محطات الفحم المغلقة كنوز مخفية لتسريع التحول الأخضر.. كيف تستغلها أوروبا؟
محمد عبد السند
- من الممكن أن تسهم محطات الفحم المغلقة في تعزيز توليد الكهرباء النظيفة
- يتزايد عدد محطات الكهرباء العاملة بالفحم التي خرجت من الخدمة في أوروبا
- تُعد التقنية الجديدة العمود الفقري للتحول من الفحم إلى الطاقة النظيفة
- يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تسريع التحول بعيدًا عن الفحم والغاز لضمان تحقيق أهدافه المناخية
- يؤدي الفحم دورًا مهمًا في منظومة الطاقة العالمية
ترسم محطات الفحم المغلقة لنفسها دورًا مستقبليًا محتملًا في تسريع وتيرة التحول الأخضر في أوروبا عبر تحويلها إلى منشآت لتوليد الكهرباء النظيفة.
ويتزايد عدد محطات الكهرباء العاملة بالفحم التي خرجت من الخدمة في القارة العجوز، مع تحول العديد من بلدانها إلى مصادر الطاقة المتجددة واستبدالها بهذا الوقود الأحفوري الحساس بيئيًا.
وتراجع معدل توليد الكهرباء من محطات الفحم في أوروبا مقارنةً بتلك المولدة من طاقة الرياح، للمرة الأولى في الربع الأخير من 2023، ليلامس 184 تيراواط/ساعة، نظير 193 تيراواط/ساعة من طاقة الرياح، وفق تقديرات رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
نصف المحطات تتقاعد
تُعد محطات الفحم المغلقة -التي خرجت من حسابات القائمين على تلك الصناعة الحيوية- مواقع مثالية لتوليد الكهرباء المتجددة وتخزينها، في ظل تسارع وتيرة التحول العالمي من الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة في أوروبا، وفق ما أورده موقع يورونيوز.
ومنذ عام 2012 هبط معدل توليد الكهرباء في المحطات العاملة بالفحم في بلدان الاتحاد الأوروبي بواقع الثُلث -تقريبًا- في حين زاد توليد الكهرباء المتجددة من 14.2% إلى 23% في مزيج الكهرباء الوطني في تلك الدول.
وبحلول عام 2021، أوقفت بلجيكا والنمسا والسويد والبرتغال -تمامًا- عمليات توليد الكهرباء بالفحم، في توجه سيستمر حتى حلول نهاية العقد الحالي (2030).
ومن المتوقع أن يخرج قرابة نصف محطات الكهرباء العاملة بالفحم في أوروبا من الخدمة، في ظل مساعي دول القارة للتخلص من الفحم بالكلية قبل نهاية العقد المقبل (2040)، حسب معلومات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتتيح محطات الفحم المغلقة فرصة ذهبية لتسريع وتيرة تحول الطاقة، عبر إمكان استعمالها في تعزيز كمية الكهرباء المولدة بالمصادر النظيفة.
فبدلًا من ترك مواقع المحطات المذكورة دون استفادة، يبرز العديد منها خيارات مثالية للتحول إلى مراكز طاقة نظيفة، إذ من الممكن استعمال المساحات الكبيرة من الأراضي وتوصيلات الشبكة الموجودة، في ربط السعة المتجددة بسرعة دون الحاجة إلى بنية تحتية جديدة لنقل الكهرباء.
محطات الفحم المغلقة خارج الخدمة
في العام قبل الماضي (2022) تمثلت أكبر 10 مصادر للانبعاثات الكربونية في أوروبا في محطات فحم، وكانت تلك المحطات -مجتمعةً- مسؤولة عن 13% من إجمالي الانبعاثات في بلدان الاتحاد الأوروبي.
ورغم أهمية الخطط الأوروبية لتسريع وتيرة التخلص من الكهرباء المولدة بالفحم، بات من الضروري إدراك أن هذا الوقود الأحفوري يؤدي دورًا مهمًا في منظومة الطاقة العالمية عبر توفيره مصدرًا موثوقًا -وإن كان ملوثًا- للكهرباء.
ويكمن أحد التحديات الرئيسة التي تواجه جهود تحول الطاقة في استبدال المصادر المتجددة بالفحم لتوليد الكهرباء المستدامة.
وبينما يبرز الغاز الطبيعي مصدر طاقة منخفض الكربون في بعض الحالات، يحتاج الاتحاد الأوروبي إلى تسريع التحول بعيدًا عن الفحم والغاز لضمان تحقيق أهدافه المناخية، وتعزيز أمن الطاقة في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في 22 فبراير/شباط (2022).
