غزو السيارات الكهربائية الصينية يهدد بإبعاد نظيراتها الغربية من الأسواق العالمية (تقرير)
يُتوقع أن يصبح انتشار المركبات الصينية في صالح المستهلكين الغربيين
نوار صبح
- أصبحت السيارات الكهربائية وبطاريات الليثيوم والألواح الشمسية تمثل "ركائز الاقتصاد الصيني"
- ميناء فليسنجن الهولندي يتسلم 5 آلاف سيارة كهربائية صينية
- محاولة الصين إنقاذ اقتصادها بإغراق الغرب بالسيارات الرخيصة تؤرق السياسيين الغربيين
- شركات صناعة السيارات الصينية تقدم حسومات سخية لتعزيز المبيعات في أوروبا
تنافس السيارات الكهربائية الصينية نظيراتها الغربية، على سبيل المثال، تيسلا وفولكسفاغن وبي إم دبليو ورينو، بلا هوادة، في الأسواق المحلية والعالمية.
يأتي ذلك في ظل تميّز الطرازات الصينية بأسعار مغرية تنافس مثيلاتها التي تصنعها الشركات الغربية، وبتصاميمها المتنوعة التي تلائم أذواق ورغبات وموازنات نسبة كبيرة من الزبائن.
وأدت هيمنة السيارات الكهربائية الصينية على حصة ملحوظة ومتنامية في الأسواق العالمية إلى ردات فعل انتقامية تهدف إلى كبح اندفاعها، وأطلق الاتحاد الأوروبي، في وقت سابق، تحقيقًا بشأن الدعم الحكومي الذي تتلقاه هذه السيارات الصينية، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
شحنة جديدة من السيارات الكهربائية الصينية تصل أوروبا
في يوم الأربعاء 22 فبراير/شباط الجاري، تسلم ميناء فليسنجن الواقع في جنوب غرب هولندا واحدة من أهم شحناته حتى الآن، 5 آلاف سيارة كهربائية مباشرة من مصنع بمدينة شنتشن الصينية، متجهة إلى الأسواق في جميع أنحاء أوروبا وبريطانيا.
ويمكن للشحنة التي تصنعها شركة بي واي دي BYD، أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين، أن تحول التوترات الدولية المتزايدة إلى حرب تجارية شاملة متفجرة بين بكين والغرب، حسبما نشرته صحيفة ذا تليغراف (telegraph) البريطانية.
ركائز الاقتصاد الصيني
أعلن الرئيس الصيني، شي جين بينغ، أن السيارات الكهربائية، إلى جانب بطاريات الليثيوم والألواح الشمسية تمثل "ركائز الاقتصاد"، وهي القطاعات التي اختارتها الحكومة الصينية لتكون المحرك لطفرة هائلة في صادرات الصناعات التحويلية.
وقد وصفها وزير التجارة الصيني، وانغ وينتاو، بأنها الصناعات "الـ3 الجديدة" في الصين.
ويسعى قادة البلاد إلى تعويض الركود العقاري الناجم عن الانهيار المذهل لشركة التطوير المثقلة بالديون إيفرغراند، الذي زعزع ثقة المستهلك، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُظهر محاولات هيئة مراقبة الأوراق المالية الصينية لدعم سوق الأوراق المالية في البلاد البالغة قيمتها 8.6 تريليون دولار، من خلال منع المستثمرين المؤسسين من بيع الأسهم عند فتح التداول وإغلاقه، مدى قلق المسؤولين بشأن ثقة المستهلك.
"منذ إعادة فتح الصين بعد الوباء، كان الإنتاج الصناعي قويًا للغاية، لكنه لم يلبِ الطلب المحلي المناسب لذلك"، حسبما قاله كبير الخبراء لدى شركة استشارات الأبحاث الاقتصادية بانثيون ماكروإيكونوميكس البريطانية، دوكان ريغلي.
وأضاف أن "الأسر مترددة في إنفاق هذا القدر، لأنهم قلقون بشأن المستقبل، ويشعر الناس بالقلق من أنهم إذا فقدوا وظائفهم، الآن، فلن يتمكنوا من الحصول على بديل، وهذا يُسهم في استمرار الضعف في قطاع العقارات".
ويأمل الرئيس الصيني أن تعمل حملة التصنيع المدعومة من الدولة التي تقودها السلع والمواد المتقدمة على تعزيز عصر جديد من النمو.
وستؤدي محاولة الصين لإنقاذ اقتصادها من خلال إغراق الغرب بالسيارات رخيصة الثمن إلى وضع صناع القرار السياسي في أوروبا وأميركا في حالة تأهب قصوى، حسبما نشرته صحيفة ذا تليغراف (telegraph) البريطانية.
ويتمثل الخوف في بروكسل وواشنطن في أن تسعى الصين، في ظل ركود الطلب المحلي، إلى تخفيف الطاقة الفائضة من خلال إغراق الأسواق الدولية ببضائعها، وبيعها في الخارج بأسعار أقل من أسعارها في الداخل، وتحطيم الصناعة الغربية.
