وحدة أبحاث الطاقة: تعدين البيتكوين يؤثر في قطاع الطاقة العالمي.. الكهرباء نموذجًا
أحمد بدر
يعرف الكثيرون حول العالم عملة البيتكوين، بصفتها عملة رقمية افتراضية فقط، ولكن وحدة أبحاث الطاقة رصدت أن لا أحد يربط العملات الرقمية بموضوع الطلب على الطاقة، على الرغم من أنها تمثل عنصرًا مهمًا للغاية من عناصر زيادة هذا الطلب.
ويرى الباحث في الوحدة الدكتور رجب عزالدين، أن العملات الرقمية تنطوي على إشكاليات كبيرة منذ أن ظهرت فكرتها في عام 2009 وحتى الآن، لذلك فهي مليئة بالتعقيدات، لأن الأمر كله عبارة عن نقود رقمية ليس لها وجود حسي مثل الدولار والعملات المعدنية أو الورقية.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدمها مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) بعنوان "أسواق الطاقة بين البيتكوين ومخزون النفط الإستراتيجي".
وأوضح الباحث في وحدة أبحاث الطاقة، أن العملات الرقمية مثل البيتكوين لا توجد لها إصدارات أو بنوك مركزية تصدرها وتديرها، لذلك فإنها تمثل إشكاليات من حيث عدم وجود علاقة مع البنوك المركزية.
بالإضافة إلى ذلك، وفق عزالدين، تعاني العملات الرقمية أزمات أخرى، كونها عرضة للتقلبات السعرية، وغير آمنة وعرضة للهجمات السيبرانية والنصب والخداع وجرائم غسل الأموال والمعاملات الضريبية.
إشكاليات العملات الرقمية طاقيًا
قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة الدكتور رجب عزالدين، إن العملات الرقمية مثل البيتكوين تمثل إشكاليات في مجال الكهرباء، وهذه يمكن تقسيمها إلى مجموعة من المحاور، لشرح بعض التفاصيل الخاصة بها.
وأضاف: "سنتحدث عن حجم استهلاك العملات الرقمية للكهرباء، وحجم تأثيرها في المياه، إذ إنها لا تؤثر في أسواق الطاقة فحسب، وإنما تؤثر في أسواق المياه أيضًا، بجانب البصمة الكربونية للعملات الرقمية، وكذلك أزمة النفايات الإلكترونية، وكذلك حساب الاستهلاك والمحاسبة، وتأثيرها في الشبكات".
وأوضح عزالدين أن هناك ضغطًا شديدًا على شبكات الكهرباء، سواء من ناحية الذكاء الاصطناعي أو التحول الطاقي في قطاعات النقل والمنازل والسيارات الكهربائية، كل هذه الأمور إلى جانب البيتكوين التي تمثل إشكالية وحدها، وما زال تحديد استهلاكها من الكهرباء غامضًا جدًا.
وحول الوضع القانوني لعملة البيتكوين، يقول الباحث في وحدة أبحاث الطاقة، إن أغلب دول العالم ما زالت تتعامل مع العملات الرقمية بحذر شديد، ما بين المنع والتقييد، باستثناء دولتين هما السلفادور، التي تعد أول دولة تعترف بها بصفتها عملة رسمية للدفع بجانب الدولار في سبتمبر/أيلول 2021، ثم لحقتها جمهورية أفريقيا الوسطى في أبريل/نيسان 2022.
لكن اعتراف الدولتين -وهما دولتان صغيرتان وما زالتا هامشيتين جدًا في أميركا اللاتينية وأفريقيا- أثار انتقادات واسعة، ليس فقط من مدخل المخاطر المالية والمصرفية، ولكن لأن قدرات الإنترنت في البلدين ضعيفة للغاية، بجانب أن معدلات الأمية والفقر واسعة جدًا بين السكان.
وتابع: "يكفي -على سبيل المثال- أن نعرف أن نسبة من يستطيعون الاتصال بالإنترنت بين سكان أفريقيا الوسطى لا تتجاوز 4%، في حين عمليات تشفير وتعدين العملات الرقمية تحتاج إلى اتصال قوي بالإنترنت وشبكات كهرباء قوية جدًا، ما جعل البعض يفسر مسألة تبني الدولة للأمر بأنه محاولة لتقوية الفرنك الفرنسي، في إطار الصراع بين روسيا وفرنسا على النفوذ في غرب أفريقيا".
وأردف: "هذا الأمر -أيضًا- قريب مما فعلته فنزويلا في عام 2018، حينما أصدرت أول عملة رقمية رسمية، وهذا اتجاه آخر غير العملات الرقمية مثل البيتكوين، التي وصل عددها إلى نحو 7 آلاف عملة رقمية، إذ إنها عملة لها بنوك تصدرها رسميًا".
وأشار الباحث في وحدة أبحاث الطاقة إلى أن فنزويلا كانت أول دولة ترسمن العملة الرقمية، وأطلقت عليها اسم "بترو"، وكان هدفها تسهيل التعاملات المالية للمواطنين بدلًا من حمل كميات كبيرة من العملات الورقية التي يحتاج إليها المواطن لشراء أبسط الأشياء بعد انهيار البوليفار الفنزويلي، بسبب العقوبات الأميركية.
ولفت إلى أن الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو أعلن حينها أن العملة الرقمية الرسمية ستكون مدعومة من احتياطيات النفط، وذلك لتشجيع المواطنين على التعامل بها، وهو ما عدته وزارة الخزانة الأميركية تحايلًا، إذ إن هذه العملة قد تؤثر في العقوبات، لذلك فمن الممكن أن تكون للعملات الرقمية أهداف سياسية.
العملات الرقمية واستهلاك الكهرباء
قال الباحث في وحدة أبحاث الطاقة الدكتور رجب عزالدين، إن هناك إشكاليات متعلقة بالعملات الرقمية في مجال الكهرباء والبيئة، فحسابات استهلاك الكهرباء ما زالت غير دقيقة، والدول الكبرى تحاول تطوير منهجيات لحساب استهلاك العملات الرقمية للكهرباء، خاصة المتعلقة بالتعدين.
وأوضح أن كلمة تعدين -هنا- أقرب للمجاز منها إلى الحقيقة، لأن الأصل في التعدين هو وجود مناجم وأعمال حفر واستخراج وتكرير وصولًا للمادة المستهدفة، وهي في النهاية معدن، ولكن تعدين العملات الرقمية هو عملية فك لوغاريتمات وألغاز شديدة التعقيد عبر حواسيب ضخمة، وهو أمر شديد التعقيد ويصعب حتى على المصرفيين فهمه.
ولفت الباحث في وحدة أبحاث الطاقة إلى أن عمليات تعدين البيتكوين تستهلك كميات كبيرة جدًا من الكهرباء، إذ قدّر "مركز كامبريدج للتمويل البديل" في بريطانيا -وهو من أوائل مبتكري مؤشر منهجي رائد لحساب استهلاك البيتكوين للكهرباء- أن تعدين العملات المشفرة في العالم استهلك بين 67 و240 تيراواط/ساعة في عام 2023.
وأضاف: "نرى هنا أن متوسط المؤشر متراوح جدًا، وهذا دليل على أن الحسابات المنطقية لحجم الاستهلاك ما زالت مرتبكة بصورة كبيرة، فهو يشير إلى متوسط استهلاك يبلغ نحو 120 تيراواط/ساعة، أي ما يمثل بين 0.2% و0.9% من إجمالي طلب الاستهلاك العالمي للكهرباء في العالم، ما يعادل استهلاك دولة مثل اليونان أو أستراليا".
وبالنسبة إلى الولايات المتحدة، قال عزالدين، إن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أخذت إذنًا لبدء تقييم شامل لاستهلاك البيتكوين للكهرباء في أميركا، بداية من فبراير/شباط الجاري حتى يونيو/حزيران المقبل 2024، ومن المتوقع أن تصدر أول تقرير لها بنهاية العام الجاري.
ومن المنتظر أن يحدد التقرير كم يستهلك تعدين العملات الرقمية في الولايات المتحدة، لكن وفقًا للمنهجية التي طوّرها مؤشر مركز كامبريدج للتمويل البديل، يُرجح أن استهلاك البيتكوين للكهرباء في أميركا قد يتراوح بين 0.6 و2.3% من إجمالي استهلاك الدولة، لكن يتضح كذلك أن الأمر ما زال غامضًا.
ويرجع هذا -وفق الباحث بوحدة أبحاث الطاقة- إلى أن عمليات تعدين العملات الرقمية مرنة جدًا، أو شبه سائلة، إذ يسهل نقل المعدات من مكان إلى آخر بسهولة، كما أن العاملين في مجال تعدين العملات الرقمية يبحثون عن الأماكن التي تكون فيها أسعار كهرباء رخيصة، لذلك يتنقلون كثيرًا.
موضوعات متعلقة..
- وحدة أبحاث الطاقة: وقف مشروعات الغاز المسال الأميركية يؤذي أوروبا.. وهذا دور قطر والجزائر
- وحدة أبحاث الطاقة: السيارات الكهربائية محاطة بالأزمات.. والصين تحتل عرش المبيعات
- شركة أميركية تستعين بالطاقة الشمسية في تعدين البيتكوين
اقرأ أيضًا..
- أكبر مصدري الغاز المسال إلى اليابان في 2023.. ترتيب قطر يتراجع
- أسعار توربينات الرياح المنزلية 2024 (خاص)
- السعودية تعلن أسباب وقف زيادة الطاقة الإنتاجية للنفط.. وإنجاز يفوق ألمانيا