الهيدروجين الأخضر في بريطانيا فرس رهان لتحقيق أمن الطاقة
محمد عبد السند
- تعاني المملكة المتحدة معضلة الهدر في طاقة الرياح بسبب قيود منظومة الكهرباء
- أخفقت شبكة الكهرباء المتهالكة في بريطانيا في مواكبة أسطول توربينات الرياح المتطور
- تخطط المملكة المتحدة لتنمية سعتها من طاقة الرياح من 14 غيغاواط الآن إلى 50 غيغاواط بحلول 2030
- تستهدف بريطانيا تحقيق الحياد الكربوني بحلول أواسط القرن الحالي (2050)
- تتطلع المملكة المتحدة لإنتاج 10 غيغاواط من الكهرباء عبر الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030،
تنتهج المملكة المتحدة إستراتيجية طموحة لتعزيز إنتاجها من الهيدروجين الأخضر، مستغلة قدراتها الهائلة في صناعة طاقة الرياح التي تشهد طفرة غير مسبوقة في البلد الواقع شمال غرب أوروبا.
وحققت بريطانيا سعة غير مسبوقة في طاقة الرياح خلال الشهور الأخيرة من العام المنصرم (2023)، متفوقة حتى على سعة إنتاج الغاز للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
ولامست سعة طاقة الرياح في بريطانيا 27.9 غيغاواط في يونيو/حزيران (2023)، مقارنة بسعة توليد الغاز المثبتة البالغة 27.7 غيغاواط، وفق ما كشف عنه تقرير دراكس إلكتريك إنسايتس (Drax Electric Insights) ربع السنوي، الصادر عن مجموعة دراكس، طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وانخفض إنتاج محطات الكهرباء العاملة بالغاز بنسبة 23% في الربع الثاني من عام 2023، مقارنة بالربع نفسه من العام قبل الماضي (2022).
الهيدروجين الأخضر في بريطانيا
تستهدف بريطانيا تحقيق الحياد الكربوني بحلول أواسط القرن الحالي (2050)، ويبرز الهيدروجين الأخضر المُنتَج من المصادر المتجددة واحدًا من القطاعات الرئيسة التي ستساعد على تحقيق هذا المستهدف، عبر إتاحة وقود نظيف للصناعات كثيفة الاستهلاك للكهرباء وقطاع النقل، وفق وكالة رويترز.
وقالت وزيرة أمن الطاقة البريطانية كلير كوتينيو: "الهيدروجين يقدم فرصة اقتصادية ذهبية إلى بريطانيا، لتوفير أكثر من 12 ألف وظيفة، وإتاحة استثمارات بقيمة 11 مليار جنيه إسترليني (نحو 14 مليار دولار) بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، في تصريحات أدلت بها في 11 سبتمبر/أيلول (2023).
(الجنيه الإسترليني = 1.27 دولارًا أميركيًا)
وكشفت كوتينيو عن دعم حكومتها لتنفيذ 11 مشروعًا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، في إطار حزمة تمويلية بقيمة ملياري جنيه إسترليني (2.5 مليار دولار) تُمنح على مدار الأعوام الـ15 المقبلة.
وجرى اختيار المشروعات الـ11، البالغة سعتها 125 ميغاواط، لمنحها عقودًا بموجب جولة التخصيص الأولى لقطاع الهيدروجين، التي طُرحت في يوليو/تموز (2022).
وأشارت كوتينيو إلى أن الكشف عن المشروعات المذكورة يمثّل أكبر عدد من مشروعات إنتاج الهيدروجين الأخضر المعلنة في عموم أوروبا.
وفي مقابل الدعم الحكومي، ستستثمر المشروعات الناجحة أكثر من 400 مليون جنيه إسترليني (507 ملايين دولار) في السنوات الـ3 المقبلة، ما سيوفّر أكثر من 700 فرصة عمل في المجتمعات المحلية بجميع أنحاء بريطانيا، وإتاحة 125 ميغاواط من الهيدروجين للشركات.
معضلة طاقة الرياح
يبرز الهيدروجين الأخضر في المملكة المتحدة طوق نجاة لطاقة الرياح الزائدة التي تُهدَر حال زادت الكمية المولدة منها عن احتياجات الشبكة الكهربائية.
فنظرًا إلى أن البنية التحتية للنقل والتوزيع اللازمة لربط توليد طاقة الرياح بمستهلكي الكهرباء لم تواكب النمو القوي في مصادر الطاقة المتجددة، تُهدَر كميات متزايدة من الكهرباء.
وفي غياب سعة نقل كافية، تخسر المملكة المتحدة مليار جنيه إسترليني (1.3 مليار دولار أمريكي) سنويًا، بسبب القيود المفروضة على منظومة الكهرباء في البلاد.
