أنس الحجي: الغاز الروسي قد يشهد حصارًا أميركيًا جديدًا.. وبوتين تعلّم الدرس
أحمد بدر
يبدو أن إدارة الرئيس فلاديمير بوتين قد تنبهت إلى خطر جديد محتمل قد يحيق بصادرات النفط والغاز الروسية، في ظل تكرار الخطأ نفسه الذي ارتكبته في السابق مع أوروبا.
ويوضح مستشار تحرير منصة الطاقة المتخصصة، خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، أن إدارة بوتين قد أدركت تمامًا الخطر المحدق بمستقبل روسيا، وخطورة زيادة الاعتماد على الصين، بصفتها أكبر مستهلك لإمدادات الطاقة من موسكو.
جاء ذلك خلال حلقة من برنامج "أنسيّات الطاقة"، قدمها الدكتور أنس الحجي تحت عنوان "آثار هجمات الحوثيين على السفن وردة الفعل الأميركية في أسواق النفط والطاقة"، وذلك عبر مساحات منصة "إكس" (تويتر سابقًا).
وقال، إن الصين تُعد أكبر مستهلكي النفط والغاز الروسييْن في العالم، لأن روسيا في هذه الحالة تكرر الخطأ نفسه الذي وقعت فيه في السابق، بالاعتماد على أوروبا، قبل أن يتلاشى كل شيء خلال أيام بعد شنها الحرب في أوكرانيا.
تنويع أسواق النفط والغاز الروسية
يقول الدكتور أنس الحجي، إن هناك أدلة كثيرة على أن إدارة بوتين أدركت هذا الخطأ، وأن عليها تنويع الأسواق التي سترسل إليها صادرات النفط والغاز الروسية.
وأوضح أن تنويع صادرات النفط يواجه مشكلة، وهي أنهم يريدون بيع النفط إلى من يشتري وأحيانًا بأسعار مخفضة، أو على دفعات بعيدة المدى، ولكن هذا ينطبق فقط على الدول الفقيرة، إلا أن مجموعة دول فقيرة مع بعضها تشكل طلبًا كبيرًا.
وأضاف: "هذه الدول الفقيرة ليست لديها مصافٍ، وبالتالي بوتين لا يستطيع بيع النفط الخام لها، في حين يستطيع بيع المنتجات النفطية، لذلك فإن القرار الإستراتيجي هو توسيع المصافي الروسية وبناء مصافٍ جديدة، ومن ثم يمكن لروسيا مستقبلًا تنويع الصادرات لدول مختلفة، عبر بيع المنتجات النفطية بدلًا من النفط الخام".
ومن ثم -وفق الدكتور أنس الحجي- فإن خيار توسيع المصافي وبناء مصافٍ جديدة هو خيار إستراتيجي لبوتين، وبما أنه كذلك، ستحاول أميركا ضربه بأي طريقة، ومنها فرض عقوبات على روسيا وعلى كل من يتعاون معها.
وتابع: "عندما نتكلم عن المصافي، نتكلم بصورة خاصة عن دول معينة منها اليابان، التي تخضع لأميركا، في حين هناك الصين، وهذا يخضع لمساومات، إذ من المحتمل أن يكون هناك دور للهند في قطع الغيار، ولكن في ضوء ما نرى من فشل العقوبات ستتمكن روسيا من بناء هذه المصافي أو توسيعها، وإن كانت بتكلفة أعلى ووقت أطول".
وأشار إلى أن الأمر نفسه ينطبق على موضوع الغاز الروسي المسال، إذ هناك عقوبات موجودة وعقوبات إضافية ستُضاف خلال الأشهر المقبلة، على مشروع "أركتيك إل إن جي" (Arctic LNG 2)، الضخم في الدائرة القطبية، الذي إذا نجح سيعني كميات ضخمة من الغاز المسال.
وتناول الدكتور أنس الحجي أهمية هذا المشروع، موضحًا أن بوتين محصور في أنابيب الغاز الذاهبة إلى الصين، وبالتالي تستطيع بكين التحكم به، وإذا حدث ركود اقتصادي في الصين ستواجه روسيا أزمات، لأنه لا يوجد بديل.
ولكن -وفق الحجي- إذا استطاعت موسكو تحويل الغاز الروسي إلى غاز مسال، يمكن شحنه في ناقلات تشبه ناقلات النفط، وذلك من حيث مبدأ الشحن فقط، ولكنها تختلف تقنيًا عنها بالكامل، ويمكنها أن تذهب إلى أي مكان في العالم، ومن ثم يمكن لروسيا تنويع صادرات الغاز.
ضرب الخيار الإستراتيجي الروسي
قال خبير اقتصادات الطاقة الدكتور أنس الحجي، إن تنويع صادرات الغاز الروسي يُعد خيارًا إستراتيجيًا لموسكو، لذلك ستحاول الدولة العميقة في أميركا -بغض النظر عمن سيكون رئيسًا في المستقبل- ضرب هذا الخيار الإستراتيجي، عن طريق فرض عقوبات على كل الدول التي يمكن أن تسهم في بناء هذا المشروع، أو توفير أي تمويل له.
لذلك -وفق الحجي- فإن الخيارين الإستراتيجيين لروسيا في هذه الحالة سيواجهان محاولات من جانب الولايات المتحدة لضربهما، وهذا يؤثر بالطبع في الحركة بالبحر الأحمر، لأنه في النهاية إذا استطاعت روسيا بناء المصافي وبناء مشروعها الغازي الكبير فستزيد حركة ناقلات الغاز الروسي في المنطقة.
وأضاف: "خلاصة القول هنا إن أميركا تحاول أن تسيطر على البحر الأحمر، بغض النظر عما يحدث من مشكلات هناك، وفي الوقت نفسه تتبع سياسات أخرى للتضييق على الدول الأخرى، وهذا يقود إلى النتيجة النهائية التي سمعتها كثيرًا في الماضي، من يسيطر على مجريات أمور الطاقة بأي منطقة في العالم أو في أي بلد يسيطر على ذلك البلد".
ولفت الدكتور أنس الحجي إلى سيطرة إيران على العراق، التي جاءت من خلال الطاقة، وكذلك سيطرة إيران على سوريا من خلال الطاقة وكذلك على لبنان، بالإضافة إلى سيطرة إسرائيل على غزة والضفة الغربية من خلال الطاقة.
وتابع: "من يسيطر على مصادر الطاقة في منطقة ما، حتى في البحار أو أعالي البحار أو المضايق المائية، يسيطر على الباقي، ومن ثم فإنه، نعم هناك خسائر أميركية واضحة تمامًا، ولكن بالنظر إلى الأمر من منطلق الدولة العظمى والسيطرة على ما يمكن السيطرة عليه، يبدو أن السعر بسيط".
موضوعات متعلقة..
- الغاز الروسي يفرض نفسه في أوروبا مجددًا.. ترانسنيستريا نموذجًا
- صادرات الغاز الروسي إلى أوروبا تترقب انتعاشة بسبب ضريبة ألمانية
- إيرادات النفط والغاز الروسية في 2024.. قد ترتفع ولكن! (مقال)
اقرأ أيضًا..
- قرض الطاقة الشمسية في مصر.. 5 بنوك تمول مشروعك 100%
- واردات إسبانيا من النفط والغاز في 2023 تتصدرها أميركا والجزائر
- وكالة الطاقة الدولية: الهند أكبر محرك لنمو الطلب على النفط عالميًا حتى 2030