ارتفاع إمدادات زيت الطهي المستعمل يثير مخاوف غش الوقود الحيوي في أوروبا

أثارت البيانات، التي تُظهر ارتفاعًا واضحًا في الإمدادات العالمية من زيت الطهي المستعمل، وهو مادة خام رئيسة لوقود الديزل الحيوي ووقود الطيران المستدام، المخاوف مجددًا بشأن الاحتيال الجمركي واسع النطاق الذي يسمح بتمرير زيت النخيل الأقل استدامة بوصفه مصدرًا للكتلة الحيوية يعتمد على النفايات في أوروبا.

وأصدر نظام الاستدامة الدولية وشهادات الكربون (آي إس سي سي)، أكبر جهة اعتماد للمواد الأولية، شهادات بقيمة 4 ملايين و855 ألفًا و644 طنًا متريًا لمواد خام زيت الطهي المستعمل (يو سي أوه) عالميًا في عام 2022، وفق معلومات اطلعت عليها منصة الطاقة المتخصصة.

وهذا ما يمثل زيادة بنسبة 40%، على أساس سنوي، وفقًا لأحدث بياناته التي نشرتها المفوضية الأوروبية في 5 ديسمبر/كانون الأول الجاري؛ إذ سجلت إيطاليا زيادة بمقدار 12 ضعفًا إلى إجمالي 604,040 طنًا متريًا، وجاءت في المرتبة الثانية بعد الصين.

بالمثل، أصبحت مالطا، التي لم تحصل على اعتمادات زيت الطعام المستعمل من نظام الاستدامة الدولية وشهادات الكربون في عام 2021، ثالث أكبر مصدر للزيت المستعمل من بين 107 دول معتمدة؛ إذ حصلت على شهادة 520 ألف طن متري من المواد الخام في عام 2022.

ويمثل الحجم المشترك لإيطاليا ومالطا معًا، لعام 2022، أكثر من ثلث إمدادات زيت الطهي المستعمل العالمية التي تم اعتمادها في عام 2021، حسبما نشرت وكالة إس آند بي غلوبال كوموديتي إنسايتس (S&P Global Commodity Insights).

• إنتاج الوقود الحيوي من الزيوت النباتية.. تقنية مبتكرة في قطاع الطاقة

وتعتمد المفوضية الأوروبية حاليًا على خطط إصدار الشهادات الطوعية مثل نظام الاستدامة الدولية وشهادات الكربون لاعتماد أصول المواد الأولية للوقود الحيوي، التي تحدد الأهلية للحصول على برامج الحوافز والوفاء بالالتزامات.

ويُعَد زيت النخيل مادة خامًا يُتَخلص منها تدريجيًا من جانب الاتحاد الأوروبي بسبب مساهمته المزعومة في إزالة الغابات في الخارج، وهو غير مؤهل للحصول على حوافز الطاقة المتجددة بموجب مبادرة توجيهات الطاقة المتجددة 2 (آر إي دي 2).

الإنفوغرافيك التالي من إعداد منصة الطاقة المتخصصة يستعرض أعلى 10 مراكز عالمية لإصدار شهادات زيت الطهي المستعمل:

الوقود الحيوي في أوروبا

قال مدير شؤون حكومة الاتحاد الأوروبي والصناعة والسياسات في مجموعة التكنولوجيا الحيوية كلونبيو غروب، جيمس كوغان، إن الزيادة يمكن أن تكون مؤشرًا على ارتفاع كبير في الادعاءات بشأن زيت الطعام المستعمل الاحتيالية.

وأضاف: "ما يتبين على الفور من البيانات هو أن ثلث زيت الطهي المستعمل مزيف بلا شك، وعلى الأرجح أن يكون مصدره مباشرة زيت النخيل البكر"، مشيرًا إلى "معدلات جمع مرتفعة بشكل مثير للريبة" في السعودية والكويت والإمارات وبلغاريا.

وأكد كوغان: "من المستحيل تمامًا أن يجمع سكان مالطا 3 لترات يوميًا للشخص الواحد من الزيت المستعمل في العام الماضي"، مقارنًا المستويات بنحو 5 لترات لكل شخص يتم جمعها سنويًا في بلجيكا والمملكة المتحدة.

ويقدر محللو وكالة إس آند بي غلوبال إنسايتس (S&P Global Commodity Insights) قدرة جمع زيت الطهي المستعمل الأوروبية الإجمالية بنحو 1 مليون طن متري.

وأشارت خبيرة الوقود الحيوي في مجموعة الضغط ترانسبورت آند إنفيرونمنت، باربرا سميلاجيك، إلى صعوبة التحقق من أصول المواد الأولية للوقود الحيوي في أوروبا.

• مبادلة الإماراتية تُطور مشروعًا لإنتاج الوقود الحيوي في البرازيل

وقالت: "أوروبا تغرق بزيت الطهي المستعمل الاحتيالي"، وأضافت: "نحن بحاجة إلى قدر أكبر من الشفافية والحد من الواردات لتجنب أن يصبح الزيت المستعمل مجرد باب خلفي لزيت النخيل الذي يؤدي إلى إزالة الغابات".

وأعلنت المفوضية الأوروبية أنها تُنشِئ قاعدة بيانات لتتبع سلاسل توريد المواد الأولية للوقود المتجدد المستهلك في الاتحاد الأوروبي.

وقال كوغان إن الحملة الفعالة على تدفقات زيت الطهي المستعمل يمكن أن تقلل ما لا يقل عن 15-25% من الإمدادات من السوق الأوروبية، التي أصبحت تعتمد على الواردات الرخيصة من النفط الخام الثقيل وزيت الطهي المستعمل، وأشار إلى أن هذا سينطوي على اتجاه صعودي محتمل للأسعار الأوروبية.

تعقيدات التتبع

يُعَد تتبع أصول زيت الطهي المستعمل أمرًا معقدًا بسبب اعتماد أوروبا على الواردات من الموردين الأكثر غموضًا؛ فوفقًا لتقديرات مجموعة الضغط ترانسبورت آند إنفيرونمنت، تستورد أوروبا حاليًا 80% من زيت الطهي المستعمل، ويأتي نحو 60% منها من الصين.

وعلى الرغم من أن لجنة التنسيق الدولية أجرت سلسلة من عمليات التدقيق مع موردي الوقود الحيوي وألغت بعض الشهادات؛ فإنها تواصل إصدار تراخيص جديدة، وقد أكد العديد من فضائح زيت الطهي المستعمل المزيف الحاجة إلى مواصلة التدقيق في التدفقات.

في هذا السياق، أطلقت ألمانيا وأيرلندا تحقيقات في الاحتيال، في حين أطلقت المفوضية الأوروبية مؤخرًا تحقيقًا في توجيهات وقود الديزل الحيوي الإندونيسي عبر الصين لتجنب الرسوم الجمركية قبل شحن المنتج إلى أوروبا.

اقرأ أيضًا..

• لبنان يكشف عن مصير استيراد الغاز من مصر والتنقيب في شرق المتوسط (خاص)
• تحول الطاقة في غرب أفريقيا.. 3 دول تخطط لاستثمارات مليارية بدعم من الغاز
• عرقاب: نسعى لتجديد احتياطي المحروقات في الجزائر لتغطية الطلب محليًا وزيادة الصادرات (فيديو)