التقاريرتقارير النفطرئيسيةنفط

طموح زيادة إنتاج النفط العراقي إلى 8 ملايين برميل.. هل تحققه الصين؟

بحلول 2027

هبة مصطفى

يتطلّع قطاع النفط العراقي منذ سنوات طويلة إلى زيادة إنتاجه لما يتراوح بين 7 و8 ملايين برميل يوميًا، لكن هذا الطموح منذ الإفصاح عنه وهو مكبّل اليدين بقيود وتحديات عدة، تابعتها منصة الطاقة المتخصصة.

ويبدو أن قفزة الإنتاج في منتصف العام الماضي (2023) إلى 5.4 مليون برميل يوميًا أنعشت حلم الذروة الإنتاجية بحلول عام 2027 من جديد.

ووسط تحديات جمة تدفع مسيرة الإنتاج نحو اتجاه معاكس لطموح بغداد، تظهر شركات الطاقة الصينية بوصفها طوق نجاة يتشبث به قطاع النفط حتى لا يستسلم لمحاولات إعادته للخلف مرة أخرى.

ويعزز انسحاب عدد من كبريات شركات الطاقة من العراق سيناريو منح دور أكبر لشركات بكين، خاصة أن أكبر الاقتصادات الآسيوية يستحوذ على حصة لا بأس بها من صادرات النفط العراقي.

إنتاج النفط العراقي

بات إنتاج النفط العراقي ضحية الضغوط السياسية الداخلية والخارجية من جهة، وتحديات نقص المياه من جهة أخرى، حسب تقرير نشرته منصة إس أند بي غلوبال بلاتس (S&P Global).

وخارجيًا، يعاني العراق بنية تحتية متهالكة لتصدير النفط، ويحتاج إلى المزيد من التطوير، ولا يمكن أن نغفل خلاف بغداد مع تركيا حول خط أنابيب "كركوك- جيهان" المتوقف منذ مارس/آذار 2023.

خط أنابيب كركوك جيهان
خط أنابيب كركوك جيهان - الصورة من Post Online Media

وترجع أصول الخلاف حول الخط -الممتد بطول 900 كيلومتر من كركوك إلى ميناء جيهان على البحر المتوسط، ووقعت اتفاقية تشغيله عام 1973- إلى موافقة أنقرة على بيع وتصدير نفط الإقليم عبر الخط ومرافق أخرى دون موافقة حكومة بغداد وبالمخالفة للاتفاق بين الطرفين.

ويُصدر الخط 375 ألف برميل يوميًا من المزيج الكردي، و75 ألف برميل يوميًا من مزيج كركوك.

وعلى الصعيد المحلي، يشكّل الخلاف بين حكومة بغداد وإقليم كردستان أبرز التحديات أمام زيادة إنتاج النفط، بعد سيطرة الأخير على إنتاج الإقليم الغزير، وخفضه سعر البرميل مقارنة بالخام المنتج في المحافظات العراقية.

كما تسبّب نقص المياه في عزوف شركات أجنبية عن زيادة وتيرة الاستكشاف والتطوير.

تقلب الاستثمارات الأجنبية

حاولت حكومة بغداد زيادة إنتاج النفط العراقي في حقولها لمنافسة الإنتاج في إقليم كردستان، وتعويض خسائرها الناجمة عن توقف صادراتها من خط أنابيب كركوك جيهان.

ومع اشتداد وتيرة المنافسة، أصبحت الاستثمارات الأجنبية جزءًا لا يتجزأ من طموح بغداد لرفع سقف الإنتاج إلى 8 ملايين برميل يوميًا، بحلول 2027.

وكانت محافظة البصرة الأوفر حظًا؛ إذ شارك مستثمرون من شركات أجنبية في تطوير حقول: الرميلة، غرب القرنة 1، الزبير، مجنون، غرب القرنة 2.

وبفعل تصاعد وتيرة الصراعات الداخلية وتفاقم نقص المياه، شرعت شركات مهمة لقطاع النفط العراقي في التخارج والانسحاب أو على الأقل بيع حصصها في مشروعات كبرى.

وكان خروج شركة إكسون موبيل (Exxon Mobile) الأميركية مؤخرًا من أصولها في بغداد دليلًا على ذلك، بعدما باعت حصتها في حقل غرب القرنة 1 إلى شركة نفط البصرة المحلية، بحصة قدرها 22.7%.

وفي عام 2021، تخلّت إكسون عن حصتها البالغة 32% في تطوير ترخيص "بعشيقة" الواقع في كردستان، وسبق ذلك تخارج شركة شل (Shell) الأنغلو هولندية من حقل مجنون، عام 2018.

وفي الآونة الحالية، تدير حقل الرميلة شركة النفط البريطانية (BP)، وتدير حقل الزبير شركة إيني (Eni) الإيطالية.

مرافق في حقل الرميلة
مرافق في حقل الرميلة - الصورة من الموقع الإلكتروني للحقل

دور الشركات الصينية

في غالبية المرات التي انسحبت خلالها شركات طاقة كبرى من أصول أو تراخيص عراقية كانت شركات صينية تسعى للاستحواذ على هذه الحصص، وكان هذا الإقبال محل اهتمام من الجانب العراقي.

وتولت شركة بتروتشاينا (PetroChina) تشغيل مشروع حقل غرب القرنة 1 عقب تخارج إكسون موبيل، خاصة أن التجارب السابقة لنجاح خطوات التطوير في مشروعات شركات بكين والتزام هذه الشركات بالقوانين المحلية كانا دافعيْن لدعمها من قِبل حكومة بغداد.

وتخضع 34% من احتياطيات النفط العراقي، وثلثا حجم الإنتاج لإدارة شركات صينية، وتشكل الحصص المباشرة الإجمالية لشركات بكين في بغداد حصة من الاحتياطيات قدرها 24 مليار برميل، وتنتج هذه الشركات ما يقرب من 3 ملايين برميل يوميًا.

وتأتي مؤسسة النفط الوطنية الصينية سي إن بي سي (CNPC) في صدارة أكبر مستثمري بكين في بغداد، بحصص ملكية في حقول: (الأحدب، الحلفاية، الرميلة، غرب القرنة 1)، بالإضافة إلى حصص أخرى مملوكة لشركات: سينوك (CNOOC)، ويونيون (Union)، وزينهوا (ZenHua).

وربما يعزز من هذا الاتجاه كون بكين أكبر أسواق النفط العراقي بوصفها أكبر المشترين، ويقدر متوسط الشحنات العراقية إلى الدولة الآسيوية بنحو 1.18 مليون برميل يوميًا (بما يعادل 35% من إجمالي صادرات بغداد).

واحتل العراق المرتبة الثالثة، بعد روسيا والسعودية، لأكبر موردي الخام إلى الصين العام الماضي (2023).

استثمارات تعويضية

لم توجه الشركات الصينية وحدها الأنظار باتجاه تطوير أصول النفط العراقي؛ إذ كانت لشركات آسيوية وروسية أخرى تطلعات في الاستحواذ على حصص للخام في مشروعات ببغداد، رغم تخلي بعض شركات الطاقة الكبرى عن مهامها.

ومن بين هذه الشركات الآسيوية: بيرتامينا (Pertamina) الإندونيسية، وجابكس (Japex) وإيتوشو (Ituchu) اليابانيتان.

بالإضافة إلى شركات روسية مثل: حصص شركة غازبروم (Gasprom) في حقل بدرة، وشركة روسنفط (Rosneft) في كردستان، وشركة لوك أويل (Lukoil) في حقلي غرب القرنة 2 وأريدو.

وشهد حقل غرب القرنة 2، مؤخرًا، اتفاق تعاون، جمع بين شركة نفط البصرة المملوكة للعراق ولوك أويل الروسية؛ لتمديد أعمال الخدمات النفطية حتى عام 2045 ومضاعفة إنتاجها من الحقل إلى 800 ألف برميل يوميًا.

ويرصد الرسم البياني أدناه -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- حجم صادرات النفط العراقي من عام 2022 حتى مطلع 2024:

حجم صادرات النفط العراقية حتى يناير 2024

سيناريوهات التعافي

بخلاف جذب الاستثمارات الأجنبية، يحتاج قطاع النفط العراقي إلى بذل جهود تسهم في تلبية طموحه حول زيادة الإنتاج، ولا سيما أن عائدات الطاقة تُشكل جانبًا كبيرًا من ميزانية الدولة.

ولتطوير القطاع، ينبغي التركيز على إيجاد حل لمشكلة المياه بالتوسع في بناء مرافق مثل محطة معالجة مياه البحر التي تبنيها شركة توتال إنرجي (Total Energies)، لتجنب الضغط على إمدادات المياه العذبة.

وبصورة أكثر أهمية، يتعين إيجاد حلول للصراعات الداخلية والخلافات مع إقليم كردستان، حتى تُستأنف قدرات التصدير بصورة طبيعية.

وسجل إنتاج النفط العراقي رقمًا قياسيًا، منتصف العام الماضي (2023)، بعدما بلغ 5.4 مليون برميل يوميًا، وتسعى بغداد إلى زيادة هذا المعدل لما يتراوح بين 7 و8 ملايين برميل يوميًا بحلول عام 2027.

ومؤخرًا، خضع العراق لالتزام تحالف أوبك+ بخفض الإنتاج وقُدرت حصته بما يصل إلى 4 ملايين برميل يوميًا، لكن إنتاج شهر يناير/كانون الثاني الماضي تجاوز هذه التقديرات ليصل إلى 4.27 مليون برميل يوميًا.

وفي ظل محاولة القطاع التعافي والسير نحو طموح إنتاج 8 ملايين برميل يوميًا، أكدت وزارة النفط في بغداد أنها ستجري مراجعات حتى تتمكن من الالتزام بحصتها في التحالف وتلافي زيادة إنتاج الشهر الماضي.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق