خبير: التخلص من الفحم في ألمانيا لم يكن هدفًا مناخيًا
الطاقة
بعد عامين من إقرار قانون ملزم للتخلص التدريجي من الفحم في ألمانيا بحلول عام 2038، يبدو أن برلين ترتدّ على أعقابها، وتعود سنوات إلى الوراء، مع قرارات جديدة باستمرار عمل محطات الكهرباء العاملة بالفحم.
وعلّق الخبير المتخصص في شؤون الطاقة، الدكتور دريد عبدالله، على الأمر قائلًا، إن قانون التخلص من الفحم، الذي تبنّته المستشارة الألمانية السابقة أنغيلا ميركل، ويُلزم برلين خلال الـ18 عامًا المقبلة بالإغلاق التدريجي لنحو 141 محطة لتوليد الكهرباء بالفحم، لم يكن هدفه وقتها هو إحلال الطاقة النظيفة محل الفحم.
وأوضح، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة المتخصصة، أن الهدف الرئيس من هذا القانون كان إعطاء فرصة للغاز الروسي، من أنبوبي "نورد ستريم 1 و2"، لتحويل ألمانيا إلى مركز رئيس لاستهلاك وتصدير الغاز إلى أوروبا.
وأضاف: "هذا ما لم يحدث بالطبع، بسبب بدء الحرب في أوكرانيا، وكذلك بسبب التغيير الحكومي، الذي جاء بمستشار من اشتراكيّي الوسط "أولاف شولتس"، إلى السلطة، بدلًا من اليمين الوسطي المحافظ".
زيادة استعمال الفحم في ألمانيا
أشار الخبير المتخصص في شؤون الطاقة الدكتور دريد عبدالله إلى المخاوف من نقص الطاقة خلال مدة ما بعد الاجتياح الروسي لأوكرانيا، التي أعطت مبررًا لزيادة إنتاج الكهرباء من الفحم حتى 1.9 غيغاواط إضافية، وهو ما تناقض مع القانون الذي سُنَّ قبل عامين.
وأضاف، في تصريحات خاصة إلى منصة الطاقة: "اليوم تملك ألمانيا نحو 130 محطة توليد تعمل بالفحم (البني والصلب)، وتنتج حاليًا نحو 14% من الكهرباء في هذا البلد الصناعي الكبير، وهو رقم ليس بهيّن، إذ يبلغ نحو 37.5 غيغاواط من الكهرباء المولدة بالفحم".
ومن المتوقع خلال العام المقبل 2024، وفق الدكتور دريد عبدالله، أن تتخلص ألمانيا من 19 محطة تعمل بالفحم، بما يمثّل 27% من القدرة الحالية لتوليد الكهرباء بالفحم (10.2 غيغاواط)، وفي المقابل ستوفر الحكومة التراخيص لبناء محطات تعمل بالغاز والهيدروجين، بقدرة 15 غيغاواط، خلال السنوات الـ7 المقبلة، لسدّ النقص الحاصل بإغلاق محطات الفحم.
يشار إلى أن هيئة تنظيم الطاقة الألمانية، المعروفة باسم "بينتسا" BNetzA، كانت قد أصدرت قرارًا بحظر إغلاق محطات الفحم قبل أبريل/نيسان 2031.
ونتيجة لهذا القرار، تعتزم شركتا "يونيبر إس إي" (Uniper SE9 و"إيه إن بي دبليو إنرجي" (EnBW Energie Baden-Württemberg AG) الإبقاء على وحدات تعمل بالفحم في ألمانيا لمدد أطول، وفق ما نشرته وكالة بلومبرغ.
وجاء قرار هيئة تنظيم الطاقة بالإبقاء على محطات الكهرباء العاملة بالفحم في ألمانيا، بناءً على كونها مصادر احتياطية للطاقة في حالات الطوارئ، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وكانت شركة "يونيبر إس إيه"، التي تملك وحدتين في محطة "يونيبر شولفن" (Uniper's Scholven)، تستهدف التخلص من الفحم بحلول عام 2029، والوصول لإنتاج طاقة خالٍ من الكربون بنسبة 80% في 2030.
وأصدرت هيئة "بينتسا" -في الوقت نفسه- تعليمات لشركة "إيه إن بي دبليو إنرجي" بالاحتفاظ بوحدة في محطة ألتباك/دايتسيزاو، حتى مارس/آذار 2031، رغم عزم الشركة التخلص التدريجي من الفحم في وقت مبكر من العام 2028.
استمرار محطات الكهرباء العاملة بالفحم
توقّع الخبير في شؤون الطاقة دريد عبدالله أن تصل تكاليف الإحلال للمحطات الحالية العاملة بالفحم، حتى عام 2038، إلى نحو 66 مليار يورو (73 مليار دولار)، لافتًا إلى أن الخبراء الألمان يأملون أن تستمر عمليات الإحلال بمعدلات 2024 نفسها، وصولًا إلى إغلاق جميع المحطات تدريجيًا بحلول عام 2030.
إلّا أنه أشار في الوقت نفسه إلى أن تأجيل قرار الحكومة الألمانية بمنح التراخيص الخاصة ببناء المحطات الجديدة حتى عام 2026 يطرح علامات استفهام حول جدّية ما تعلنه من أن التاريخ المستهدف للإحلال الكامل سيكون عام 2030.
في السياق نفسه، ترجع أسباب القرار إلى تخفيض موسكو إمدادات الغاز الروسي، بالإضافة إلى إقدام الحكومة الألمانية على إغلاق أخر محطة طاقة نووية لديها خلال العام الجاري 2023.
وعلى الرغم من تناقض هذا التوجّه مع إعلان ألمانيا استهدافها التخلص التدريجي من الفحم بحلول 2030، فإن هيئة تنظيم الطاقة رأت أن قرار الإبقاء على محطات الفحم في ألمانيا لا يجوز أن يؤثّر في هذه الأهداف.
يشار إلى أن ألمانيا تمتلك -بالفعل- خطة للحدّ من الانبعاثات الكربونية، والتي تنص على بناء نحو 24 غيغاواط من محطات الطاقة الجديدة العاملة بالغاز، والتي يمكنها التحول في وقت لاحق إلى العمل بالهيدروجين.
موضوعات متعلقة..
- تأجيل التخلص من الفحم في ألمانيا.. الخطط المناخية في مهبّ الريح
- التخلص من الفحم في ألمانيا يهدد بنقص المياه.. الوجه الآخر للأهداف المناخية
- ألمانيا.. تطورات جديدة بشأن موعد التخلص من الفحم وغلق محطات الغاز
اقرأ أيضًا..
- هل أوقفت مصر صادرات الغاز إلى الأردن لتفادي أزمة الكهرباء؟ (خاص)
- صراع الثروات المعدنية في القطب الشمالي يشتعل بإعلان أميركي
- تحول الطاقة في أفريقيا محور صراع جديد بين الصين والغرب