أسعار الليثيوم تُظهر بوادر تعافٍ.. ومعضلة تهدد انتعاشة سوق معدن البطاريات
محمد عبد السند
- يتنامى الزخم الحاصل في قطاع الليثيوم العالمي خلال العقود القليلة الماضية
- يتصف الليثيوم بكونه معدنًا منخفض الكثافة
- يُستعمَل الليثيوم الملقب بالذهب الأبيض في البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن المستعملة
- تعافت الأسعار الفورية لكربونات الليثيوم في الصين
- من المرجح أن يرتفع الطلب على الليثيوم 5 أضعاف بحلول نهاية 2030
بدأت الحياة تدُب في أسعار الليثيوم العالمية مع تغير المنحنى الهبوطي الذي سار فيه المعدن الإستراتيجي لصناعة البطاريات في العام الماضي (2023)، في حين يتوقع محللون أن يكون التوازن الحاصل في تلك السوق مؤقتًا.
وسجلت الأسعار صعودًا قياسيًا خلال العام قبل الماضي (2022)، قبل أن تهبط مع بداية 2023، ما أثار مخاوف أكبر مصنّعي السيارات الكهربائية في العالم من احتمالية تعثّرهم في طرح منتجات معتدلة الثمن بالنسبة إلى المستهلكين.
سوق الليثيوم
تُظهر أسعار الليثيوم العالمية علامات مبدئية على التعافي على خلفية توقعات بأن الانهيار الذي شهدته تلك السوق الإستراتيجية في العام الماضي (2023) قد مهد الطريق أمام ظهور الظروف الضرورية للتعافي، وفق ما أوردته شبكة بلومبرغ (Bloomerg).
وتعافت الأسعار الفورية لكربونات الليثيوم في الصين -المادة الرئيسة المستعملة لتشغيل السيارات الكهربائية- مسجلةً أعلى مستوياتها منذ ديسمبر/كانون الأول (2023) في أعقاب انهيارها بنسبة 80% في 2023.
وفي بورصة قوانغتشو للعقود الآجلة، قفزت أسعار الليثيوم في العقود الأكثر نشاطًا بأعلى من الخُمس خلال شهر فبراير/شباط (2024).
ويبرز الليثيوم سلعة رئيسة لتحول الطاقة نظرًا لدوره الحاسم في البطاريات، غير أن تُخمة عالمية قد هوت بالأسعار في عام 2023، مع تفوق المعروض على الطلب.
ويتصف الليثيوم بكونه معدنًا منخفض الكثافة، وبامتلاكه نسبة طاقة إلى وزن عالية، كما أنه شديد التفاعل، لأنه يفقد بسهولة إلكترونه الخارج، ما يساعده على إتاحة تدفق التيار الكهربائي بسهولة عبر البطاريات.
ويتسم الليثيوم بقدرته على الاحتفاظ بكميات كبيرة من الكهرباء في البطاريات القابلة لإعادة الشحن في الأجهزة الإلكترونية والسيارات الكهربائية، كما يُستعمَل المعدن الملقب بالذهب الأبيض في البطاريات غير القابلة لإعادة الشحن المستعملة في الأجهزة الطبية، مثل أجهزة تنظيم ضربات القلب ومضخات الأدوية، بالإضافة إلى الأجهزة والأدوات الأخرى المستعملة يوميًا مثل المصابيح الكهربائية والساعات، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
ورغم الاضطرابات الحاصلة فيها، ما يزال المنتجون الرئيسون يُظهرون ثقةً بسوق الليثيوم العالمية، إذ تؤكد شركة ألبيمارل كورب (Albemarle Corp)، أحد أكبر منتجي الليثيوم في العالم، أن أسعار الليثيوم المنخفضة غير مستدامة، وتمضي شركة إس كيو إم 2 (2 SQM) قدمًا في المشروعات التوسعية مع تمسكها بنظرة مستقبلية إيجابية.
خفض الإنتاج
دفع التراجع في أسعار الليثيوم بعض المنتجين إلى خفض الإنتاج، من بينهم شركة كور ليثيوم ليمتد (Core Lithium Ltd) التي علقت بعض عمليات التعدين لتقليص التكاليف النقدية، عازيةً هذا إلى "الانخفاض الكبير" في الأسعار.
وقالت يو بي إس غروب إيه جي (UBS Group AG)، إن "سوق الليثيوم العالمية تستعيد توازنها، في حين تُقدم الصناعة على تقليص الإنتاج والمشروعات".
ومع ذلك حذرت يو بي إس غروب إيه جي من استمرار وجود فائض، مشيرة إلى أنه كان هناك تقدم في التوازن الإجمالي، "لكننا نسلط الضوء على حقيقة أن هذا التوازن قد يكون مؤقتًا حال ارتفعت الأسعار كثيرًا وبسرعة كبيرة"، في مذكرة حديثة طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
معضلة الفائض
تركز صناعة الليثيوم في الصين على تكهنات مفادها بأن الإجراءات البيئية الصارمة التي تفرضها السلطات الصينية في مركز الإمدادات من الممكن أن تقود إلى اضطرابات تُضاف إلى التخفيضات الغربية.
ومع ذلك، لا تُقنع الانتعاشة التي تشهدها سوق الليثيوم العالمية الجميع، إذ قالت مجموعة غولدمان ساكس (Goldman Sachs) إن الارتفاع في أسعار الليثيوم "لا ينبغي تفسيره على أنه نهاية السوق الهابطة"، محذرًا من أن الفائض في المعروض ما يزال كبيرًا، في مذكرة رصدتها منصة الطاقة المتخصصة.
وأبدى المحلل في شركة بلومبرغ نيو إنرجي فاينانس (BloombergNEF) البحثية آلان راي ريستورو حذره من الأوضاع المستقبلية في سوق الليثيوم العالمية، قائلاً: "الزيادات في الأسعار على المدى القريب من المرجح أن تكون آثارًا مباشرة للإجراءات البيئية الصارمة في الصين".
وأشار ريستورو إلى أنه لا يوجد مؤشر واضح على ارتفاع مستمر في أسعار الليثيوم العالمية، عازيًا ذلك إلى حقيقة مفادها بأنه رغم تخفيضات العرض وتباطؤ المشروعات، فإن العرض سيفوق الطلب.
ازدهار متوقع
من المتوقع أن تسجل سوق الليثيوم العالمية نموًا قويًا خلال السنوات المقبلة، بقيمة إجمالية تلامس 10.44 مليار دولار بحلول عام 2028، وفق ما أظهرته نتائج تقرير حديث صادر عن شركة بيزنس ريسرش (Business Research) العالمية المتخصصة في أبحاث السوق.
ويُترجَم هذا الرقم الضخم إلى نمو عالمي مركب نسبته 10.8% في تلك السوق الإستراتيجية، وفق نتائج التقرير الصادر في 11 يناير/كانون الثاني (2024)، تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
ولفت التقرير إلى أن سوق الليثيوم العالمية ستشهد نموًا، قيمته قد تصل إلى 6.92 مليار دولار خلال عام 2024، من 6.29 مليار دولار خلال العام الماضي (2023) بنمو سنوي مركب نسبته 9.9%.
وأرجع التقرير النمو في صناعة الليثيوم العالمية -أساسًا- إلى الطفرة الحاصلة في إلكترونيات المستهلك، والتطورات المتلاحقة التي تشهدها بطاريات الليثيوم أيون المستعملة في السيارت الكهربائية، إلى جانب الطلب المتنامي على تخزين الطاقة المتجددة للأغراض المختلفة.
ومن المرجح أن يرتفع الطلب على الليثيوم 5 أضعاف بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، مع زيادة الطلب على السيارات الكهربائية في السنوات الأخيرة، ولكونه المعدن الأخف وزنًا في العالم يُعد الليثيوم مثاليًا في بطاريات الهواتف المحمولة والسيارات متعددة البطاريات.
موضوعات متعلقة..
