نقص سفن تركيب توربينات الرياح البحرية يهدد مستقبل الصناعة.. ما الحل؟
هبة مصطفى
يقف أسطول سفن تركيب توربينات الرياح البحرية عاجزًا أمام حجم الطلب الآخذ في الارتفاع، في ظل التوجه العالمي للتحول بعيدًا عن مصادر الوقود الأحفوري والتوسع في مصادر الطاقة النظيفة.
وتشهد هذه السفن طلبًا متزايدًا، خاصة الأنواع كبيرة الحجم الملائمة لحمل التوربينات والمعدات العملاقة، إذ تدفع زيادة الطلب نحو زيادة حجم المعدّات للحصول على معدل توليد كهرباء أعلى.
ووفق طبيعة عمل هذه السفن التي رصدتها عليها منصة الطاقة المتخصصة، يبرز دور سفن التركيبات بقوة في ظل السباق المحموم الذي تنتهجه بعض الشركات، لإنتاج توربينات أكبر وأضخم، ما يدفع للحاجة إلى سفن تنقل المعدّات منفصلة وتركّبها في الموقع البحري المختار.
السفن وصناعة الرياح
لا يواكب أسطول سفن تركيب توربينات الرياح البحرية الحالي طموحات الصناعة، إذ تستعد مزارع الرياح في إزاحة محطات الكهرباء العاملة بالوقود الأحفوري من المشهد والحصول على حصة أكبر من المزيج العالمي.
وتُشير التوقعات إلى أنه خلال المدة من عام 2022 حتى عام 2035، ستزداد سعة الرياح البحرية بنحو 5 أضعاف، وفق بيانات بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (NEF).
ويتطلب سقف التوقعات الضخم زيادة معدل توليد الكهرباء من توربينات الرياح، وبالتبعية يحتاج ذلك إلى زيادة أحجام التوربينات.
وبالنظر إلى أن صناعة الرياح البحرية تشبه الدائرة المغلقة، نجد أن زيادة الطلب تنعكس على حجم التوربينات، وكذلك على سفن التركيب الملائمة لهذه الأحجام.
ويتباين الأداء العالمي في هذا الشأن، إذ سجلت أوروبا خلال العام الماضي 2023 مستوى قياسيًا في تزايد استثمارات مشروعات الرياح البحرية الجديدة، بقيمة تصل إلى 30 مليار يورو (32.5 مليار دولار أميركي).
(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا).
وتأتي هذه الاستثمارات مرتفعة عن العام السابق له (2022)، الذي سجل 400 مليون يورو فقط.
ومقابل التوسع الأوروبي، كان تطور الصناعة في أميركا والمملكة المتحدة محاطًا بالتحديات، من ضمنها عقبات سلسلة التوريد والجدل حول إلغاء بعض المشروعات وإرجاء بعضها الآخر.
أسطول السفن
قد يؤدي الازدحام والتكدس الذي تشهده أحواض بناء السفن، إثر زيادة طلبات شراء ناقلات النفط والغاز، إلى استغراق بناء سفن تركيب توربينات الرياح البحرية وقتًا أكبر، وفقًا لمدير مشروع في شركة سي آي إم سي رافلز الصينية (CIMC Raffles).
وتبني الشركة في الآونة الحالية 5 سفن تتجاوز قدرة رفع سفينة واحدة منها 3 آلاف طن، في حين قدّرت شركة كلاركسونز (Clarksons Offshore Renewables) حجم الأسطول الحالي.
وتتراوح سفن تركيب توربينات الرياح البحرية بين 15 و20 سفينة خارج الصين، تملك القدرة على تركيب توربينات تصل إلى 15 ميغاواط.
وتتوسع شركات في استعمالات أخرى لسفن التركيب بخلاف تطوير طاقة الرياح البحرية، وقدّرت وود ماكينزي السفن متعددة الاستعمالات خارج الصين بنحو 40 سفينة.
