التقاريرتقارير الغازتقارير دوريةرئيسيةغازوحدة أبحاث الطاقة

خطط استيراد الغاز في أوروبا تتوسع بشراسة باستثمارات تتجاوز 90 مليار دولار (تقرير)

تتعارض مع أهداف المناخ وخفض الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي

وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين

تزايد إعلان مشروعات استيراد الغاز في أوروبا بصورة ضخمة منذ اندلاع الحرب الأوكرانية وحتى نهاية عام 2023، مع تحول أولويات الحكومات إلى تعزيز أمن الطاقة أكثر من المضي قدمًا في تنفيذ أهداف المناخ الطموحة المعلنة سابقًا.

وأسهم انقطاع الغاز الروسي، الذي كان يشكّل 40% من إجمالي واردات أوروبا من الغاز، في إرباك الحكومات الأوروبية وتحول تركيزها إلى البحث عن بدائل الغاز بأي طريقة لسد فجوة الإمدادات الحادة، ليس فقط على الأمد القصير، وإنما على المديين المتوسط والطويل للتخلص من الغاز الروسي نهائيًا.

في هذا السياق، تتبع تقرير تحليلي حديث القدرات المعلنة لخطط استيراد الغاز الأوروبية حتى نهاية العام الماضي، سواء على مستوى بناء محطات إعادة التغويز اللازمة لاستقبال الغاز المسال أو بناء خطوط الأنابيب اللازمة لاستيراد الغاز الطبيعي.

ويُقصد بمحطات إعادة التغويز، تلك المنشآت التي تعمل على تحويل الغاز المسال إلى صورته الغازية الأولى القابلة للاستهلاك المباشر، ويقابلها محطات الإسالة التي تقوم بالعكس في الدول المصدرة.

وقدّر التقرير الأوروبي -الذي حصلت وحدة أبحاث الطاقة على نسخة منه- حجم استثمارات الخطط المعلنة في مجال استيراد الغاز في أوروبا بنوعيه المسال والأنابيب بنحو 84.1 مليار يورو، أو ما يعادل 91.7 مليار دولار حتى نهاية 2023.

خطط استيراد الغاز في أوروبا

تخطط الدول الأوروبية لتطوير مشروعات تستهدف زيادة الطاقة الاستيرادية للغاز الطبيعي المسال بنحو 248.7 مليار متر مكعب سنويًا خلال السنوات المقبلة، بحسب التقرير الصادر عن منصة غلوبال إنرجي مونيتور المتخصصة.

كما تخطط لبناء خطوط أنابيب جديدة لنقل الغاز الطبيعي بطول 16 ألفًا و491 كيلومترًا، شاملة الخطوط العابرة للحدود، لزيادة قدرة الاستيراد عبر الأنابيب بنحو 46 مليار متر مكعب سنويًا.

ويوضح الرسم التالي -الذي أعدته وحدة أبحاث الطاقة- حجم صادرات الغاز عبر خطوط الأنابيب الحالية إلى أوروبا في عام 2023 من 5 دول تضم الجزائر وليبيا:

أكبر مصدري الغاز لأوروبا عبر خطوط الأنابيب

وتُقدّر استثمارات البنية التحتية الأوروبية المعلنة لخطط بناء محطات إعادة التغويز بنحو 44.4 مليار يورو (48.4 مليار دولار)، في حين تصل استثمارات مشروعات خطوط الأنابيب إلى 39.7 مليار يورو (43.2 مليار دولار).

ورغم ضخامة استثمارات خطط استيراد الغاز في أوروبا بنوعيه، فإن حجم استثمارات المشروعات قيد الإنشاء فقط لا يتجاوز 10 مليارات يورو (11 مليار دولار)، بحسب التقرير.

3 دول تستحوذ على نصف المشروعات

زادت مشروعات استيراد الغاز المسال قيد التطوير في أوروبا خلال العام الماضي بنسبة 9% من حيث القدرة، في حين زادت مشروعات خطوط الأنابيب من حيث الطول بنسبة 18%.

وتستحوذ 3 دول فقط هي: ألمانيا وإيطاليا واليونان، على نصف خطط تطوير معظم البنية التحتية للغاز في أوروبا (المسال والأنابيب)، باستثمارات تصل إلى 45.3 مليار يورو (49.3 مليار دولار).

(اليورو = 1.09 دولارًا أميركيًا)

بينما تتشارك 11 دولة أوروبية أخرى هي: المملكة المتحدة وأيرلندا وهولندا وكرواتيا وبولندا وبلجيكا وفرنسا وإستونيا ولاتفيا وقبرص وليتوانيا، في النصف الآخر من خطط استيراد الغاز في أوروبا، بحسب خريطة المشروعات المعلنة التي رصدتها وحدة أبحاث الطاقة.

استيراد الغاز يخالف أهداف المناخ الأوروبية

رغم ما تعنيه خطط استيراد الغاز في أوروبا من إشارات إيجابية خاصة بتأمين إمدادات الغاز المستقبلية للأوروبيين، لكنها تعارض أهداف خفض الانبعاثات في الاتحاد الأوروبي، بحسب مدير مشروع تتبع الغاز في أوروبا بمنصة غلوبال إنرجي مونيتور روبرت روزانسكي.

ويستهدف الاتحاد الأوروبي في خططه المعلنة منذ سنوات خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 55% بحلول عام 2030، في حين تستهدف المفوضية الأوروبية زيادة هدف الخفض إلى 90% بحلول عام 2040، بحسب دعوة أطلقتها المفوضية في فبراير/شباط 2024، وما زالت محل تداول بين الدول الأعضاء.

وتشير تقديرات مشروع تتبع الغاز في أوروبا إلى أن مشروعات محطات إعادة التغويز وخطوط الأنابيب قيد الإنشاء في القارة، قد تؤدي إلى إنتاج 195 ميغا طن إضافية سنويًا من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، إذا جرى استعمالها بالكامل، ما يعادل الانبعاثات السنوية الصادرة عن 50 محطة توليد عاملة بالفحم.

بينما تشير التقديرات إلى أن هذه الانبعاثات مرشحة للوصول إلى 1.1 غيغا طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون، إذا تحولت جميع المشروعات المقترحة إلى الإنشاء وتم استعمالها بالكامل، ما يعادل انبعاثات 300 محطة فحم أو ربع انبعاثات أوروبا في عام 2020.

أبراج تبريد في محطات توليد عاملة بالغاز في أوروبا
أبراج تبريد في محطات توليد عاملة بالغاز في أوروبا - الصورة من رويترز

وانخفض الطلب الإجمالي على الغاز الطبيعي في أوروبا بصورة ملحوظة خلال العامين الماضيين (2022 -2023)، كما تزايدت حصة الطاقة المتجددة في مزيج الكهرباء نسبيًا، لكن خطط استيراد الغاز المتوسعة قد تعصف بهذه الجهود في خفض الانبعاثات، بحسب المحلل روزانسكي.

وتتفق هذه المخاوف مع تحذيرات أطلقتها شركة أبحاث الطاقة وود ماكنزي حول احتمال تأخر أهداف المناخ في الاتحاد الأوروبي لعام 2050، لمدة 10 سنوات على الأقل، بسبب تحول أولويات الحكومات باتجاه أمن الطاقة والاستقرار الاقتصادي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق