إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.. فرصة أوروبا لكسر احتكار الصين
محمد عبد السند
- التقنيات المتطورة قد تساعد أوروبا في صناعة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.
- تراهن أوروبا على السيارات الكهربائية لمكافحة التغيرات المناخية.
- تبرز الصين أكبر مُنتِج وسوق للسيارات الكهربائية في العالم.
- وتتسم بطاريات السيارات الكهربائية بكونها ذات قابلية عالية للاشتعال، وهو ما يجعل من الصعب إعادة تدويرها.
- من المتوقع أن تصل كمية البطاريات التي سيُعاد تدويرها في أوروبا عند 2100 كيلو طن سنويًا في عام 2040.
تبرُز عملية إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية الرقم الأهم في الجهود التي تبذلها أوروبا لفطم نفسها عن واردات الصين من المواد الرئيسة الداخلة في تصنيع تلك التقنية النظيفة، وتوطينها محليًا.
ولعل ما قد يساعد أوروبا في الوصول إلى هذا المستهدف الطموح هو تجربتها الرائدة في تصنيع التقنيات المبتكرة، مستفيدةً من الخبرات المعرفية والعقول البشرية التي تعوّل عليها القارة العجوز في أن تصبح لاعبًا رئيسًا في إعادة تدوير البطاريات الخضراء الفاعلة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
لكن عمليًا وعلى الأرض ما زال الاتحاد الأوروبي يعتمد كليًا على واردات المواد الخام الرئيسة الآتية من الصين والداخلة في تصنيع تلك البطاريات؛ ما يجعله عُرضة بدرجة كبيرة إلى الصدمات الحاصلة في سلسلة الإمدادات.
استثمارات ضخمة
يُخطط الاتحاد الأوروبي الذي يراهن على السيارات الكهربائية لمكافحة التغيرات المناخية، لبناء العديد من مصانع بطاريات السيارات الكهربائية على مدار العقد المقبل، وفق تقرير أورده الموقع الرسمي التابع لإذاعة دويتشه فيله (Deutsche Welle) الألمانية.
ولا تساعد عملية إعادة تدوير تلك البطاريات الاتحاد الأوروبي على خفض اعتماده على المواد المستوردة من الخارج فحسب، بل تجعل البطاريات كذلك أكثر صداقة للبيئة.
ويضخ العديد من الشركات الأوروبية؛ من بينها شركات صناعة السيارات مثل فولكسفاغن (Volkswagen) ومرسيدس بنز (Mercedes-Benz) ومصنعة البطاريات السويدية نورثفولت (Northvolt)، استثمارات ضخمة في إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في سياق جهود أوسع لجعلها ذات جدوى من الناحية الاقتصادية.
وتبني مرسيدس -حاليًا- مصنعًا تجريبيًا لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في مدينة كوبنهايم جنوب غرب ألمانيا، ومن المتوقع أن يدخل حيز التشغيل بحلول أواسط العام الحالي (2024).
وفي هذا الصدد يرى عضو مجلس إدارة مجموعة مرسيدس بنز، يورج بورزر أن عملية إعادة التدوير هي "منجم الغد"، موضحًا: "مع امتلاكنا المورد والعملية المستدامة، يبرز هذا مكونًا إستراتيجيًا بالنسبة لنا"، في تصريحات أدلى بها إلى دويتشه فيله، وتابعتها منصة الطاقة المتخصصة.
نموذج إعادة تدوير
تزعم شركة دوسنفلد (Duesenfeld) الألمانية الناشطة في مجال تدوير بطاريات الليثيوم أيون أن عملية التدوير التي تتبعها تُدِر عليها أرباحًا وفيرة، وفق ما قاله رئيس قسم هندسة المصانع في الشركة جوليوس شوماخر.
وشرح شوماخر آلية إعادة التدوير التي تُطبق في مصنع الشركة، قائلًا إن عاملًا يقف في منتصف كابلات زرقاء وحمراء اللون، وتُفصَل منطقة تفريغ شحن البطاريات بشريط عازل من اللونين الأصفر والأسود.
وأشار شوماخر إلى أن بطاريات السيارات الكهربائية محفوفة بالمخاطر نظرًا إلى كثافة طاقتها العالية، موضحًا أن العامل يُوَصِّل كابلًا تلو الآخر لتفريغ شحن البطاريات التي تعادل حجم حقيبة.
