أزمات مصافي التكرير الأوروبية قد تكون فرصة ذهبية لسلطنة عمان والكويت
محمد عبد السند
- مصافي التكرير الأوروبية تعاني هبوط الطلب على النفط
- من الممكن أن يؤدي التعافي المتوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي في عام 2024 إلى زيادة الطلب
- يشهد الطلب على النفط في أوروبا هبوطًا ملحوظًا غير أنه يرتفع في مناطق أخرى
- أضافت موجات الحرارة المطولة في صيف عام 2023 ضعوطًا ميكانيكية على المصافي الأوروبية
وصلت مصافي التكرير الأوروبية إلى عنق الزجاجة -على ما يبدو- نتيجة تخارج العديد من شركات الطاقة الكبرى من استثماراتها المُخطط لها في هذا القطاع الحيوي لعدم الجدوى الاقتصادية في الوقت الراهن.
وتتضافر عوامل عدة تسهم مجتمعة في تباطؤ وتيرة الاستثمارات في قطاع التكرير النفطي بالقارة العجوز، من بينها ضعف القدرة التنافسية للتكاليف الأوروبية، مقارنة بمناطق أخرى مثل الشرق الأوسط.
ومن هذا المنطلق، دفع الطلب المنخفض على الوقود العديد من مصافي التكرير الأوروبية إلى تقليص استثماراتها في الوحدات التابعة لها، ما يقود إلى تدهور تلك الأصول، بل وغلق بعضها تمامًا، وفي الوقت نفسه يمثل فرصة ذهبية لدولتي سلطنة عمان والكويت، وفق منصة الطاقة المتخصصة.
14 حادثة
هناك 14 حادثة منفصلة اضطرت معها وحدة تكرير أوروبية إلى الغلق بسبب حادث حريق أو تسرب أو انقطاع الكهرباء أو أي حوادث أخرى خلال العام الجاري (2023)، بزيادة من 12 في العام السابق (2022)، وفق دراسة أعدها موقع آرغوس ميديا (argus media).
وتفاقم نقص الاستثمارات من قبل مصافي التكرير الأوروبية بفعل الظروف، من بينها التكاليف الأوروبية التي تفتقر إلى التنافسية أمام نظيرتيها في الشرق الأوسط أو آسيا.
ويشهد الطلب على النفط في أوروبا هبوطًا ملحوظًا، غير أنه يرتفع في تلك المناطق الأخرى.
ولم تخضع مصافي التكرير الأوروبية المتقادمة لأعمال الصيانة منذ عام 2020 بسبب تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد-19"، ما أثر في أدائها التشغيلي، ومن ثم في هوامش أرباحها المتراجعة في الأصل.
إلى جانب ذلك أضافت موجات الحرارة المطولة في صيف 2023 ضغوطًا ميكانيكية على تلك المصافي، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
حظر النفط الروسي
مع تراجع استثماراتها وما يلي ذلك من انخفاض أدائها التشغيلي، تصبح النتيجة الحتمية على المدى الطويل هي الغلق الدائم لمصافي التكرير الأوروبية.
وظهر هذا النمط منذ عقود، قبل أن يطل برأسه مجددًا في عام 2023 بعد تحقيق هوامش غير عادية خلال معظم أوقات عامي 2022 و2023، قادت إلى توقف كلي في المصافي.
فعلى سبيل المثال أعلن المشروع المشترك بين المملكة المتحدة والصين بتروينيوس (Petroineos) في نوفمبر/تشرين الثاني (2023)، أنه سيبدأ عملية تحويل مصفاة غرانغماوث (Grangemouth)، البالغة سعتها 150 ألف برميل يوميا، في إسكتلندا إلى محطة استيراد في أواسط العقد الحالي (2025).
وقالت بتروينيوس: "من المتوقع أن تعود هوامش مصافي التكرير إلى طبيعتها على المدى المتوسط، ما ينتُج عنه وقف نزيف الخسائر من قبل شركتنا".
واضطُرت 6 من مصافي التكرير الأوروبية إلى غلق عملياتها منذ عام 2020، وقد يرتفع هذا العدد إلى 8، حال أوقفت مصفاتا غرانغماوث Grangemouth، وويسلينغ (Wesseling)، التابعة لشركة شل متعددة الجنسيات، البالغة سعتها 147 ألف برميل يوميًا في غرب ألمانيا، عملياتهما التجارية في عام 2025.