ومع إضافة تقنية تخزين الكهرباء، أضحى ممكنًا -الآن- استعمال الكهرباء المتجددة المولدة بطاقة الشمس والرياح بديلًا مستدامًا للوقود الأحفوري، إذ إنه بمجرد وقف تشغيل محطات الفحم، يمكن استعمالها بوساطة مطوري الطاقة المتجددة.
وتشمل تلك العملية الأصول والمنشآت الكبيرة، التي غالبًا ما تتدهور حالتها ويصعب الاستفادة منها في أغراض غير صناعية، إلى جانب البنية التحتية الحالية للنقل الكهربائي التي يمكن استعمالها بسهولة لنقل الكهرباء النظيفة.
نماذج واقعية
تستغل شركات الطاقة الطموحة تلك الفرصة، كما هو الحال في ألمانيا، إذ تعكف شركة إل إي إيه جي (LEAG) العاملة في مجال إنتاج الطاقة -حاليًا- على بناء أكبر مركز للطاقة النظيفة في أوروبا ومقره في مدينة بوكسبيرغ.
وتستعد "إل إي إيه جي" المالكة لمنجم فحم حجري مفتوح ومحطة طاقة عاملة بالفحم، لتحويل تلك البنية التحتية الحالية للفحم إلى مراكز لإنتاج الكهرباء النظيفة، عبر تركيب ما يصل إلى 14 غيغاواط من طاقة الشمس والرياح، ومن 2 إلى 3 غيغاواط/ساعة من تخزين الكهرباء على المدى الطويل.
ومنذ عام 2010، سجلت تركيبات طاقة الشمس والرياح هبوطًا كبيرًا، لتصبح -الآن- في قائمة الخيارات الأقل تكلفة لقدرات التوليد الجديدة.
وتستهلك محطة كهرباء بوكسبيرغ -حاليًا- 50 ألف طن من فحم الليغنيت يوميًا، ما ينتج عنه 20 مليون طن من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويًا، لكن سيحل محل تلك البنية التحتية الملوثة للبيئة مركز طاقة متجددة قادر على توفير الكهرباء الخضراء.
كما جرى إعلان مشروعات مماثلة في بلدان أخرى حول العالم، مثل أستراليا التي من المقرر إغلاق محطات الفحم بها في عام 2038، ما حفّز الحكومة على تحويل محطات الفحم المغلقة في البلاد إلى مراكز للكهرباء النظيفة في وقت لاحق من العقد الحالي.
فعلى سبيل المثال، ستُفكك محطة ستانويل باور (Stanwell Power) التابعة لحكومة ولاية كوينزلاند، ليحل محلها مشروع تطوير متعدد المراحل للكهرباء النظيفة، من بين ذلك توليد الكهرباء المتجددة وتخزين الكهرباء على المدى الطويل.
دور التقنية الجديدة
تبرز التقنية الجديدة العمود الفقري للتحول من الفحم إلى مصادر الطاقة النظيفة، وصولًا إلى أهداف الحياد الكربوني، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ومع ذلك، أدت الطبيعة المتقطعة لطاقتي الشمس والرياح إلى الحد من قدرتها على أن تَحِل محل مصادر الوقود الأحفوري في توليد الكهرباء.
لكن يمكن لتقنيات تخزين الكهرباء الجديدة تخزين كميات أكبر من تلك السلعة الحيوية وتفريغها على مدار مدد أطول من أنواع البطاريات السابقة، ما يتيح إمكان تخزين الكهرباء النظيفة وإتاحة استعمالها عند الحاجة إليها.
موضوعات متعلقة..
- تخارج محطات الفحم في أستراليا قد يُحدث فوضى.. وتوصيات مهمة
- عدد تصاريح محطات الفحم في الصين يهدد أهدافها المناخية لعام 2025
- تباطؤ إغلاقات محطات الفحم الأميركية إلى 2.3 غيغاواط في 2024 (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- قطر تقود توقعات ارتفاع إسالة الغاز الطبيعي عالميًا.. قد تتجاوز 666 مليون طن سنويًا
- إنتاج أكبر حقل غاز في مصر قد ينتهي خلال 7 أعوام.. وشرط وحيد لاستمراره
- مخزونات النفط الأميركية ترتفع 7.3 مليون برميل خلافًا للتوقعات