تقارير منوعةالتقاريررئيسيةسلايدر الرئيسيةمنوعات

صناعة الأزياء.. هل تعلم أنها ثاني أكبر ملوث بعد النفط؟

أرقام صادمة.. وأمراض قد تصل للسرطان واضطراب الهرمونات

مي مجدي

هل فكرت يومًا قبل شراء الملابس الجديدة بحجم التكلفة قبل إضافتها إلى خزانتك؟ ونحن هنا لا نتحدث عن التكلفة المادية، بل التكلفة البيئية.

فصناعة الأزياء تعدّ ثالث أكبر قطاع صناعي بعد السيارات والتكنولوجيا، وتُقدّر قيمتها بنحو 2.4 مليار دولار أميركي على مستوى العالم، إلى جانب أنها توفر 75 مليون وظيفة.

وهذا يجعل من الصعب على هذه الصناعة الارتقاء إلى مستوى أفضل دون أن تتحول إلى ألدّ أعداء البيئة.

فلو أخذنا -على سبيل المثال- خطوات إنتاج بنطال الجينز، نجد أن صنع زوج من الجينز يتطلب 3 آلاف و781 لترًا من الماء، بدءًا من إنتاج القطن وحتى تسليم المنتج النهائي إلى المتجر، وهذا يعادل قرابة 33.4 كجم من مكافئ الكربون، بحسب أرقام برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

فتخيّل إذا كان هذا القدر ينتُج عند صنع زوج واحد فقط من الجينز، فما هي التكلفة البيئية عن جميع الملابس في خزانتك؟

إحصاءات وأرقام

الإحصاءات التالية، التي نشرها برنامج الأمم المتحدة للبيئة ومؤسسة إلين ماك آرثر، ستعطينا فكرة عمّا يحدث:

  • تستخدم صناعة الأزياء 93 مليار متر مكعب من المياه سنويًا، وهو ما يكفي لتلبية الاحتياجات الاستهلاكية لـ5 ملايين شخص.
  • صناعة الأزياء مسؤولة عن 10% من انبعاثات الكربون العالمية سنويًا، أي أكثر من جميع الرحلات الجوية الدولية والشحن البحري.
  • تقوم بيوت الأزياء والشركات بحرق 87% من الملابس أو التخلص منها في مكب النفايات.
  • تولّد صباغة الأقمشة ومعالجتها قرابة 20% من مياه الصرف الصحي في جميع أنحاء العالم.

وبهذه الوتيرة، سترتفع انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري في صناعة الأزياء بأكثر من 50% بحلول عام 2030.

صناعة الأزياء
انبعاثات صادرة من مدخنة

التأثير الكارثي

تأثير صناعة الأزياء كارثي في البيئة، فهي ثاني أكبر ملوث في العالم بعد صناعة النفط، ويتزايد الضرر البيئي مع نمو الصناعة.

فقرابة 70 مليون برميل من النفط سنويًا تدخل في صناعة ألياف البوليستر، ورغم أن هذه الخامات تتميز بسهولة التنظيف والمتانة وخفة الوزن وتكلفتها المنخفضة، ينتج عنها انبعاثات كربونية مضاعفة مقارنةً بقميص مصنوع من القطن.

فقميص البوليستر يُنتج ما يعادل 5.5 كجم من ثاني أكسيد الكربون مقارنة بـ 2.1 كجم من قميص القطن، كما إنه يحتاج إلى مئات السنين حتى يتحلل.

والغريب أن استخدام الخامات الطبيعية ليس بالضرورة أكثر استدامة، إذا كانت تتطلب كميات هائلة من الماء والصباغة والنقل، فضلًا عن المبيدات الكيميائية خلال الزراعة.

الأزياء والانبعاثات

تمثّل صناعة الأزياء 10% من انبعاثات الكربون العالمية، ويرجع ذلك إلى الإسراف في استخدام الطاقة خلال الإنتاج والتصنيع والنقل، بحسب موقع "ساستين يور ستايل".

