الشاحنات الهيدروجينية.. هل تجبر أوروبا على التخلص من المركبات الكهربائية؟

تؤدي الشاحنات الهيدروجينية، أو ما يُطلق عليها "شاحنات خلايا الوقود الهيدروجينية"، دورًا حيويًا في قطاعي الصناعة والشحن؛ إذ إنها تُعدّ مثالية للرحلات الطويلة والمتكررة.

وفي ديسمبر/كانون الأول (2021)، قالت مفوضة النقل في الاتحاد الأوروبي، أدينا فوليان، إن المفوضية الأوروبية (الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي) تتوقع تسيير 60 ألف شاحنة هيدروجينية على الطرق الأوروبية بحلول نهاية العقد الجاري (2030)، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتتمثل المعضلة الكبرى في الشاحنات الهيدروجينية -مقارنةً بالمركبات الكهربائية- في أن تكاليف الكهرباء لكل كيلومتر بالنسبة للأولى تزيد بواقع 50% عن الثانية في نهاية العقد الجاري (2030)، قبل أن تقلّ تلك النسبة إلى 10% في أواسط القرن الحالي (2050)، وفق ما ورد في تقرير صادر عن المجلس الدولي للنقل النظيف المعروف اختصارًا بـ"آي سي سي تي" (ICCT)، وهي منظمة مستقلة غير ربحية، تأسست لإعداد أبحاث غير متحيزة وتحليلات فنية وعلمية لمنظمي البيئة.

ويفترض سيناريو الهيدروجين الوارد في التقرير أن الهيدروجين الأخضر يُصنع في محطات تعبئة الشاحنات بالوقود، باستعمال الكهرباء الواصلة إليها عبر أسلاك المرفق المحلي.

ويتطلب تصنيع الهيدروجين واستعماله في الشاحنات الهيدروجينية كهرباء تزيد بواقع 3 مرات عن مثيلتها المستعملة في الشاحنات الكهربائية العاملة بالبطاريات.

وبخصوص إزالة الكربون من قطاع النقل بالشاحنات، يتعلق الأمر بوضع شواحن كهربائية أو مضخات وقود الهيدروجين في محطات تعبئة الشاحنات بالوقود.

الشاحنات الكهربائية

هناك خيارات إضافية لا حصر لها لشحن الشاحنات الكهربائية، ويتّسم سيناريو النقل بتلك الشاحنات، الوارد في تقرير المجلس الدولي للنقل النظيف بالواقعية المبررة، وفق ما أورده موقع كلين تكنيكا (Clean Technica).

ففي هذا السيناريو، تكون الشاحنات كهربائية، كما تكون السيارات رباعية الدفع وشاحنات البيك آب كهربائية أيضًا، وينطبق الأمر -كذلك- على سيارات الشرطة والدراجات النارية.

وبينما تستمر محطات تزويد الشاحنات بالوقود في ضخ الكثير من وقود الديزل والبنزين، فإنها تزوّد السيارات والمركبات بالطاقة الكهربائية، وفق معلومات جمعتها منصة الطاقة المتخصصة.

وتشتري محطات تزويد الشاحنات بالوقود الكهرباء من المرفق المحلي بأسعار الكهرباء التجارية المحلية، التي قدّرها تقرير المجلس الدولي للنقل النظيف بما يتراوح بين 0.02 يورو ( 0.022 دولارًا أميركيًا) و0.24 يورو ( 0.26 دولارًا أميركيًا) لكل كيلوواط/ساعة.

(اليورو = 1.10 دولارًا أميركيًا).

وهذا سيناريو واقعي تمامًا؛ إذ إن محطات تعبئة الشاحنات بالوقود سيكون لديها بطاريات لتخزين الكهرباء وألواح شمسية، إضافة إلى توصيلات تربطها بالشبكة؛ ما يمكّنها من توليد بعض الكهرباء محليًا، وتحقيق التوازن بين الطلب والعرض في حالات الذروة، إلى جانب خفض معدلات سحب الكهرباء من الشبكة خلال أوقات ذروة الطلب.

لكن جرى تجاهل تلك الحقيقة في تقرير المجلس الدولي للنقل النظيف الذي أصرّ على أن محطات تعبئة الشاحنات بالوقود ستدفع أموالًا أكثر بكتير خلال أوقات ذروة الطلب، وأنها لن تخزّن الكهرباء عبر بطاريات التخزين.

سيناريو الهيدروجين

هناك سيناريو الهيدروجين الذي تمتلك فيه محطات تعبئة الشاحنات بالوقود منشآت ضخمة للتحليل الكهربائي، ومستودعات لتخزين الهيدروجين، ومنشآت ضغط هيدروجين ضخمة.

وتصنع محطات تعبئة الشاحنات بالوقود الهيدروجين الأخضر الخاص بها باستعمال الكهرباء التي تتدفق عبر أسلاك المرفق المحلي إلى المحطة.

