الطاقة النووية في فرنسا.. كيف تتأثر أوروبا بحريق محطة شينون؟
سامر أبو وردة
ترتبط جاهزية قطاع الطاقة النووية في فرنسا ارتباطًا طرديًا وثيقًا باستقرار أمن الطاقة في أوروبا، التي تُعول على الأداء النووي لباريس، لتحقيق مساعيها نحو خفض اعتمادها على الوقود الأحفوري.
وأثار الحريق -الذي اندلع، صباح السبت 10 فبراير/شباط 2024، في محطة شينون النووية الفرنسية، وأدى إلى توقف جزئي للإنتاج- مخاوف أوروبية من احتمالية نقص إمدادات الكهرباء، بالتزامن مع ذروة فصل الشتاء وتصاعد وتيرة موجات انخفاض درجات الحرارة.
وتُعد الطاقة النووية في فرنسا جزءًا رئيسًا في إستراتيجيتها الطاقية، وتستعملها بصورة واسعة لتوليد الكهرباء، وتعتمد عليها العديد من القطاعات الصناعية والتجارية، إذ تسهم بنسبة 72% من مزيج الكهرباء لديها، كما تصدر كميات من الكهرباء المولّدة إلى أوروبا، بحسب بيانات طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
محطة شينون
تبلغ القدرة الإجمالية لمحطة شينون النووية نحو 3.620 ميغاواط، وتُعد واحدة من أقدم محطات الطاقة النووية في فرنسا، وتحل ثالثةً في قائمة أكبر 10 محطات.
واندلع الحريق في جزء لا يتعلق بالشق النووي بالمحطة، إذ أغلقت وحدة الإنتاج رقم 3 تلقائيًا جرّاء الحريق، وفقًا لأنظمة السلامة والحماية في المفاعل.
وأغلقت شركة إي دي إف الفرنسية -أيضًا- المفاعل رقم 4، المرتبط بالآخر رقم 3، إذ أوضحت هيئة مراقبة السلامة النووية الفرنسية، أن الحريق أدى إلى انقطاع الكهرباء في المحطة، ما تسبب في الإغلاق التلقائي.
محطة شينون الفرنسية النووية - الصورة من 1lurer.am
تأثير انخفاض إنتاج فرنسا في أوروبا
في يوليو/تموز 2023، تراجع إنتاج الطاقة النووية في فرنسا جراء ارتفاع درجات حرارة الأنهار، ما أثر في إنتاج الكهرباء وصادراتها.
وفرضت شركة كهرباء فرنسا "إي دي إف"، المشغلة لمحطات الطاقة النووية في فرنسا، آنذاك، قيودًا على الإنتاج في محطتين نوويتين بشرق فرنسا، بسبب ارتفاع درجات الحرارة، وفقًا لموقع "يورو نيوز" (Euronews).
وخفّضت باريس إمدادات الكهرباء المتاحة للتصدير، بالتزامن مع فرض قيود على إنتاج الطاقة النووية في فرنسا، وهو ما أثّر بصورة مباشرة في استهلاك الكهرباء في مختلف أنحاء أوروبا.
إنتاج الطاقة النووية
تستهدف فرنسا خفض حصة الوقود الأحفوري في مزيج استهلاك الطاقة من أكثر من 60% حاليًا إلى 40% في عام 2035، ما يتطلب بناء مزيد من محطات الطاقة النووية في فرنسا، تعادل قدرتها 13 غيغاواط من الطاقة، بدءًا من عام 2026.
وفي يناير/كانون الثاني 2024، قالت وزيرة انتقال الطاقة الفرنسية أنييس بانييه-روناشيه، إن فرنسا تعتزم بناء 8 محطات نووية جديدة تُضاف إلى 6 محطات، كان قد أعلنها سابقًا الرئيس إيمانويل ماكرون.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون، قد أعلن، في فبراير/شباط 2022، بناء 6 مفاعلات نووية جديدة من قبل شركة كهرباء فرنسا "إي دي إف" بحلول عام 2050، في إطار إستراتيجية الطاقة النووية في فرنسا الجديدة، التي من شأنها أن تدعم تحقيق أهداف خفض الكربون، مشيرًا إلى أن أول مفاعل جديد سيبدأ العمل بحلول عام 2035.
الطاقة النووية في الصفقة الخضراء الأوروبية
في شهر مارس/آذار 2023، وافق أعضاء الاتحاد الأوروبي على الإطار النهائي لنسب أنواع مصادر الطاقة اللازمة لتحول الطاقة في الصفقة الخضراء، الذي قلّص دور الطاقة النووية بشدة في الاستهلاك بحلول عام 2030، في حين رفع حصة المصادر المتجددة إلى 42.5%.
وطلبت فرنسا، التي تتفوق في مجال الطاقة النووية، تعديلًا لبنود الصفقة الخضراء، التي وافق عليها باقي أعضاء الاتحاد الأوروبي وبرلمانه، إذ تسعى إلى الدفع بالطاقة النووية في مقدمة مصادر الطاقة، التي تسهم في عملية التحول داخل الاتحاد الأوروبي، وإقرار دور أكبر لها.
ومارست باريس ضغوطًا شديدة من أجل تصنيف الطاقة النووية على أنها مستدامة، بموجب قواعد المفوضية الأوروبية الجديدة بشأن التمويل الأخضر، وهو ما تعارضه ألمانيا صاحبة أكبر اقتصاد أوروبي، التي أغلقت، في أبريل/نيسان 2023، آخر 3 مفاعلات نووية.
المفاعلات المعيارية الصغيرة
يُنتج المفاعل المعياري الصغير نحو 300 ميغاواط من الكهرباء، إذ ترى مفوضة الطاقة في الاتحاد الأوروبي كادري سيمسون، أن المفاعلات المعيارية الصغيرة قادرة على الإسهام في إزالة الكربون ليس فقط لتوليد الكهرباء، وإنما في تطبيقات تعتمد عادة على الوقود الأحفوري.
وأضافت سيمسون، خلال النسخة الـ16 لمنتدى الأوروبي للطاقة النووية، الذي عُقد في نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، أن الانتشار الناجح للمفاعلات المعيارية الصغيرة بحلول العقد المقبل سيكون علامة فارقة مهمة وحسنة التوقيت على طريق الوصول إلى الحياد الكربوني بحلول 2050.
وتُمثّل الطاقة النووية ما يقرب من 10% من الطاقة المستهلكة في الاتحاد الأوروبي، وتاريخيًا زوّدت الاتحاد الأوروبي بنحو ربع احتياجاته من الكهرباء، وبريطانيا بنحو 15% من الكهرباء، وفق البيانات التي اطّلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.
يُشار إلى أن الطاقة النووية تتمتع بكونها منخفضة الكربون، لكنها لا تندرج تحت فئة الطاقة المتجددة.
لكن، رغم أن الطاقة النووية مصدر طاقة نظيف لا تنتج عنه انبعاثات كربونية تضر البيئة فإنها لا تحظى بتوافق في أوروبا، الأمر الذي دفع فرنسا إلى استضافة اجتماع، في مايو/أيار 2023، ضم 16 دولة أوروبية داعمة للطاقة النووية، لبحث سبل تعزيز التعاون وتحقيق الاستقلال بعيدًا عن روسيا، وذلك خارج إطار مجلس الطاقة الأوروبي.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
- أكبر مصنع بتروكيماويات في الشرق الأوسط.. شل تصدم العراق
- 3 سيارات كهربائية تخيب آمال المستهلكين.. وتويوتا بقائمة الأفضل (مسح)
- انفجاران بخطوط الغاز في إيران.. وطهران تلمح لأعمال تخريبية (فيديو)