أمن الطاقة في بريطانيا يتأرجح بين التزاماتها المناخية وفشل المصادر المتجددة (تقرير)
الحكومة تعتزم بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز
نوار صبح
- بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز لا يتوافق مع التزامات الحياد الكربوني
- رئيس وزراء بريطانيا يدعو إلى بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز
- الهيدروجين باهظ الثمن، وسيتطلب سنوات لتطوير البنية التحتية اللازمة
- تخزين ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع أكثر صعوبة مما كان متوقعًا
مع تواصل المساعي لضمان أمن الطاقة في بريطانيا، تعتزم الحكومة بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز لتعزيز موثوقية الإمدادات نتيجة لفشل المصادر المتجددة، على سبيل المثال، طاقة الرياح والطاقة الشمسية في توفير الاحتياجات المنشودة، ووسط ارتفاع تكاليف إنتاج وقود الهيدروجين.
ومن المرتقب أن تحلّ المحطات الجديدة محل نظيراتها القائمة التي أصبح الكثير منها عديم الكفاءة، وسيُحال إلى التقاعد قريبًا، وفق المعلومات التي رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
مرتكزات أمن الطاقة في بريطانيا
دعا رئيس وزراء بريطانيا، ريشي سوناك، إلى بناء محطات جديدة لتوليد الكهرباء تعمل بالغاز على أساس أن هناك حاجة إلى مصادر موثوقة لتوليد الكهرباء، بهدف ضمان أمن الطاقة في بريطانيا ودعم انقطاع التوليد، اعتمادًا على طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
وأثار هذا البيان تعليقات عدائية من المشككين المعتادين، زاعمين أن هذا لا يتوافق مع التزامات الحياد الكربوني، بحسب مقال لأستاذ الاقتصاد السابق في جامعة إدنبرة، البروفيسور غوردون هيوز، نشرته صحيفة ذا تيليغراف (telegraph) البريطانية في 12 مارس/آذار الجاري.
وقال البروفيسور غوردون هيوز: "من المؤكد الآن أن التزاماتنا الحالية بالحياد الكربوني ليست قابلة للتحقيق ماديًا أو في المتناول اقتصاديًا في النطاق الزمني المنشود".
ودرس هيوز مدى نجاح نظام الكهرباء المحايد كربونيًا في عام 2035 أو إمكان ذلك باستعمال التوقعات الحكومية للاستثمار في توليد طاقة الرياح والطاقة الشمسية.
ويُظهر التحليل التفصيلي أن المملكة المتحدة بحاجة إلى ما لا يقل عن 30 غيغاواط من التوليد المرن والموثوق لمدة تصل إلى ثلث الساعات السنوية عندما عجز التوليد بطاقة الرياح والطاقة الشمسية، بالإضافة إلى الإمدادات عبر خطوط النقل إلى القارة لتلبية الطلب.
وألمح إلى أن هذه هي الفجوة التي يريد رئيس الوزراء سدّها.
بدائل توليد الكهرباء بالغاز
قال أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة إدنبرة، البروفيسور غوردون هيوز: "إن بدائل توليد الكهرباء بالغاز، إما باهظة الثمن، أو من غير المرجح تطويرها في الوقت المناسب".
وأشار إلى أن أنظمة البطاريات تكلف مبالغ كبيرة، وهي مناسبة فقط للتخزين على المدى القصير لبضع ساعات على الأكثر، بحسب ما نشرته صحيفة ذا تيليغراف (telegraph) البريطانية.
وأضاف أن "الهيدروجين باهظ الثمن، وسيتطلب سنوات لتطوير البنية التحتية اللازمة، وما يزال معظم أشكال احتجاز الكربون لمحطات الغاز تجريبيًا، وقد ثبت أن تخزين ثاني أكسيد الكربون على نطاق واسع أكثر صعوبة مما كان متوقعًا".
وأكد أنه "لا يمكن بناء كميات كبيرة من الطاقة النووية في غضون 10 سنوات".
وحتى في ظل الافتراضات المواتية، فإن بدائل توليد الغاز من غير الممكن أن تترك سوى تأثير ضئيل بحلول عام 2035.
وقال: إن "الاختيار الواقعي هو بين إطالة عمر محطات الغاز القديمة وعديمة الكفاءة إلى ما لا نهاية، أو بناء وحدات جديدة وأكثر كفاءة".
ونظرًا لسلوك الحكومة على مدى السنوات الـ15 الماضية، فإن مستثمري القطاع الخاص لن يبنوا المحطات المطلوبة دون ضمانات صارمة مدعومة بمبالغ ضخمة من المال.
التكلفة الرأسمالية للغاز
قال أستاذ الاقتصاد السابق في جامعة إدنبرة، البروفيسور غوردون هيوز: "أعتقد أن التكلفة الرأسمالية للغاز أقل بكثير من تكلفة طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية عند تعديلها حسب التوفر".
وأوضح أن هناك حاجة إلى نحو مليارَي جنيه إسترليني (2.56 مليار دولار) سنويًا لمدة 15 عامًا، مقابل ما يسمى بمدفوعات السعة لضمان بناء محطات جديدة وإتاحتها للعمل عند الحاجة"، مشيرًا إلى أن الانخفاض في انبعاثات الكربون سيكون كبيرًا،" بحسب ما نشرته صحيفة ذا تيليغراف (telegraph) البريطانية.
في المقابل، تنتج محطات الغاز الحديثة ثاني أكسيد الكربون بنسبة 30% على الأقل لكل ميغاواط/ساعة من الكهرباء، مقارنة بالمحطات العاملة التي يبلغ عمرها 30 عامًا تقريبًا، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقد يكون بناء الشبكات التي توفر إمدادات كهرباء موثوقة وشاملة بمثابة الإنجاز التكنولوجي العظيم في القرن الـ20.
وألمح هيوز إلى أن "كل شيء، بدءًا من الرعاية الصحية والتعليم إلى المكاتب والمستودعات والصناعة، يعتمد على إمدادات كهرباء موثوقة".
وأضاف "إذا كانت الشركات والأسر لا تثق في نظام الكهرباء، فسوف تنشئ أنظمة احتياطية باستعمال المولدات والبطاريات، ولن تمنعهم أيّ قوانين حكومية. ومن المرجح أن تكون النتيجة انبعاثات أعلى بالإضافة إلى تكلفة كبيرة".
وأردف: "يوضح الرد على دعوة سوناك أن العديد من المدافعين عن الحياد الكربوني يعيشون في عالم خيالي، ويبدو أنهم راضون بالتضحية بالرفاهية المستقبلية لسكان المملكة المتحدة لتحقيق الأهداف التعسفية والمصطنعة".
وقال هيوز: "هناك في عالمنا خيار سهل لضمان إمدادات موثوقة من الكهرباء في عام 2035، فإمّا أن نبني قدرًا كبيرًا من قدرات التوليد الجديدة التي تعمل بحرق الغاز، أو أن نعمل على إطالة عمر المحطات القديمة".
اقرأ أيضًا..
- أول محطة لتوليد الطاقة النووية الاندماجية بالليزر
- أنس الحجي: النفط الروسي لم يتأثر بالعقوبات.. وأسعار البنزين هدف بوتين وبايدن
- مفاجأة بشأن نطاق السيارات الكهربائية الفعلي