حرائق السيارات الكهربائية تمتد إلى الدراجات وتهدد السفن
هبة مصطفى
يتناسب معدل حرائق السيارات الكهربائية عكسيًا مع طموحات ومستهدفات انتشارها، لتشكّل مثل هذه الحوادث هاجسًا كان يفترض تراجعه عامًا بعد عام، منذ انطلاق تلك المركبات على الطرق.
ويبدو أنه ظهرت أنواع عدّة من الحوادث، إذ كانت حرائق البطاريات السلبية الأبرز للنقل منخفض الانبعاثات لمدة من الزمن، لتظهر بعدها الانفجارات المصاحبة لأيّ حادث تتعرض له السيارة، ثم عدم القدرة على التكيف مع درجات الحرارة المرتفعة.
وبحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لعدد من الحوادث، فقد انتقلت الحرائق إلى الدراجات الكهربائية، ويبدو أن كل ما هو "كهربائي" في وسائل النقل بات مخيفًا.
ومع انتشار ظاهرة حرائق السيارات الكهربائية، تزداد الأسئلة المطروحة: "كيف ستجري عملية إنقاذ المصابين في هذه الحوادث؟"، "ألم يحن الوقت لتبني الشركات تعديلًا على البطاريات؟"، "كيف ستنقل الشحنات الضخمة للسيارات الكهربائية من دولة لأخرى؟".
سيناريوهات الحوادث
لم تتبنَّ هيئة بعينها رصد معدل حرائق السيارات الكهربائية على المستوى العالمي حتى الآن، لكن بيانات في المملكة المتحدة كشفت أنه نشب 507 حرائق في بطاريات السيارات، خلال 5 سنوات من عام 2017 حتى 2022.
وكانت المفاجأة أن حرائق السيارات الكهربائية لم تخمد خلال عامي 2022 و2023، بل على العكس سجلت 219 حريقًا ضخمًا خلال العامين، في حين شهدت الأشهر الفائتة من العام الجاري 2024 تعرُّض بطاريات 14 حافلة للاحتراق.
وكان الأمر الأكثر دهشة، رصد حرائق في عدد من الدراجات الكهربائية أيضًا، وعقب تقصّي الأمر، أشارت هيئة السلامة وفحص المواصفات (CE Safety) إلى أن هذه الحرائق تنتج عن تفاعلات الليثيوم لتسبّب اشتعالًا قويًا للنيران.
ولفتت الهيئة إلى أن زيادة الشحن المنزلي للسيارات والدراجات التي تضم بطاريات ليثيوم، وترك المركبات في القابس بعد امتلاء البطارية، يهدد الأسر بشدة، وفق تقرير نشره موقع ديلي سكبتك (Daily Sceptic).
مخاطر بحرية محتملة
لم تقتصر مخاوف حرائق السيارات الكهربائية على اليابسة والطرق البرية فقط، بل إن هذه المخاوف انسحبت -أيضًا- على احتمال نشوبها في البحر، خاصة على متن ناقلات شحنات السيارات من دولة لأخرى.
ويخشى القائمون على صناعة الشحن البحري من المخاطر الآخذة في الارتفاع حال نقل السيارات الكهربائية على متن الناقلات والعبارات، وعلى إثر ذلك قررت شركة الشحن النرويجية هافيلا كيستروتن (Havila Kystruten) حظر نقل السيارات الكهربائية والهجينة والهيدروجينية على متن أسطولها.
وأرجعت الشركة ذلك إلى صعوبة السيطرة على حرائق هذه السيارات بشكل فوري من قبل طاقم السفينة، وقد يعرّض ذلك السفن ذاتها والأشخاص على متنها للخطر، وهم ينتظرون مساعدة خارجية في إطفاء الحرائق.
وتعدّ السيطرة على الحرائق البحرية للسيارات العاملة بالوقود الأحفوري أكثر سهولة؛ اعتمادًا على أنظمتها، ودون الحاجة إلى مساعدات خارجية، وفق نتائج تحليل المخاطر التي أجرتها الشركة النرويجية.
