ارتفع الطلب على ناقلات الأمونيا بشكل كبير في الآونة الأخيرة، ما أثار تفاؤلًا بتوجّه صناعة الشحن إلى الوقود منخفض الكربون، والالتزام بتحول الطاقة.
إذ يعتمد العديد من منتجي الهيدروجين منخفض الكربون على تحويله إلى أمونيا لنقله إلى العملاء عبر الطرق البحرية الرئيسة في العالم، لتفادي الصعوبات الفنية وارتفاع تكلفة النقل.
وعلى الرغم من ادّعاء بعض المشترين بأن التحركات المبكرة نحو ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا تشير إلى الاستثمار في الصناعات الخالية من الكربون، فما تزال هناك تساؤلات جدّية حول ما إذا كانت السفن ستحمل الأمونيا، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
ويتساءل مراقبو السوق ما إذا ستكون كميات الأمونيا الخضراء المطروحة حاليًا للتصدير الدولي كافية لملء هذه السفن عندما تصل إلى الماء في عام 2026، وهل سيختار أصحاب السفن استعمالها لهذا الغرض.
خصائص نقل الأمونيا
لم تكن ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا موجودة على الإطلاق، على الرغم من حقيقة أنه يُتداول أكثر من 18 مليون طن من الأمونيا عبر الحدود.
وأفادت منظمة التصنيف العالمية دي إن في (DNV) بأن معظم التجارة تجري بين الدول المنتجة للغاز مثل قطر، والمنتجين الرؤساء للأسمدة، التي تُعدّ الأمونيا مادة خامًا مهمة لها.
عادةً، تُنقل الأمونيا في ناقلات الغاز المشابهة لناقلات غاز النفط المسال، المصممة خصوصًا لحمل الأمونيا، وعادةً ما تكون أصغر بكثير من حاملة غاز النفط المسال، تصل إلى نحو 60 ألف متر مكعب، وفق ما نقلته منصة "هيدروجين إنسايت" (Hydrogen Insight).
ويُستعمل نحو 20% من سعة ناقلة غاز النفط المسال لنقل الأمونيا، على الرغم من أنه نظرًا للخصائص الكيميائية للأمونيا، لا يُمكن استعمال جميع ناقلات غاز النفط المسال لهذا الغرض.
وفي العام الماضي (2023)، كان الخبراء يحذّرون من أنه قد لا يكون هناك ما يكفي من السفن لنقل كميات جديدة من الأمونيا الخضراء.
ويوضح الرسم التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- طريقة إنتاج الأمونيا الخضراء:
الطلب على ناقلات الأمونيا
في المجمل، تُقدّر شركة أفينيتي (Affinity) أن هناك الآن رقمًا قياسيًا يبلغ 19 ناقلة كبيرة جدًا (15 من كوريا، و4 من الصين)، قادرة على شحن كميات هائلة (أكثر من 70 ألف متر مكعب) من الهيدروجين لمسافات طويلة على شكل أمونيا منخفضة الكربون.
وفي الواقع، إذا جرى استوفِيَت جميع الطلبات الأولية -أي تلك التي اتُّفِق عليها خيارًا ولكن لم تُوَقَّع بعد- فقد يرتفع العدد إلى 26 ناقلة، بالإضافة إلى مفاوضات بشأن 10 ناقلات أخرى.
وتتمتع السفن الـ114 المحمّلة بالأمونيا على مدار العامين الماضيين، وفقًا لشركة فورتكسا (Vortexa)، بقدرة تعادل حمل نحو 1.9 مليون طن من الأمونيا.
إلّا إن السفن الـ19 المطلوبة تتمتع بقدرة إجمالية متحفظة تبلغ نحو 1.7 مليون متر مكعب، وهو ما يكفي لنقل نحو مليون طن من الأمونيا، وهي قطرة في محيط مقارنة بالـ18 مليون طن المنقولة اليوم، أو حتى مجرد إنتاج مشروع نيوم في السعودية وحده.
ويبدو تحليل وكالة الطاقة الدولية أكثر تفاؤلًا بعض الشيء؛ إذ خفضت مؤخرًا عدد ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا المطلوبة لتجارة الهيدروجين العالمية من 175 إلى 70، على خلفية التخفيض المقابل في توقعاتها لإنتاج وتجارة الهيدروجين منخفض الانبعاثات، لكن هذا ما يزال يتطلب تشغيل 50 ناقلة أمونيا كبيرة جدًا أخرى من الآن وحتى نهاية العقد.
وقالت وكالة الطاقة الدولية: "سيعتمد عدد ناقلات الأمونيا على حجمها، ويتراوح من ناقلات الغاز المتوسطة إلى الكبيرة جدًا".
وأضافت: "إذا اعتمدت تجارة الأمونيا بشكل أكبر على ناقلات متوسطة الحجم مثل اليوم، فستكون هناك حاجة إلى المزيد من الناقلات، على سبيل المثال، نحو 70 ناقلة إذا افترضنا أن متوسط القدرة الاستيعابية 80 ألف متر مكعب، أو نحو 140 ناقلة إذا افترضنا نحو 40 ألف متر مكعب".
وإذا بدأت صناعة الشحن في استعمال الأمونيا بوصفه وقودًا بحريًا -وهو أمر متنازع عليه بشدة حاليًا- فقد يغيّر ذلك قواعد اللعبة، وفقًا لتحليل منظمة التصنيف العالمية دي إن في.
هل زيادة الطلب مجرد ذريعة؟
بينما قد تشير موجة الطلبات على ناقلات الأمونيا إلى أن صناعة الشحن متفائلة بشأن تجارة الهيدروجين الأخضر المستقبلية، فإن بعض الخبراء يشيرون إلى أن هذا قد يكون مجرد ذريعة.
في الواقع، من المرجّح أن يكون ذلك مؤشرًا أكبر على ميل صناعة الشحن إلى طلب ناقلات الغاز ذات دورات، والتي كانت في الماضي عبارة عن ناقلات غاز كبيرة جدًا، تستعمل لشحن غاز النفط المسال، وفق ما نقلته "هيدروجين إنسايت" عن أحد سماسرة السفن.
ووفقًا لمحلل البناء الجديد في شركة أفينيتي نيك بوغ، تشهد الصناعة الآن بداية "موجة كبيرة" أخرى من طلبات شراء ناقلات الغاز الكبيرة جدًا، إلّا إن شركات الشحن تختار "تأمين" سفنها للمستقبل حتى تتمكن من حمل الأمونيا أو غاز النفط المسال.
على عكس ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا، التي يُمكن أن تحمل الأمونيا أو الوقود الأحفوري مثل غاز النفط المسال والبروبان والإيثان، فإن ناقلات الغاز الكبيرة جدًا عادةً ما تكون غير مناسبة لحمل الأمونيا.
وتؤدي متطلبات السلامة والتخزين المستدامة إلى مواصفات مختلفة بشكل كبير، مقارنةً بتلك الخاصة بناقلات الغاز.
ومع ذلك، هناك علاوة يجب دفعها مقابل طلب سفينة قادرة على نقل الأمونيا؛ إذ تزيد تكلفتها بمقدار مليون إلى 1.5 مليون دولار عن تكلفة ناقلة غاز كبيرة جدًا نموذجية.
وعلى الرغم من أنهم يتحملون التكلفة الإضافية للسفن القادرة على الأمونيا، فمن غير المرجّح أن يتحول أصحاب السفن إلى حمل الأمونيا بدلًا من غاز النفط المسال، كما يقول بوغ.
أحجام تصدير الأمونيا
يبدو أن السؤال هو ما إذا كانت الأمونيا ستكون متاحة بكميات كافية لتحلّ محلّ غاز النفط المسال.
هناك نحو 13 مليون طن من الطاقة الإنتاجية من أكبر مشروعات تصدير الأمونيا منخفضة الكربون في العالم، ومن المقرر أن يبدأ تشغيلها بحلول عام 2027، ولكن جزءًا صغيرًا فقط من هذه المشروعات قد اتخذ قرارًا استثماريًا نهائيًا، ما يشير إلى حجم هائل من الشكوك، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة، نقلًا عن منصة "هيدروجين إنسايت".
ويوضح الرسم البياني التالي -الذي أعدّته منصة الطاقة المتخصصة- موقف مشروعات تصدير الهيدروجين:
علاوةً على ذلك، فإن الجزء الأكبر من عمليات تسليم ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا المعلَنة الآن سيأتي في عام 2027، بعد بدء تشغيل مشروع نيوم، ولكن قبل أن تبدأ معظم مشروعات الأمونيا منخفضة الكربون الموجهة للتصدير على نطاق واسع في التشغيل.
لا تعتقد "دي إن في" أن الوضع سيتغير إلّا بعد عام 2030، ما يعني أن العديد من ناقلات الأمونيا الكبيرة جدًا يمكن أن تكون في الطابور لحمل غاز النفط المسال أو أنواع الوقود الأخرى لمدة 3 سنوات على الأقلّ بعد بدء التشغيل.
موضوعات متعلقة..
- بالأرقام.. سر استحواذ تصدير الأمونيا على الحصة الأكبر من استثمارات الهيدروجين
- سوق الأمونيا الخضراء العالمية تلامس 36 مليار دولار بحلول 2032
- وقود الأمونيا.. الرقم الصعب في معادلة إزالة الكربون العالمية
اقرأ أيضًا..
- لماذا تصدر مصر النفط الخام وتستورده مرة أخرى؟
- الغاز الطبيعي في أفريقيا يترقب نموًا في 2024.. وطفرة جزائرية متوقعة
- أبرز مشروعات الهيدروجين العربية.. خبير أوابك يتحدث عن 4 دول
- برج شمسي في السعودية يولّد الكهرباء على مدار 24 ساعة