تراجع مبيعات المضخات الحرارية في أوروبا يهدد أهداف إزالة الكربون
أسماء السعداوي
تشكّل المضخات الحرارية في أوروبا أحد سبل خفض استعمال الوقود الأحفوري في التدفئة، من أجل خفض انبعاثات الكربون، وصولًا إلى هدف الحياد الكربوني بحلول عام 2050.
وعلى عكس البداية القوية في الربع الأول من هذا العام (2023)، انخفضت مبيعات المضخات الحرارية خلال الربع الثاني، وفي الربع الثالث وحده تراجعت بنسبة 14% في 10 بلدان أوروبية، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
يُقارَن تراجع مبيعات المضخات الحرارية في أوروبا بالنمو القياسي للمبيعات بالقارة بنسبة 40% تقريبًا خلال عام 2022 المنصرم، إلى 3 ملايين وحدة، مع ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء عقب غزو روسيا أوكرانيا.
وحذّرت الرابطة الأوروبية للمضخات الحرارية (EHPA)، في بيان صحفي نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، من أن تراجع المبيعات يهدد جهود إزالة الكربون، وكذلك خطط استثمارية بقيمة 7 مليارات يورو (7.6 مليار دولار أميركي)، لزيادة قدرات التصنيع، وتلك الخاصة باللوجستيات، خلال 3 سنوات تنتهي في 2025.
(اليورو= 1.09 دولارًا أميركيًا).
والمضخات الحرارية تساعد المنزل على التدفئة في الشتاء والتبريد في الصيف، عن طريق نقل الحرارة من مكان لآخر، وهي تشبه الثلاجة بطريقة تشغيلها، وتستعمل الكهرباء لتحويل الحرارة من البرودة إلى الدفء، والعكس.
مبيعات المضخات الحرارية في أوروبا
اعتمدت الرابطة الأوروبية للمضخات الحرارية، ومقرّها بروكسل، في تقدير نسبة تراجع الإقبال على الشراء على بيانات جمعتها من 10 بلدان.
وفي فنلندا، تراجعت المبيعات بنسبة 66% على أساس سنوي، وفي الدنمارك 56%، وإيطاليا 45%، والنمسا 33%، وسويسرا 7%، وفرنسا 13%، والنرويج 8%، والسويد 6%.
لكن في المقابل، ارتفعت المبيعات في ألمانيا بنسبة 60%، وهولندا بنسبة 25%.
وفي المتوسط، كانت نسبة تراجع مبيعات المضخات الحرارية في أوروبا على أساس سنوي 14%، خلال الربع الثالث 2023.
وتقول الرابطة في بيانها: "التراجع جزء من اتجاه يدقّ ناقوس الخطر، يضع أهداف إزالة الكربون في أوروبا بخطر".
وأضافت: "كما يعرّض استثمارات بقيمة 7 مليارات يورو للخطر، التي أعلنها مصنّعو المضخات الحرارية في أوروبا ومكوناتها، لبناء مرافق إنتاج وتجديدها، خلال المدة بين عامي 2022 و2025".
وتابعت: "تلك الخطط الاستثمارية كانت استجابة للاعتراف السياسي الإيجابي بالتقنية والطلب المزدهر عليها في 2022، والأعوام السابقة لها".
إحدى أبرز الشركات التي كانت تستهدف زيادة إنتاج المضخات الحرارية هي شركة ميديا الصينية (Midea)، التي تخطط للتوسع في قارة أوروبا، من خلال بناء مصنع لإنتاج المضخات الحرارية في إيطاليا.
وتعهدت شركة فيلانت الألمانية (Vaillant) بضخ استثمارات بقيمة نحو ملياري يورو لتعزيز أعمالها، بما في ذلك إنشاء مصنع جديد في إسبانيا، لزيادة طاقته الإنتاجية أكثر من الضعف، إلى 500 ألف وحدة سنويًا.
وأيضًا، قالت شركة بوش الألمانية (Bosch)، إنها تعتزم استثمار أكثر من مليار يورو للتوسع في كلٍ من ألمانيا والبرتغال والسويد، وبناء مصنع جديد داخل بولندا.
كما تنفق شركة كاريير غلوبال الأميركية (Carrier Global) 12 مليار يورو ، للاستحواذ على مجموعة فيسمان الألمانية (Viessmann) المتخصصة في صناعة معدّات التدفئة.
أسباب التراجع
عزت الرابطة تراجع مبيعات المضخات الحرارية في أوروبا إلى عدّة أسباب، أبرزها حالة عدم اليقين لدى المستهلكين الناجمة عن الرسائل الغامضة من جانب صنّاع السياسات، وتغير السياسات والإعانات الحكومية.
كما أرجعت الأمر إلى هبوط أسعار الغاز، في حين ظل سعر الكهرباء التي تستعملها معظم المضخات الحرارية، ثابتًا، وهو ما جعل تشغيل المضخات الحرارية أقلّ جاذبية في عيون المستهلكين من الناحية المادية.
كما وجّهت الدعوة للمفوضية الأوروبية، لحلّ تلك الأسباب في خطة عملها بشأن المضخات الحرارية في أوروبا، المقرر صدورها مطلع العام المقبل (2024).
وبالنسبة للحكومات، يتعين عليها وضع حلول مقترحة لمعالجة أسباب تراجع المبيعات في خططها المتعلقة بالطاقة والمناخ، والعمل من أجل جعل ضرائب الطاقة أكثر توازنا، والتخلّي تدريجيًا عن منح إعانات لمستهلكي الوقود الأحفوري، وتخفيف أعباء الضرائب والرسوم المفروضة على قطاع الكهرباء.
تعليقًا على نتائج التحليل، يقول الأمين العام لرابطة المضخات الحرارية الأوروبية، توماس نوفاك، إن المضخات الحرارية هي أكثر الطرق فعالية من حيث التكلفة وتحقيقًا للحياد الكربوني، لكن المستهلكين يعدّونها "رهانًا باهظ الثمن وغير مؤكد".
وأضاف: "إن واضعي السياسات بحاجة لتصحيح ذلك عبر الالتزام بصورة واضحة بتقنيات المضخات الحرارية، وتهيئة الظروف الاقتصادية المواتية لجعل أنظف حلول التدفئة متاحة".
وتابع: "في إجراء فوري، يجب أن تستهدف السياسة خفض تكلفة الكهرباء للأجهزة المنزلية والتجارية والصناعية، لا ينبغي أن تتجاوز سعر الغاز الأحفوري بأكثر من الضعف".
موضوعات متعلقة..
- تطوير توربينات المضخات الحرارية للاستعمالات السكنية والتجارية
- وظائف المضخات الحرارية تشهد نموًا ملحوظًا مع توسع القطاع في أوروبا والصين
- المضخات الحرارية تعادل ضعف كفاءة التدفئة بالوقود الأحفوري (دراسة)
اقرأ أيضًا..
- خبير أوابك: تكلفة إنتاج الهيدروجين 7 أضعاف الغاز.. والدول العربية تملك 4 مميزات
- هل تخطط موريتانيا لتوصيل الغاز للمنازل ومتى تبدأ التصدير؟ (خاص)
- أكبر تاجر نفط مستقل في العالم يستحوذ على 8800 محطة وقود
- مصادر مصرية: قطع الكهرباء سيستمر مدة طويلة.. والأولوية لتصدير الغاز