ويدرك تقرير المجلس الدولي للنقل النظيف أن ما يتراوح من 0.20 يورو إلى 0.24 يورو لكل كيلوواط/ ساعة من الكهرباء سَيُنتِج ما لا يقلّ عن 12 يورو لكل كيلوغرام من الهيدروجين فقط لتغطية تكاليف الكهرباء.

وتدرك محطات تعبئة الشاحنات بالوقود أنه من غير المعقول أن يدفع شخص هذا السعر مقابل الحصول على كهرباء لشاحنة أو أيّ شيء آخر إذا كان هناك أيّ بديل.

ولذا تحقق تلك المحطات سيناريو من الممكن أن يكون ذا جدوى بالنسبة لعدد قليل من محطات تعبئة الشاحنات بالوقود؛ إذ يكون هناك محطات طاقة الشمس والرياح المحلية المتاحة لتلك المحطات، ومن ثم يمكنها الدخول في اتفاقيات شراء الطاقة والتعاقد مع مرفق الكهرباء المحلي على مبيعات مفضلة؛ إذ تستفيد تلك المرافق من كل الكهرباء الخضراء الموجودة في إمداداتها من تلك السلعة الإستراتيجية.

وتشير اتفاقية شراء الطاقة إلى عقود طاقة طويلة الأجل يوافق المشتري فيها على شراء الكهرباء المولدة من محطات طاقة الشمس أو الرياح التي يملكها ويشغّلها مورّدو تلك السلعة الإستراتيجية.

سيناريو حظر السيارات الكهربائية

بالنسبة لعدد قليل من محطات تعبئة الشاحنات بالوقود، ربما تصبح أسعار تلك الكهرباء النظيفة واقعية.

وتتّسم اتفاقيات شراء الطاقة بالتعقيد إلى حدّ ما، كما أن الشروط الخاصة بالمرافق المحلية لتقديم الأسعار المفضلة بجزء من التعاقد محدودة في تلك الاتفاقيات.

والجزء غير الواقعي هنا هو أن محطات الشاحنات تعتقد أن تلك الكهرباء النظيفة لن تكون متاحة للسيارات الكهربائية العاملة بالبطاريات، وفق تقرير كلين تكنيكا، الذي تابعته منصة الطاقة المتخصصة.

ولا يُسمح لأيّ من المركبات الكهربائية باستعمال الكهرباء الرخيصة المستعملة خصوصًا لتصنيع الهيدروجين، وفق التقرير.

ومن المفترض أن تستعمل محطات تزويد الشاحنات بالوقود الكهرباء فقط لإنتاج الهيدروجين، وليس لشحن المركبات الكهربائية، وهو ما قد يضطر أوروبا إلى حظر جميع أنواع تلك المركبات، وهو سيناريو غير واقعي نهائيًا.

تحديات قائمة

يتمثّل أحد التحديات الرئيسة الخاصة بإنشاء أنظمة نقل الهيدروجين في الحاجة إلى تأمين إمدادات هذه الوقود المهم؛ إذ ينبغي أن يكون الهيدروجين نظيفًا لكي يُسهم في تحول الطاقة.

ولطالما واجه الاتحاد الأوروبي سيلًا من الانتقادات بسبب عدم التوسع الكافي في نشر نقاط شحن المركبات الكهربائية، إذ لامس عدد أجهزة شحن السيارات الكهربائية المنتشرة في جميع أنحاء القارة العجوز نحو 225 ألف وحدة في نهاية العام قبل الماضي (2021).

وتُعدّ هذه الأرقام واعدة قياسًا بنقاط التزود بوقود الهيدروجين؛ إذ سجلت فرنسا وألمانيا والمملكة المتحدة وإيطاليا مجتمعة 218 نقطة فقط، في نهاية عام 2020.

وكانت المفوضية الأوروبية قد أطلقت "المرصد الأوروبي للوقود البديل" المعروف اختصارًا بـ"إي إيه إف أو" (EAFO) في إطار مساعيها لتحديث قاعدة البيانات الخاصة بالبنية التحتية للوقود البديل؛ إذ يتيح المرصد رؤى حول عدد شاحنات الوقود البديل، مثل الشاحنات الهيدروجينية في مختلف البلدان الأوروبية، إلى جانب الحوافز والمزايا التي توفرها الحكومات للمالكين.

موضوعات متعلقة..

• مبيعات سيارات خلايا الوقود الهيدروجينية تواصل الانخفاض في 2023
• إعانات للشركات لشراء الشاحنات الهيدروجينية والكهربائية في هولندا
• توتال إنرجي ودايملر تراك تتعاونان لنشر شاحنات الهيدروجين في أوروبا

اقرأ أيضًا..

• رسالة خاصة من أمين عام أوابك قبل قمة المناخ (فيديو)
• الديزل الاصطناعي.. أول اختبار عملي للوقود المُنتَج من الهيدروجين الأخضر
• كيف تسرق مزارع الرياح البحرية الكهرباء من بعضها؟ نتائج صادمة لدراسة عالمية
• وزير البترول المصري يكتب لـ"الطاقة": التحول الطاقي والتوافق البيئي وجهان لعملة واحدة تسمى الاستدامة