ويتولّى عامل آخر دفع البطاريات فارغة الشحن في خط إنتاج يوصل إلى آلة التقطيع، وتتسم بطاريات السيارات الكهربائية بكونها ذات قابلية عالية للاشتعال، وهو ما يجعل من الصعب إعادة تدويرها.
ويستعمل القائمون على عملية إعادة التدوير واحدة من تقنيتين؛ أولاهما تعتمد على فصل المواد باستعمال معالجة حرارية وهي طريقة كثيفة الاستهلاك للكهرباء، والثانية يجري خلالها تجفيف البطاريات، على سبيل المثال، في فراغ أو نيتروجين سائل؛ ما يمكن أن يَنتُج عنه غازات سامة.
وتستعمل دوسنفلد الطريقة الثانية التي تعتمد على وسط نيتروجيني لمنع البطاريات من الاشتعال، ثم تُجفف البطاريات في درجات حرارة منخفضة في فراغ.
استخلاص المعادن الحيوية
تحدث طريقة إعادة التدوير الثانية تأثيرًا مماثلًا لما يحدث على جبل مرتفع؛ حيث تغلي المياه عند درجة حرارة تقل عن 100 درجة مئوية؛ لأن الضغط الخارجي منخفض.
ويتبخر إلكتروليت البطارية الذي يعمل بوصفه مادةً موصلةً داخل البطارية، قبل أن يتدفق على شكل سائل شفاف في أنبوب زجاجي وهو الإلكتروليت المعاد تدويره.
ويبرز منخل متحرك كبير بحجم طاولة الطعام، يفصل المواد المختلفة عن البطاريات المقطعة: النحاس والألومنيوم والبلاستيك والكتلة السوداء الثمينة التي تحتوي على معادن البطارية الثمينة.
ثم تخضع الكتلة السوداء لعملية كيميائية تسمى علم المعادن المائي لفصل الليثيوم والنيكل والمنغنيز والكوبالت، وهي معادن حيوية تشتد الحاجة إليها في الاتحاد الأوروبي لتحقيق مستهدفاته الخاصة، من بينها السيارات الكهربائية.
الهيمنة صينية
تبرز الصين أكبر مُنتِج وسوق للسيارات الكهربائية في العالم، إلى جانب كونها رائدًا في مجال إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.
ويزيد سوق إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في الصين بواقع 10 مرات تقريبًا عن نظيره في الاتحاد الأوروبي، وفق ما قاله العالم في معهد فراونهوفر لأبحاث الأنظمة والابتكار Fraunhofer Institute for Systems and Innovation Research في ألمانيا كريستوف نيف، في تصريحات إلى دويتشه فيله.
ومن الممكن أن تستبدل الصين الليثيوم المعاد تدويره بالليثيوم الذي يجري الحصول عليه بعملية التعدين في بطاريات السيارات الكهربائية بدءًا من عام 2059، وفق دراسة أجرتها جامعة مونستر في ألمانيا، طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
في المقابل من المتوقع أن تحقق أوروبا والولايات المتحدة هذا المستهدف بعد عام 2070.
وبالنسبة للنيكل؛ فمن المحتمل أن تقدر الصين على سد الطلب من خلال إعادة التدوير في عام 2046 على أقرب تقدير، تليها أوروبا في عام 2058 والولايات المتحدة من عام 2064 فصاعدًا.
ويقدر المعهد البحثي كمية البطاريات التي سيُعاد تدويرها في أوروبا عند 2100 كيلو طن سنويًا في عام 2040، بزيادة من قرابة 50 كيلو طن حاليًا من البطاريات المستهلكة التي يُعاد تدويرها سنويًا، مع وصول عدد كبير من بطاريات السيارات إلى نهاية عمرها الافتراضي.
ويوضح الفيديو أدناه عملية إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في الصين:
موضوعات متعلقة..
- إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.. الصين الأولى في توفير احتياجاتها بعد 2045
- إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية.. طريقة جديدة وفاعلة
- مشروع لإعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية في المملكة المتحدة
اقرأ أيضًا..
- النفط في غايانا قد يتحول إلى نقمة.. ارتفاع المعيشة والصراع مع فنزويلا الأبرز
- حقل نفط في قازاخستان يسرب ما يعادل انبعاثات 800 ألف سيارة سنويًا
- إنتاج الهيدروجين الأخضر في شمال أفريقيا.. أنظار أوروبا تتجه لـ4 دول (تقرير)