منوعاتتقارير منوعةرئيسية

مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية.. إمكانات هائلة تصطدم بتحديات بيئية

محمد عبد السند

اقرأ في هذا المقال

  • مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية يلقى معارضة شديدة من السكان المحليين في الأرجنتين وتشيلي
  • الليثيوم معدن لا غنى عنه لتحول الطاقة
  • مخاوف من أن يؤثّر تعدين الليثيوم مصحوبًا بتداعيات على البيئة
  • تحتوي المواد الصلبة في المياه الملحية على الليثيوم
  • أجمع العلماء على أن استعمال المياه الصناعية لا يؤثّر في البيئة هي فكرة صعبة التصديق

يُظهر مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية إمكانات هائلة من شأنها أن تتيح فرصًا استثمارية لكبار المطورين العالميين، غير أن تلك الفرص قد تتقلص أمام صخرة التحديات البيئية التي قد تعرقل أنشطة تعدين هذا المعدن الإستراتيجي.

ويُعدّ الليثيوم سلعة رئيسة لتحول الطاقة نظرًا لدوره الحاسم في البطاريات، لكن تُخمة عالمية قد هوت بالأسعار في عام 2023، مع تفوُّق المعروض على الطلب.

وسرعان ما تعافت الأسعار الفورية لكربونات الليثيوم -المادة الرئيسة المستعملة لتشغيل السيارات الكهربائية- في الصين لتلامس ذروتها منذ ديسمبر/كانون الأول (2023)، في أعقاب انهيارها بنسبة 80% في العام نفسه، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

مثلث الليثيوم

تمتد منطقة مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية (Lithium Triangle) عبر الأرجنتين وبوليفيا وتشيلي، وتزخر أرضها بهذا المعدن الإستراتيجي المهم في تصنيع مكونات بطاريات السيارات الكهربائية من بين منتجات أخرى عديدة، وفق تقرير نشره موقع إذاعة صوت أمريكا (Voice of America).

وتتطلب الجهود الدولية لتطوير تقنيات لا تستعمل النفط أو الغاز أو الفحم كميات هائلة من الليثيوم، غير أن مجتمعات أصلية صغيرة تعيش في مثلث الليثيوم تشعر ببالغ القلق من أن يتلاشى نمط الحياة بها، في الوقت الذي تدفع فيه تلك الصناعة باتجاه تطوير معادن ليثيوم جديدة، علمًا بأن أنشطة التعدين تلك تجري في مناطق منخفضة وجافة، تُعرف بـ"المسطحات الملحية".

حقول ليثيوم
حقول ليثيوم - الصورة من euronews

قصص واقعية من الأرجنتين

تعيش مربية الأغنام إيرين ليونور فلوريس دى كالاتا التي يصل عمرها إلى 68 عامًا، في منطقة صحراوية في الأرجنتين، وهي دائمًا ما تبحث عن مياه عذبة يوميًا.

وتُعدّ البلدة التي تقطنها دى كالاتا من بين 38 بلدة أخرى تحيط بالمسطحات الملحية، ويكسب الناس الذين يعيشون في تلك المنطقة بعض الأموال من السياحة في المنطقة، إلى جانب حصاد الملح.

ويساور فلوريس دى كالاتا بعض القلق من أنه إذا جرى التوسع بأنشطة التعدين في منطقتها، فلن يكون هناك ماء، قائلةً: "ماذا سنفعل إذا نفد الماء منا؟ وإذا جاءت المناجم، سنفقد ثقافتنا وهويتنا، وسنصبح بلا شيء".

أسعار الليثيوم

خلال المدة بين عامي 2021 و 2023 تضاعف سعر طن الليثيوم 3 مرات –تقريبًا- في الولايات المتحدة الأميركية، مسجلًا 46 ألف دولار، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفي الصين دفع مشترٍ رئيس للّيثيوم 76 ألف دولار لطن الليثيوم في العام الماضي (2023).

وتُحول شركات الليثيوم في العالم انتباهها إلى مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية، كما يدفع قادة العالم كذلك باتجاه إنتاج الليثيوم.

وقال الرئيس الأميركي جو بايدن، إنه يستهدف أن تمثّل مبيعات السيارات الكهربائية نصف كل مبيعات السيارات في أميركا بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، ما سيعادل قرابة 8 مليون سيارة كهربائية.

بدوره، قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن: "الأرجنتين تتهيأ لتأدية دور حاسم في بناء سلاسل الإمدادات للمعادن الحيوية التي ستقود اقتصاد القرن الـ21، لا سيما أشياء مثل الليثيوم".

ورغم انخفاض أسعار الليثيوم مؤخرًا بسبب الزيادة في معروض المعدن، يقول خبراء، إنه من المرجح أن يرتفع الطلب العالمي على الليثيوم في المستقبل.

حبيبات ليثيوم
حبيبات ليثيوم - الصورة من amazon

مخاوف بيئية في تشيلي

تعمل شركتان لتعدين الليثيوم في تشيلي، المتاخمة للأرجنتين من الغرب. وهي إس كيو إم (SQM) التشيلية وألبيرمارل (Albermarle) الأميركية.

وقال الناطق باسم شركة إس كيو إم فالنتين باريرا، إن الليثيوم هو الحل لمشكلة تغير المناخ، مضيفًا: "نودّ أن نحقق نموًا، وندرك أن هذا المعدن ضروري لتخفيف آثار تغير المناخ".

وفي تشيلي تضخ شركة إس كيو إم آلاف اللترات من الماء الملحي من باطن الأرض، ثم تترك هذا الماء ليجفّ في برك مخصصة لذلك الغرض.

وتحتوي المواد الصلبة في المياه الملحية على الليثيوم، وما إن تتبخر برك المياه، تبرز المادة الصلبة التي تُجمع وتنقَّى للحصول على المعدن المهم.

ومع ذلك، يشعر علماء البيئة بالقلق من أن التعدين في منطقة مثلث الليثيوم في أميركا الجنوبية سيضرّ بحيوانات مثل طيور النحام (الفلامنغو) وغيرها من الكائنات الحية.

وكما هو الحال في الأرجنتين، أثار التعدين انتقادات بيئية وقضايا قانونية، في حين يرغب السكان المحليون باتخاذ قرارات مؤثّرة فيما يتعلق بالأرض.

آراء العلماء

أجمع العلماء على صعوبة تصديق الفكرة القائلة، إن استعمال المياه الصناعية لا يؤثّر في البيئة، مضيفين أن ضخ المياه يمكن أن يلوّث المياه العذبة بالمياه المالحة، بل ويؤدي إلى جفاف المنطقة المحيطة، وفق وكالة أنباء أسوشيتد برس.

وفي هذا السياق، قالت باحثة المياه في جامعة أنتوفاغاستا التشيلية إنغريد غارسيس، إن المسطحات الملحية مهمة لأنواع مختلفة من الحياة الحيوانية والنباتية.

وأوضحت غارسيس أن المياه في المسطحات الملحية غير صالحة للشرب، ولكنها متصلة بمصادر المياه الأخرى، وهي مهمة للسكان الأصليين.

ووفق تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2020، استهلكت أنشطة التعدين 65% من المياه في منطقة أتاكاما المالحة في تشيلي؛ مما تسبَّب في التلوث والضرر البيئي، ودفع السكان الأصليين إلى مغادرة "مستوطنات أجدادهم".

وفي أبريل/نيسان (2023)، أعلن الرئيس التشيلي غابرييل بوريتش خطة لتعزيز سيطرة الحكومة على مناجم الليثيوم.

وقالت سانتياغو، إن الخطة ستساعد في التحكم في معدلات المياه المستعملة ونشر الثروة لعدد أكبر من الناس، في تصريحات إلى وكالة أنباء أسوشتيد برس، رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.

ودفعت تلك الخطوة شركات التعدين للاستثمار في الأرجنتين المجاورة، وهو ما عبَّر عنه وزير التعدين في شمال الأرجنتين ميغيل سولير بقوله: " قرار تشيلي يمثّل فرصة في الأرجنتين".

وتسعى أكثر من 30 شركة رسميًا إلى الحصول على ترخيص للتعدين في منطقتي غواياتويوك لاغون وساليناس غراندس في الأرجنتين، وسط معارضة من السكان المحليين لتلك العمليات التجارية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق