أين يذهب الغاز الروسي بعد عامين من غزو أوكرانيا؟ خبير عالمي يجيب
أحمد بدر
خلال العام الماضي 2023، شهدت إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا تراجعًا كبيرًا، إذ تمكنت كثير من دول القارة العجوز من إيجاد بدائل للواردات القادمة من موسكو، وذلك بمثابة جزء من عقابها بعد غزو أوكرانيا.
وفي هذا الإطار، يرى خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، أنه مع انتهاء العام الثاني من غزو أوكرانيا، ووفقًا لأحدث البيانات التي أمكن تجميعها خلال العام الماضي، واصلت إمدادات الغاز تراجعها.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، عبر منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، تحت عنوان "أسواق الطاقة العالمية بعد مرور عامين على الغزو الروسي لأوكرانيا".
وأوضح عبدالمعطى، أن إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب استمرت في التراجع، مقارنة بما كانت عليه في عام 2022، وبطبيعة الحال في مستويات ما قبل الحرب، أي عام 2021، وبنسب بسيطة تقريبًا تراجعت إمدادات روسيا من الغاز إلى أوروبا بنسبة 55% مقارنة بالعام السابق 2022.
غزو أوكرانيا
قال خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إنه عندما بدأت روسيا اتخاذ بعض الإجراءات لوقف بعض التدفق باتجاه بعض البلدان، كان العام الأول الذي يشهد ضخ الغاز الروسي بصورة أو بأخرى هو 2023.
وأوضح أن هذا العام كان أول اختبار حقيقي كامل لما يمكن أن تصدّره روسيا، أو شركة غازبروم إلى الأسواق الأوروبية، فعلى مدار العام لم تكن هناك أي أحداث أو إجراءات إضافية اتخذتها شركة غازبروم من أجل الأسواق الأوروبية.
ومن ثم، وفق عبدالمعطي، تمكنت موسكو بصورة أو بأخرى من الحفاظ على الخطوط المتبقية التي جرى فيها ضخ الغاز، ولكن كانت مستويات هذا الضخ أقل بنسبة 55% مما كانت عليه في عام 2022، أي قبل غزو أوكرانيا.
وأضاف المهندس وائل عبدالمعطي: "بوجه عام يمكن القول إن الدور التاريخي لروسيا بصفتها أكبر مورد للغاز الطبيعي إلى الجانب الأوروبي تراجع بصورة كبيرة جدًا، أو ربما بالتأكيد فقدته، إذ إنها اليوم، وفي عام 2023، يبلغ معدل ما تصدره من غاز عبر خطوط الأنابيب نحو 20% مقارنة بمعدلات ما قبل غزو أوكرانيا".
ولفت إلى أن أوروبا فقدت نحو 80% من حجم إمداداتها من الغاز الروسي، وفي المقابل سعت شركة غازبروم لتعويض جزء من هذا النقص في الإمدادات إلى السوق الأوروبية، عن طريق التوسع باتجاه الشرق والصين.
وتابع: "كانت هناك بعض الزيادات في هذا الأمر، إذ إن روسيا -بطبيعة الحال- من خلال شركتها الأم غازبروم، لديها تعاقدات مع الجانب الصيني، بدأت من خلالها تزود كمية ضخ الغاز إلى الجانب الصيني، والحقيقة أن الكمية في 2023 بلغت أعلى المعدلات التاريخية، إذ قاربت بالأرقام نحو 22.7 مليار متر مكعب، وهو أعلى رقم تصدره روسيا إلى الصين".
وعلى الرغم من أن هذه الكميات تُعد تاريخية بالنسبة إلى الصين، وفق عبدالمعطي، فإنها لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنتها مع ما كانت تصدره موسكو إلى السوق الأوروبية، التي كان حجمها يتجاوز 140 مليار متر مكعب، قبل غزو أوكرانيا.
مسارات صادرات الغاز الروسي
قال خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إن الغاز الروسي يصل -حاليًا- إلى بعض الدول الأوروبية عبر مساريْن، أحدهما يمر عبر أوكرانيا، التي تُعد البلد الترانزيت، ويجري من خلاله ضخ ما يقارب 12 مليار متر مكعب سنويًا، وما زال يعمل حتى اليوم.
المسار الثاني، حسب عبدالمعطي، يمر عبر تركيا، من خلال خط "ترك ستريم"، إذ تحصل تركيا على كمية من هذا الغاز، ويجري ضخ الباقي إلى الأسواق الأوروبية، مضيفًا: "الملاحظ في عام 2023، أن أوكرانيا كانت تاريخيًا ممرًا رئيسًا لإمدادات الغاز الروسي، ثم أضيف خط نورد ستريم الذي جرى تفجيره، ما أعطى أهمية لخط ترك ستريم، الذي لم يكن يحظى بأي أهمية من قبل".
ولفت المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إلى أن خط ترك ستريم أصبح حاليًا أحد مسارين متبقيين لضخ الغاز الروسي إلى أوروبا، لذلك زادت الكميات من خلاله بصورة ملحوظة لتبلغ مستوى قياسيًا، مقارنة بالتاريخ أو التواريخ السابقة، إذ يحمل كلا المسارين نحو 50% من إمدادات غازبروم.
وأضاف: "يمكننا القول -على سبيل الاستنتاج النهائي- إن روسيا فقدت مكانتها التاريخية بصفتها أكبر موردي الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، وكذلك أكبر مورد بصورة عامة، مع الحفاظ على ما يمكن تسميته الحد الأدنى الممكن ضخه".
وأوضح أن هذا الأمر -أي الحد الأدنى الممكن ضخه- يجري حاليًا عبر الجانب الأوكراني، أو من خلال الأراضي الأوكرانية، وكذلك من خلال خط ترك ستريم، وفي الوقت نفسه نجحت بصورة أو بأخرى في تعويض جزء ضئيل من هذا الفقد في إمدادات الغاز الروسي، من خلال التوسع شرقًا باتجاه الصين من خلال خطوط "باور أوف سيبيريا".
الغاز الطبيعي المسال الروسي
قال خبير الغاز والهيدروجين المهندس وائل حامد عبدالمعطي، إن الغاز الطبيعي المسال وضعه بالنسبة إلى روسيا أفضل بكثير، لأنها مع انطلاق هذه الأزمة كانت لديها محطتان للإسالة، كما دخلت محطة جديدة في أثناء الأزمة، وعملت هذه المحطات بأقصى طاقة إنتاجية لها.
وأوضح أنه لم تكن هناك أي عقوبات من الجانب الأوروبي على تلك المحطات، ما سمح للجانب الروسي -صاحب الإنتاج المرتفع الذي كان يجري تصديره في صورة غاز عبر خطوط الأنابيب- أن يجد نصيبًا في الأسواق الأوروبية.
وأضاف المهندس وائل عبدالمعطي: "الجانب الأوروبي كان يرغب في تعويض ما فقده من إمدادات الغاز الروسي عبر خطوط الأنابيب، فلجأ إلى الغاز الطبيعي المسال، الذي كان نافذة مهمة لوصول الغاز المسال من الجانب الروسي ليصل الأسواق الأوروبية".
وبالتالي، حسب الخبير، ما تزال السوق الأوروبية تستحوذ على الحصة الأكبر من صادرات الغاز المسال الروسي، إذ أصبحت موسكو ثاني أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى سوق الاتحاد الأوروبي، بعد الولايات المتحدة.
موضوعات متعلقة..
- أنس الحجي: الغاز الروسي قد يشهد حصارًا أميركيًا جديدًا.. وبوتين تعلّم الدرس
- الغاز الروسي إلى الصين.. بكين وموسكو تواجهان عقوبات الغرب (مقال)
- الغاز الروسي يفرض نفسه في أوروبا مجددًا.. ترانسنيستريا نموذجًا
اقرأ أيضًا..
- تاريخ تأميم المحروقات في الجزائر.. 4 تحولات شكّلت قطاع الطاقة خلال 53 عامًا
- تقنية جديدة توفر الكهرباء النظيفة لـ500 مليون هندي (دراسة)
- وزير النفط الليبي: حان الوقت لتستفيد أفريقيا من ثرواتها.. ومراعاة ظروفها واجبة