بدأت المخاوف تتزايد من انهيار شبكة الكهرباء في أكبر مدينة برازيلية، عقب تكرر انقطاع التيار نتيجة إخفاقات تلاحق الشركة المشغّلة.
وحذّر مسؤولون من أن مدينة ساو باولو البرازيلية تواجه انهيار شبكتها الكهربائية بعد سنوات من نقص الاستثمار، إذ أدى انقطاع التيار على نطاق واسع إلى تعطيل النشاط في أكبر مدينة في الأميركتين، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتتزايد مخاوف انهيار شبكة الكهرباء في ساو باولو لكونها مركزًا ماليًا واقتصاديًا رئيسًا يسكنه ما يقرب من 23 مليون شخص، وعانت في الأشهر الأخيرة من انقطاع التيار الكهربائي على نطاق واسع؛ ما أدى إلى حرمان مئات الآلاف منه لأيام متتالية.
لوم الشركة المشغّلة
ألقت مخاوف انهيار شبكة الكهرباء في ساوباولو على مسؤولي المدينة والحكومة الفيدرالية الذين وجّهوا أصابع اللوم إلى شركة إينيل (Enel)، وهي مجموعة الطاقة الإيطالية التي شغّلت الشبكة لمدة 6 سنوات، لكن انقطاع التيار الكهربائي يسلّط الضوء على التأثير المدمر لنقص الاستثمار المزمن في البنية التحتية البرازيلية.
وقال عمدة مدينة ساو باولو المنتمي إلى يمين الوسط ريكاردو نونيس: "إنه شيء خطير للغاية.. من الواضح جدًا أن شركة إينيل غير قادرة على الاستمرار"، وفق ما نشرته صحيفة فايننشال تايمز Financial Times اليوم الأحد 7 أبريل/نيسان 2024.
وأضاف أن الخبراء أخبروه أن شبكة المدينة معرّضة لخطر الانهيار في غضون 3 سنوات دون استثمارات كبيرة.
وكان الرئيس البرازيلي لويز إيناسيو لولا دا سيلفا قد جعل البنية التحتية في العام الماضي مجالًا رئيسًا للإنفاق، وكشف النقاب عن برنامج للأشغال العامة مدّته 4 سنوات بقيمة 76 مليار دولار.
لكن توقعات شركة إنتر بي الاستشارية تشير إلى أن الاستثمار في البنية التحتية هذا العام سيظل يمثّل أقل من 2% من الناتج المحلي الإجمالي، بانخفاض عن أقل من 2.5% قبل عقد من الزمن في ظل الإدارات اليسارية السابقة، وبعيدًا عن أن يكون كافيًا لتلبية احتياجات البلاد.
علاوة على ذلك، فإن حصة الأسد من هذا الاستثمار يقودها القطاع الخاص، وفي قطاع الطاقة الكهربائية وحده، من المتوقع أن يأتي أكثر من 90% من الإنفاق من الشركات الخاصة، وفقًا لشركة إنتر بي (Inter B).
ضعف الاستثمار في البنية التحتية
قالت الشريكة في شركة تندينسياس الاستشارية (Tendencias) أليساندرا ريبيرو، إن الاستثمار في البنية التحتية الذي يبلغ إجماليه 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي أقل بكثير مما هو مطلوب في البرازيل.
بدوره، ردّد وزير الطاقة البرازيلي ألكسندر سيلفيرا انتقادات عمدة مدينة ساو باولو ريكاردو نونيس لشركة إينيل، وفق تصريحات تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وطلب الوزير من المنظمين بدء عملية تأديبية يمكن أن تؤدي إلى خسارة الشركة امتيازها التشغيلي.
وبموجب شروط الامتياز الحالي، الذي من المقرر أن يستمر حتى عام 2028، تتولى شركة إينيل مسؤولية الاستثمار في الشبكة وصيانتها.
