3 تغيرات بأسواق النفط في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا
وحدة أبحاث الطاقة - رجب عز الدين
- أسعار النفط تنخفض في 2023 لتسجل أول خسائر سنوية في 3 أعوام
- الصين والهند يستحوذان على أغلب صادرات النفط الروسية
- ارتفاع متوسط صادرات النفط الروسية إلى الصين والهند وتركيا بصورة كبيرة
- تراجع خصومات النفط الروسي في 2023 مع انخفاض الأسعار العالمية
شهدت أسواق النفط العالمية سلسلة من التغيرات في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، المندلع منذ فبراير/شباط 2022، خاصة على مستوى الأسعار وحركة صادرات موسكو المحظورة غربيًا.
وهبطت أسعار النفط بصورة ملحوظة في عام 2023، مقارنة بمستوياتها المرتفعة خلال العام الأول للحرب، قبل أن تصعد نوعًا ما منذ بداية 2024، ليكون خام برنت فوق 80 دولارًا للبرميل، كما انخفضت أسعار الخام الروسي، لكنها ظلت فوق السقف السعري البالغ 60 دولارًا.
وفي الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، فإن موسكو قد نجحت في تصريف صادراتها النفطية بصورة متزايدة إلى الصين والهند المستحوذتين على 90% من إجمالي الصادرات خلال عام 2023، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
أسعار النفط في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا
شهدت أسواق النفط انخفاضًا ملحوظًا في أسعار الخام عام 2023، لتسجل أول خسائر سنوية في 3 سنوات، بعد مكاسب قوية حققتها في عامي 2022 و2021، بسبب تداعيات الحرب الأوكرانية وبدايات التعافي الاقتصادي من تداعيات جائحة كورونا.
وبلغ متوسط السعر الفوري لخام برنت 82.4 دولارًا للبرميل في عام 2023، بانخفاض 19 دولارًا تقريبًا عن متوسطه البالغ 101 دولارًا للبرميل في عام 2022.
كما بلغ متوسط سعر خام غرب تكساس الوسيط 77.6 دولارًا في عام 2023، بانخفاض 18 دولارًا تقريبًا عن متوسطه في عام 2022، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته وحدة أبحاث الطاقة- التغيرات في أسواق النفط لخامي برنت وغرب تكساس منذ الحرب الأوكرانية وحتى فبراير/شباط 2024:
وشهدت أسعار النفط تقلبات حادة على مدار 2023، لتُتَداوَل بين 70 و96 دولارًا للبرميل لخام لبرنت، ورغم ذلك ما تزال هذه التقلبات أقل بكثير مما شهدته في عام الحرب الأوكرانية الأول، إذ وصلت الأسعار إلى 139 دولارًا للبرميل، وهو أعلى مستوى لها منذ 2008، بينما استقر متوسطها العام عند 101 دولارًا للبرميل.
وكانت الأسعار في عام 2023 حائرة بين تخفيضات تحالف أوبك+ الداعمة لارتفاعها من جهة، وبين المخاوف الاقتصادية التي ضغطت على الطلب من جهة أخرى، إضافة إلى التوترات الجيوسياسية في الشرق الأوسط منذ الحرب الإسرائيلية على غزة، التي ألقت بظلالها جزئيًا على الأسعار خلال الربع الأخير من 2023.
وتُتداول أسعار النفط منذ بداية عام 2024، بين 78 دولارًا و83 دولارًا للبرميل وذلك خلال يناير/كانون الثاني وحتى 16 فبراير/شباط 2024، بحسب ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا
في العام الثاني من الغزو الروسي لأوكرانيا، أسهمت التخفيضات الطوعية للإنتاج لدول تحالف أوبك+ في موازنة أسواق النفط خلال 2023، ومنع الأسعار من تكبّد خسائر أكبر، خاصة في ظل ارتفاع الإنتاج من خارج التحالف، بقيادة الولايات المتحدة، فضلًا عن حالة عدم اليقين الاقتصادي، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
واستمر تحالف أوبك+ في اتفاقية خفض الإمدادات بمقدار مليوني برميل يوميًا حتى نهاية 2023، ثم مدّدها إلى نهاية عام 2024، كما أقرّت 9 دول تخفيضات طوعية للإنتاج بنحو 1.65 مليون برميل يوميًا بقيادة السعودية وروسيا بداية من مايو/أيار 2023، ثم أُعلن تمديد هذا الخفض إلى نهاية 2024.
وفي اجتماع نوفمبر/تشرين الثاني 2023، أكد تحالف أوبك+ استمرار سياسة خفض الإنتاج المعلَنة سابقًا بمقدار مليوني برميل يوميًا حتى نهاية 2024، كما أعلنت 8 دول في الاجتماع نفسه تخفيضات طوعية للإمدادات، بإجمالي 2.193 مليون برميل يوميًا خلال الربع الأول من عام 2024، بقيادة السعودية وروسيا.
صادرات النفط الروسي تستقر في الصين والهند
من أبرز ملامح أسواق النفط في الذكرى الثانية للغزو الروسي لأوكرانيا، أن موسكو نجحت في تجاوز العقوبات الغربية والسقف السعري المحدد عند 60 دولارًا للبرميل، وذلك عبر تكثيف البيع إلى أكبر الأسواق الآسيوية المتجاهلة للعقوبات.
وتعدّ الصين والهند أكبر المشترين للنفط الروسي منذ العقوبات الغربية التي دخلت حيز التنفيذ في 5 ديسمبر/كانون الأول 2022، إذ زادت الدولتان من واردات الخامات الروسية التي تباع بخصومات مغرية من قبل شركات النفط الروسية.
واستحوذت الصين وحدها على 50% من صادرات النفط الروسي في عام 2023، تليها الهند بنسبة 40%، ما يعني استحواذ الدولتين على 90% من صادرات موسكو خلال العام الثاني للحرب الأوكرانية.
وانخفضت واردات أوروبا من النفط الروسي بشدة مع تنفيذ العقوبات، لتهبط إلى ما يتراوح بين 4% و5% في عام 2023، مقارنة بنحو 40% إلى 45% من إجمالي صادرات النفط الروسي قبل الحرب، بحسب بيانات صادرة عن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك.
ومنذ سريان العقوبات الأوروبية على موسكو حتى يناير/كانون الثاني 2024، تشير بيانات مجمعة عن أسواق النفط من مصادر أخرى، إلى أن الصين شكّلت 52% من صادرات النفط الخام الروسي و12% من صادرات المشتقات النفطية.
واستحوذت الهند على 33% من صادرات النفط الخام الروسي، يليها الاتحاد الأوروبي بنسبة 8%، وذلك خلال الشهور الـ13 الممتدة حتى يناير/كانون الثاني 2024.
واستحوذت تركيا على 5% من صادرات الخام الروسي، و24% من إجمالي صادرات المشتقات، خلال المدة المشار إليها، بحسب أحدث بيانات دورية صادرة عن مركز أبحاث الطاقة والهواء النظيف.
الرسم التالي -من إعداد وحدة أبحاث الطاقة- يرصد إجمالي صادرات روسيا من النفط الخام والمشتقات شهريًا منذ بداية 2022 حتى نهاية يناير/كانون الثاني 2024:
كما تشير بيانات أخرى عن أسواق النفط، صادرة عن الإدارة العامة للجمارك الصينية، إلى أن روسيا أصبحت أكبر مورّد للنفط الخام إلى بكين في عام 2023، متفوقة على السعودية أكبر مورّد سابق للصين.
وزاد متوسط صادرات النفط الروسي إلى الصين عند 2.3 مليون برميل يوميًا في عام 2023، مقارنة بمتوسطها البالغ 1.9 مليون برميل يوميًا في عام 2022، و 1.6 مليونًا في 2021.
كما زاد متوسط الصادرات الروسية للهند إلى 1.9 مليون برميل يوميًا عام 2023، مقارنة بمتوسطها البالغ 0.9 مليون برميل يوميًا عام 2022، و 0.1 مليونًا 2021.
وصعد متوسط صادرات الخام الروسي لتركيا إلى 0.7 مليون برميل يوميًا في عام 2023، مقارنة بمتوسطها البالغ 0.4 مليون برميل يوميًا في عام 2022، و0.2 مليونًا في 2021.
ووصلت صادرات النفط الروسي للصين والهند وتركيا إلى 2.2 مليونًا و1.5 مليونًا و0.8 مليون برميل يوميًا، على التوالي خلال يناير/كانون الثاني 2024، بحسب أحدث بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.
تراجع خصومات النفط الروسي
رغم انخفاض متوسط تداول سعر خام الأورال الرئيس إلى 62.99 دولارًا في عام 2023، مقارنة بمتوسطه البالغ 76.09 دولارًا في عام 2022، فإنه ظل فوق السقف السعري المحدد في العقوبات بما لا يزيد على 60 دولارًا، بحسب تقرير منشور على موقع أويل برايس المتخصص (oil price).
وظلت موسكو مستمرة في سياسة البيع بالتخفيضات الكبيرة على خاماتها مقارنة بالأسعار العالمية للنفط للإبقاء على جذب أكبر الاقتصادات الآسيوية، لا سيما الصين والهند، وكذلك تركيا، لكن قيمة هذه الخصومات انخفضت نسبيًا في عام 2023.
وأظهرت بيانات، نشرتها وكالة رويترز، تداول خام إسبو الروسي -تسليم ديسمبر/كانون الأول 2023- بسعر أقل عن خام برنت القياسي بما يتراوح بين 20 و50 سنتًا للبرميل.
وجرى تداول الخام الروسي -تسليم أكتوبر/تشرين الأول 2023- بخصومات تصل إلى دولار واحد للبرميل، مقابل خصومات بلغت 8.5 دولارًا للشحنات المسلّمة في مارس/آذار 2023.
كما تشير بيانات أخرى إلى أن تركيا كانت تستورد النفط الروسي الخام بخصومات تراوحت بين 5 دولارات و20 دولارًا على مدار عام 2023، بينما كانت تستورد الديزل الروسي بخصومات تتراوح بين 3.3 و20 دولارًا، مقارنة بالدرجات المماثلة في البحر المتوسط، ما ساعد تركيا على توفير ملياري دولار من فاتورة الواردات خلال عام 2023، بحسب تقرير لوكالة رويترز.
وبدأ تداول أسعار خام الأورال الرئيس أقل من 60 دولارًا في مطلع يناير/كانون الثاني، لكنه أنهى الشهر بالقرب من 66 دولارًا للبرميل، قبل أن ينخفض إلى 61.8 دولارًا في فبراير/شباط 2024.
وبلغ متوسط الخصومات على خام الأورال من ميناء بريمورسك قرابة 18.34 دولارًا للبرميل خلال يناير/كانون الثاني 2024، كما بلغ المتوسط لخام الأورال المحمل من ميناء نوفورسيسك قرابة 18.10 دولارًا للبرميل، بينما بلغت خصومات خام إسبو 6.64 دولارًا خلال الشهر نفسه، بحسب أحدث بيانات صادرة عن وكالة الطاقة الدولية.
وكانت روسيا تبيع خاماتها النفطية بخصومات تراوحت بين 20 و30 دولارًا في أعقاب الحظر الغربي لصادراتها في عام 2022، ثم بدأت في تقليل هذه الخصومات تدريجيًا مع تراجع الأسعار العالمية للنفط، وزيادة الطلب الآسيوي على خاماتها النفطية، لا سيما خام إسبو المفضل لدى مصافي التكرير الصينية والهندية.
موضوعات متعلقة..
- هل توترات باب المندب وراء تباطؤ صادرات النفط الروسي للهند؟
- كيف تضررت أسواق النفط الأوروبية من اضطرابات البحر الأحمر؟ وكالة الطاقة الدولية تجيب
- إيرادات النفط والغاز الروسية بالموازنة تتراجع في ديسمبر (تقرير)
اقرأ أيضًا..
- إنتاج مصر من الغاز الطبيعي في 2023 يفقد 7.7 مليار متر مكعب
- أمين عام أوابك: 4 دول عربية تتحرك لزيادة طاقة إنتاج النفط والغاز
- تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي.. هل يؤذي المستهلك المحلي؟ (تقرير)
- الهجمات الإسرائيلية على خطوط أنابيب الغاز الإيرانية تهدد الاستقرار الإقليمي (مقال)