لكن وحتى بحلول الوقت الذي تُنفذ فيه الحلول المخطط لها في العقد المقبل، ستكون كلفة التقليص قد زادت إلى 3.5 مليار جنيه إسترليني (4.44 مليار دولار) سنويًا، نظرًا إلى أن المملكة المتحدة تكافح من أجل نجاحها المبكر في بناء مصادر الطاقة المتجددة، التي نمت بسرعة أكبر بكثير مما تمكنت قدرة النقل من مواكبته، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
ويحدث "التقليص" المذكور عندما يُصدر مشغل الشبكة تعليمات لمولدات الرياح بفصلها عن الشبكة بسبب "القيود" المفروضة على منظومة الكهرباء.
الهيدروجين الأخضر يحل المعضلة
خلص تقرير حديث إلى أنه بمقدور المملكة المتحدة توفير مليارات الجنيهات الإسترلينية سنويًا، عبر استعمال طاقة الرياح الزائدة لإنتاج الهيدروجين الأخضر، وفق ما نشره مركز البحوث المحافظ بوليسي إكستشينج (Policy Exchange) ومقره لندن.
وأخفقت شبكة الكهرباء المتهالكة لدى بريطانيا في مواكبة أسطول توربينات الرياح المتطور، ما يعني أن الحكومة يتعيّن عليها أن تدفع أموالاً باهظة إلى مالكي مزارع الرياح لإيقاف تشغيلها حينما يزيد إنتاجها عن احتياجات الشبكة الكهربائية.
وبلغ حجم الأموال التي تدفعها الحكومة إلى شركات الطاقة المتجددة قرابة 210 ملايين جنيه إسترليني (267 مليون دولار)، لوقف إنتاجها في العام قبل الماضي (2022).
توقعات بارتفاع التكاليف
بينما تخطط المملكة المتحدة لتنمية سعتها من طاقة الرياح من 14 غيغاواط -حاليًا- إلى 50 غيغاواط بحلول نهاية العقد الحالي (2030)، ويُتوقع أن ترتفع التكاليف المدفوعة إلى مزارع الرياح لتقليص إنتاجها إلى 3.5 مليار جنيه إسترليني (4.44 مليار دولار) سنويًا بحلول نهاية العقد.
ورغم أن تطوير طاقة الرياح البرية في إنجلترا توقف في العقد الماضي، نتيجة قيود التخطيط الصارمة، توقع التقرير أن تشهد سعة طاقة الرياح البرية في إسكتلندا مستويات عالية من التكاليف المقترنة بتقليص إنتاج السعة.
وتلامس سعة طاقة الرياح البرية في إسكتلندا 8.8 غيغاواط، ومن المتوقع أن تصل إلى 20 غيغاواط بحلول 2030، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.
خطة 2030
تتطلع المملكة المتحدة لإنتاج 10 غيغاواط من الكهرباء عبر الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030، ضمن مساعي لندن لتسريع وتيرة تحول الطاقة وخفض الانبعاثات وتحقيق الحياد الكربوني.
كما تتطلع بريطانيا لاستبدال الهيدروجين بالغاز الطبيعي في قطاعات الطهي والتدفئة بالمنازل بنسبة 30% بحلول نهاية العقد الحالي، غير أن ذلك يظل مرهونًا بتطوير شبكة نقل متكاملة للهيدروجين في المملكة بنسبة 100%، وفقًا لتقديرات شركة هيدروجين يو كيه.
وتستكشف المملكة المتحدة طرق استغلال شبكة أنابيب الغاز الطبيعي الحالية في نقل الهيدروجين مستقبلًا، استنادًا إلى دراسات علمية تشجع على ذلك، لكنها لم تعتمد قرارًا بشأنها بعد، في ظل مخاوف تثيرها دراسات أخرى تشكك في صلاحية خطوط الغاز في نقل الهيدروجين منخفض الكثافة.
موضوعات متعلقة..
- طاقة الرياح في بريطانيا تتجاوز الغاز في توليد الكهرباء.. لأول مرة تاريخيًا
- توليد الكهرباء بالغاز والرياح في بريطانيا يزدهر بدعم تنامي الطلب على الصادرات
- انخفاض إنتاج الرياح البحرية في بريطانيا يرفع أسعار الكهرباء
اقرأ أيضًا..
- صادرات النفط الروسي تصدم أوبك+ بعد ارتفاعها لأعلى مستوى
- صادرات الغاز المسال المصرية في 2023 تنخفض 50%.. وتركيا أبرز المستوردين
- أول مزرعة رياح عائمة في العالم تخضع لصيانة غير مسبوقة (فيديو)
- مشروع رياح بحرية ضخم ينتظر التصاريح في السويد