لتوفير مصادر الطاقة في استخلاص المياه.. تقنية مصرية جديدة تعتمد على "الضباب"
داليا الهمشري
تُعد مصادر الطاقة أحد العوامل الرئيسة التي تعتمد عليها تقنيات استخراج المياه وتحليتها المختلفة، ما دفع الباحثين إلى تكثيف جهودهم لتقليل تكلفتها وتعزيز كفاءتها في الحصول على المياه العذبة، من أجل خفض الانبعاثات الكربونية وتحقيق هدف الحياد الكربوني.
وفي هذا الإطار، نجح باحث في جامعة المنصورة المصرية في التوصل إلى تقنية، للحصول على المياه العذبة من الضباب دون استعمال مصادر طاقة على الإطلاق.
وجاء هذا في الدراسة التي نفّذها المعيد في كلية الهندسة بجامعة حورس المصرية المهندس عبدالله الشناوي، لنيل شهادة الماجستير تحت إشراف الأساتذة في قسم هندسة القوى الميكانيكية بكلية الهندسة جامعة المنصورة الدكتور محمد عوض، والدكتور أحمد حامد، وأستاذ الكيمياء في كلية العلوم بجامعة المنصورة الدكتور مجدي يوسف.
وتُعدّ هذه الدراسة استكمالًا لفكرة الباحثيْن في جامعة المنصورة المهندس أحمد أبوالمعاطي والمهندس أحمد الهنداوي، حول تحلية المياه بالطاقة الشمسية باستعمال الضباب، التي نشرتها منصة الطاقة المتخصصة في وقت سابق.
الاعتماد على مياه الضباب
قال المعيد في كلية الهندسة بجامعة حورس المصرية المهندس عبدالله الشناوي، إن العديد من الكائنات الحية تعتمد في بعض الأحيان بصفة رئيسة على مياه الضباب التي تُعد بمثابة مصدر للماء في جميع الاستعمالات اليومية مثل الشرب والنظافة وغيرهما.
وأضاف الشناوي -في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة- أنه على الرغم من أن الماء يُعد من أكثر الموارد الطبيعية وجودًا على كوكب الأرض، فإن المياه العذبة لا تمثل سوى 3% فقط من المجاري المائية في العالم.
وتابع أن هناك نسبة أقل من 1% من إجمالي المياه في العالم متاحة، في حين النسبة المتبقية غير سهلة في الوصول إليها، لأنها تكون على هيئة بخار جوي ورطوبة.
واستطرد قائلًا: "إن نقص المياه العذبة يمثل أزمة كبيرة لانتشاره على نطاق واسع في المناطق الجافة وشبه الجافة في العالم، ما يتطلب إيجاد الحلول لمواجهة هذا التحدي".
الطرق التقليدية
سلّط الشناوي الضوء على بعض الطرق التي يمكن توظيفها لتوفير مياه عذبة في المناطق الجافة، وهي: معالجة مياه الأنهار، ونقل المياه من مواقع أخرى، وتحلية المياه المالحة (الجوفية والسطحية)، وإعادة تدوير المياه مثل مياه الصرف الزراعي والصحي.
ويُضاف إلى ذلك استخراج المياه من الهواء الجوي الرطب ومياه الأمطار والمياه الجوفية وجمع الندى.
وأوضح أن من أهم طرق الحصول على المياه العذبة جمع الضباب وتحويله إلى مياه سائلة يُمكن استعمالها في أغراض كثيرة ومنها الشرب، على أن تمر بعملية معالجة بعد تجميعها.
ولفت إلى أن تقنية جمع الضباب تمثل أحد موارد المياه في العديد من البلدان، ومشروعًا وطنيًا كما في مشروع دار سي حماد بالمغرب وبعض المشروعات في تشيلي.
وتعتمد هذه المشروعات على جمع المياه من الضباب بالطرق التقليدية، بالتقاطه من فوق الجبال بوساطة شبكات مخصصة لذلك، ويمكنها -عادة- جمع نحو 53 غالونًا من المياه يوميًا.
