صفقة أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا تقترب من الحسم
ومدريد تكشف سبب التأخر
الجزائر: عماد الدين شريف
تقترب صفقة مراجعة أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا من الحسم خلال الأيام المقبلة، بعد تأخرت عدّة أشهر على خلفية المباحثات المستمرة بين الطرفين.
إذ تستعد شركتا سوناطراك الجزائرية (Sonatrach) وناتورجي الاسبانية (Naturgy) للجلوس مجددًا على طاولة المفاوضات للاتفاق على أسعار إمدادات الغاز لعامي 2023- 2024، وفق ما اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
وعقدت الشركات خلال العام المنصرم عدّة جلسات لتحديد أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا للعامين 2023- 2024، بعد توقيع اتفاق في نهاية 2022 تضمّن تحديد تكلفة الغاز الجزائري الذي حصلت عليه مدريد في تلك السنة فقط، وطُبِّقَ بأثر رجعي.
أسعار الغاز الجزائري
نفت "ناتورجي" وجود اعتراض من قبل شركة سوناطراك بخصوص التفاوض من جديد، حسبما ذكر موقع "لا انفرماسيون" الإسباني، نقلًا عن مصادر مقرّبة من الشركة الإسبانية.
واتفقت سوناطراك وناتورجي خلال 2022 على أسعار الغاز الجزائري عبر الأنبوب البحري "ميدغاز"، في حين بقيت المدة الخاصة بعامي 2023 2024 معلّقة.
وكانت الجزائر قد استعادت مكانتها بوصفها أكبر مصدّر للغاز إلى إسبانيا خلال عام 2023، مستفيدة من الحرب الروسية في أوكرانيا، بعد انخفاض إمداداتها إلى مدريد لصالح الولايات المتحدة وروسيا.
وأشارت الشركة الإسبانية إلى أن عدم الاتفاق مع نظيرتها سوناطراك لمدة 3 سنوات، كما هو منصوص عليه في بنود الاتفاقيات الطويلة الأمد، يرجع إلى تذبذب أسعار المواد الأولية في السوق الدولية.
ويتضمن العقد التزامات ثابتة، من خلال شروط "الأخذ أو الدفع"، وتقرير مرحلي يتضمن إعادة التفاوض على الأسعار كل 3 سنوات.
وشددت الشركة الإسبانية على اكتفاء الطرفين بمراجعة الأسعار الخاصة بسنة 2022 فقط، موضحة أنّ المفاوضات موضوعة حاليًا في طريقها الصحيح، لا سيما عقب زيارة المدير العام لـ"ناتورجي"، فراشيسكو راييناس، إلى الجزائر خلال أكتوبر/تشرين الأول الماضي، واستقباله من طرف المدير العام لسوناطرك رشيد حشيشي، بهدف إعادة إحياء المفاوضات من جديد.
الأزمة السياسية
تتحاشي تبريرات الشركة الإسبانية الحديث عن تداعيات الأزمة السياسية بين الجزائر ومدريد، وتأثيرها في العلاقات الاقتصادية الثنائية، والتي تُرجِمت من خلال تجميد معاهدة الصداقة بين البلدين، إذ شهدت بعدها المفاوضات على أسعار الغاز الجزائري تباطؤًا، في حين أصرّت سوناطراك على ضرورة مراجعتها ورفعها.
وتسلّم الرئيس العالمي للتحكم في "ناتورجي، جون غانوزا، حاليًا مهمة التفاوض باسم الشركة الإسبانية، بعد الرحيل الطوعي للمسؤول السابق أنتوني باسولاس، الذي كان مسؤولًا عن ملف الغاز الجزائري لمدة 18 سنة، وهو التغيير الذي عَدَّته وسائل إعلام الإسبانية مفاجئًا في خضم تفاوض مهم مع الطرف الجزائري على أسعار إمدادات الغاز الطبيعي لعامي 2023 - 2024.
وترتبط سوناطراك وناتورجي باتفاقية موقّعة قبل ما يزيد عن 20 عامًا، وتمتد إلى 2032، وتندرج ضمن الاتفاقيات طويلة المدى التي تربط الجزائر بعملائها في إسبانيا وإيطاليا.
