التحول عن المعادن الأرضية النادرة.. أمل "مستبعَد" لشركات السيارات الكهربائية (تقرير)
نوار صبح
- %95 من السيارات الكهربائية تستعمل محركات مغناطيسية دائمة تعتمد على المعادن الأرضية النادرة.
- المغناطيسات الدائمة تُعَد حيوية حاليًا لكل من السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح البحرية.
- أكبر شركات تعدين ومعالجة المعادن النادرة هي شركات صينية مملوكة للدولة.
- الاعتماد على المعادن الأرضية النادرة المستخرجة في الصين يثير تساؤلات بشأن المعايير البيئية.
يُعَد التحوّل الكامل عن المحركات القائمة على المعادن الأرضية النادرة طموحًا كبيرًا لدى شركات السيارات الكهربائية التي تسعى للخروج من قبضة الصين التي تحتكر صناعة تلك المعادن.
لكن تحقيق ذلك الطموح أمر غير مرجّح؛ نظرًا إلى دور الصين المهم في قطاع السيارات الكهربائية وفوائد الأداء التي توفرها المغناطيسات الدائمة المعتمدة على هذه المعادن، وفق مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتقول كاتبة المقال مراسلة منصة نيوكلير إنتليجنس ويكلي، غريس سيمز، إنه من المتوقّع أن ينمو الطلب السنوي للسيارات الكهربائية على هذه المعادن في جميع أنحاء العالم من 5 آلاف طن في عام 2019 إلى ما يصل إلى 70 ألف طن بحلول عام 2030؛ إذ تستعمل 95% من السيارات الكهربائية محركات مغناطيسية دائمة تعتمد على المعادن الأرضية النادرة.
في المقابل، يبحث صانعو السيارات الكهربائية؛ بما في ذلك شركتا تيسلا وجنرال موتورز، عن بدائل لمحركات الجر التي تستعمل مغناطيسات دائمة تتطلب معادن أرضية نادرة، بسبب احتكار الصين سلسلة توريد المعادن الأرضية النادرة، وفق المقال الذي نشرته منصة إنرجي إنتليجنس (Energy Intelligence) المتخصصة بمتابعة أحدث التطورات والاتجاهات في صناعة الطاقة.
وقد اكتسب هذا التحول أهمية عندما حظرت الصين صادرات تكنولوجيا فصل المعادن الأرضية النادرة في ديسمبر/كانون الأول الماضي.
ويتطلّب المغناطيس الدائم، عادةً، 4 معادن أرضية نادرة: النيوديميوم، والبراسيوديميوم، والديسبروسيوم والتيربيوم، بحسب مقال لمراسلة منصة نيوكلير إنتليجنس ويكلي، غريس سيمز.
وتُشكِّل هذه المعادن الأرضية النادرة -وفق المقال- جزءًا صغيرًا جدًا من المعادن اللازمة لتحول الطاقة؛ حيث تم إنتاج 130 ألف طن فقط من المغناطيس الدائم في جميع أنحاء العالم خلال عام 2019، وهو ما يعادل قيمة سوقية تبلغ 7 مليارات دولار.
دور المغناطيسات الدائمة
تُعدّ المغناطيسات الدائمة حيوية حاليًا لكل من السيارات الكهربائية وتوربينات الرياح البحرية؛ حيث يستعمل 76% منها مغناطيسًا دائمًا بدءًا من عام 2018، وفق مقال غريس سيمز.
وأعلن العديد من شركات صناعة السيارات؛ بما في ذلك جنرال موتورز وجاكوار لاند روفر ومرسيدس بنز وتيسلا ونيسان وبنتلي، نيتها تطوير محركات تحتوي على عدد أقل من المعادن الأرضية النادرة أو لا تحتوي على أي منها.
بدورها، تقدم مجموعة من شركات صناعة السيارات؛ بما في ذلك بي إم دبليو ورينو، محركات خالية من المعادن الأرضية النادرة.
وتوجد المحركات المغناطيسية الدائمة في تطبيقات عديدة، بدءًا من محركات الكمبيوتر إلى المضخات والمراوح والأدوات الكهربائية المنزلية والأجهزة الكهربائية ومسّاحات الزجاج الأمامي للسيارات التقليدية.
البدائل المتاحة
توجد بدائل لمحركات الجر القائمة على مغناطيس المعادن الأرضية النادرة، ولا سيما المحركات التحريضية والمحركات المتزامنة المثارة خارجيًا.
وتتطلع بعض شركات صناعة السيارات إلى استعمال أنواع أخرى من المغناطيس؛ بما في ذلك الفريت وكوبالت السماريوم وكوبالت نيكل الألومنيوم، ويستكشف الباحثون في جامعة كامبريدج إمكان إنشاء بديل محتمل يُسمَّى التيتراتينت.
حتى الآن، تميل البدائل القابلة للتطبيق إلى أن تأتي بكفاءة أقل في استعمال الكهرباء، وكثافة طاقة ومدى أقل، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وخصصت جنرال موتورز وفولفو وستيلانتس التمويل لشركة نيرون ماغنتس Niron Magnets، التي تعمل على تطوير مغناطيس دائم خالٍ من المعادن الأرضية النادرة.
ووقّعت شركتا جنرال موتورز وستيلانتس، مؤخرًا، اتفاقات طويلة الأجل لتوريد المعادن الأرضية النادرة. واستعملت تيسلا في الأصل المحركات الحثية قبل التحول إلى مغناطيسات المعادن الأرضية النادرة في عام 2017. وفق ما ذكرته غريس سيمز في مقالها.
احتكار صناعة المعادن الأرضية النادرة
يمكن إرجاع كل استياء شركات صناعة السيارات تقريبًا من المعادن الأرضية النادرة إلى الصين، التي أنتجت نحو 70% من خامات المعادن الأرضية النادرة وعالجت نحو 90% منها في عام 2022.
من ناحية ثانية، تميل محركات المعادن الأرضية النادرة إلى أن تكون أكثر تكلفة من المحركات الحثية، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن أكبر شركات تعدين ومعالجة المعادن النادرة هي شركات صينية مملوكة للدولة. وتستطيع الحكومة الصينية السيطرة على الأسعار إلى حد كبير؛ ما يؤدي إلى التقلبات، بحسب مقال مراسلة منصة نيوكلير إنتليجنس ويكلي، غريس سيمز، نشرته منصة إنرجي إنتليجنس (Energy Intelligence).
ويثير الاعتماد على المعادن الأرضية النادرة المستخرجة في الصين تساؤلات بشأن المعايير البيئية.
وحتى لو كانت الشركات غير الصينية تنتج معادن أرضية نادرة؛ فإنها تضطر في أغلب الأحيان إلى إرسالها إلى الصين لمعالجتها.
إضافة إلى ذلك؛ فإن بناء منشأة لفصل المعادن الأرضية النادرة يأتي باستثمار رأسمالي يصل إلى 50 مليون دولار.
وعادةً ما يُعثَر على المعادن الأرضية النادرة بتركيزات منخفضة جدًا؛ ما يجعلها باهظة الثمن بالنسبة للتعدين.
ويرى محللون أن جميع هذه العوامل تميل إلى تشويه جاذبية المشاركة في سوق المعادن الأرضية النادرة، كما ذكر المقال.
المخاوف في الغرب
تتصاعد المخاوف في الغرب بشأن رغبة الصين في الاستفادة من هيمنتها على المعادن.
وفرضت الصين، في العام الماضي، ضوابط على صادرات الغاليوم والجرمانيوم وبعض منتجات الغرافيت، وفي ديسمبر/كانون الأول الماضي، على تقنيات فصل المعادن الأرضية النادرة.
وقالت الزميلة في برنامج أمن الطاقة وتغير المناخ لدى مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية غريسلين باسكاران، لمنصة إنرجي إنتليجنس (Energy Intelligence): "سيؤدي ذلك إلى تقويض المرافق التي تطورها بلدان أخرى".
وأضافت: "لكن الخطر الآن هو أنهم سيقطعون صادراتنا تمامًا.. وعندها ينتهي بنا الأمر إلى مشكلة كبيرة".
اقرأ أيضًا..
- إيرادات السعودية النفطية في 2023 تنخفض 12%
- وقف تسعير الألواح الشمسية في مصر
- أنس الحجي: الغاز الروسي قد يشهد حصارًا أميركيًا جديدًا.. وبوتين تعلّم الدرس