وأشار الشناوي إلى أن فكرة عمل جمع الضباب تقوم على توزيع شباك من النايلون أو من المعدن في الأماكن المُراد تجميع الضباب بها، إذ يصطدم بها الضباب ويتجمع ويتحول إلى ماء سائل يُجمع في خزانات أسفل الشبكة.
توفير مصدر بديل للمياه
قال المهندس عبدالله الشناوي، إن مشروعه البحثي استهدف بصورة رئيسة جمع الضباب عمليًا في المختبر لتوفير مصدر بديل للمياه في المناطق الجافة وشبه الجافة، إذ لا توجد موارد مائية تقليدية مثل الأنهار، أو يكون الوصول إلى مياه الشرب صعبًا ومكلفًا مثل عملية التحلية.
وأضاف -في تصريحاته إلى منصة الطاقة المتخصصة- أنه نفّذ منهجية تعتمد على إجراء نظامين لجمع الضباب في المختبر، لإنتاج ضباب صناعي يُمكن أن يصطدم بالشبكة المعروفة لجمع الضباب، ويتجمع على سطح الشبكة الماء ثم يتساقط في وعاء.
وتابع أنه يمكن قياس كمية أو حجم الماء المُجمع باستعمال ميزان يزن الكتلة أو قياس الحجم خلال وقت محدد.
واستطرد قائلًا، إن الكمية المقاسة من الماء تُستعمل لحساب معدل جمع الضباب بالكيلوغرام/متر مربع من الشبكة في الساعة.
واعتمد المشروع البحثي على دراسة شبكات مختلفة، وسجل الكمية المجمعة من الماء لكل شبكة.
بالإضافة إلى ذلك، استعمل الباحث الرياضيات لتفصيل واستنباط تحليل معامل التظليل والنفاذية الذي يسهل حسابه للشبكات ذات الأشكال الهندسية والأبعاد المختلفة.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، آلية جمع الضباب:
العوامل المؤثرة
أوضح الشناوي أن هناك عدة عوامل تؤثر في جمع الضباب، بما في ذلك الهندسة والمادة السطحية ومعامل التظليل للشبكة.
وفي هذه الدراسة، اختبر الباحث مادة سطح الشبكة وميلها ومعامل التظليل لتحسين كفاءة جمع مياه الضباب من خلال عدة خطوات هي:
أولاً: اختبار طلاء مقاوم للماء على شبكة الألومنيوم، الذي أظهر تحسنًا يقارب الضعف مقارنة بشبكة الألومنيوم غير المطلية.
ثانيًا: اختبار هندسة الشبكة عن طريق إمالة الشبكة، ووُجد أن الشبكة ذات المحوريْن الأفقي والرأسي تجمع المزيد من الماء من الشبكة المائلة، لذلك لا يُوصى بتدوير محاور الشبكة.
ثالثًا: إجراء تحليلات رياضية للشبكات ذات الهندسات المختلفة لتسهيل حساب معامل التعتيم.
وأخيرًا: دراسة معامل التعتيم لـ10 شبكات مختلفة بمعاملات تعتيم مختلفة.
وأظهرت النتائج أن الشباك ذات معامل تعتيم 50-60% لديها الأداء الأمثل في جمع مياه الضباب.
ويوضح الإنفوغرافيك التالي، من إعداد منصة الطاقة المتخصصة، مفهوم معامل التظليل للشبكة:
موضوعات متعلقة..
- تحلية المياه بالطاقة الشمسية.. تقنية مصرية جديدة بالتعاون مع جامعة أميركية
- تحلية المياه بالطاقة الشمسية.. تقنية مصرية جديدة تعتمد على "الضباب"
- تحلية المياه بالطاقة الشمسية باستعمال الضباب.. تقنية مصرية جديدة
اقرأ أيضًا..
- اكتشاف نفطي في مصر يحقق إنجازًا مهمًا
- 10 خبراء لـ"الطاقة": تخفيضات أوبك+ الطوعية قد تتقلص في النصف الثاني من 2024
- رئيس أرامكو يفضح فشل تحول الطاقة: خيال ويحتاج إلى إعادة ضبط
- مسؤول: الطاقة المتجددة في الجزائر تنتج 590 ميغاواط.. وهكذا نستغل الهيدروجين الأخضر محليًا (حوار)