن الإيقاف المؤقت الذي فرضته إدارة بايدن بشأن تراخيص تصدير الغاز المسال، أو توسيع عمليات الحفر المحلية، أو انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس للمناخ.
وأضاف: "يمكنني أن أرى أن التركيز على تغيير القيادة في وكالة الطاقة الدولية سيكون في العام الثاني"، حسبما ذكرت رويترز.
وقال المساعد الخاص للطاقة الدولية والبيئة في مجلس الأمن القومي عندما كان ترمب رئيسًا، ديف بانكس، إن المرشح الجمهوري فكّر في قطع التمويل الأميركي لوكالة الطاقة الدولية خلال رئاسته، لكنه اختار الاحتفاظ به، ويرجع ذلك جزئيًا إلى قيمته المنخفضة نسبيًا"، إذ تدفع الولايات المتحدة نحو 6 ملايين دولار سنويًا من مستحقات وكالة الطاقة الدولية، لكن الأمور قد تتغير إذا أعيد انتخابه.
وقال بانكس: "هناك شعور بين الجمهوريين بأن وكالة الطاقة الدولية يديرها الأوروبيون حقًا، وتعطي الأولوية لآراء أمن الطاقة الأوروبية، وهو ما يتوافق مع الأولويات الديمقراطية".
وحثّ بيرول، منذ تعيينه في عام 2015 مديرًا لوكالة الطاقة الدولية، الوكالة على جعل مكافحة تغير المناخ أمرًا أساسيًا في تحليلاتها، وتتوقع الوكالة أن يصل الطلب على النفط إلى ذروته في نهاية هذا العقد.
وفي عام 2021، بعد وقت قصير من تولّي الرئيس جو بايدن منصبه، نشرت وكالة الطاقة الدولية تقريرًا قال، إن الإنهاء السريع لاستثمارات الحفر الجديدة على مستوى العالم أمر ضروري، إذا أرادت الدول الحدّ من ارتفاع درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية على النحو المستهدف في اتفاقية باريس.
ومنذ ذلك الحين، اشتبكت منظمة البلدان المصدّرة للنفط (أوبك)، التي تضم السعودية وغيرها من كبار منتجي النفط، مع وكالة الطاقة الدولية، واتّهمتها العام الماضي بتشويه سمعة منتجي النفط.
اشتباكات مع الكونغرس
دفع تحوّل بيرول الأخضر المشرّعين الجمهوريين الأميركيين إلى اتهام وكالة الطاقة الدولية بالتوافق بشكل وثيق مع الخطة السياسية لإدارة بايدن، إذ قال اثنان من كبار المشرّعين الجمهوريين في مارس/آذار، إن الوكالة تحولت إلى "مشجع لانتقال الطاقة".
وكان نواب أميركيون قد شنّوا هجومًا حادًا على الوكالة ورئيسها، ومنهم رئيس اللجنة الفرعية للطاقة والمناخ وأمن الشبكة في مجلس النواب جيف دنكان، إذ اتهموها بالحياد عن مهمتها الأساسية، وهي تعزيز أمن الطاقة، والتحول إلى الدعوة لسياسات المناخ على حساب هذه المهمة.
ويتبنّى مدير وكالة الطاقة الدولية خطة مناخية غير محايدة تجاه أمن الطاقة، وهو ما دفع شركات الطاقة الكبرى إلى الميل لدعم المرشح الجمهوري، وهو ما ظهر جليًا خلال مؤتمر "سيرا ويك" مؤخرًا، عندما أعلن رؤساء تنفيذيون لشركات عاملة بالقطاع انزعاجهم من "تحطيم صناعة النفط والغاز" خلال حكم بايدن.
وتلقّى رئيس وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول خطابين رسميين من مجلس النواب الأميركي، كان الأول مؤرخًا في 20 مارس/آذار الماضي 2024، في حين جاء الثاني -الذي حصلت منصة الطاقة المتخصصة على نسخة منه- بتاريخ 3 أبريل/نيسان الماضي، حملا مجموعة من الانتقادات والاتهامات للوكالة ورئيسها بشأن توقعاتها الخاصة بالطلب على النفط والغاز، وإعدادها من خلال سيناريوهات مناخية غير محايدة، وموجهة.
واتهم النواب رئيس وكالة الطاقة الدولية بتبنّي خطة مناخية جديدة، ذات توقعات معينة بشأن الطلب على النفط والغاز، الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة ما زالت مستمرة حتى الآن في مجال الطاقة، خاصة بعدما فشلت الوكالة في تزويد الحكومات ببيانات دقيقة ومحايدة تساعدها في اتخاذ القرارات السليمة.
خطة وكالة الطاقة
قال جون كيري، الذي شغل منصب كبير مبعوثي بايدن للمناخ في الولايات المتحدة حتى مارس/آذار، قبل تنحّيه عن منصبه إن إدارة بايدن عملت بشكل وثيق للغاية مع وكالة الطاقة الدولية"، معتمدة على نماذجها وتحليلاتها لتشكيل بعض سياساتها الرئيسة لإزالة الكربون من الاقتصاد الأميركي بحلول عام 2050.
ورفض كيري تأكيد أن وكالة الطاقة الدولية لديها ميل أيديولوجي نحو القضايا الخضراء، وقال كيري لرويترز في مارس/آذار: "بسبب أزمة المناخ والقيادة في وكالة الطاقة الدولية، فإنهم يركّزون حقًا على أن يصبحوا قائلين الحقيقة بشأن التحدي المناخي".
ودافعت وكالة الطاقة الدولية عن تحليلاتها كونها مستقلة وقائمة على الحقائق، إذ قال بيرول في خطاب أرسله في إبريل/نيسان ردًا على المشرّعين الجمهوريين: "إن سيناريوهات وكالة الطاقة الدولية.. نتاج جهد تحليلي مستقل ومفصّل، مستنير بأحدث البيانات عن الأسواق والسياسات والتكاليف التكنولوجية".
لكن إذا أعيد انتخاب ترمب رئيسًا، فإن الوكالة ستواجه ضغوطًا للعودة إلى تركيزها الأصلي على قضايا إمدادات النفط والغاز.
وقال رئيس شركة رابيدان إنرجي الاستشارية، بوب ماكنالي: "أتوقع بقوة أنه إذا فاز الرئيس ترمب، فإن الولايات المتحدة ستستعمل نفوذها في وكالة الطاقة الدولية، بالعمل مع الأعضاء ذوي التفكير المماثل مثل اليابان، لإعادة الوكالة إلى دورها السابق بصفتها هيئة مراقبة أمنية موضوعية وغير سياسية وتحليل الطاقة".
وقال أحد المتبرعين لحملة ترمب والرئيس التنفيذي لشركة كناري للحفر في كولورادو، دان إيبرهارت، إن الأمر برمّته مسألة منظور.
وأضاف: "كانت أولوية ترمب دائمًا أمن الطاقة للولايات المتحدة.. وبقدر ما يعمل عمل وكالة الطاقة الدولية على تثبيط الاستثمار المطلوب في تطوير الطاقة التقليدية، فإن ترمب سينظر إلى ذلك بوصفه خطرًا على اقتصاد أميركا وأمنها".
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: النفط الإيراني انتعش في عهد بايدن.. و"ترمب" خطر على الصناعة
- هل يستقيل مدير وكالة الطاقة الدولية؟.. ترمب قد يكتب قصة النهاية
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي في مصر يستعد لاستغلال 500 مليون برميل
- الغاز المغربي.. نتائج حملة الحفر البري لاستخراج 20 مليار قدم مكعبة
- واردات إسبانيا من الغاز في أبريل 2024 تنخفض 30%.. والجزائر تستحوذ على نصفها