من جانب آخر، يؤدي الطقس دورًا مهمًا بالنسبة لحرائق السيارات الكهربائية، فإذا نشب حريق على متن ناقلة سيارات في البحر تزداد فرص النجاة في حالة الطقس الجيد ودرجات الحرارة الملائمة.
أمّا في حال ارتفاع درجات الحرارة واشتداد العواصف فإن فرص السيطرة على الحريق تتضاءل، بل قد يصل إلى حدّ انفجار الناقلة بطاقمها وحمولتها.
الإنقاذ خلال الحوادث
بالنظر إلى أن القلق من حرائق السيارات الكهربائية -سواء نتيجة احتراق البطارية أو انفجارات التصادم أو الحوادث- آخذ في التزايد، بدأت دول بدراسة التعامل معها بوصفها "أمرًا واقعًا".
وتعكف هيئة خدمات الإطفاء والإنقاذ في ولاية نيو ساوث ويلز الأسترالية على دراسة كيفية إنقاذ ضحية داخل سيارة كهربائية تعرضت لحادث، ومتى يجري التخلّي عن الضحية وابتعاد طاقم الهيئة إذا كان من المحتمل انفجار البطارية.
ولاقت هذه الواقعة انتقادات إعلامية، إذ كيف لهيئة إنقاذ تدرّب فريقها على احتمال التخلّي عن الضحية، حتى لو كانت بطارية السيارة معرّضة للانفجار في أعقاب الحوادث.
وربما يدفع عدم تدريب هذه الفرق على كيفية الإنقاذ الصحيحة لمصابي حوادث السيارات، إلى تعرُّض المصابين لخطر أكبر.
وتشير المعلومات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى أن هذه المخاطر كافة يمكن تجنّبها مع حوادث السيارات العاملة بمحرك الاحتراق الداخلي، والأنواع التقليدية المعتمدة على البنزين والديزل.
مستقبل السيارات النظيفة
قد يرتفع معدل حرائق السيارات الكهربائية وانفجارات البطاريات، بالتوازي مع زيادة انتشارها على الطرق؛ ما ينتج عنه تلويث الهواء بغازات شديدة السُمّية في حالة ارتفاع درجات الحرارة وعدم السيطرة السريعة على الحرائق.
ويعدّ احتمال انفجار السيارة قائمًا مع كل حالة تصادم تتعرض لها، وربما يعود لأسباب في تصنيع البطاريات، سواء اعترفت بها الشركات واستدعت السيارات لعلاجها أم لا.
وتطلق هذه الحوادث جرس إنذار حول تحقيق أهداف الحياد الكربوني وخفض الانبعاثات بصورة سريعة، دون الاعتداد باعتبارات السلامة؛ ما يزيد عزوف المشترين عن السيارات الكهربائية.
ويبدو ما آل إليه وضع الشركة الأميركية العملاقة لتأجير السيارات هيرتز (Hertz) مثالًا حيًا على ذلك، إذ أقدمت الشركة على شراء أسطول ضخم من سيارات شركة تيسلا (Tesla) الكهربائي عام 2021، لتبدأ بعد 3 أعوام فقط بالتخلص تدريجيًا من 30 ألف سيارة منها بتحويلها إلى سوق السيارات المستعملة والمتهالكة.
وفي أوروبا، قد تتعرض صناعة السيارات للتدهور والعجز عن منافسة نظيرتها الصينية، إذ استمرت سياسة تعزيز المبيعات الكهربائية بالدعم والإعفاءات والامتيازات.
موضوعات متعلقة..
- جهود لاحتواء حرائق السيارات الكهربائية على السفن بعد حادث مصر
- بطاريات السيارات الكهربائية تضرب سوق المستعمل.. و4 نصائح تحافظ عليها
- حرائق البطاريات تهدد ثورة السيارات الكهربائية.. وحلول للتغلب على الأزمة
اقرأ أيضًا..
- وزيرة الطاقة المغربية: لسنا السعودية ولا قطر.. وقريبًا صفقات البنية التحتية للغاز (حوار)
- جولة داخل مركز الطاقة الخضراء في المغرب.. و4 مشروعات بحثية غير مسبوقة (فيديو)
- 3 دول عربية تزود بنغلاديش بالغاز المسال والأسمدة في مايو