انطلقت هذه الضجة بسبب انقطاع التيار الكهربائي الذي بدأ أواخر الشهر الماضي، واستمر نحو 3 أيام، وأثّر بشكل رئيس في المنطقة الوسطى الفقيرة بالمدينة، واضطرت الشركات والمستشفيات والمدارس إلى إغلاق أبوابها؛ ما تسبَّب في استياء عامّ واسع النطاق.
جاء ذلك بعد انقطاع آخر لمدة أيام في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، الذي كان نتج في البداية بسبب عاصفة.
ويقدّر الخبراء أن انقطاع التيار الكهربائي أدى إلى انخفاض بنسبة 6.5% في إيرادات التجزئة، مقارنة بالمدة نفسها من العام السابق.
إينيل تمتثل.. ولكن!
قالت شركة إينيل إنها "تمتثل بشكل كامل لجميع الالتزامات التعاقدية والتنظيمية"، لكنها أكّدت في الوقت نفسه أن "التهديد بإلغاء الامتياز يمكن أن يثير المخاوف بين المستثمرين الأجانب في البرازيل، كما قد يضرّ بالعلاقات بين البرازيل وإيطاليا".
وتمتلك روما حصة تبلغ نحو 24% في المنشأة.
وأضاف أنه مع استضافة البرازيل قمة المناخ كوب 30 العام المقبل "لن يكون من مصلحة البلاد تعريض العلاقات الجيدة التي كانت تربطها دائما مع شركة إينيل للخطر".
وتعدّ الشركة واحدة من أكبر شركات الطاقة المتجددة الخاصة في العالم.
انهيار شبكة الكهرباء.. مسؤولية من؟
يبدو أن التسبب في انهيار شبكة الكهرباء في ساو باولو أصبح تهمة تتقاذفها عدّة جهات، فقد قال رئيس إنتر بي، كلاوديو فريشتاك، إن المسؤولية عن انقطاع التيار الكهربائي تقع جزئيًا على عاتق شركة إينيل، التي على الرغم من وفائها بالتزاماتها بموجب الامتياز، فإنها كانت بطيئة في إصلاح البنية التحتية خلال انقطاع التيار الكهربائي.
لكنه قال -أيضًا-، إن الحكومة يجب أن تتحمل اللوم لعدم قيامها بمراجعة حسابات الشركة عن كثب، وعدم تقديم مقترحات جديدة لتحسين مرونة قطاع الطاقة.
وأضاف: "إنه فشل متعدد.. إن الوضع الذي نشهده في البلاد ليس له سبب واحد"، مضيفًا أن الطقس المتطرف المرتبط بتغير المناخ من شأنه أن يزيد من احتمال انقطاع التيار الكهربائي، وأن الحل الوحيد على المدى الطويل هو برنامج لمدّ الكابلات تحت الأرض.
ومن المحتمل أن تبرز مشكلات الطاقة في المدينة بشكل كبير في الحملات الانتخابية للانتخابات البلدية في أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
من جانبه، قال رئيس معهد أسيندي برازيل، كلاوديو سيلز، إن نونيس -عمدة المدينة- وحكومته يبحثون عن "أشياء يمكن أن تحفّز السكان" لدعم محاولتهم لإعادة انتخابهم، في حين يستعمل السياسيون المعارضون الأزمة منصة لتلميع أوراق اعتمادهم".
لكنه أضاف أن "إينيل ضاعفت استثماراتها تقريبًا إلى نحو 1.5 مليار ريال برازيلي (296 مليون دولار أميركي) سنويًا، مقارنة بمبلغ 800 مليون ريال برازيلي استثمره صاحب الامتياز السابق، مؤكدًا أن إينيل "حققت أهداف الجودة الخاصة بها بشكل واضح".
(الريال البرازيلي = 0.20 دولارًا أميركيًا).
اقرأ أيضًا..
- بالأرقام.. العراق يخالف تعهده بخفض صادرات النفط (خاص)
- أكبر الدول المستوردة للغاز المسال في الربع الأول 2024 (رسوم بيانية)
- صادرات الغاز المسال العربية في الربع الأول.. ما الدولة الأعلى نموًا؟