وفي ظل تهديد المسؤولين الغربيين بتوجيه اتهامات خطيرة، وتحذير بكين من الإجراءات الانتقامية المضادة، عادت التوترات التجارية إلى مستويات خطيرة مرة أخرى.
موقف شركات السيارات الغربية
عندما كانت سفينة إكسبلورر التابعة لشركة بي وادي دي الصينية تشق طريقها عبر بحر المانش بعد رحلة استغرقت 5 أسابيع إلى ميناء فليسنجن الهولندي، ناشد رئيس شركة رينو الفرنسية بريطانيا وأوروبا "العمل معًا للمقاومة وما تخشى الصناعة أن يكون هجمة شرسة من السيارات الكهربائية الصينية رخيصة الثمن".
وقال الرئيس التنفيذي لشركة صناعة السيارات الفرنسية "رينو" Renault، لوكا دي ميو: "عند تصنيع محركات الاحتراق الداخلي، كانت قيادتنا بلا منازع، وعلى مدى قرن من الزمان، استفدنا من خبرتنا في هذه التكنولوجيا، وكانت بمثابة عائق أمام دخول الوافدين الجدد".
وأضاف: "اليوم، يجد الأوروبيون أنفسهم في موقف هشاشة نسبية".
وبحلول النصف الثاني من العام الماضي، استحوذ الصينيون على نحو 10% من سوق السيارات الكهربائية الأوروبية، وفقًا لأبحاث شركة شميدت أوتوموتيف.
ومن المتوقع أن يصبح غزو السيارات الصينية في صالح المستهلكين الغربيين، لكنه سيكون مقلقًا بالنسبة إلى شركات صناعة السيارات في أوروبا.
ويمكن أن يبلغ سعر سيارة تيسلا النموذجية (50,50 ألف دولار)، في حين يصل سعر طرازات بي وادي دي BYD إلى (10,10 آلاف دولار).
ووجدت شركة شميدت أن شركات صناعة السيارات الصينية تقدم حسومات سخية تصل إلى 12 ألف يورو (12,98 ألف دولار) لتعزيز المبيعات في القارة.
حتى إيلون ماسك، رائد الصناعة الأصلي والشخص الذي سخر ذات مرة من الاقتراح القائل بأن شركة بي وادي دي يمكن أن تنافس شركة تيسلا، أصبح خائفًا، حسبما نشرته صحيفة ذا تليغراف (telegraph) البريطانية.
وقال ماسك، بعد وقت قصير من إطاحة شركة بي واي دي بشركة تيسلا، بصفتها البائع الأول للطرازات الكهربائية في البر الرئيس للصين في نهاية عام 2023، "دون الحواجز التجارية، فإن اللاعبين الصينيين سوف يحطمون، إلى حد كبير، معظم شركات السيارات الأخرى في العالم".
ويتوقع تقرير صادر عن منصة نيو إنرجي فاينانس New Energy Finance، التابعة لوكالة بلومبرغ، أن تصل المبيعات السنوية للسيارات الكهربائية إلى 56 مليون سيارة على مستوى العالم بحلول عام 2040، أي ما يعادل 58% من جميع السيارات المبيعة حول العالم.
ويشير إلى أن حصة الصين من سوق السيارات الكهربائية ستبلغ 40% بحلول نهاية هذا العقد، وهي توقعات تدعمها وكالة الطاقة الدولية.
ويشبه الخبراء ذلك بالطريقة التي أصبحت بها البلاد تهيمن على صناعة الطاقة الشمسية.
وتتمتع الصين بهذه المزايا الضخمة، لأنها أنشأت نطاقًا هائلًا، ولديها تكاليف تصنيع متدنية، إلى جانب جميع سلاسل التوريد.
وقال كبير الخبراء لدى شركة استشارات الأبحاث الاقتصادية بانثيون ماكروإيكونوميكس البريطانية، دوكان ريغلي: "في السنوات الـ3 إلى الـ5 الماضية، انخفضت تكلفة إنتاج بطاريات السيارات الكهربائية بصورة كبيرة، لدرجة أنها لم تعد بحاجة إلى الكثير من الدعم الحكومي المباشر".
ويرى محللون أن من الصعب تجاهل أصداء الطفرة الصينية السابقة التي أدت إلى المخاوف بشأن إغراق الأسواق بالسلع الصناعية الثقيلة مثل المواد الكيميائية والصلب والمنسوجات.
اقرأ أيضًا..
- صادرات الطاقة الأميركية تتجنب قناة السويس وتتزايد عبر "بنما"
- الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا.. 8 خبراء يرسمون توقعات أسعار النفط
- توافر بدائل للبنزين يدعم صداقة السيارات الهجينة للبيئة (دراسة)