وتُقدَّر امدادات من الغاز الجزائري التي تصل شركة ناتورجي بـ5 ملايين متر مكعب سنويًا، ما يجعلها أكبر حصة تصل السوق الإسبانية عبر الأنبوب البحري "ميدغاز" الذي تُعَدّ كلتا الشركتين مساهمتين فيه.
كما تربط سوناطراك بـ"ناتورجي" علاقات تجارية وصناعية ومالية، من منطلق كون المؤسسة الجزائرية العمومية مساهمًا في الشركة الإسبانية بـ4.1% من رأسمالها.
مقاربة جديدة للتفاوض
أكدت سوناطراك في إطار تعاملها بالعقود التي تربطها بشركة ناتورجي، على مقاربة جديدة للتفاوض خلال الجولات المقبلة، تأخذ بالحسبان تفعيل مبدأ "رابح/رابح"، ومراجعة أسعار الغاز الجزائري على ضوء تطورات السوق وضمان توازن العقود.
وشددت الشركة الجزائرية على تمسّكها بتعزيز علاقات الشراكة الطويلة الأمد، ووضعها يكونها أحد أهم مزوّدي السوق الإسبانية بالغاز، إذ أزاحت خلال عام 2023 كلًا من روسيا (تراجعت إمداداتها بسبب الحرب الأوكرانية)، والولايات المتحدة، التي شهدت تراجع صادرات نحو إسبانيا.
وكانت الشركتان الجزائرية والإسبانية قد وقّعتا في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2022 اتفاقية تتعلق بعقود بيع الغاز الطبيعي وشرائه عبر خط أنبوب ميدغاز.
وكشفت مصادر مطّلعة، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، تفاصيل أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا، وفق الاتفاقية الجديدة، إذ ارتفعت بنحو 10 يورو (10.7 دولارًا أميركيًا) إضافية عن كل ميغاواط/ساعة.
وعادةً ما تستعمل شركات الغاز في أوروبا وحدات القياس غيغاواط وتيراواط في تعاملاتها الأوروبية (غيغاواط/ساعة = 3.2 مليون قدم مكعبة من الغاز)، و(تيراواط/ساعة = 3.2 مليار قدم مكعبة من الغاز).
وتحدثت تقارير صحفية مؤخرًا عن أن إسبانيا تدفع للغاز الجزائري سعرًا أعلى بـ3 مرات من السعر المدفوع في عام 2021، إذ تبلغ تكلفة واردات مدريد من الجزائر، عبر خط أنابيب الغاز ميدغاز، نحو 650 يورو (696 دولارًا أميركيًا) للطن، وهو السعر نفسه في عام 2022، ولكنه أغلى بـ3 مرات تقريبًا مما كان عليه في عام 2021، حسبما ذكرت صحيفة "كانال سور" الإسبانية (Canalsur.es).
* مليون طن= 1.38 مليار متر مكعب
دفعت مراجعة أسعار الغاز الجزائري خلال 2022 إلى زيادة كبيرة في فاتورة إسبانيا، إذ وصلت التكلفة إلى 3 مليارات يورو (3.21 مليار دولار)، في حين كانت 1.174 مليار في عام 2021، بحسب ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وحتى نهاية أغسطس/آب 2023، بلغت أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا ما يصل إلى 1.8 مليار يورو (1.93 مليار دولار)، مقابل ما يزيد على 2.7 مليون طن (3.73 مليار متر مكعب).
موضوعات متعلقة..
- أسعار الغاز الجزائري إلى إسبانيا تقترب من اتفاق جديد
- حصاد النفط والغاز الجزائري.. 3 خبراء يتحدثون عن الإنجازات والتحديات في 2023
اقرأ أيضًا..
- ماذا يعني التسعير التلقائي للوقود في مصر؟.. وخطوة استثنائية قد تحدث
- المغرب يتفاوض على صفقة غاز مسال ضخمة
- إيرادات النفط المستهدفة لـ4 دول عربية في 2024 (إنفوغرافيك)