تخزين الكربون في أوروبا يحتاج إلى أماكن جديدة.. ودولتان تسيطران عليه (تقرير)

ما زالت الجهود متواصلة لإيجاد أماكن لتخزين الكربون في أوروبا، إذ يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تشجيع الشركات على الاستثمار في المشروعات والتقنيات التي يمكنها إما احتجاز الكربون من الهواء وإما منعه من الانتشار، في المقام الأول.

يأتي ذلك في الوقت الذي تسارع فيه أوروبا إلى إنشاء البنية التحتية اللازمة لتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050، وفق تقارير اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وحتى الآن، تهيمن دول بحر الشمال مثل الدنمارك وهولندا على تخزين الكربون في أوروبا، وهي حقيقة يهدف الاتحاد الأوروبي إلى تغييرها من خلال حوافز وقواعد جديدة تهدف إلى إنشاء المزيد من مرافق التخزين عبر التكتل بحلول عام 2030.

جدوى الاستثمارات الضخمة

لا يبدو أن جميع أعضاء الاتحاد مقتنعون بأن خطة تخزين الكربون في أوروبا ستنجح، بل إن بعض المتشككين يتساءلون عما إذا كان احتجاز الكربون يستحق الاستثمارات الضخمة المطلوبة، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

ويرى بعض المحللين أن المخاطر كبيرة، فإذا فشل المخطط الرئيس للاتحاد الأوروبي، فمن الممكن أن تقوم البلدان الأوروبية غير الساحلية منخفضة الدخل باستثمارات لا تؤتي ثمارها أبدًا، ما قد يؤدي إلى زوال محطات التصنيع التقليدية.

ومن شأن هذا أن يترك الاتحاد الأوروبي في مواجهة انقسام اقتصادي أكبر، وفجوة أخرى لتحقيق طموحاته الخضراء، حسبما نشرته صحيفة بوليتيكو يوروب (Politico Europe) التي تغطي الشؤون السياسية للاتحاد الأوروبي.

وقال مدير سياسة احتجاز الكربون لدى مؤسسة كلين آير تاسك فورس Clean Air Task Force، غير الحكومية، إيدبهارد بيرنوت: "هناك خطر كبير، على الأقل بالنسبة إلى الصناعات في مناطق مثل جنوب وسط وشرق أوروبا، إذ لا تحدث تطورات كبيرة في المشروعات".

الانتشار المحدود

خلال عام 2022، أُعلنت دفعة من أجهزة امتصاص وأقبية تخزين الكربون في أوروبا، وذلك في المنطقة المطلة على بحر الشمال، التي تُعدّ موطنًا لبعض أكبر مواقع النفط والغاز في أوروبا، ما يوفر لها عددًا كبيرًا من الأماكن لاحتجاز الكربون وتخزينه.

في مارس/آذار الماضي، أُطلِق مشروع سمي "غرين ساند" (Green Sand)، مع وعد باحتجاز الكربون أولًا في بلجيكا قبل شحنه إلى حقل نفط مستنفد في بحر الشمال الدنماركي، وهو مشروع يمكن أن يخزن 8 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

وفي مايو/أيار الماضي، منحت وكالة الطاقة الدنماركية شركة الطاقة المتجددة "أورستيد" (Orsted) عقدًا مدته 20 عامًا لإنشاء مركز كالوندبورغ، الذي يُرتقَب أن يزيل ما يصل إلى نصف مليون طن من الكربون من محطات التدفئة والكهرباء القريبة بدءًا من عام 2026.

ومن المقرر أن يتمكّن أحد أهم مشروعات تخزين الكربون في أوروبا، وهو مشروع بورثوس، من احتجاز ما لا يقل عن 2.5 مليون طن في حقول الغاز المستنفدة.

وعملت الشركات الكبرى، مثل آير ليكيد وآير برودكتس وإكسون موبيل وشل، على تأمين التخزين في الموقع بدءًا من عام 2026، عندما يوضع مشروع بورثوس في الخدمة، وفقًا لما اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتُعدّ هيمنة دول الشمال على تخزين الكربون في أوروبا واسعة للغاية، لدرجة أن الأبحاث أظهرت أن الدنمارك وحدها يمكنها تطوير سعة تخزينية كافية، لتحقيق هدف الاتحاد الأوروبي المتمثل في إنشاء 50 مليون طن تخزين ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030.

تشجيع المصانع على الاستثمار

تريد المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية للاتحاد الأوروبي في بروكسل، تشجيع المصانع على الاستثمار في احتجاز الكربون من خلال ضمان توفر مرافق التخزين.

ودعت المفوضية الدول إلى تبني هدف تخزين ملزم على مستوى الاتحاد الأوروبي يبلغ 50 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون بحلول عام 2030، بصفته جزءًا من قانونها الخاص بالحياد الكربوني.

وأثار الاقتراح جدلًا بشأن بند من شأنه أن يجبر منتجي النفط والغاز على الإسهام في تحقيق هذا الهدف، إذ زعم قادة تخزين الكربون، مثل الدنمارك وهولندا، أن هذا الشرط من شأنه ببساطة سحب الأموال من مشروعات تخزين الكربون في أوروبا الحالية، ما يفيد عمالقة الوقود الأحفوري في هذه العملية.

في المقابل، رد آخرون بأن هذه هي الشركات التي ينبغي إجبارها على المساعدة في التخلص من الكربون بعد أن أمضى سنوات في الهواء، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.

وفازت الدنمارك وهولندا، وحصلتا على خيار بفارق ضئيل لشركات النفط والغاز، إذا لُبيت هذه الحصص مع مشروعات أخرى، حسبما نشرته صحيفة بوليتيكو يوروب (Politico Europe).

وقالت المديرة الأولى في مؤسسة بيلونا غير الحكومية لإزالة الكربون من الصناعة، لينا ستراندفاج ناجيل: إن التسوية لن تعرقل الطموح العام، مضيفة أن "هذا القرار يُظهر ضرورة تطوير التخزين في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي".

من جهتها، ترى المفوضية الأوروبية أن العلامات المبكرة واعدة، إذ قال رئيس قسم الطاقة في المفوضية ديتي يول يورجنسن -في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي-، إن هناك عددًا متزايدًا من مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في أوروبا، وتحديدًا في جنوب وشرق القارة، تنتظر الحصول على موافقة سريعة وتمويل من الاتحاد.

موضوعات متعلقة..

• أكبر منشأة لاحتجاز الكربون وتخزينه في أوروبا تبدأ العمل خلال 2026
• أوروبا تدعم احتجاز الكربون وتخزينه بتحالف جديد (تقرير)
• أكبر مشروعات احتجاز الكربون وتخزينه في أوروبا من نصيب توتال إنرجي

اقرأ أيضًا..

• مصر تحجز مقعدها بقائمة أكبر 10 منتجين للهيدروجين الأخضر عالميًا
• وزير النفط الليبي: لدينا ثروات نفط وغاز يجب استغلالها.. ودولة عربية فقط تستثمر لدينا (1/2) - حوار
• صادرات الغاز المسال المصرية إلى أوروبا تقفز 42% (خاص)
• الطاقة الكهرومائية في أفريقيا تشهد برنامجًا لتحديث البنية التحتية (تقرير)