المملكة المتحدة تتراجع عن خططها المناخية وتلجأ إلى الغاز لإنقاذ الكهرباء
أسماء السعداوي
تمّت الموافقة على بناء محطات الكهرباء العاملة بالغاز في المملكة المتحدة من أجل تحقيق أمن الطاقة وضمان توافر إمدادات موثوقة.
يمثّل ذلك أحدث تراجع عن سياسة المملكة الرامية إلى تحقيق الحياد الكربوني لقطاع الكهرباء بحلول عام 2035، وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني في 2050.
يُضاف ذلك إلى قرار رئيس الوزراء ريشي سوناك في سبتمبر/أيلول المنصرم (2023) تأجيل موعد حظر بيع السيارات الجديدة العاملة بالبنزين والديزل من 2030 إلى 2035.
كما تأجّل الحظر المقرر سلفًا على غلايات المياه العاملة بالنفط وغاز النفط المسال المستعملة بالمناطق الريفية خارج تغطية الشبكة، من 2026 لمدة 9 سنوات، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويرى سوناك -المنتمي لحزب المحافظين- أنه يجب تحقيق أهداف المناخ بطريقة عملية ومستدامة "لا تترك الناس دون كهرباء في يوم غائم أو غير عاصف"، ويقول، إنه سيُبطئ، أو يتخلى عن السياسات البيئية، إذ أثقلت كاهل المستهلكين بتكاليف مباشرة.
وتقول الحكومة، إن حصة الطاقة المتجددة ستزداد في السنوات المقبلة، إلّا أنها "ليست مضمونة"، ولا يمكن حساب حجم إمداداتها المستقبلية إلّا بناءً على التقديرات، ولهذا السبب ثمة حاجة إلى توليد مرن للكهرباء للحفاظ على إمدادات كهرباء آمنة وموثوقة، عبر تشغيل مولدات احتياطية تعمل بالغاز.
وتوفر محطات الكهرباء العاملة بالغاز نحو 40% في المتوسط من استهلاك الكهرباء السنوي، لكن إسهامها يكون أعلى عند انخفاض إنتاج توربينات الرياح.
محطات الكهرباء العاملة بالغاز في المملكة المتحدة
في بيان صحفي نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، قالت الحكومة، إن وزارة الطاقة اتخذت "القرار المنطقي" لدعم إمدادات الطاقة، في الوقت الذي تمضي فيه المملكة المتحدة نحو الحياد الكربوني.
وبحسب الخطة التي كُشف النقاب عنها اليوم 12 مارس/آذار 2024، التزمت الحكومة بدعم بناء محطات كهرباء جديدة تعمل بالغاز الطبيعي للحفاظ على مصدر كهرباء آمن وموثوق في الأيام التي يتراجع فيها إنتاج مصادر الطاقة المتجددة.
وأشار البيان إلى أن بريطانيا بذلت جهودًا أكبر من أيّ اقتصاد كبير آخر من أجل خفض الانبعاثات، فقد كانت المملكة أول اقتصاد كبير يخفض الانبعاثات بمقدار النصف، مقارنة بمستويات عام 1990.
يُقارن ذلك بالاتحاد الأوروبي الذي خفض الانبعاثات بنسبة 30% فقط، والولايات المتحدة التي لم تخفض الانبعاثات على الإطلاق، والصين التي زادت انبعاثاتها بنسبة تصل إلى 300%.
يقول بيان الحكومة: "هذه هي الخطوة الأخيرة في جهود تحقيق الحياد الكربوني بطريقة مستدامة وعملية تُخلّص المملكة المتحدة من الحاجة إلى الاعتماد على الحكام المستبدّين الأجانب، مثل بوتين".
وأضاف: "كانت المملكة المتحدة في مقدمة طريق حظر واردات الغاز الروسي، وتقدّم مصادر جديدة من الطاقة المحلية مع بناء محطات نووية جديدة واستثمارات قياسية في الطاقة المتجددة، وتراخيص النفط والغاز الجديدة في بحر الشمال".
كما اعترفت لجنة تغير المناخ بالحاجة إلى الاستمرار دون هوادة في توليد الكهرباء من الغاز حتى ثلاثينيات القرن الحالي، كونها أداة احتياطية لضمان أمن الطاقة وتقليل التكاليف، بحسب البيان.
ريشي سوناك
قال رئيس الوزراء ريشي سوناك، إن سجلّ الحياد الكربوني "يتحدث عن نفسه، وتُظهر أحدث الإحصائيات أننا بالفعل في منتصف الطريق، مع خفض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بنسبة 50% مقارنة بمستويات عام 1990".
وأضاف: "لكننا بحاجة لتحقيق أهدافنا لعام 2035 بطريقة مستدامة وعملية، لا تترك الناس دون طاقة في يوم غائم أو غير عاصف".
وأضاف: "لن أقامر بأمن الطاقة لدينا.. سأتخذ القرارات الصعبة من أجل تزويد بريطانيا بالكهرباء المحلية، بغضّ النظر عن السيناريو الذي نواجهه".
هل الانتخابات هي الهدف؟
يقترب موعد الانتخابات، وأمن الطاقة على رأس أدوات حزبي المحافظين الحاكم والعمال المعارض والمنافس الأكثر حظًا، لجذب الناخبين.
ويرى المحافظون أن أمن الطاقة وتوفير إمدادات موثوقة، وليس أهداف المناخ، هو فرس رهان مضمون في معركة الانتخابات المتوقعة خلال العام الجاري.
لكن حزب العمال المنافس وصف إعلان اليوم بـ"الهراء"، وأكد وزير الطاقة في حكومة الظل "إد ميليباند" هدف توليد الكهرباء النظيفة فقط بحلول 2030 إذا فاز بالسلطة، كما قال زميله لأمن الطاقة، آلان وايتهيد، إن محطات الكهرباء العاملة بالغاز ستكون لأغراض توفير إمدادات احتياطية فقط.
أمن الطاقة في المملكة المتحدة
يتزايد الطلب على الكهرباء في المملكة المتحدة، مع ارتفاع عدد السكان ومساعي كهربة أجهزة التدفئة والسيارات.
وسُجِّل نحو مليون مركبة كهربائية، وارتفعت طلبات المشاركة في تحديث المضخات الحرارية لتعمل بالكهرباء بنسبة 49% على أساس سنوي.
وفي المملكة، أقيمت 5 من أكبر مزارع الرياح البحرية على مستوى العالم، وارتفعت حصة الكهرباء المولدة من مصادر متجددة من 7% في 2010، لتشكّل النصف تقريبًا حاليًا، وهو ما يسمح بالتخلص التدريجي من الفحم.
وكان من المقرر خروج بعض محطات الكهرباء العاملة بالغاز من الخدمة في السنوات المقبلة، وهو ما سيترك بريطانيا تفتقر لقدرات توليد الكهرباء.
وضمن محاولات توفير إمدادات مضمونة تلبي الطلب، قالت وزارة أمن الطاقة والحياد الكربوني، إنه من الواضح أن المملكة ستحتاج إلى إنشاء محطات الكهرباء العاملة بالغاز، بحيث يمكن تشغيلها استجابة للطلب في أوقات تراجع إنتاج طاقة الشمس أو الرياح.
يؤكد ذلك الموقف وزيرة أمن الطاقة، كلير كوتينهو، التي قالت، إنها تتوقع انقطاع الكهرباء ما لم تتوافر قدرات كافية من محطات الكهرباء العاملة بالغاز، لتقديم كهرباء احتياطية وقت تقطُّع إمدادات الطاقة المتجددة.
لكن منظمة غرينبيس البيئية (Greenpeace) قالت، إن الخطة ستجعل البلاد أكثر اعتمادًا على الوقود الأحفوري، وستزيد فواتير المواطنين، وسترفع درجات حرارة الكوكب.
موضوعات متعلقة..
- خطر يهدد أكبر مزرعة شمسية في المملكة المتحدة
- أسعار الوقود في المملكة المتحدة تقفز لأعلى مستوى خلال 5 أشهر
- الحياد الكربوني في المملكة المتحدة يجعل الفقراء أشد فقرًا (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج أوبك النفطي في فبراير يرتفع 203 آلاف برميل يوميًا
- استمرار قطع الكهرباء في مصر خلال رمضان
- أرامكو السعودية تستثمر في شركة أميركية لالتقاط الكربون