وتسببت الاضطرابات التي شهدتها صناعة الرياح البحرية العام الماضي 2023 في نقص سفن تركيب توربينات الرياح البحرية القادرة على نقل وتركيب الأحجام العملاقة من التوربينات والمعدّات.
استثمارات الصناعة
تختلف وتيرة تطوير أسطول سفن تركيب توربينات الرياح البحرية مع حجم الطلب المتزايد عليها، وقدّرت شركة أبحاث الطاقة وود ماكينزي حجم الاستثمارات المطلوب لتلبية الطلب على السفن مستقبلًا بنحو 14.8 مليار دولار.
وتجدر الإشارة إلى أنه حتى الآن لم تشهد سوق السفن التزامات سوى بنحو ثُلث هذه الاستثمارات فقط.
ولتجاوز عقبات بناء ونقل توربينات الرياح الضخمة، تُحمّل المعدات على ظهر السفينة لتنطلق في رحلتها، وتبدأ بعد ذلك مرحلة إعادة تجميع هذه المكونات بعد وصولها الموقع المخصص لتكوين توربين رياح ضخم في نهاية الأمر.
وتكمن المعضلة الأكبر والمهدّد الأبرز لصناعة الرياح البحرية في عدم القدرة على طرح سفن جديدة بشكل عاجل، إذ يتطلب الأمر وقتًا، خاصة أن السفينة الواحدة تستغرق 3 سنوات في عمليات البناء، فضلًا عن تكلفتها التي تصل إلى 400 مليون دولار.
وحتى تتغلب الشركات على معضلة الوقت الطويل والتكلفة العالية لبناء سفن تركيب توربينات الرياح البحرية، قد يلجأ بعضها إلى إعادة تأهيل سفن التركيب القديمة لتتناسب مع الأحجام الأكبر، لكن هذا الخيار واجه صعوبات أيضًا.
الطلب والتكلفة
كلّف تطوير سفينتي ويند أوسبري (Wind Osprey) وويند أوركا (Wind Orca)، في حوض بناء السفن الواقع بمدينة روتردام الهولندية، شركة كادلر (Cadeler) الدنماركية ما يقرب من 100 مليون يورو.
ومن المقرر أن تنطلق السفينة ويند أوسبري بعملها في مشروع تابع لشركة أورستد (Orsted) الألمانية، مطلع شهر أبريل/نيسان المقبل.
ويوضح المقطع المصور أدناه كيفية عمل السفينة ويند أوسبري:
واكتمل حجز أسطول سفن شركة كادلر حتى عام 2027، بخلاف واقع البناء خلال السنوات الماضية، ما يشير إلى زيادة الطلب على الرياح البحرية.
ويعني ذلك أن خيار بناء سفن تركيب توربينات الرياح البحرية يعدّ الخيار الأكثر ملاءمة لتلبية حجم الطلب، إلّا أنه يتطلب حجز دور مسبق في أحواض بناء السفن.
وبخلاف البناء المكلف، والذي يستغرق وقتًا، قفزت تكلفة عمليات استئجار السفن الحديثة كبيرة الحجم من 200 ألف دولار عام 2022، إلى 350 ألف دولار حاليًا.
موضوعات متعلقة..
- قفزة مشروعات الرياح البحرية بنسبة 160% تنعش استثمارات السفن (تقرير)
- نقص السفن يهدد انتشار طاقة الرياح البحرية في أوروبا (تقرير)
- مشكلات طاقة الرياح العالمية تضعها في الإنعاش.. والكبار يتساقطون
اقرأ أيضًا..
- 10 خبراء للطاقة: تخفيضات أوبك+ الطوعية قد تتقلص في النصف الثاني من 2024
- ما هو الهيدروجين الطبيعي وحجم احتياطياته عالميًا؟
- ذكرى غزو أوكرانيا.. 11 تقريرًا ترصد تطورات أسواق الطاقة (ملف خاص)