إنتاج الطاقة الشمسية يُربك أسعار الكهرباء.. ما قصة "منحنى البطة"؟
أسماء السعداوي
برز إنتاج الطاقة الشمسية بوصفه إحدى أدوات خفض اعتماد أوروبا على الوقود الأحفوري، من أجل حماية البيئة من التلوث من ناحية وتقليل الواردات الروسية من ناحية أخرى.
وكانت أوروبا ثاني أسرع أسواق العالم نموًا بعد آسيا من حيث إضافات قدرات الطاقة الشمسية خلال العقد الماضي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وبينما يحمل نمو إنتاج الطاقة الشمسية مكاسب للمستهلكين، إذ يحميهم من صدمات أسعار الكهرباء، تقلصت هوامش أرباح المرافق والشركات.
بالإضافة إلى ذلك نتج عن ذلك الوضع ظهور مفهوم مستجد على أسواق الكهرباء وهو "منحنى البطة"، وفيه يرتفع إنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية خلال منتصف النهار في وقت يكون فيه الطلب ضعيفًا، ثم ينخفض ذلك الإنتاج الشمسي أو يتلاشى تمامًا في الليل.
ويفرض ذلك الوضع الجديد ضغوطًا على سوق الكهرباء بالجملة في أوروبا، خاصة أن الانتشار الواسع للألواح الشمسية في المنازل والمرافق يقلب أنماط أسعار الكهرباء التقليدية رأسًا على عقب.
إنتاج الطاقة الشمسية في أوروبا
ارتفعت قدرات الطاقة الشمسية الجديدة في أوروبا إلى 172 غيغاواط خلال 10 سنوات بين 2012 و2022، وفق بيانات مركز أبحاث الطاقة إمبر (Ember).
يُقارن ذلك بآسيا التي سجلت نحو 600 غيغاواط، وقرابة 110 غيغاواط في أميركا الشمالية خلال المدة نفسها.
وفي عام 2023 المنصرم، يقول محللون ومستشارون في الصناعة، إن أوروبا سجلت رقمًا قياسيًا جديدًا.
وسمح ذلك النمو السريع للقدرات بالاستحواذ على حصة كبيرة من إجمالي مزيج الكهرباء في أوروبا، ليتضاعف إنتاج الطاقة الشمسية من نحو 5% خلال صيف عام 2019 إلى دون 11% في صيف العام الماضي.
وفي المقابل، كانت النسبة في آسيا دون 7% خلال الصيف الماضي، وفي أميركا الشمالية سجلت 6.37%، بحسب تقرير نشرته وكالة رويترز.
ارتباك أسعار الكهرباء
تُعد الكهرباء المولدة بوساطة الطاقة الشمسية هي الأرخص في العديد من المناطق، ومع الانتشار الواسع للألواح في المنازل والشركات والمرافق تنخفض أسعار بيع الكهرباء بالجملة خلال مدد ذروة إنتاج الطاقة الشمسية.
وينعكس ذلك سلبًا على الشركات المنتجة التي تتآكل أرباحها، فيما يُعرف بـ"تأثير المزاحمة" الذي يحدث نتيجة تعاظم دور الطاقة المتجددة لتنافس المصادر الأحفورية التقليدية مثل الفحم والغاز، وهو ما يُلحق خسائر بأرباح الشركات المنتجة للكهرباء.
تتجلى تلك الظاهرة بصورة حادة في أوروبا التي تُعد الطاقة المتجددة سبيلًا رئيسًا لإزالة الكربون من الشبكة وأيضًا لخفض واردات الوقود الأحفوري.
وفي ضوء ذلك، يتعيّن على أسواق الكهرباء الأوروبية الاستعداد للاضطرابات الناتجة عن فائض الطاقة المتجددة التي تخفِّض الأسعار عند هدوء الطلب، ثم ينخفض إنتاجها بعد ذلك فيما يعرف بتأثير منحنى البطة الذي ظهر سابقًا في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
ومن شأن تلك الاضطرابات أن تُقوّض اقتصادات إنتاج الكهرباء من كل المصادر بصورة مؤقتة، وربما تمنع دخول استثمارات جديدة في قدرات التوليد في توقيت حرج بالنسبة إلى القارة العجوز التي تسعى إلى تحول الطاقة بعيدًا عن الوقود الأحفوري ووضعت أهداف توليد 100% من الكهرباء من مصادر نظيفة في غضون سنوات.
ما الحل؟
تُثير الاضطرابات في أسعار الكهرباء نتيجة فائض إنتاج الطاقة الشمسية قلق صناع السياسات، لكن السلطات تدرك حقيقة أن مستهلكي الطاقة يلمسون منافع زيادة إنتاج الكهرباء من المصادر المتجددة في صورة انخفاض للأسعار.
وبالنسبة إلى المستهلكين أنفسهم، سيكونون على المدى الطويل في مأمن من القفزات بأسعار الوقود مستقبلًا فور اكتمال بناء القدرات المتجددة المحلية.
لكن على صناع السياسات والمستهلكين والمنتجين للكهرباء الاستعداد لمزيد من التقلبات في تكاليف الكهرباء، لأن مزيج الكهرباء في أوروبا ما زال في طور التطور من هيمنة الوقود الأحفوري إلى الطاقة النظيفة.
ويمكن لمطوري المشروعات القلقين من تأثير فائض الإنتاج في أسعار الكهرباء أن يبطئوا وتيرة إقامة المشروعات الجديدة، لكن ذلك يهدد القوة الدافعة لتحول الطاقة على مستوى البلدان وإقليميًا.
وربما إذا أخذ صناع السياسات في الحسبان مكاسب إرساء منظومة طاقة متجددة متكاملة، يمكن حينئذٍ تقديم حوافز ملائمة إلى الشركات المطورة، من أجل ضمان الحفاظ على وتيرة تحول الطاقة.
موضوعات متعلقة..
- إزالة انبعاثات الطاقة والنقل في أوروبا تحتاج 1.6 تريليون دولار.. من سيدفعها؟ (تقرير)
- انتقادات لتوسعات شبكة الكهرباء في أوروبا.. وخطر يهدد المستهلكين
- إغلاق أكبر حقل غاز في أوروبا رسميًا.. أرباحه تجاوزت 450 مليار دولار
اقرأ أيضًا..
- السعودية والإمارات تسعيان إلى تطوير السيارات الكهربائية وإنتاج الليثيوم محليًا (تقرير)
- مشروعات الهيدروجين الأخضر في مصر.. هل تجعل القاهرة مركز تصدير عالميًا؟ (تقرير)
- قطاع النفط الفنزويلي يخسر الترخيص الأميركي.. ومادورو يعلق: خطأ فادح
- صادرات النفط الإيرانية أمام حزمة جديدة من العقوبات الأميركية