المقالاترئيسيةغازمقالات الغازمقالات النفطنفط

إيران تعزز دورها العالمي بتطوير مشروعات النفط والغاز الجديدة (مقال)

أومود شوكري - ترجمة: نوار صبح

اقرأ في هذا المقال

  • • المؤسسات المملوكة للدولة تهيمن حاليًا على قطاع التنقيب والإنتاج
  • • إيران خطت خطوة كبيرة إلى الأمام في تعزيز صناعة الطاقة لديها ودعم النمو الاقتصادي
  • • توقيع صفقات التنقيب والإنتاج بقيمة 14 مليار دولار في إيران يمثّل تحديات وفرصًا
  • • التعامل مع المشهد المعقّد للعقوبات الدولية ما يزال يمثّل تحديًا رئيسًا
  • • قطاع التنقيب والإنتاج في إيران يحظى بجاذبية خاصة، بسبب احتياطياته الضخمة من الهيدروكربونات

تستعد إيران لتوقيع 6 عقود جديدة لتطوير 8 مشروعات في مجال النفط والغاز، إذ أعلن المتحدث باسم الحكومة، علي بهادري جهرمي، أن القيمة الإجمالية للعقود تصل إلى 14 مليار دولار، ومن المتوقع أن تزيد المشروعات السعة النفطية بمقدار 390 ألف برميل يوميًا، وسعة الغاز بمقدار 30 مليون متر مكعب يوميًا.

وأشار بهادري جهرمي إلى أنه الرغم من هيمنة المؤسسات المملوكة للدولة حاليًا على قطاع التنقيب والإنتاج، ستُوقَّع غالبية العقود الـ6 الجديدة مع شركات القطاع الخاص.

بدوره، أكد وزير النفط، جواد أوجي، أن هذه المشروعات الجديدة تسهم في نمو الإنتاج، وزيادة الصادرات، وتعزيز عائدات إيران من النقد الأجنبي.

بالإضافة إلى ذلك، تتزامن أخبار توقيع العقود المرتقبة مع بدء إيران الإنتاج من 7 مشروعات في محافظة خوزستان، توفر مجتمعة 150 ألف برميل يوميًا من سعة النفط الخام و28 مليون متر مكعب يوميًا من سعة الغاز، بما في ذلك مشروعات الحقول الجديدة والبنية التحتية القائمة.

النفط والغاز في إيران

لدى إعلان توقيعها صفقات في مجال التنقيب والإنتاج بقيمة 14 مليار دولار، خطت إيران خطوة كبيرة إلى الأمام في تعزيز صناعة الطاقة لديها ودعم النمو الاقتصادي.

ويأتي كشف هذه الاتفاقات، التي تهدف إلى تطوير 8 مشروعات جديدة للنفط والغاز، في سياق مشهد جيوسياسي معقّد يتميز بالاضطرابات السياسية المستمرة، والعقوبات الدولية، وهيمنة الدولة الراسخة على قطاع الطاقة.

ويؤكد اهتمام طهران الراسخ بتحسين بنيتها التحتية للطاقة، خاصة النفط والغاز، على الرغم من هذه القيود الكبيرة، عزمها وتصميمها على تجاوز العقبات واغتنام فرص التقدم.

تمثّل هذه الاتفاقات الجديدة في مجال التنقيب والاستكشاف أكثر من مجرد تعاملات تجارية؛ فهي تجسيد لجهود إيران لترسيخ سيادتها في مجال الطاقة وزيادة حصتها في السوق العالمية.

وعلى الرغم من هذه الطموحات بالنمو الاقتصادي، تواجه إيران عدّة عقبات قد تحول دون تنفيذ هذه الاتفاقات بنجاح.

وتلقي العقوبات الدولية الوشيكة بظلال من الشك على قدرة طهران في جذب رأس المال الأجنبي والحصول على التكنولوجيا والمعرفة الأساسية.

على صعيد آخر، توجد مخاطر كبيرة على استقرار واستمرار هذه البرامج نتيجة لعدم الاستقرار السياسي المحلّي والإقليمي.

ولضمان إتمام هذه المشروعات بنجاح، لا بدّ من التغلب على العقبات البيروقراطية وأوجه القصور الناجمة عن الهيمنة الراسخة للمؤسسات المملوكة للدولة.

مصفاة مكثفات الغاز في مدينة بندر عباس الإيرانية
مصفاة مكثفات الغاز في مدينة بندر عباس الإيرانية – الصورة من بلومبرغ

من ناحية ثانية، فإن الكفاءة والابتكار والقدرة التنافسية يعوقها اعتماد إيران على الشركات المملوكة للدولة في قطاع التنقيب والإنتاج.

وعلى الرغم من أن الحكومة تأمل بإدراج المزيد من شركات القطاع الخاص في هذه المبادرات، فقد تنشأ عقبات بيروقراطية ومعارضة لهيمنة الدولة.

رغم ذلك، تتمتع طهران بإمكانات كبيرة لتحسين إنتاجها من النفط والغاز، وزيادة الصادرات، وتعزيز اقتصادها بفضل المشروعات المقبلة.

ويُزعم أن مكانة إيران في سوق الطاقة العالمية ستتعزز، وأن نموها الاقتصادي مدعوم بإضافة 30 مليون متر مكعب يوميًا من سعة الغاز و390 ألف برميل يوميًا من سعة النفط.

بالإضافة إلى ذلك، قد تستفيد صناعة الطاقة في البلاد من زيادة الكفاءة والإنجازات التقنية والابتكار، إذا شاركت شركات القطاع الخاص في تنويع التحالفات.

وقد يؤدي العمل مع الشركات الأجنبية إلى فتح أسواق جديدة ومجموعات مهارات متطورة، ما يدعم هدف طهران طويل المدى المتمثل في الوصول إلى 5.7 مليون برميل يوميًا من إنتاج النفط بحلول عام 2028.

وتتطلب الاستفادة من هذه الإمكانات معالجة عدد من التحديات، على سبيل المثال إدارة التوترات الجيوسياسية، وجذب رأس المال الدولي، ووضع تقنيات فعالة لإدارة المشروعات موضع التنفيذ.

لذلك، يجب على إيران أن تعالج القضايا البيئية وتضمن دمج مبادئ التنمية المستدامة في تصميم المشروع وتنفيذه.

التحديات والفرص

ينطوي قطاع الطاقة في إيران على عديد من الفرص والتحديات، التي يجب التعامل معها من جانب الدولة، وتتمثل في:

التحديات:

تأثير العقوبات: ما يزال التعامل مع المشهد المعقّد للعقوبات الدولية، وخصوصًا تلك التي تفرضها الولايات المتحدة، يمثّل تحديًا رئيسًا.

وقد منعت هذه العقوبات العديد من الشركات الأجنبية من الاستثمار في قطاع الطاقة الإيراني، ما حدّ من الوصول إلى التكنولوجيا الحيوية والخبرة ورأس المال الاستثماري.

الضبابية السياسية: تضيف البيئة السياسية في طهران، التي تتميز بالتوترات مع القوى الغربية وعدم الاستقرار الإقليمي، حالة من الضبابية إلى مناخ الاستثمار، يمكن أن تؤدي التقلبات السياسية إلى ردع المستثمرين المحتملين وتعقيد المفاوضات واتفاقات العقود.

هيمنة الدولة: تاريخيًا، كانت المؤسسات المملوكة للدولة تهيمن على قطاع التنقيب عن النفط والغاز والإنتاج، ويمكن للقصور في التغلب على أوجه القصور البيروقراطية، والافتقار إلى الشفافية، ومقاومة الخصخصة، أن يعوق التنفيذ السلس للمشروعات المرتقبة.

الفرص:

توسعة القدرة الإنتاجية: تهدف المشروعات المرتقبة إلى زيادة قدرة طهران على إنتاج النفط والغاز بشكل كبير، والاستفادة من احتياطيات الطاقة الهائلة في البلاد وتعزيز مكانتها بصفتها لاعبًا رئيسًا في سوق الطاقة العالمية.

التنويع الاقتصادي: يمكن أن يساعد الاستثمار بمشروعات التنقيب والإنتاج في تنويع الاقتصاد الإيراني، بمنأى عن الاعتماد الكبير على عائدات النفط، وتوليد مصادر دخل إضافية، وخلق فرص العمل، وتحفيز النمو الاقتصادي في القطاعات الأخرى.

جذب الاستثمار الأجنبي: على الرغم من التحديات، هناك إمكان لجذب الاستثمار الأجنبي، والاستفادة من موقع إيران الإستراتيجي ومواردها الطبيعية الوفيرة وتكاليف الإنتاج التنافسية لجذب المستثمرين من آسيا وأوروبا ومناطق أخرى.

نقل التكنولوجيا والابتكار: يمكن للتعاون مع الشركاء الدوليين أن يسهّل نقل التكنولوجيا، وتبادل المعرفة، وتنمية المهارات، وتحديث البنية التحتية للطاقة في إيران، وتحسين الكفاءة التشغيلية، وتعزيز تقنيات الإنتاج.

تجدر الإشارة إلى أن بعض شركات النفط المرتبطة بالحرس الثوري الإسلامي سيحصل على عقود إيجار جديدة، نتيجة لهذا الاستثمار.

ومن المحتمل أن تنفّذ الشركات الأجنبية ذات التقنية العالية هذه الأنواع من المشروعات بشكل أسرع وبأموال أقل.

ومن أجل استغلال إمكانات هذه الاستثمارات بشكل كامل، يُعدّ التعاون الاستراتيجي ونقل المعرفة أمرًا حيويًا، لأن الصناعات المحلية الإيرانية تفتقر إلى التكنولوجيا المتفوقة والموارد المالية اللازمة لمثل هذه المبادرات.

ومن المتوقع أن يكون لعقود التنقيب والاستخراج التي تبلغ قيمتها 14 مليار دولار تأثير إيجابي بالاقتصاد الإيراني في شكل المزيد من الصادرات، وتحسين الإنتاج، وارتفاع أرباح العملات الأجنبية.

وسترتفع السعة الإجمالية لهذه المشروعات إلى 390 ألف برميل من النفط الخام، و30 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا.

أحد مشروعات الكهرباء في محافظة خوزستان الإيرانية
أحد مشروعات الكهرباء في محافظة خوزستان الإيرانية – الصورة من قناة برس تي في

إضافة ذلك، ستُوَقَّع غالبية العقود مع شركات القطاع الخاص، ما قد يؤدي إلى توسّع اقتصادي إضافي واستثمار بقطاع التنقيب والإنتاج في البلاد.

يمكن أن تختلف أوقات تطوير مشروعات النفط والغاز الجديدة بشكل كبير اعتمادًا على عدّة متغيرات، بما في ذلك احتياجات البنية التحتية وتعقيد المشروع والتراخيص التنظيمية.

وعلى الرغم من أن مشروعات النفط والغاز الـ8 الجديدة في إيران لم تحدد مواعيد نهائية، فمن المعقول الافتراض أن مرحلة التطوير وحدها قد تستغرق ما بين 4 و10 سنوات من توقيع العقد إلى بداية الإنتاج، تليها عدّة عقود للإنتاج.

وقد يكون للتطورات الفنية والحكومية والجيوسياسية، من بين أمور أخرى، تأثير في هذه المدة.

جاذبية قطاع التنقيب والإنتاج في إيران

يحظى قطاع التنقيب والإنتاج في إيران بجاذبية خاصة، بسبب احتياطياته الضخمة من الهيدروكربونات، وارتفاع الطلب على الطاقة، وربما شروط تعاقدية أفضل عند تخفيف العقوبات.

وستطلب جذب استثمارات دولية طويلة الأجل بالحجم الذي تأمله إيران معالجة المخاوف بشأن التمويل، والقدرة على الوصول للتقنيات، وتأخير المشروعات.

في الختام، لدى إيران فرصة كبيرة لتحسين قطاع الطاقة لديها، وتنويع اقتصادها، وتعزيز مكانتها في سوق الطاقة العالمية، من خلال صفقات التنقيب والإنتاج، البالغة 14 مليار دولار.

وحتى في ظل العقبات الرئيسة، بما في ذلك العقوبات الدولية، وعدم القدرة على التنبؤ السياسي، وسيادة الدولة، تستطيع إيران جذب الاستثمار الأجنبي، والاستفادة من نقل المعرفة، وتعزيز الابتكار، من خلال تشكيل تحالفات إستراتيجية مع المؤسسات الأجنبية.

ومن المهم إدراك الاختلافات في التكنولوجيا والموارد بين الشركات الإيرانية المحلية والعاملة في الخارج، وخصوصًا تلك المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني.

ولسدّ هذه الفجوة وتحسين مزايا هذه الاستثمارات للاقتصاد والمجتمع الإيراني، سوف يتطلب الأمر بذل جهود منسّقة لتحسين الشفافية، وتطوير الأطر التنظيمية، وتعزيز تبادل المعلومات.

وستحدد قدرة إيران على إدارة التعقيدات الجيوسياسية بنجاح، وجذب الاستثمار العالمي، وتعزيز النمو الشامل والتنمية في قطاع الطاقة لديها، في نهاية المطاف، مدى جدوى مشروعات التنقيب والإنتاج المرتقبة.

ومن خلال التخطيط الدقيق، والقيادة القوية، والشراكات التعاونية، تستطيع إيران أن تحقق إمكاناتها الهائلة، وأن تصبح قوة رئيسة في ساحة الطاقة العالمية.

* الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب "دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001".

* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق