تقارير الغازالتقاريرسلايدر الرئيسيةغاز

تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي يضع أوروبا في مأزق.. ما القصة؟

أحمد أيوب

صاحب قرار الرئيس الأميركي جو بايدن -بشأن تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي من محطات التصدير الجديدة- تحذيرات جمّة من استمرار اعتماد القارة الأوروبية على الغاز المسال القادم من واشنطن؛ لارتباطه بلعبة السياسة الأميركية.

وتأتي هذه التحذيرات وسط معاناة القارة العجوز ضعف إمدادات الطاقة لديها بعد توقف وارداتها من الغاز الروسي بصورة كبيرة في إطار سياستها العقابية لموسكو جرّاء غزوها لأوكرانيا منذ فبراير/شباط 2022، بحسب ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وكانت روسيا قد قلّصت إمدادات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا، في خطوة استهدفت -آنذاك- زيادة الأسعار وتسريع الموافقة على خط أنابيب نورد ستريم 2 المثير للجدل، وبعد دخول القوات الروسية أوكرانيا وضع الاتحاد الأوروبي خطة نهائية لاستبدال تدفقات من روسيا أكبر مورديه، وكانت صادرات الغاز المسال الأميركي هي الخيار الأفضل لسد هذه الفجوة.

تعليق الصادرات الجديدة

أصدر الرئيس الأميركي جو بايدن، قرارًا، يوم الجمعة 26 يناير/كانون الثاني 2024، بتجميد الموافقات على مشروعات جديدة لتصدير الغاز المسال، وهو ما يؤدي بطبيعة الحال إلى تعليق صادرات الغاز المسال الأميركي من هذه المشروعات المحتملة.

وبُررت هذه الخطوة بوصفها محاولة لإرضاء نشطاء المناخ قبيل الانتخابات الرئاسية المرتقبة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.

ناقلة الغاز المسال "مارفل فالكون"
ناقلة الغاز المسال "مارفل فالكون" - الصورة من الموقع الرسمي لشركة إن واي كيه لاين

ولاقَى هذا القرار الخاص بتعليق مشروعات صادرات الغاز المسال الأميركي ترحيبًا كبيرًا من قِبل نشطاء البيئة والمناخ، واصفين إقدام بايدن على ذلك بالخطوة الجريئة والشجاعة.

ومن المقرر أن تُجري وزارة الطاقة الأميركية مراجعات خلال مدة تعليق الصادرات وقياس أثره في المشروعات من الناحية البيئية والاقتصادية.

تجدر الإشارة إلى أن أميركا جاءت في ترتيب متقدم للغاية بقائمة أكبر مُصدري الغاز المسال في العالم بنهاية 2023، وسجلت القدرة التصديرية لها نموًا إلى 3 أضعاف، وكان يُخطط لزيادة هذه الأحجام مع إدخال المشروعات الجديدة حيز التشغيل، تمهيدًا لتسجيل أرقام قوية بحلول 2030.

أوروبا والغاز المسال الأميركي

كادت أوروبا على مدار العامين الماضيين أن تتخلى عن الغاز الروسي، وقطعت على هذا الطريق شوطًا كبيرًا اعتمادًا على صادرات الغاز المسال الأميركي القادم من واشنطن الحليفة الإستراتيجية للقارة العجوز.

وفي هذا السياق، قالت رئيس قسم الأبحاث ومعلومات السوق لدى شركة الأبحاث ساينماكس (Synmax): "ما زال الغاز المسال الأميركي يُشكل حجر الزاوية في إستراتيجية تنويع الإمدادات في أوروبا"، وفقًا لما نشرته وكالة بلومبرغ، في 27 يناير/كانون الثاني 2024.

وفي غضون مدة قصيرة للغاية، تمكّنت الولايات المتحدة الأميركية من اقتناص حصة كبيرة من إمدادات الغاز الأوروبية متفوقة على كل الإمدادات الروسية التي ما زالت تشق طريقها إلى القارة العجوز.

وتشكل صادرات الغاز المسال الأميركي الآن نحو نصف إمدادات أوروبا؛ وهي حصة من المتوقع نموها بشكل كبير.

وفي سياق متصل، فيما يتعلق بالغاز المشحون عبر خطوط الأنابيب أيضًا؛ فإن الولايات المتحدة الأميركية هي ثاني أكبر مورد للغاز في التكتل الأوروبي بعد النرويج، وهو تطور خطير لصالح أميركا التي بدأت في تصدير الغاز الصخري فقط منذ عام 2016.

إمدادات أوروبا في خطر

دقَّ قرار إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن، وقف تصاريح المشروعات الجديدة التي من شأنها زيادة صادرات الغاز المسال الأميركي، ناقوس الخطر أمام الحكومات في القارة العجوز التي يزيد اعتمادها بشكل ملحوظ على الغاز الأميركي فائق التبريد.

ويمكن القول إن استمرار اعتماد أوروبا على الغاز المسال الأميركي يزداد خطورة يومًا بعد يوم، ولا سيما مع عدم القدرة على التنبؤ بمدى مرونة استقبال تدفقات الغاز الروسي في المستقبل.

وتتجلّى مظاهر خطر استمرار الاعتماد على صادرات الغاز المسال الأميركي على أكثر من صعيد؛ فإلى جانب أن الوقود القادم من واشنطن تؤثر فيه لعبة السياسة والانتخابات والصراع الديمقراطي الجمهوري الذي لا ينتهي؛ فإن إمداداته قد تتأثر أيضًا بسبب عوامل طبيعية أو بيئية خارجة على السيطرة مثل موسم الأعاصير التي تندلع في مناطق متفرقة على المحيط الأطلسي.

ويمكن أن يؤدي انقطاع التيار الكهربائي في مصانع ساحل الخليج الأميركي أو موجات البرد المفاجئة من مدينة "هيوستن" الأميركية إلى مدينة "قوانغتشو" الصينية إلى إعادة رسم خريطة الصفقات المربحة بين عشية وضحاها، ومن بينها صفقات توريد الغاز المسال إلى أوروبا.

وقال كبير الباحثين المشاركين في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا إيرا جوزيف: "هناك خطر في حدوث تغيير كبير بسياسة الولايات المتحدة في المستقبل".

وأضاف أن أوروبا نجحت في استبدال عائق محتمل بآخر؛ الأمر الذي جعل نظام الطاقة لديها ضعيفًا ومكشوفًا.

هيمنة أميركية

ينظر إلى أن تركيز اعتماد أوروبا على صادرات الغاز المسال الأميركي يُعَد بمثابة نفوذ جيوسياسي هائل للولايات المتحدة.

وفي ذروة أزمة نقص إمدادات الطاقة في أوروبا، ألقى وزير المالية الفرنسي برونو لومير، باللوم على مُصدري الغاز المسال لتوظيفهم حرب روسيا على أوكرانيا من أجل تشجيع "الهيمنة الاقتصادية الأمريكية وإضعاف أوروبا"، ودعا إلى شراكة اقتصادية أكثر توازنًا مع الولايات المتحدة.

ويوضّح الرسم البياني التالي -الذي أعدته منصة الطاقة المتخصصة- صادرات الغاز المسال الأميركي حسب المنطقة خلال المدة من فبراير/شباط 2016 حتى يوليو/تموز 2023:

صادرات الغاز المسال الأميركية حسب المنطقة

ولم تستجب أوروبا الغربية كثيرًا لهذه التحذيرات؛ إذ استوردت كميات كبيرة من الغاز المسال من الولايات المتحدة في العام الماضي أكثر مما استوردته من أكبر 8 موردين آخرين مجتمعين.

وقال العضو المنتدب في شركة أكسنتشر الاستشارية أوجان كوس، "أوروبا تخاطر بالاعتماد على مورد واحد، وفي نهاية المطاف تقع تحت رحمة الأسعار التي يحددونها"، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأميركية، مؤكدًا أن هذا يهدد بزيادة فواتير الطاقة في أوروبا إلى مستويات عالية.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
الوسوم

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
إغلاق