كما إن الألياف الصناعية (البوليستر، والنايلون، وغيرها) التي تدخل في صناعة غالبية الملابس صُنعت من الوقود الأحفوري، وينبعث منها غازات، مثل أكسيد النيتروز، وهو أكثر ضررًا 300 مرة من ثاني أكسيد الكربون.

علاوة على ذلك، تُنتج الصين وبنغلاديش والهند أغلب الملابس، وهي دول تعتمد أساسًا على الفحم، أقذر أنواع الوقود.

صناعة الأزياء
انبعاثات مصانع البلاستيك (الصورة من theconversation)

تلوث المياه

بالنسبة للمياه، تتخلص معظم البلدان المنتجة للملابس من مياه الصرف الصحي غير المعالَجة لمصانع الأقمشة مباشرة في الأنهار.

وتحتوي مياه الصرف على مواد سامّة مثل الرصاص والزئبق والزرنيخ وغيرها، وهي ضارة للحياة المائية وصحة الملايين من البشر الذين يعيشون على ضفاف الأنهار، كما إن استخدام الأسمدة لزراعة القطن يلوّث المياه بشدة.

استهلاك المياه

إلى جانب تلوث المياه، صناعة الأزياء تُعدّ مستهلكًا رئيسًا لها، وتستغل كمية كبيرة من المياه العذبة في عملية صباغة الملابس، فنحو 200 طن من المياه العذبة تُستخدم لكل طن من القماش المصبوغ.

بالإضافة على ذلك، تحتاج زراعة القطن إلى قدر كبير من المياه، وهذا يولد ضغطًا كبيرًا على المورد الثمين، وقد ينجم عن ذلك عواقب بيئية مأساوية، مثل تصحّر بحر آرال، إذ أدى إنتاج القطن إلى استنزاف المياه بالكامل.

الألياف الدقيقة

الألياف الدقيقة عبارة عن قطع بلاستيكية صغيرة جدًا، ونحو 50% من ملابسنا مصنوعة من البلاستيك.

وفي كل مرة نقوم فيها بغسل الملابس، مثل البوليستر والنايلون، نُطلق قرابة 1900 قطعة من الألياف الدقيقة في الماء، وعندما تشقّ طريقها إلى المحيط تتناولها الأسماك الصغيرة، ثم تبتلعها الأسماك الكبيرة لاحقًا، ومن ثم تجد طريقها إلى سلسلتنا الغذائية.

 صناعة الأزياء مسؤولة عن أكثر من 92 مليون طن من النفايات- الصورة من موقع غيتي امج
صناعة الأزياء مسؤولة عن أكثر من 92 مليون طن من النفايات- الصورة من موقع غيتي امج

تراكم المخلفات

التخلص من الملابس يؤدي إلى كوارث بيئية هائلة، فالعائلة الواحدة في العالم الغربي تُلقي معدل 30 كيلوغرام من الملابس سنويًا، 15% فقط يُعاد تدويره أو التبرع به، والباقي يذهب مباشرة إلى مكب النفايات أو الحرق.

ويتسبب التخلص من الأزياء في خسارة الاقتصاد العالمي بأكثر من 400 مليار دولار سنويًا، وفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن المنتدى الاقتصادي العالمي.

المواد الكيميائية

تشير التقديرات إلى استخدام أكثر من 8 آلاف مادة كيميائية في عملية تصنيع الملابس، وتُستخدم خلال إنتاج الألياف والصباغة والمعالجة لكل الملابس.

ويمكن أن تتسبب هذه المواد في إصابة الأشخاص بالسرطان واضطراب الهرمونات إلى جانب تهيّج الجلد والحساسية.

كما يتسبب استخدام المواد الكيميائية بزراعة القطن في حالات وفاة مبكرة بين المزارعين، بالإضافة إلى تلوث المياه العذبة ومياه المحيطات وتدهور التربة.