إيطاليا مثال حي
تبدو مصافي التكرير الإيطالية الأكثر عرضة للخطر، وفق تقرير اطلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.
فقد أخطرت عملاقة الطاقة الإيطالية إيني Eni العمال في عام 2021 أنها ستوقف أنشطة تكرير الخام في مصفاة ليفورنو (Livorno)، البالغة سعتها 84 ألف برميل يوميًا، بحلول العام الماضي (2022)، لتركز على الزيوت الأساسية والوقود الحيوي.
غير أن إيني لم تنفذ ما قالته بعد، ربما لأن هوامش التكرير كانت مرتفعة جدًا على نحو غير متوقع.
وفي السياق ذاته، قال تجار النفط إن مصفاة ميلاتسو (Milazzo) التابعة لشركة إيني كيه بي سي Eni-KPC، وسعتها 241 ألف برميل يوميًا في صقلية، غير مربحة نسبيًا أيضًا.
تخارج الشركات
تواصل كبرى شركات الطاقة التخارج من استثماراتها في مصافي التكرير الأوروبية، مثل توتال إنرجي (TotalEnergies) الفرنسة و(شل Shell)، وإكسون موبيل (ExxonMobil) الأميركية التي تخارجت من 8 أصول فيما بينها في أنشطة التكرير الأوروبية منذ عام 2020.
ومؤخرًا، باعت إكسون موبيل حصة من الأسهم نسبتها 25% في مصفاة ميرو (Miro) الألمانية في أكتوبر/تشرين الأول (2023)، كما باعت شل حصة نسبتها 37.5% في مصفاة شويدت (Schwedt) الألمانية إلى شركة براكس (Prax) ومقرها في المملكة المتحدة.
وقال الرئيس التنفيذي المؤقت لشركة النفط البريطانية بي بي، موراي أوشينكلوس: "إذا حدث انقطاع في الكهرباء، فستبدأ أسعار [المنتجات المكررة] في الارتفاع فجأة"، وذلك في تصريحات أدلى بها خلال إعلان عائدات الشركة في الربع الثالث.
بارقة أمل
من الممكن أن يؤدي التعافي المتوقع لنمو الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي في عام 2024 إلى زيادة الطلب ودفع الهوامش إلى الارتفاع.
وقال الرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجي باتريك بويانيه، إن مصافي الشركة "تعمل بالفعل لإنتاج الديزل، لأن نقص الإمدادات الروسية قاد إلى إبقاء هوامش الديزل عند مستويات عالية تاريخية على الرغم من ضعف الطلب".
وإذا لم يكن أمام الإنتاج فرصة للصعود ليتناسب مع انتعاش الطلب، فستستجيب الهوامش بقوة أكبر.
الشرق الأوسط يتأهب
إذا افتُتحت سعة تكرير جديدة في مناطق أخرى وفق ما هو مخطط له، فستواجه مصافي التكرير الأوروبية منافسة قوية، ما يضر بهوامشها ويؤيد خطط إغلاق الوحدات التابعة لها.
ولعل أبرز الأمثلة على ذلك محطة الدقم (Duqm) في سلطنة عمان، البالغة سعتها 230 ألف برميل يوميًا، ومصفاة دانغوتي (Dangote) النيجيرية البالغة سعتها 650 ألف برميل يوميًا، واللتان من الممكن أن تشرعا في العمل بكامل سعتهما خلال عام 2024.
ومن الممكن أن تتفادى مصفاة الزور (Al-Zour) الكويتية سعة 615 ألف برميل يوميًا وقوع حوادث مؤسفة، وتبدأ في شحن الديزل غربًا كما هو متوقع أيضًا.
موضوعات متعلقة..
- رغم زيادة تحديات مصافي التكرير الأوروبية.. الضربة الأكبر لم تأت بعد
- إلغاء دعم الوقود في نيجيريا يقلص الواردات.. ما علاقة مصافي التكرير الأوروبية؟
- قائمة أكبر الدول المصدرة للنفط الخام والمشتقات النفطية في 2022 (إنفوغرافيك)
اقرأ أيضًا..
- واردات أميركا من زيت الوقود تهبط لأدنى مستوى في 43 شهرًا
- واردات الغاز المسال الأوروبية تهبط للشهر السادس.. الجزائر وقطر في المشهد
- أسعار النفط في 2023.. خسائر وتقلبات بعد عامين من المكاسب
- ارتفاع الطلب على النحاس يمنح دفعة لدولتين عربيتين