شهدت عمليات الاستحواذ التي أجراها أكبر تاجر نفط مستقل في العالم بقطاع التكرير توسعًا لافتًا، ما يؤهّله للدخول بقوة في سوق البيع بالتجزئة في بلدان عديدة.
والتاجر -وهو شركة فيتول (Vitol) الهولندية- يعدّ لاعبًا كبيرًا في صفقات النفط والغاز المسال العالمية، إذ يمثّل دخول الشركة سوق التجزئة إلى جانب منافستها "ترافيغورا" (Trafigura) صعودًا لحصّة القطاع الخاص بالمجال الذي تهيمن عليه شركات النفط الكبرى.
ومؤخرًا، أبرمت فيتول عمليات شراء، أصبحت بموجبها تمتلك بالكامل -أو مالكة حصص- في أكثر من 8 آلاف و800 محطة وقود على مستوى العالم، وفق ما طالعته منصة الطاقة المتخصصة.
وتراهن الشركة الهولندية على نمو الطلب واستهلاك النفط في دول -غير أوروبا- ما زالت تعتمد على البنزين الأحفوري في قطاع النقل.
وبدعم من تلك الصفقات، وآخرها في تركيا، أصبح لدى فيتول حافظة مشروعات ضخمة تؤهلها لمنافسة بعض شركات النفط الكبرى المالكة لمحطات وقود، كما ستجعلها في المركز الثاني بقائمة أكبر شركات بيع الوقود بالتجزئة في أفريقيا، حسب تقرير نشرته وكالة بلومبرغ.
مشروعات أكبر تاجر نفط مستقل في العالم
على عكس شركات النفط الكبرى التي أخذت خطوة للوراء، راهنت فيتول على عمليات التكرير والمعالجة وضاعفتها أملًا في استمرار قوة الطلب على الوقود الأحفوري بالأسواق الناشئة، رغم التقدم الذي أحرزته السيارات الكهربائية في الدول المتقدمة.
وهذا ما جعل من فيتول منفذ بيع للمنتجات التي تتاجر بيها (النفط والغاز)، إلى جانب الأصول على الأرض، لتعزيز هوامش الأرباح على المدى الطويل، بعد تراجع تقلبات أسواق الطاقة.
وحققت فيتول، وهي أكبر تاجر نفط مستقل في العالم، أرباحًا بقيمة 15.1 مليار دولار في العام الماضي (2022)، وفق الأرقام التي طالعتها منصة الطاقة المتخصصة.
وتُجري فيتول استثمارات في قطاع تكرير النفط منذ أكثر من 10 سنوات، وستضيف عمليات الاستحواذ في هذا العام (2023) المزيد من محطات الوقود بنسبة 30% تقريبًا إلى شبكتها مترامية الأطراف.
يعكس ذلك نموًا متزايدًا لحصّة القطاع الخاص في البنية الأساسية للطاقة العالمية، إذ إن شركة فيتول مملوكة لنحو 350 من كبار العاملين فيها.
وتعليقًا على ذلك، يقول عضو اللجنة التنفيذية لأكبر تاجر نفط مستقل في العالم (فيتول)، كريس بيك: "نريد أن تكون لنا آثار ووقع أقدام على الأرض".
وأضاف: "لتكون قادرًا على البقاء في ظل هوامش الأرباح الضئيلة للغاية -كما في قطاع السلع- تحتاج إلى امتلاك منصة متكاملة للغاية".
آخر عمليات الاستحواذ
في بيان صحفي نشرته عبر موقعها الإلكتروني الرسمي، قالت شركة فيتول يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2023)، إنها أبرمت اتفاقًا لشراء حصة شركة النفط بي بي (bp) في شركة التكرير التركية "بي بي تركي ريفاينينغ ليمتد" (BP Turkey Refining Limited) وشركة "بي بي بترولري إيه إس" (BP Petrolleri A.Ş).
وبتلك الصفقة، يرتفع إجمالي محطات الوقود التي تملكها شركة "بترول أوفيسي" (Petrol Ofisi) التابعة لشركة فيتول، إلى نحو ألفين و700 محطة في تركيا، بالإضافة لمحطة لتجارة النفط.
وفي أستراليا، حصل أكبر تاجر نفط مستقل في العالم على حصة بنحو 30% من أسهم شركة "فيفا إنرجي" (Viva Energy) المحلية التي تدير مصفاة تكرير بالقرب من ملبورن.
وتمتلك فيتول -أيضًا- حصصًا في شركة هاسكول بترويوم ليمتد الباكستانية (Hascol Petroleum Ltd)، وشركة فارو إنرجي الأوروبية (Varo Energy)، وفق ما رصدته منصة الطاقة المتخصصة.
وفي فبراير/شباط المنصرم (2023)، استحوذت "فيفو إنرجي" (Vivo Energy) المملوكة لفيتول على شراء 74% من أسهم شركة "إنجن" (Engen) في جنوب أفريقيا.
وبعد الحصول على الموافقات الحكومية في تلك البلدان، سيرتفع عدد محطات الوقود المملوكة لفيتول، التي تحمل علامة "شل" و"إنجن"، إلى 3 آلاف و900 محطة منتشرة بأنحاء أفريقيا.
تشكّل صفقات فيتول في قطاع التكرير اتجاهًا معاكسًا لمساعي شركات النفط بتحقيق إيرادات أعلى من مشروعات التنقيب.
إحدى تلك الشركات هي إكسون موبيل الأميركية (Exxon Mobil)، التي تتجه لشراء شركات النفط الصخري والبنية الأساسية للطاقة، وفي المقابل تبيع المصافي ووحدات البيع بالتجزئة (محطات الوقود).
وما زالت شركات الطاقة الكبرى أكبر موزّع للمشتقات النفطية عالميًا، وتدير شركة "بي بي" أكثر من 20 ألف محطة وقود، لكن شركات أخرى تخفض أعداد تلك المحطات تدريجيًا، مثل "إيني" الإيطالية (Eni) التي تمتلك نحو 5 آلاف محطة، وريبسول الإسبانية (Repsol) التي تمتلك أكثر من 4 آلاف و600 محطة.
الطلب على النفط
تراهن شركة فيتول على طول عمر الطلب على النفط في الدول التي لن تتجه لكهربة وسائل النقل فيها قريبًا.
وفي دول غير أوروبا، التي من المتوقع أن تغلق بعض محطات الوقود أبوابها، وما يتبعه ذلك من تراجع المبيعات، من المتوقع أن يرتفع استهلاك النفط في قطاع النقل بصورة كبيرة.
ويتوقع محللون في شركة الاستشارات "سيتاك أفريكا ليمتك" (Citac Africa Ltd) أن ترتفع مبيعات الوقود في الدول الأفريقية بأكثر من الخُمس بحلول عام 2030.
تعليقًا على ذلك، يقول الرئيس التنفيذي لشركة فيتول، راسل هاردي، إنه من المتوقع أن يسجل قطاع النقل في أفريقيا نموًا قويًا، وهو ما يجعلها هدفًا أكبر مقارنة بدولة ستهيمن عليها سيارات شركة تيسلا الأميركية (Tesla) في خلال 10 سنوات مقبلة.
كما يقول عضو اللجنة التنفيذية بالشركة، كريس بيك: "هناك مناطق معدودة في أفريقيا لا تحمل بصمتنا اليوم، وهناك أيضًا بعض المناطق الجغرافية الأخرى التي سننظر فيها.. لكننا نريد كتلة حرجة، ونريد أن نتمكن من زيادة القيمة".
موضوعات متعلقة..
- نتائج أعمال فيتول في 2022 تحقق أرباحًا بـ15 مليار دولار (تحديث)
- نمو الطلب على النفط في 2024.. الهند تقود شهية آسيا متجاوزة الصين
- إضافات سعة تكرير النفط العالمية حتى 2028.. الشرق الأوسط بالمركز الثاني
اقرأ أيضًا..
- مصادر مصرية: قطع الكهرباء سيستمر مدة طويلة.. والأولوية لتصدير الغاز
- هل تخطط موريتانيا لتوصيل الغاز للمنازل ومتى تبدأ التصدير؟ (خاص)
- خبير أوابك: مصافي النفط العربية تتبنى تقنيات معقدة.. والسعودية تتصدر القدرات التكريرية (صوت)
- الغاز الروسي في مواجهة قانونية مع أوروبا.. من يحسمها؟ (مقال)