تدهور التربة

تلعب صناعة الأزياء دورًا رئيسًا في تدهور التربة، إمّا بسبب استخدام المواد الكيميائية لزراعة القطن أو إزالة الغابات للحصول على ألياف الخشب، بالإضافة إلى الأسباب السابقة كالإسراف في استخدام المياه ونفايات الملابس، ويمكن أن يسهم ذلك في تهديد التنوع البيولوجي.

الأمم المتحدة
ظاهرة التصحر تهدد بزيادة غازات الدفيئة عالميًا

تدمير الغابات المطيرة

في كل عام، يجري قطع آلاف الهكتارات من الغابات القديمة والمهددة بالانقراض واستبدال مزارع الأشجار المستخدمة في صناعة الأقمشة، مثل الحرير والفيسكوز، بها.

ويهدد فقدان الغابات النظام البيئي ومجتمعات السكان الأصليين، كما هي الحال في إندونيسيا، بعد إزالة الغابات المطيرة على نطاق واسع، خلال العقد الماضي.

سلوك المستهلك

تأثير صناعة الأزياء لم يتوقف عند هذا الحد، فقد كان لها دور كبير -أيضًأ- في تغيّر سلوك المستهلك.

ومع ازدهار الشراء عبر الإنترنت، طرأت تغيّرات في سلوك المستهلكين؛ بشراء أكثر من حاجاتهم وإعادة نسبة كبيرة من مشترياتهم بعد تجربتها، وهذه العناصر المرتجعة تضاعف الانبعاثات.

فقد وجد تجّار التجزئة وماركات الأزياء أنه من الأرخص التخلص من البضائع المعادة في النفايات أو حرقها بدلًا من محاولة العثور على منزل آخر لها.

وهذا يعني أن الصناعة مسؤولة عن انبعاثات الاحتباس الحراري الناتجة عن عملية التصنيع، وعند محاولة التخلص منها -أيضًا-.

وقدّرت وكالة حماية البيئة الأميركية في عام 2017 أن قرابة 10.2 مليون طن من الملابس انتهى بها الحال في مكبات النفايات، بينما حُرق 1.9 مليون طن آخر.

أمّا في بريطانيا، فيصل إجمالي الملابس الملقاة في مكبات النفايات سنويًا إلى 350 ألف طن.

صورة رمزية تشير إلى استهلاك موارد الأرض
صورة رمزية تشير إلى استهلاك موارد الأرض

تحديات وصعوبات

نظرًا لأن صناعة الأزياء تمتلك سلاسل توريد معقدة تجعل من الصعب حساب جميع الانبعاثات بدءًا من الإنتاج إلى عملية النقل، وحتى التخلص منها أصبح أكثر تعقيدًا، لذا صار الحدّ من الانبعاثات من أكبر التحديات التي تواجهها.

واتّسعت المخاوف عندما أظهر مركز أبحاث ماكنزي أن القطاع كان مسؤولًا عن قرابة 2.1 مليار طن متري من الاتبعاثات في عام 2018، أي نحو 4% من الإجمالي العالمي.

وستحتاج صناعة الموضة إلى خفض الانبعاثات إلى 1.1 مليار طن متري من مكافئ ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

لكن في حال استمرار نمو الصناعة بالوسائل القديمة، سترتفع الانبعاثات إلى 2.7 مليار طن متري سنويًا بحلول عام 2030.

وللتصدي لهذه الأزمة، اجتمع أشهر مصنّعي الأزياء تحت شعار الأمم المتحدة لإصدار ميثاق صناعة الأزياء للعمل المناخي في عام 2018.

ويُعدّ الميثاق الأول من نوعه في مجال الموضة، ويهدف إلى تقليل إسهام صناعة الأزياء في الأزمة المناخية، ودفع الصناعة للحدّ من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بحلول عام 2050، بما يتماشى مع أهداف اتفاقية باريس.

كما يهدف الميثاق إلى تقليل الانبعاثات في صناعة الأزياء بنسبة 30% بحلول عام 2030.

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق